وجیز فی الفقه الاسلامی: احکام الطهارة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

وجیز فی الفقه الاسلامی: احکام الطهارة - نسخه متنی

سید محمد تقی المدرسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الثاني: الأرض

القرآن الكريم:

« وإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِنكُم مِنَ الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَآءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللـه لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِنْ حَرَجٍ وَلكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » (المائدة/6)

نستفيد من قوله سبحانه: « وَلكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ» بعد قوله: « فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً» أن التراب كما الماء وسيلة للطهارة.

السنة الشريفة:

1- روي عن الامام الصادق عليه السلام في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف، ثم يطأ بعده مكانـاً نظيفـاً، قال: لا بأس اذا كان خمسة عشر ذراعـاً او نحو ذلك. ([64])

2- روى محمد الحلبي انه قال للامام الصادق عليه السلام ان طريقي الى المسجد في زقاق يبال فيه، فربما مررت فيـه وليس علي حذاء فيلصق برجلي من نداوته، فقال: أليس تمشي بعد ذلك في ارض يابسة؟ قلت: بلى، قال: فلا بأس ان الارض تطهر بعضها بعضاً. ([65])

3- روى جابر بن عبد اللـه عن رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله ان اللـه تعالى قال له: جعلت لك ولأمتك الارض كلها مسجداً وترابها طهوراً. ([66])

تفصيل القول:

جعل اللـه الارض طهوراً، فهي تطهّر باطن القدم والحذاء وعجلات السيارات، وبشروط معينة نشير اليها فيما يلي من تفاصيل المسألة:

1- لا فرق في كون الارض من تراب او رمل او حجر، لكن الاسفلت والاسمنت والخشب ليست مطهِّرة، وهكذا الفرش والحصير ([67]) والزرع.

2- يشترط في حصول الطهارة، ان تكون الارض طاهرة ويابسة، ولا بأس بالنداوة الخفيفة، اما الارض ذات الرطوبة الشديدة فلا تطهِّر؛ عملا بالاحتياط.

3- إنما تطهر الاشياء المذكورة بالمشي او المسح عليها بعد ذهاب الاثر الظاهر للنجاسة، والاقوى عدم الاكتفاء بمجرد المماسة للأرض، ولا بمسح التراب او الحجر على الموضع النجس.

4- تطهِّر الارض بالسير عليها؛ عجلات السيارات وعقب العصا ويدي الطفل الذي يحبو، والجورب ونعل الحصان وما شابه.

5- إنما تطهر الارض ما لا قته او لامسه التراب في حال المشي، فيطهر اخمص القدم او ما بين الاصابع اذا لاقاه التراب، والا فلا، واما داخل النعل، وظهر القدم، واطراف الاصابع ان مشى على كعبه، وكعبه ان مشى على الاصابع، فلا يطهر لاشتراط المماسة.

6- لا فرق في النجاسة بين ان يكون مصدرها الارض او غيرها، فلو أدميت رجلك فمشيت عليها فوق الارض الطاهرة حتى زالت النجاسة وذهب اثرها، طهرت.

الثالث: الشمس

السنة الشريفة:

1- روى عمار الساباطي ان الامام أبا عبد اللـه الصادق عليه السلام سئل عن الموضع القذر يكون في البيت او غيره فلا تصيبه الشمس، ولكنه قد يبس الموضع القذر؟ قال: "لا يصلى عليه، وأعِلم موضعه حتى تغسله"، وعن الشمس هل تطهّر الارض؟ قال: "اذا كان الموضع قذراً من البول او غير ذلك فأصابته الشمس، ثم يبس الموضع، فالصلاة على الموضع جائزة، وإن اصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطباً، فلا يجوز الصلاة حتى ييبس، وان كانت رجلك رطبة وجبهتك رطبة او غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر، فلا تصل على ذلك الموضع حتى ييبس، وان كان غير الشمس اصابه حتى ييبس فانه لا يجوز ذلك". ([68])

2- قال الامام محمد الباقر عليه السلام مخاطباً ابا بكر الحضرمي: "يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر". ([69])

3- قال علي بن جعفـر سألتُ اخـي الامام موسى بن جعفـر عليـه السلام عن البواري يصيبهـا البول هل تصلح الصلاة عليها اذا جفت من غير ان تغسـل؟ قال: "نعم لا بأس". ([70])

تفصيل القول:

كلما اشرقت عليه الشمس فجففته من النجاسة فهو طاهر، كالارض والابنية والابواب والنوافذ المثبتة في الابنية، وما شاكل، بشرط ان تزول عنه عين النجاسة وآثارها الظاهرة.

