مبسوط جلد 26

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 26

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(154)

على وجه الخلافة عن المورث لا ابتداء و لهذا لو انقلب ما لا يقضى منه دين المورث و تنفذ وصاياه فأصل الحق كأنه ثابت للمورث فيصح بعد ما وجد سبب وجوب الحق و ان لم يجب بعد كما يجوز التكفير بعد الجرح قبل زهوق الروح ثم عفوه في الانتهاء كاذنه في الابتداء و اذنه في الابتداء مسقط للقود عن الجاني حتى إذا قال اقطع يدى فقطعه فسري لا يجب شيء كذلك عفوه في الانتهاء و لو عفا الولى قبل موت المجروح ففى القياس لا يصح عفوه أيضا لانه لم يأن حقه بعد فان ثبوت حقه بطريق الخلافة و ذلك بعد موت المورث و إذا أسقط حقه قبل أوانه كان باطلا كما إذا أبرأ عن دين واجب لمورثه في حياته وجه الاستحسان أن السبب يجعل قائما مقام حقيقة وجوب الحق في صحة العفو و هذا السبب انعقد موجبا للقصاص للوارث و ان كان بطريق الخلافة عن المورث فيقام مقام حقيقة وجوب الحق في تصحيح عفوه يوضحه أن باعتبار أصل السبب الحق للمورث لان السبب جناية على حقه و هو من أهل أن يجب له الحق بعد هذا السبب و باعتبار نفس الواجب الحق للوارث لان القصاص في النفس لم يجب الا بعد الموت و بعد الموت المورث ليس بأهل أن يجب له الحق فيجب للوارث و كل واحد من الجانبين مراعى فلمراعاة السبب صححنا عفو المورث استحسانا و لمراعاة الواجب بالسبب صححنا عفو الوارث استحسانا و هذا لان العفو مندوب اليه قال الله تعالى و أن تعفوا أقرب للتقوى و قال فمن تصدق به فهو كفارة له فيجب تصحيحه ما أمكن و الله أعلم ( باب العفو عن القصاص ) ( قال رحمه الله ) العفو عن القطع و الضربة و الشجة و الجراحة يكون عفوا عن السراية و بيانه أن منقطع يد إنسان أو شجه موضحة فقال المجني عليه عفوت عن القطع أو عن الشجة فان اقتصر جاز العفو بالاتفاق و ان سرى إلى النفس فالعفو باطل في قول أبى حنيفة و فى القياس يلزمه النقصان و في الاستحسان تلزمه الدية في ماله و قال أبو يوسف و محمد العفو صحيح و لا شيء عليه و أما إذا قال عفوتك عن الجناية أو الشجة و ما يحدث منها أو عن القطع و ما يحدث منه صح العفو بالاتفاق و هما يقولان عفى عن حقه لانا قد بينا أن بعد السراية الحق ثابت في الطرف فقبل السراية أولى و الدليل عليه أن العفو في الانتهاء كالاذن في الابتداء بدليل أنه لو اقتصر فيهما جميعا لم يضمن شيأ ثم الاذن في الابتداء بهذه الالفاظ

(155)

