وذا تسنى لك وزن الماء ([31]) فيكفي ان يكون الماء 385 كيلو غراماً. وذلك رعاية للاحتياط الواجب. وهنا فروع هي كالتالي: 1- ماء الكر معتصم لا ينجسه شيء الا عين نجسة تغيّر لونه او طعمه او رائحته، حسب التفصيل الذي ذكر في الماء الجاري. 2- اذا غيّرت العين القذرة مقداراً من الكر تنجس الباقي الاقل من الكر ايضاً، ويحتمل قويا طهارته الا اذا تغير الماء كله، لما يفهم من اطلاق رواية شهاب بن عبد ربه الصحيحة المذكورة. 3- لو جمد بعض ماء الكر ولم يبلغ الباقي مقدار الكر والتقى بالنجاسة، تنجس هذا الباقي وتنجس ايضاً ما يذوب من الماء الجامد، الا اذا كان كثيراً جداً بحيث يصبح الثلج مادة له كالنبع ومثل ثلوج الجبال، وهكذا الأحواض الكبيرة والغدران الواسعة. 4- لو ايقنا بان مقداراً من الماء هو بحجم الكـر، ثم شككنـا هل انه نقص عن الكر أم هو باقٍ على كونه كراً؟ فالحكم هو اعتبار بقاء حالة الماء الاولى (وهي الكرّيّة). اما لو علمنا بكون الماء قليلاً ثم لم نعلم هل بلغ حد الكر، نعتبره ماءً قليلاً حتى نعلم انه قد بلغ حد الكر. 5- لو صادفنا ماءً ولم نعرف انه بمقدار كر ام لا، فالاقوى عند عدم امكان الفحص اعتباره غير كر. وهكذا لو صادفنا مائعاً ولم نعرف انه ماء ام سائل آخر، لا نعتبره ماءً. 6- لو صادفنا نجاسة في ماء كر، ولم يحصل لنا العلم بتاريخ وقوعها فيه، أي لم نعلم هل ان النجاسة وقعت في الماء قبل بلوغه كراً او بعد ذلك، نحكم بطهارة ذلك الماء. اما اذا علمنا بتاريخ وقوع النجاسة في الماء وجهلنا تاريخ بلوغه قدر كر، حكمنا بنجاسة ذلك الماء. 7- اذا صادفنا ماءً كراً ولم نعلم انه مطلق ام مضاف، حكمنا فيه بأنه مطلق، لان الاصل في المياه هو الاطلاق.
5- الماء القليل
السنة الشريفة: 1- سأل علي بن جعفر من اخيه الامام موسى بن جعفر عليه السلام عن الدجاجة والحمامة واشباههما تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة؟ فقال: "لا، الا ان يكون الماء كثيراً قدر كر من ماء". ([32]) 2- وروى ابو بصير، عنهم عليهم السلام: "اذا ادخلت يدك في الاناء قبل ان تغسلها فلا بــأس إلاّ ان يكون اصابها قذر بول او جنابة، فان ادخلت يدك في الماء وفيهـا شـيء من ذلك فاهرق ذلك الماء". ([33]) 3- روى سماعة انه سأل الامام ابا عبد اللـه الصادق عليه السلام عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في احدهما قذر لا يدري ايهما هو، وليس يقدر على ماء غيره، قال: "يهريقهما جميعاً ويتيمم". ([34]) تفصيل القول: تعريف الماء القليل: كل ماء لم يبلغ قدر كر ولا يكون متصلاً بمادة (مثل نبع ظاهر أو خفي) فهو ماء قليل. وهنا نشير الى فروع المسألة: 1- اذا اصاب النجس ماءً قليلاً تنجس ذلك الماء، ولا فرق بين ان يلقى النجس في الماء، او يصب الماء على النجاسة. بلى لو صُبّ الماء القليل على موضع نجس، تنجس ما صُبَّ منه على النجس فقط دون ما هو باقٍ في الاناء، وهكذا الماء القليل الجاري بقوة مما لا يعتبره الناس ماءً واحداً. اما لو جرى الماء القليل فوق الارض بفتور، ولاقت النجاسة اسفله تنجس العالي ايضاً، لاعتباره ماءً واحداً. 