وهنا نشير الى فروع هذا الحكم الشرعي:

1- استثنى الفقهاء (رضوان اللـه عليهم) من هذا الحكم، المنقولات كالاواني غير المثبتة في الارض، والثياب والفراش -غير الحصر والبواري- والعمل بما قالوا موافق للاحتياط، واشترط بعضهم ان يكون الجسم المتنجس رطباً قبل إشراق الشمس عليه ، وهو احوط، وان كان المستفاد من الادلة عدم ضرورة هذا الشرط.

2- يجب ان يكون الاشراق مباشرة، فلو أشرقت الشمس على ما يجاور القذر او بواسطة المرآة او عبر الزجاج او الغيم، او جفَّفته الريح الشديدة لا الشمس فلا يطهر الموضع.

3- البيدر ومجمع الحطب، وزبر الحديد، والسيارات والقاطرات والسفن، وما في المخازن المكشوفة من اخشاب ونحوها تطهر باشراقة الشمس عليها حسب المستفاد من الادلـة.

الرابع: التحوّل والانقلاب

السنة الشريفة:

1- سأل الحسن بن محبوب الامام ابا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصّص به المسجد، أيُسجد عليه ؟ فكتب اليه بخطه: ان الماء والنار قد طهراه. ([71])

قال صاحب الوسائل: تطهير النار للنجاسة باحالتها رماداً أودخاناً.

2- وقال عبيد بن زرارة: سألت ابا عبد اللـه عن الرجل يأخذ الخمر فيجعلها خلاً؟ قال: لا بأس. ([72])

تفصيل القول:

1- إذا استحال النجس او المتنجس حتى اصبح شيئاً آخر تماماً فقد اصبح طاهراً، كما لو تحولت العذرة او الميتة او الدم تراباً، او احترقت فاصبحت رماداً، بل لو تحول الخشب النجس فحماً بشكل تام طهُرَ على احتياط في الأخير.

2- لو تبخر البول كان البخار طاهراً، ولو اعيد الى طبيعته الاولى عاد نجساً، اما لو عاد سائلاً ولكن ليس الى طبيعته، بحيث لم يعد بولا فلا تعود نجاسته.

3- لا يكفي تغيّر بعض الصفات الجانبية التي لا تدل على تبدل الحقيقة، في تحقق الاستحالة، فلو طبخ اللحم النجس او عجن الدقيق النجس او صنع منه الخبز فلا يزال نجساً، وهكذا لو صُنع من الحليب النجس لبن رائب، او جبن أو ما اشبه، ومثله الخزف والآجر المصنوعان من طين نجس.

4- لو انقلبت الخمرة الى خل فقد استحالت من حرام الى حلال، ولا فرق -في هذا الحكم- بين ان يحدث ذلك بشكل تلقائي، او بعلاج كصب خل او ملح في الخمرة، ولو وقعت قطرة خمر في خابية خل واستحالت الى خل طهرت القطرة ولم يتنجس الخل، اما اذا افترض بقاؤها على حالها تنجس الخل ايضاً، وكما تطهر الخمر يطهر ظرفها وما كان فيها قبل التحول.

5- اذا ذهب من العصير العنبي الذي تنجس بالغليان ثلثاه بالطبخ طهر، ويقدر الثلثان بالمساحة والكيل والوزن، وكما يطهر العصير يطهر ظرفه وتوابعه، ومثله العصير المتخذ من الزبيب، وليس كذلك ما يتخذ من التمر.

6- اذا انتقل الماء النجس الى الشجر، او الدم النجس الى البق بحيث اعتبر من دمه فقد طهر، اما لو انتقل الدم من العروق الى دودة العلق او حشرة اخرى واعتبر عرفا من دم الانسان، فلا يطهر بمجرد الانتقال.

الخامس: الاسلام

1- اذا اسلم الكافر فقد طهر وطهرت رطوباته المتصلة به وتوابع بدنه، اما ثيابه التي تنجست بملامسته او بنجاسة اخرى فالاقوى ضرورة الاجتناب عنها وتطهيرها، وكذلك المرتد الملّي ([73]) بعد التوبة، اما المرتد الفطري ([74]) فإذا قبلت توبته طهر بعد التوبة.

2- يكفي في اسلام الكافر اظهاره الشهادتين.

3- ولد المسلم تابع له، وكذلك الطفل الذي اسره المسلم وحده، اما الذي تبناه المسلم ففيه إشكال وان كان الاظهر طهارته، وكذا الصبي المميّز الذي اسلم عن بصيرة والتحق بالمسلمين.

4- قال الفقهاء (قدس اللـه ارواحهم) ان الصبي يتبع اشرف ابويه، فلو اسلمت امه او جدته تبعها، كما لو اسلم ابوه او جده؛ لان الاسلام يعلو ولا يعلى عليه.