يسقط ضمان السراية فكذلك العفو في الانتهاء و هو بمنزلة ما لو كان العفو بلفظ الجناية و الدليل عليه هو أن سبب ثبوت الحق الشجة و لو لاه لما صح العفو عن الجناية أو عن الجراحة و ما يحدث منها فإذا عفى عن الشجة صار أصل السبب هدرا فالسراية التي تنبني عليه تكون هدرا أيضا و الدليل عليه أن معنى قوله عفوتك عن الشجة أي عن موجب هذه الشجة و موجبها القصاص في الشجة إذا اقتصر و في النفس إذا سرى فيصرف العفو إليهما كما لو قال المغصوب منه للغاصب أبرأتك عن الغصب يكون ذلك إبراء عن الضمان الواجب بالغصب و هو رد العين عند قيامها ورد القيمة بعد هلاكها و كذلك المشترى إذا أبرأ البائع عن العيب يكون ذلك إبراء عن موجب العيب و هو الرد عند الامكان و الرجوع بالنقصان عند تعذر الرد و الدليل عليه ما قال في الجامع الصغير لو أن عبدا قطع يد إنسان فصالح مولاه عن القطع على أن يدفع العبد اليه فأعتقه المجني عليه ثم مات قال العتق نافذ و العبد صلح بالجناية فإذا كان الصلح علي القطع صلحا عن السراية فكذلك العفو و قال في الزيادات لو ادعى رجل شجة مع السراية و شهد له شاهدان أحدهما بالشجة و الآخر بها و بالسراية تقبل شهادتهم علي الشجة و لو لم تكن الشجة حقه بعد السراية لما قبلت الشهادة لاختلاف الشاهدين في المشهود به و أبو حنيفة يقول عفا عن حقه فلا يصح لان العفو إسقاط الحق فإذا صادف ما ليس بحقه كان باطلا و بيانه أنه عفا عن اليد و حقه في النفس لما بينا أن بالسراية يتبين أن أصل الفعل كان قتلا و موجب القتل القصاص في النفس دون اليد و الدليل عليه ان المعتبر في الجنايات ماآلها لا حالها ( ألا ترى ) ان أصل الفعل قد يكون موجبا للقصاص و بالسراية يتبين انه كان موجب كما لو قطع يده من المفصل فسرى إلى نصف الساعد فباعتبار المال هاهنا يتبين انه لم يكن حقه في اليد قصاصا ( ألا ترى ) انه بعد السراية لو قال الولى عفوتك عن اليد لم يصح فكذلك قبل السراية و لو قال المجني عليه عفوتك عن القتل ثم اقتصر لم يصح فكذلك إذا قال عفوتك عن اليد فسرى و لا معنى لما قال انه عفا عن موجب اليد لانه لما قال عفوتك عن القطع فمعناه عن قطع واجب مقابل هذا القطع لاعن هذا القطع الذي تحقق لان العفو عنه لا يتحقق و قد تبين انه لم يكن قطع واجب بمقابلة هذا القطع و قوله بان هذا القطع سبب حقه قلنا القطع سبب حقه في اليد لا سبب حقه في النفس بل حقه في النفس القتل لان القطع الساري لا يقول انه قطع ثم قتل أو قطع يصير قتلا بمنزلة قنص يصير صيدا و لكنه يتبين أنه

(156)