2- اذا صُب الماء القليل على شيء نجس لإزالة عين النجاسة، ثم انفصل الماء من المغسول، كان الماء المنفصل -وهو ما يسمى بالغسالة- نجساً، حتى بعد زوال عين النجاسة وقبل طهارة المغسول. ولابد من الاجتناب عن الغُسـالـة -حسب المستفاد من الادلة- .بلى، القطرات التي لا تحمل عين النجس والتي تنتضح حال الغسل طاهرة على الاقوى، وان كان الاحتياط يقتضي الاجتناب عنها . 3- الماء المتبقي في الثوب المغسول بعد عصره، والاناء بعد غسله واهراق غسالته، طاهر على الاقوى. 4- عند التطهر بالماء بعد قضاء الحاجة (من بول او غائط) لو ترشحت قطرات من ذلك الماء على البدن او الثوب او وقع الثوب فيه، فانه لا بأس به ولا يجب تنظيف البدن والثوب من ذلك. بلى لا يعاد استعمال مثل هذا الماء لا في تطهير النجس ولا في التطهر بالوضوء والغسل.
المـاء المضـاف
السنة الشريفة: 1- سأل أبو بصير، أبا عبد اللـه عليه السلام عن الرجل يكون معه اللبن أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: "لا إنما هو الماء والصعيد". ([35]) 2- وروى السكوني عن الامام جعفر الصادق عن ابيه الامام الباقر عليهما السلام: ان علياً عليه السلام سئل عن قدر طبخت واذا في القدر فأرة قال: يهراق مرقها ويغسل اللحم. ([36]) تفصيل القول: سبق بيان معنى الماء المضاف وتعريفه، اما احكامه فنذكرها في الفروع التالية: 1- قال الفقهاء (قدس اللـه ارواحهم): لا يطهّر الماء المضاف أي شيء نجس، ورأى بعض القدماء منهم ان النجاسة ترتفع بالماء المضاف، وهذا الرأي حسن وبالذات عند الاضطـرار وعدم وجود الماء، بشرط التأكد من زوال النجس واثـره وصدق التطهير عرفا، وذلك مثل التطهير بالمواد الطبية المطهِّـرة. ولا يصح الوضوء والغسل بالماء المضاف، لأن الواجب ان يكونا بالماء المطلق. 2- يتنجس الماء المضاف بملاقاته النجاسة، وسريان النجاسة فيه عرفاً، بحيث يجعله خبيثاً وقذراً فيشمله قوله تعالى: « وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ » وقوله: « وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ » وعليه فان هذا الحكم لا يشمل ما يلي: الف: منابع النفط ومخازنه الضخمة، ومخازن الأدوية واحواض العصير الكبيرة، والمياه الغازيّة الكثيرة، اذا اصابتها يد نجسة، او قطرت فيها قطرة دم. ولم يسر الى جميعها عرفا، فانها لا تتنجس على الاقوى، لانها ليست مما يشملها عموم النهي عن النجاسات. باء: لو صب المائع المضاف من اعلى على موضع نجس، تنجس ما صب منه على النجس فقط دون ما هو باقٍ في الاناء، لانه لا تسري القذارة من الاسفل الى الاعلى في هذه الصورة عرفـاً. 