السادس: بقية المطهّرات

السنة الشريفة:

1- روى الصدوق انه ان وقعت فارة او غيرها من الدواب في بئر ماء فماتت، فعجن من مائها فلا بأس بأكل ذلك الخبز، اذا أصابته النار، وقال الصادق عليه السلام: اكلت النار ما فيه. ([75])

2- روى خالد القلانسي انه قال للامام الصادق عليه السلام: القى الذمي فيصافحني، قال: امسحها بالتراب او بالحائط، قلت: فالناصب؟ قال: اغسلها. ([76])

3- سُئل الامام الصادق عليه السلام عن رجل يسيل من انفه الدم، هل عليه ان يغسل باطنه يعني جوف الأنف؟ فقال: انما عليه ان يغسل ما ظهر منه. ([77])

4- وقال الامام الصادق عليه السلام: إذا مسَّ ثوبك كلب فـان كان يابسـاً فانضحه، وان كان رطباً فاغسله ([78]) وورد مثله في الخنزير. ([79])

5- وروى ابو بصير انه سأل الامام الصادق عليه السلام عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب حتى يبتل القميص؟ فقال: لا بأس، وان احب ان يرشه بالماء فليفعل. ([80])

6- وجاء عن الامام الصادق عليه السلام قوله: لا تأكل لحوم الجلاّلات وان اصابك من عرقها فاغسله. ([81])

7- وقال الامام امير المؤمنين عليه السلام : الدجاجة الجلاّلة لا يؤكل لحمها حتى تغتذي ثلاثة ايام، والبطة الجلاّلة بخمسة ايام، والشاة الجلاّلة عشرة ايام، والبقرة الجلالة عشرين يوماً، والناقة الجلاّلة اربعين يومـاً. ([82])

8- سأل علي بن جعفر اخاه الامام موسى الكاظم عليه السلام عن الفأرة الرطبة قد وقعت في الماء فتمشي على الثياب ايصلى فيها؟ قال: إغسل ما رأيت من اثرها، وما لم تره انضحه بالماء. ([83])

9- سُئـل الامام الصادق عليه الاسلام عن الصلاة في ثوب المجوسي، فقال: يـرش بالمـاء . ([84])

تفصيل القول:

بقي من المطهرات: زوال عين النجاسة عن ظاهر الحيوان كما عن باطنه وعن باطن الانسان، واستبراء الحيوان الجلاّل، وغيبة المسلم ورجوعه، بشروط نذكرها فيما يلي:

1- اذا زالت عين النجاســة عن بدن الحيوان الطاهر، فالظاهر طهارتـه، فـاذا زال الـدم مثلاً عن منقار الطير او فم الهرة او ما اشبه فانه يطهر بذلك، وكذلك الامر بالنسبة

لباطن الحيوان.

2- لو زالت عين النجاسة او ازيلت من باطن الانسان فانه يطهر بزوال عين النجاسة، فاذا لفظ الانسان ما في فمه من الطعام النجس او الدم فباطن فمه يصبح طاهراً، وكلما اطبق عليه الجفن والشفة وما اشبه فهو من الباطن.

3- لو تغذى حيوان حلال اللحم بالعذرة حتى نمى لحمه بها، وظهر النتن في عرقه، سمّي عند اهل اللغة بـ "الجلاّل" واصبح حراماً ونجساً، وطهره وحليّته بالاستبراء، وذلك ان يمنع عن غذائه الاول ويغذى بغذاء طاهر حتى يخرج عن اسم "الجلاّل".

4- تُستَبرأ الناقة اربعين يوماً، والبقرة عشرين يوماً، وقيل ثلاثين يوماً وهو اولى، والشاة عشرة ايام، والبطة خمسة ايام والافضل سبعة، والدجاجة ثلاثة ايام.

هذا لو ذهب عنه الجلل اثناء الفترة المحدودة، اما لو استمر اطلاق اسم "الجلاّل" عليه فيلزم استمرار الاستبراء حينئذ حتى يزول الجلل عنه.

5- عمل المسلم يوجب الاطمئنان عند العقلاء بصحته الشرعية، وعليه جرت سيرة المتشرعة، فلو غاب المسلم بنجاسة ثم عاد وقد زالت عين النجاسة وآثارها. او تنجس بدن المسلم او ثوبه او متاعه ثم غاب ورجع بعد ذلك، يحكم بطهارته وطهارة ثوبه وامتعته. اما لو علمنا بأنه كان يجهل نجاسة ثوبه او بدنه، او ايقنا بأنه لا يبالي ابداً بالنجاسة والطهارة في الاشياء جميعاً او في خصوص هذا الشيء، فلا يحكم بطهارته، وهكذا لو عرفنا انه لم يتمكن من طهارته خلال فترة الغياب لسبب من الاسباب.