كان قتلا في الاصل لان القتل فعل مزهق للروح و انما انزهق هذا الروح عقيب هذا الفعل فعرفنا انه قتل و لهذا صح العفو بلفظ الجناية لان اسم الجناية يتناول القتل و ما دون ( ألا ترى ) انه لو قال لا جناية في قتل فلان ثم ادعى عليه النفس أو ما دون النفس لم تسمع بخلاف القطع فهو اسم حائز لما دون النفس حتى لو قال لا قطع لي قبل فلان ثم ادعى عليه النفس صحت الدعوي و كذلك إذا قال عفوتك عن القطع و ما يحدث منه لان ذلك عبارة عن النفس و قد تبين أن حقه كان في النفس فصح العفو و هذا بخلاف المأذون في الابتداء لان الاذن صادف محلا هو حقه فيصير المأذون قائما مقام الاذن في اقامة الفعل فيه فكانه فعل بنفسه و بخلاف ما لو اقتصر لانه تبين هناك ان فعله كان قطعا و ان حقه في قطع واجب بمقابلة هذا القطع فاما إذا دفع العبد باليد فالصلح هناك باطل عند أبى حنيفة إذا سرى قبل أن يعتقه الا ان عتقه انما ينفذ لانه مقبوض بحكم صلح فاسد فيصير مملوكا فينفذ فيه العتق ثم من حيث الظاهر انما دفع العبد باليد و من حيث المعنى قصد المولى دفعه بالجناية فإذا لم يتصل به ما لا يمكن فسخه و هو العتق اعتبرنا الظاهر و قلنا إذا سرى فالصلح باطل و إذا اتصل به ما لا يمكن فسخه اعتبرنا المقصود و هو الدفع بالجناية فقلنا العتق نافذ و العبد صلح بالجناية يوضحه ان هناك نفذ العتق لكونه مملوكا له و ان كان بسبب فاسد و يضمن قيمته لمولاه ثم المجني عليه يستوجب القيمة على المولى أيضا لانه دفعه على وجه لم يصر به مختارا فكان مستهلكا فيلزمه قيمته فتقع المقاصة بين القيمتين فلهذا قال العتق نافذ و العبد صلح بالجناية و أما مسألة الجامع فقيل انه قول محمد ثم انما يتبين ان الحق في النفس إذا ثبتت السراية و لم تثبت لان الشاهد بها واحد و بدون السراية الحق في الشجة و قد اتفق الشاهدان عليه و لا يقال المدعى يتبرأ من الشجة لانه انما يتبرأ منها إذا ثبت حقه في النفس و لم يثبت فهو بمنزلة ما لو ادعى بيع عين من إنسان بثمن و أنكر المشترى و حلف بنفي العين عن ملك المدعي لانه انما يتبرأ من ملك العين إذا ثبت حقه في اليمين و لم يثبت ثم في القياس يجب القصاص عند أبى حنيفة لان العفو لما حصل من حقه كان وجوده كعدمه و لكن في الاستحسان قال حقه في الصورة عند العفو ما أضاف اليه العفو و ان تبين في الاخيرة أنه غيره و كذلك ما أضاف اليه العفو هو السبب لثبوت حقه في النفس ظاهرا ليصير ذلك شبهة في رد القود و قد قال في مسأله الجامع الصغير لو لم يعتق العبد حتى سرى فالصلح باطل و القصاص واجب عند أبى حنيفة قيل ما ذكر هذا حق بسبب

(157)

القياس و قيل بل أبو حنيفة يفرق فيقول هناك الصلح مضاف الي العبد و العبد ليس بسبب لثبوت حقه في النفس فيصير ذلك شبهة في إسقاط القود ثم بني على هذا الفصل مسألة التزويج على الجراحة بالجناية و قد تقدم بيانها في كتاب الصلح و العفو عن دم العمد جائز في المرض من جميع المال لان دم العمد ليس بمال و بالمرض انما يلحقه الحجر عن التصرف في ماله لحق ورثته ففيما ليس بمال المرض و الصحة فيه سواء و القاتل و غير القاتل فيه سواء ( ألا ترى ) أنه لو أعان إنسانا بيديه لا يعتبر ذلك من ثلث ماله و ان كان ذلك الرجل قاتلا له و على قول الشافعي عفوه في القصاص صحيح و لكن في حق المال باطل لان العمد عنده موجب للمال و لا صية للقاتل و العفو عن أحد القاتلين لا يبطل القود عن الآخر و كذلك الصلح مع أحدهما لان القصاص لزمهما بالقتل ثم سقط أحدهما بالعفو و دم أحدهما متميز عن دم الآخر فسقوطه عن أحدهما لا يورث شبهة في حق الآخر بخلاف ما لم إذا لم يجب القصاص على أحد القاتلين لان هناك الفعلان اجتمعا في محل واحد وأحدهما موجب و الآخر موجب و دم المقتول لا يتميز بعضه عن بعض قال و لكل وارث في دم العمد نصيب بميراثه يجوز فيه عفوه و صلحه أما الدية إذا وجبت بالقتل فلكل وارث فيها نصيب عندنا و قال مالك لا يرث الزوج الزوجة من الدية شيأ لان وجوبها بعد الموت و الزوجية نتقطع بالموت و حجتنا في ذلك حديث الضحاك بن سفيان الكلابي انه أتاه كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فامره أن يورث إمرأة أشيم الضبابي من عقل زوجها أشيم و قد كان عمر يقول لا ميراث للزوج و الزوجة من الدية ثم رجع إلى هذا الحديث و عن على رضى الله عنه انه كان يقسم الدية علي من أحرز الميراث و عنه قال إذا أوصى الرجل بثلثه دخلت ديته في تلك الوصية و لان بدل نفسه كسائر أمواله حتى يقضي منه دينه فيرث منه جميع ورثته كسائر الاموال و كذلك يثبت حق الزوج و الزوجة في القصاص عندنا و على قول ابن أبى ؟ ؟ لا يثبت حقهما في القصاص لان سبب استحقاقهما العقد و القصاص لا يستحق بالعقد ( ألا ترى ) ان حق الموصي له لا يثبت في القصاص و هذا لا قان المقصود في القصاص التشفي و الانتقام و ذلك يختص به الاقارب الذين ينصر بعضهم بعضا و حجتنا في ذلك قول النبي عليه الصلاة و السلام من ترك ما لا أو حقا فلورثته و القصاص حقه لانه بدل تفسه فيكون ميراثا لجميع ورثته كالدية و الدليل عليه أن استحقاق الارث بالزوجية كاستحقاقه بالقرابة حتى لا يتوقف على القبول و لا يرتد بالرد و به