3- يَطْهُر المائع المضاف المتنجس لو استُهلكَ في ماء عاصم (اي ماء طاهر بمقدار كر او اكثر)، ويبقى على طهارته حتى لو اعيد الى حالته السابقة، وذلك لان الماء العاصم لاقى الاجزاء المتنجسة بملاقات القذارة، وطهرها. وهنا فروع هي كالتالي: الف: اذا ذاب الزيت والدهن المتنجسان او اية مادة دهنية متنجسة في ماء عاصم يغلي، فانها تطهر لو امتزجت بالماء حتى ولو لم تستهلك المادة الدهنية في الماء تماماً. اما اذا استهلك الماء في المادة الدهنية (واصبح الماء مضافاً) بحيث لم يعد ماءً مطلقـاً عند الناس، فإنها تنجس الماء ايضاً. وهكذا الحكم بالنسبة الى الدبس وماء الورد والمرق وما شابه ذلك. باء: الاحوط في المرق او الدهن الذائب الذي يموت فيه حيوان له دم سائل، الاجتناب عنه مطلقـاً، للنصوص الصريحة، ولانه مما يفهم من نصوص اجتنـاب الميتة، ولان ذوبانها في الماء الحار لا يمنع وجود اجزاء من الميتة فيه. جيم: دهن الخنزير الذائب، او أي مائع مضاف يُتَّخذ من نجس العين لو صبَ في ماء عاصم يغلي، ثم اعيد الى حالته السابقة بقي على نجاسته وحرمته. دال: اذا تم تبخير الماء المضاف فإن بخاره طاهر للاستحالة. هاء: اذا قُطِّر المائع النجس ولم تحصل الاستحالة ولم يستهلك فانه يبقى نجساً، كما اذا قُطِّر الدم بحرارة شديدة -وهو غير بخار الدم طبعاً- او صُعِّد الدهن المذاب، وما اشبه، نعم لو استهلك وخرج عن حالته السابقة فعند ذلك يصبح طاهراً.
تغيُّـر الماء
السنّة الشريفة: 1- قال الامام الصادق عليه السلام: "كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب، فإذا تغير الماء، وتغير الطعم فلا تتوضأ منه ولا تشرب". ([37]) 2- روى محمد بن علي بن الحسين انه سئل الامام الصادق عليه السلام عن غدير فيه جيفة، فقال: "إن كان الماء قاهراً لها، لا يوجد الريح منه فتوضأ واغتسل". ([38]) 3- وقال العلاء بن الفضيل: سألت ابا عبد اللـه الصادق عليه السلام عن الحياض يبال فيها، فقال: "لا بأس اذا غلب لون الماء لون البول". ([39]) تفصيل القول: الماء المتغيّر هو الماء الذي تغيّرت احدى صفاته الثلاثة، الطعم والرائحة واللون، بتأثير النجاسة، واليك التفاصيل: 1- ينجس الماء الكثير لو القي فيه شيء نجس كالبول والدم والميتة وتغير احد أوصافه بسبب ذلك. 2- قال الفقهاء: لا ينجس غدير الماء اذا كانت في مجاورته ميتة واثرت رائحة الميتة على رائحة الماء او طعمه دون ان تتفسخ الميتة في الماء، ولكن الاحتياط في الاجتناب عنه لان ظاهر النصوص يشمله، بالاضافة الى قوله تعالى : « وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ » . 3- لابد ان يكون التغـيّـر بسبب النجس وحده، فلا ينجس الماء الكثير اذا حصل التغـيّـر بسبب عاملين: النجس وغيره. 4- اذا صب الماء المتنجس المتغير بالدم في غدير من الماء مثلا، فتغيّر احد اوصاف ماء الغدير بسبب الماء المتنجس بالدم، تنجس ماء الغدير ايضاً، وهكذا بالنسبة الى كل ماء متنجس متغير بعين النجس، فانه يُـنَـجِّس حتى الماء الكثير لو غيّر ذلك الماء بوصف عين النجاسة التي نجّسته وغيّرته. 5- الماء الملون المتنجس لا ينجّس الماء الكثير اذا غيّر لون الماء بغير لون النجاسة، إلاّ ان يكون التغيير بمقدار يخرج الماء الكثير عن كونه ماءً مطلقاً. 6- اذا صب في الماء الكثير دم وكمية من الحبر الاحمر -مثلا- فتغير الماء بهما معاً، فان كانت كمية الدم كافية لتغيير الماء بمفردها تنجّس الماء، وإلاّ فلا. 7- اذا كان غدير الماء نتناً، فوقعت فيه ميتة وبقيت فيه فترة كانت من شأنها ان تنتن ماء الغدير لو لم يكن نتناً، فإن الماء يعتبر نجساً، ذلك لان ظاهر النصوص اشتراط التغـيّر الحقيقي، دون ان يكون ظهوره شرطـاً. 8- اذا وقعت ميتة في الماء الكثير، فمنع البرد الشديد، او ملوحة الماء، او أية ظاهرة اخرى، تأثير الميتة في اوصاف الماء -بحيث لو لم تكن هذه الظاهرة الطبيعية او تلك لكانت تغيّره -فالحكم هو طهارة الماء، لان التغيير لم يحصل. 9- لو سلبت خصائص العين النجسة منها، كما لو سلب من الدم خصائصه، او عقمت الميتة فلم تؤثر في رائحة الماء مثلاً، فالظاهر عدم نجاسة الماء الكثير بهما لعدم حصول التغيير واقعـاً، بالرغم من ان التغيير كان يحدث لولا المانع، ولكن الاحتياط هو الاجتناب عنه. 10- يتنجس الماء ايضاً لو حصل التغيير بزوال اللون الاصلي للماء، او فقدان طعمه الطبيعي، كما لو كان الماء مالحاً، فذهبت عنه الملوحة بسبب الدم -مثلاً- واصبح كالمياه العادية بلا طعم، لان حكمة النجاسة عند التغـيّر هي قاهرية وغلبة النجس على عصمة الماء، والنصوص تشمله ايضاً، أوليس هذا نوعاً من تغـيّر الطعم والرائحة؟ 11- لا يكفي التغـيّر في أية صفة اخرى من صفات الماء - غير اللون والطعم والرائحة- مثل الخفة والثقل واللزوجة والصفاء، الا اذا اصبح الماء مضافاً بالنجاسة فلم يعد العرف يسميه ماء مطلقـاً. 12- يتنجس الماء لو حصل التغـيّر بعد اخراج النجس منه، بشرط ألاّ يكون التغـيّر بسبب غير النجس. 13- يتنجس الماء اذا وقع فيه جزء من الميتة، ووقع جزء آخر من الميتة قريباً من الماء، مما اثرا فيه معاً بالمجاورة والمباشرة. 14- عند الشك في حدوث التغـيّر في الماء، او الشك في حصول هذا التغـيّر بسبب النجس يحكم بطهارة الماء، لان اليقين بالطهارة لا يُنْقَضُ بالشك في النجاسة.
كيف تُطهِّر الماء المتغـيّر
السنة الشريفة: قال الامام الرضا عليه السلام: "ماء البئر واسع لا يفسده شيء الا ان يتغير ريحه او طعمه، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لأن له مادة". ([40]) تفصيل القول: يطهر الماء المتغيّر اذا اتصل بماء عاصم كالكر والجاري، او تساقط عليه المطر، فانه يطهر بعد زوال التغـيّر عنه. واليك فروع المسألة: 1- طهارة ماء البئر المتغير بالنجاسة تحصل بزوال تغيّره بالنزح، فينزح منه حتى يزول عنه التغيّر. 2- تحصل الطهارة للماء المتغيّر بعد زوال تغيّره بمجرد الاتصال بماء عاصم، وبعد ادنى امتزاج بينهما. 