(158)

فارق الوصية و بهذا تبين ان الاستحقاق ليس بالعقد و إذا كان دم العمد بين رجلين فعفى أحدهما فلا قود على القاتل لما روي أن هذه الحادثة وقعت في زمن عمر رضى الله عنه فشاور فيها ابن مسعود فقال أرى هذا قد أحيا بعض نفسه فليس للآخر أن يتلفه فأمضي عمر رضى الله عنه القضاء على رأيه و هو المعني فان العافي أسقط حقه و هو من أهل الاسقاط فصح إسقاطه و باسقاطه حق بعض نفس القاتل و الآخر يعجز عن استيفاء حقه لان القتل لا يحتمل التجزى في نفس واحدة استيفاء ثم القصاص في نفس واحدة كما لا يتجزأ وجوبا لا يتجزأ سقوطا و إذا ثبت أن الآخر تعذر عليه استيفاء حقه قلنا انما تعذر استيفاؤه لمعنى في القاتل و هو مراعاة الحرمة لبعض نفسه فكان في معنى الخطأ فيجب المال للآخر و لا يجب للعافي شيء لان تعذر استيفاء القصاص في حقه كان بإسقاطه ثم للآخر نصف الدية في مال القاتل لان سببه العمد المحض و يكون في ثلاث سنين عندنا و قال زفر في سنتين لانه ما وجب للآخر الا نصف الدية و نصف الدية يكون مؤجلا في سنتين كما لو قطع يد إنسان و لكنا نقول حقهما في بدل النفس و بدل النفس مؤجل في ثلاث سنين إذا وجب بالقتل كالأَب إذا قتل ابنه عمدا و الذى وجب للآخر جزء من بدل النفس فكل جزء منه كذلك و إذا كان دم العمد بين اثنين فشهد أحدهما علي الآخر أنه قد عفى فهذا على أربعة أوجه ان صدقه في ذلك القاتل و المشهود عليه فللشاهد نصف الدية لان ثبوت العفو من الآخر بتصادقهما عليه كثبوته بالمعاينة و ان كذباه في ذلك فللمشهود عليه نصف الدية و لا شيء للشاهد لانه تعذر على المشهود عليه استيفاء نصيبه من القود لا لمعنى من جهته بل بشهادة الشريك عليه بالعفو و هو فيما يشهد به عليه متهم فيكون كاذبا في حقه و يجعل ذلك بمنزلة انشاء العفو من الشاهد فيسقط حق الشاهد و يجب نصف الدية للمشهود عليه و ان صدقه القاتل و كذبه المشهود عليه فلكل واحد منهما نصف الدية في مال القاتل اما المشهود عليه نصف الدية لما قلنا فان القاتل و الشاهد لا يصدقان عليه في إسقاط حقه و أما الشاهد فقد زعم أن نصيبه انقلب ما لا بعفو شريكه و صدقه القاتل بذلك و أما إذا كذبه القاتل و صدقه المشهود عليه ففى القياس لا شيء لواحد منهما على القاتل لان حق الشاهد قد سقط بغير عوض فان شهادته بالعفو في حق من كذبه و هو القاتل بمنزلة انشاء العفو و أما المشهود عليه فلانه قد أقر بالعفو المسقط