3- اذا زال تغيّر الماء بنفسه، فالاحوط وجوباً الاجتناب عنه حتى يتم اتصاله بماء مطهّر. ثبوت النجاسة والطهارة والكُرِّيّة السنة الشريفة: 1- سأل عمار بن موسى الساباطي الامام ابا عبد اللـه الصادق عليه السلام عن رجل يجد في إنائه فأرة، وقد توضأ من ذلك الاناء مراراً، او اغتسل منه، او غسل ثيابه، وقد كانت الفارة متسلخة. فقال: "إن كان رآها في الاناء قبل ان يغتسل او يتوضأ او يغسل ثيابه، ثم يفعل ذلك بعدما رآها في الاناء، فعليه ان يغسل ثيابه ويغسل كل ما اصابه ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة، وان كان إنما رآها بعدما فرغ من ذلك وفعله، فلا يمس من ذلك الماء شيئاً، وليس عليه شيء، لأنه لا يعلم متى سقطت فيه ثم قال: لعله أن يكون إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها". ([41]) تفصيل القول: تثبت نجاسة الشيء، وطهارته بعد النجاسة، وكذلك الكرّية، والقلة بعد الكرّية، وما شابه ذلك بالعلم وما يتنزّل منزلته، كالاطمئنان. وتثبت ايضاً بالبيّنة؛ وهي شهادة شخصين عادلين، وبشهادة عادل واحد ايضاً اذا أورثت الاطمئنان النوعي، اما لو لم يحصل الاطمئنان لظروف معينة، فإنه لا يترك الاحتياط. وتثبت ايضاً بشهادة ذي اليد، أي الشخص المستولي على الشيء بصورة يعتبره العرف صاحبه. وتثبت ايضاً بسائر السبل العقلية التي تدخل تحت عنوان الاستبانة والتي لا يعتني العقل بالشكوك التي تخالفها، فالشياع المفيد للاطمئنان، والآثار الكاشفة عن الملاقات مع النجس -وان كان خلافها محتملا احتمالا بعيداً- وشهادة اهل الخبرة المورثة للثقة، وما شابهها، كلها مناهج عقلائية لاستكشاف الحقائق جميعاً ومنها الطهارة والنجاسة. وهنا فروع لابد من الاشارة اليها: 1- لا تثبت النجاسة بالظنون والتصورات، والوساوس الشيطانية، وان قطع صاحبها بها، لانها ليست من العقل، وانما هي من الشيطان، ويكره الاحتياط في مثل ذلك، لانه مظنة اتباع الوساوس الشيطانية. 2- يجب ان يحصل الاطمئنان من البيّنة عند العرف. امّا لو كان العكس حاصلا فانها ليست بحجة، مثل ان تكون هنالك شبهة قوية عند العقلاء تبعث على الاطمئنان بخطأ تلك البيّنة. اما مع الشك في صحة البيّنة فلا يترك الاحتياط. 3- لو تعدد موضوع الشهادتين فلا بيّنـة، مثـل ان يشهد احد الشاهدين بوقوع قطـرة بول في الاناء، ويشهد الثاني بوقوع قطرة دم في الاناء، بلى انه من مفردات خبر الثقة الذي سبق القول بقبوله. 4- تكفي الشهادة بالاجمال، كما لو قال الشاهدان: احد الانائين نجس، فيجب الاجتناب عنهما. والاحوط الاجتناب عنهما لو شهد احدهما بالاجمال والثاني بالتعيين، الا اذا احرز من القرائن انهما يشهدان على شيء واحد، فيجب الاجتناب عن المعيّن فقط، إلاّ ان الاحتياط في الاجتناب عنهما. 5- لو شهد احد الشاهدين بالنجاسة الفعلية، بينما شهد الآخر بالنجاسة في وقت سابق، او شهدا معاً بنجاسة سابقة، فالمستفاد من الادلة هو ثبوت البيّنة بذلك، اما لو شهدا بنجاستين او نفى احدهما قول الآخر، كأن يقول الاول: انه كان نجساً فطهر، ويقول الثاني: انه نجس الآن، فلا بيّنة حينئذ، بالرغم من قبول قولهما باعتبار حجية خبر الثقة. 6- اذا تواردت سلطة شخصين أواكثر على شيء، او كانت السلطة الفعلية لاثنين أو اكثر، فقول كل منهم مقبول في وقت سيطرته، اما اذا تعارضا، فيتساقط قولهما، كالبيّنتين المتعارضتين.
احكام الماء النجس
السنة الشريفة: 1- روى علي بن جعفر عن اخيه الامام الكاظم عليه السلام، قال: سألته عن جرة ماء فيه الف رطل (اقل من الكر) وقع فيه اوقية بول، هل يصلح شربه او الوضوء منه؟ فقال: لا يصلح. ([42]) 2- وقال ايضاً: سألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فتقطر قطرة في إنائه، هل يصلح الوضوء منه؟ قال: "لا". ([43]) 3- وروى سعيد الأعرج أنه سأل أبا عبد اللـه عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني فقال: "لا". ([44]) 4- وجاء في رواية مأثورة عن احد الائمة عليهم السلام قال: إذا أدخلت يدك في الاناء قبل ان تغسلها فلا بأس، إلا ان يكون اصابها قذر بول او جنابة، فان ادخلت يدك في الماء، وفيها شيء من ذلك (أي من بول او جنابة) فأهرق ذلك الماء. ([45]) تفصيل القول: 1- لا يجوز شرب الماء النجس، ولا يجوز سقيه للاطفال، ويجوز بيعه او اعطاؤه لمسلم مع اخباره بنجاسته، كما يجوز سقيه للحيوانات والنباتات. 2- لا يجوز ان يكون الشخص سبباً في شرب الغير للنجس بأي صورة كان. 3- يجوز شرب الماء النجس في حالة الضرورة، مثل الخوف على النفس من العطش الشديد، طبعا بمقدار الضرورة لا اكثر. 4- لا يجوز استعمال الماء النجس في الوضوء والغسل، بل تتبدل الوظيفة في حال انعدام الماء الطاهر الى التيمم.
غُسالة الوضوء والغسل
السنة الشريفة: 1- روى زرارة عـن الامام الباقــر او الامام الصـادق عليهما السلام انـه: "كـان النـبي صلى اللـه عليه وآله اذا توضأ اُخِذَ ما يسقط من وضوئه فيتوضؤون به". ([46]) 2- سئل الامام أبو عبد اللـه الصادق عليه السلام عن الجنب يغتسل فينتضح من الارض في الاناء، فقال: " لا بأس، هذا مما قال اللـه تعالى: « وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ »". ([47]) تفصيل القول: 1- الماء الذي يتوضأ به الشخص فيغسل به وجهه ويده، طاهر ومطهّر، يزيل الخبث، ويرفع الحدث، ولا بأس بأن يأخذه غيره ويتوضأ به. 2- الماء الذي يغتسل به الشخص غسلا مندوبـاً، طاهر ومطهّر، مزيل للخبث ورافع للحدث باجماع الفقهاء. 3- الماء الذي يغتسل به الشخص للجنابة، وما شابهها طاهر ومزيل للخبث اذا لم تلاقيه نجاسة طبعـاً. 4- لا يجوز إسباغ الوضوء او الاغتسال بالماء الذي استخدم في غسل الجنابة، بل في كل غسل واجب على إحتياط لا يترك. بلى لو اغتسل الشخص بماء مجتمع في حفرة او حوض، فعاد الماء اليها في اثناء الغسل، فلا بأس بذلك، والاولى اجتناب ذلك لدى توفر الماء. ولا بأس ايضاً بسقوط قطرات من الماء الذي يغتسل به في الماء الذي يغتسل منه.
الماء المشكوك
السنة الشريفة: 1- قال الامام الصادق عليه السلام: "كل ماء طاهر الا ما علمت انه قذر". ([48]) 2- وقال ايضاً: "الماء كله طاهر حتى يعلم انه قذر". ([49]) 3- وسأل رجل الامام الصادق عليه السلام: أمرّ في الطريق فيسيل عليّ الميزاب في أوقات اعلم ان الناس يتوضؤون؟ فقال: "ليس به بأس لا تسأل عنه". ([50]) قال في الوسائل: ان المراد بالوضوء الاستنجاء. تفصيل القول: لدى الشك في الحالة الفعلية للماء، مع وجود حالة سابقة له متيقنة، فالملاك هو الحالة السابقة للماء، كما لو شككنا في ماء هل انه كر ام قليل، او مطلق ام مضاف، او طاهر ام نجس، او مملوك او مباح، فلو كنا نعرف حالته السابقة (مثلا كنا نعرف انه كان كراً) استصحبنا تلك الحالة السابقة (المعلومة) وحكمنا بها (مثلا انه لا يزال كراً) الى ان نعرف زوالها عنه وطرو حالة جديدة عليه، وذلك لان اليقين لا ينقض بالشك بل ينقض بيقين مثله -كما في الروايات- . وفروع هذا الحكم نذكرها فيما يلي: 1- الماء كله طاهر حتى تعلم انه قذر، فاذا علمت بنجاسته، ثم شككت هل طهر ام لا فامض على علمك السابق بنجاسته. 2- الماء مطلق بطبعه، فاذا علمت بصيرورته مضافاً ثم ساورك شك بأنه هل لا يزال مضافاً ام رجع الى اطلاقه، فامض على يقينك السابق واعتبره مضافاً. 3- اذا عرفت ان الماء مملوك لأحد، فلا يجوز استعماله الا باذنه. اما اذا لم تعرف انه مملوك، فالأصل اباحته حتى تعلم انه مملوك. 4- لو صادفت مائعاً ولم تعلم هل هو ماء او لا، فلا يجوز استعماله في إزالة الخبث او في رفع الحدث، حتى يحصل لك العلم بكونه ماءً.