(159)

لحقه و في الاستحسان يجب نصف الدية للشاهد لانه لما كذب القاتل الشاهد فقد وجب نصف الدية على القاتل للمشهود عليه بدليل ان المشهود عليه لو لم يصدق الشاهد كان له من المشهود عليه على القاتل نصف الدية فالمشهود عليه بهذا التصديق حول ذلك النصف إلى الشاهد و زعم ان نصف الدية للشاهد على القاتل لا له و من أقر لانسان بشيء فأقر المقر له لغيره به لا يصير رد الاقرار الاول و لكن يخول الحق إلى الثاني بإقراره أو كان شهد معه آخر لان الشاهد من الوليين بشهادته على العفو متهم فانه يقصد بشهادته أن يحول نصيبه إلى المال فلم يكن مقبول الشهادة و بشهادة الواحد لا يثبت العفو على الشريك و لو شهد كل واحد منهما علي صاحبه انه قد عفا و القاتل لا يدعى ذلك و لا ينكره فان شهدا علي التعاقب فالذي شهد أول مرة قد بطل حقه لان شهادته بمنزلة عفوه و وجب لصاحبه نصف الدية فلا يبطل ذلك بشهادته بعد ذلك على شريكه بالعفو و ان شهدا معا فلا شيء لواحد منهما في هذا الفصل لان و كل واحد منهما بمنزلة العافي فيسقط حقهما منه بغير عوض و كذلك لو كذبهما القاتل و ان صدق القاتل أحدهما و كذب الآخر أعطي الذي صدق نصف الدية و بطل حق الآخر لان كل واحد منهما يدعي لنفسه نصف الدية عليه و قد صدق أحدهما فيلزمه نصف الدية له و كذب الآخر و هو قد صار في حقه كالعافى و ان صدقهما انهما قد عفوا ينبغى في قياس هذا القول أن يضمن الدية لهما لانه صار يقر لكل واحد منهما بنصف الدية علي نفسه كما إذا صدق أحدهما و لكن في الاستحسان لا ضمان عليه لواحد منهما لان في تصديقه إياهما تكذيبهما فكل واحد منهما يزعم أنه ما عفا و انما عفا شريكه و هو إذا زعم أنهما عفوا فقد صار مكذبا لكل واحد منهما و قد يثبتان انه لو كذبهما جميعا لم يكن لكل واحد منهما عليه شيء من الدية و لو كان الدم بين ثلاثة نفر فشهد اثنان على الثالث أنه قد عفا فشهادتهما باطلة لانهما يجران إلى أنفسهما نفعا بشهادتهما فان نصيبهما من القصاص ينقلب ما لا بها و قد سقط القود لاقرارهما بذلك فان كذبهما القاتل أعطى المشهود عليه ثلث الدية و لم يكن للشاهدين شيء لما بين ان شهادتهما كانشاء العفو منهما و ان صدقهما أعطاهما الدية أثلاثا لاقراره للشاهدين بما ادعيا عليه من ثلثي الدية و ان لم يصدق و لم يكذب فهو بمنزلة التكذيب و الشهادة على الصلح بذلك كالشهادة على العفو فان كان معهم شريك رابع لم يشهد و لم يشهد عليه فله حصته من الدية لانه تعذر عليه استيفاء القود لا بمعنى من جهته بقاء المحل ثم العفو عن القود مما يثبت مع الشهادة فيثبت بالابذال مع الحجج كالمال