الشك في المحصور
السنة الشريفة: 1- قال سماعة: سألت ابا عبد اللـه الصادق عليه السلام عن رجل معه اناءان فيهما ماء، وقع في احدهما قذر لا يدري ايهما هو، وليس يقدر على ماء غيره، قال: "يهريقهما جميعاً ويتيمم". ([51]) 2- وروى عمار الساباطي، ان الامام ابا عبد اللـه عليه السلام سئل عن رجل معه اناءان فيهما ماء، وقع في احدهما قذر لا يدري ايهما هو، وحضرت الصلاة، وليس يقدر على ماء غيرهما، قال: "يهريقهما جميعاً ويتيمم". ([52]) تفصيل القول: قد يكون النجس شيئاً معلوماً محدداً. (نعرف- مثلا- ان هذا السائل دم) فيجب اجتنابه. وقد يكون الشيء النجس مردداً بين شيئين لا نعرف ايهما النجس بالضبط (كما لو وقعت النجاسة في اناء من انائين او تنجست بقعة من مكان) فهنا نواجه شبهة نجاسة احد الطرفين او الاطراف المحصورة العدد، وتسمى بالشبهة المحصورة، فيجب الاجتناب عن كلا الطرفين او كل الاطراف.. بلى لو تعددت اطراف الشبهة الى درجة كبيرة حتى تضاءل احتمال مصادفته القذر، فالحكم جواز استعمال بعض الاطراف، فلو عرفنا ان بقعة صغيرة من حديقة كبيرة، اصابها قذر فهل نجتنب عن الحديقة كلها؟ كلا، لان الاطراف غير محصورة، ولأن احتمال مصادفة القذر ضئيل لا يعتني به العقلاء، (وهذه تسمى بالشبهة غير المحصورة). كذلك لو كان احد طرفي الشبهة بعيداً عنك وليس موضع استخدامك، كما لو علمت ان القـذر اصاب ثوبك او ثوب احد المـارة في الطريـق، فهنا لا تأبــه بهذا الشك لان الثوب الآخر لا يهمك. كذلك لو علمت بأن هذا الاناء نجس او الذي اريق ماؤه من قبل كان نجساً، فلا يجب الاجتناب عن هذا الاناء، لان الاناء السابق قد انعدم وليس محل ابتلائك الآن، وهكذا يجب الاجتناب عن طرفي الشبهة او اطرافها اذا توفر شرطان: الف- ان تكون الشبهة ضمن دائرة ضيقة (مما يسمى بالشبهة المحصورة). باء- ان تكون اطراف الشبهة مورد الابتلاء، وفي غير ذلك لا يجب الاجتناب. واليك فروع هذه المسألة: 1- مع انعدام الشروط السابقة يجوز الانتفاع ببعض الاطراف دون الجميع على احتياط. 2- اذا لم يجد ماءً محكوماً بالطهارة والاباحة فانه يتيمم ويصلي. 3- لو علمنا بأن جانباً مجهولا من السجاد نجس، فالاحوط تطهير ما يلامس أي طرف منه برطوبة. وكذلك لو علمنا بنجاسة أحد الانائين، فالاحوط الاجتناب عما يلاقي احدهما برطوبة. 4- لو وقع القذر في احد الانائين، وجهل ايهما هو، فلا يجوز الوضوء بأي منهما، بل يتعين التيمم لو لم يجد غيرهما، والاولى اهراقهما تبعاً للحديث المأثور. وهكذا لو علم ان احد الانائين مغصوب، أو ان احد المكانين مغصوب او نجس، ففي كل ذلك لا يستخدم أي طرف من اطراف الشبهة. 