(160)

و ان ادعى القاتل العفو على الورثة و لا بينة له حلف الوارث على ذلك لانه يدعي عليه ما لو أقربه لزمه فان حلف أحد بالقصاص لا يحلف بل بالقتل السابق و لكن يحلفه كما انتفى ما ادعاه من العفو و ان نكل عن اليمين بطل حقه لان نكوله كإقراره و لشركائه حصتهم من الدية كما لو أقر الناكل العفو و أن شهد شاهدان للقاتل أنه صالح على الدية و انهما كفلا عنه بعد ذلك في صلح و الولي منكر لذلك لم تجز شهادتهما ان ذكرا أن الكفالة كانت في الصلح لان الصلح المشروط فيه كفالة الكفيل بعينه لا يتم الا بقبوله فانما يشهدان علي عقد تم بهما و هو الصلح الذي تم بكفالتهما فيكون هذا شهادة علي فعل أنفسهما فلا تقبل و ان ذكرا أنها بعد الصلح فشهادتهما على الصلح جائزة لانهما أجنبيان لا تهمة في شهادتهما و يؤخذ ان بالكفالة بإقرارهما على أنفسهما و لا يرجعان بذلك علي الذي كفلا عنه الا أن يكون أمرهما بذلك لان الكفيل بغير الامر متبرع فيما يلزم و يؤدى و ان ادعى الولى شهادتهما و جحد ذلك القاتل جازت شهادتهما علي أنفسهما لان القود قد سقط بدعوى الولى الصلح و قد أقر بوجوب المال عليهما و علي القاتل و يلزمهما ما أقرا به على أنفسهما و لا يرجعان على القاتل بشيء لان إقرارهما ليس بحجة عليه و إذا شهد شاهدان على العفو و قضى القاضي ثم رجعا فلا ضمان عليهما لان القود ليس بمال و الشاهد عند الرجوع انما يضمن ما أتلف من المال بشهادته فأما ما ليس بمال فيما هو مبتذل لا يكون مضمونا بالمال عند الاتلاف و قد بينا هذا في الرجوع عن الشهادات و ان لم يقض القاضي بشهادتهما حتى رجعا فالقصاص كما هو على حاله لان الشهادة لا توجب شيأ ما لم يتصل بها القضاء فإذا لم يقض القاضي ها هنا لم يسقط القود فانعدم المانع من استيفاء القود و اختلاف شهود العفو في الوقت و المكان لا يمنع قبول الشهادة لان العفو قول بعاد و يكرر فيكون الثاني هو الاول و لو شهدا على أحد الورثة بالعفو و لم يعرفوا انه هو فشهادتهما باطلة لان المشهود عليه مجهول و جهالته تمنع القاضي من القضاء بالشهادة فيقي القصاص كما كان و لو شهد أحدهما أنه عفا على ألف درهم و شهد الآخر انه عفا على جعل فالشهادة باطلة لاختلافهما في المشهود به و هو نظير الطلاق و العتاق إذا اختلف الشاهدان فيه بهذه الصفة و كذلك ان شهد أحدهما بالصلح بألف و الآخر بخمسمائة لان القاتل لابد أن يدعي شهادة أحدهما و هو الذي شهد بخمسمائة فيكون مكذبا شهادة الآخر و هو شهادة من شهد بألف و ان لم يدعه القاتل و ادعاه ولي الدم فقد حاز العفو بإقرار الولى بسقوط حقه في القود ثم لا يقضي بشيء من المال




/ 29