5- لو علم ان احد الانائين مضاف فعليه ان يتوضأ بهما، وهكذا لو كان اكثر من واحد مالم يسبب الحرج فاذا تسبب الحَرَج تيمم. حكم السـؤر ([53]) السنة الشريفة: 1- روى علي بن جعفر انه سأل اخاه الامام موسى بن جعفر عليه السلام عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به؟ قال: "يغسل سبع مرات". ([54]) 2- وسأل محمد بن مسلم الامام الصادق عليه السلام عن الكلب يشرب من الاناء، فقال: "اغسل الاناء". ([55]) 3- وسأل سعيد الاعرج الامام أبا عبد اللـه عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني، فقال: "لا". ([56]) 4- وروى معاوية بن عمار، عن ابي عبد اللـه الصادق عليه السلام، في الهرة "إنها من اهل البيت ويتوضأ من سؤرها". ([57]) 5- وسأل عذافر ابا عبد اللـه عليه السلام عن سؤر السّنور والشاة والبقرة والبعير والحمار والفرس والبغل والسباع، يشرب منه او يتوضأ منه؟ فقال: "نعم اشرب منه وتوضأ منه". ([58]) 6- كما سئل الامام الصادق عليه السلام عما تَشرب منه الحمامة، فقال: "كل ما اكل لحمه فتوضأ من سؤره واشرب". وعن ماء شرب منه باز، او صقر، او عقاب، فقال: "كل شيء من الطير يتوضأ مما يشرب منه، إلاّ ان ترى في منقاره دمـاً، فان رأيت دمـاً فلا تتوضأ منه ولا تشرب". ([59]) 7- روى الوشاء ان الامام جعفر الصادق عليه السلام كان يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه. ([60]) 8- وروى علي بن جعفر في كتابه أنه سأل اخاه الامام موسى بن جعفر عليه السلام عن الحائض قال: "تشرب من سؤرها ولا تتوضأ منه". ([61]) 9- علي بن يقطين، عن الامام الكاظم عليه السلام في الرجل يتوضأ بفضل الحائض؟ قال: "اذا كانت مأمونة فلا بأس". ([62]) 10- قال الامام الصادق عليه السلام: "في سؤر المؤمن شفاء من سبعين داء". ([63]) تفصيل القول: تعريف السؤر: السؤر هو ما يتبقى من شراب او طعام قد اكل او شرب منه انسان او حيوان. وينقسم السؤر الى : طاهر ونجس، وينقسم الطاهر منه بإعتبار استعماله في الاكل والشرب والطهارة، الى: مكروه ومستحب ومباح. وهنا فروع هي كالتالي: 1- السؤر النجس هو سؤر نجس العين كالكلب والخنزير والكافر، او المتنجس كمن كان على شفتيه دم او خمر مثلاً. 2- السؤر المكروه هو سؤر حرام اللحم من الحيوانات ما عدا الهرة. وقال البعض يكره سؤر مالا يؤكل لحمه عادة كالحمير والبغال والخيل، وهو قولٌ حَسَن. وهكذا يكره سؤر المرأة الحائض، وكذا كل من لا يتورع عن النجاسات على رأي بعض الفقهاء. 3- السؤر المستحب هو سؤر المؤمن ويتبرك به ويدفع سبعين داءكما جاء في الحديث الشريف. 4- السؤر المباح هو ما عدا الاقسام السابقة، كسؤر الطيور والغنم والبقر والابل.