6- لو وقع مقدار يسير من الدم في قدر يغلي، لم ينجس ما في القدر، لأن النار اكلته حسب النص الوارد في الرواية، والاحوط اهراقه، بلى لو وقعت قطرة خمر او بول أو غير ذلك من النجاسات فانه ينجس ما في القدر، ويجب اهراقه.

7- لو تحول الدم المتجمد على اليد او أي عضو آخر من اعضاء البدن الى مادة اخرى

تمامـاً -كالبثور او الجلد- طَهُرَ، وطَهُرَ العضو المتنجس.

8- لو وضع الحجر الملوث بالقذر على النار فاحترق القذر ولم يبق منه عين ولا اثر، فالاقرب طهارته، وكذا بالنسبة الى سائر الاشياء، ولا يترك الاحتياط بغسله ايضا.

9- تراب مقابر الكفار طاهر، حتى ولو علم بانه قد تنجس حيناً بملاقاة النجس او تحول من النجس ذاته بعد العلم بذهاب نجاسة النجس.

10- لو ثبت علمياً تحول النجس الى أي شيء آخر فقد طهر، وكذا لو ثبت زواله بأية طريقة بحيث لم يبق للقذر أي اثر فقد طَهُر، ولا يترك الاحتياط في هذا المورد.

11- يستحب غسل ما يصيبه بول الفرس والبغل والحمار، وكذا ما اصابته الفارة، كما لو مشت عليه وظهر اثر منها على الشيء، اما ما اصاب الفارة الميتة برطوبة سارية فهو نجس.

12- يستحب رش الماء على ما يلاقي الكلب والخنزير والكافر يابساً، وكذلك ما يلاقي عرق الجنب من الحلال، وما شك في ملاقاته لبول الفرس او الحمار او البغل، وفيما لو لم يظهر اثر الفارة التي مشت برطوبة على الثوب والفراش، وما شك في ملاقاته للبول والدم والمني وما يخرج من المصاب بالجرح في دبره من مادة صفراء لا يعلم ما هي. وكذلك يستحب رش معابد اهل الكتاب قبل الصلاة فيها.

13- يُستحب غسل اليد بعد مصافحة الناصبي اذا كانت المصافحة بغير رطوبة مسرية، ويستحب مسح اليد على الحائط او التراب اذا صافحت كافراً بلا رطوبة او مسستَ الكلب والخنزير، وكذا لو لامستَ الثعلب والارنب، على ما افتى به جمع من الفقهاء.

14- يحكم بطهارة مخرج الغائط بعد استخدام حجر الاستنجاء حسب التفصيل القادم في احكام التخلي.

الفصل الثاني

النجـاسـات

التطهر في القرآن والسنة

« وَيَسْاَلُونَكَ عَنِ المَـحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُواْ النِّسَآءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْن َفَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللـه إِنَّ اللـه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» (البقرة/222)

العادة الشهرية حالة غيـر طبيعية تعتري النساء كل شهر. وكان الجدل دائراً بين الناس حولها. وكان الدم المهـراق من المرأة يثير الاشمئزاز، وحين حرّم ربنا المعاشرة الجنسية في هذه الحالة، بيّن للناس حكم الطهارة كاصل عام يشمل مثل هذه الحالة.. فالطهارة نوعـان:

طهارة الروح: وهي التوبة بعد الذنب.

وطهارة الجسد: وهي -في هذا المثل- التخلص من آثار المحيض؛ كتنظيف موضع الدم، ثم تنظيف البدن بالغسل.

وهكذا اشار السياق القرآني الى قيمة الطهارة بقوله: « وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ»

وقال تعالى في مناسبة اخرى: « فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللـه يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ» (التوبة/108)

ونستوحي من هذه الكلمة ان كل تطهير مطلوب؛ تطهير ظاهر الجسد من القذارة ومن الغبار والقتار والدرن مطلوب، كما تطهير باطن الجسد من الاذى ([85]) والمرض. وهكذا: تطهير الثياب والمتاع والبيت والبيئة واشاعة النظافة في كل الابعاد..

وقد قال ربنا سبحانه عن طهارة باطن الجسد: « وإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا» (المائدة/6)

وقال تعالى عن طهارة الثياب: « وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ» (المدثر/4-5)

وقال سبحانه عن طهارة المساجد: « وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَالْقَآئِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ» (الحج/26)

وقال تعالى عن طهارة كتاب اللـه: « فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ» (الواقعة/78-79)

وجاء في الحديث المأثور عن النبي صلى اللـه عليه وآله: "النظافة من الايمان".

كيف نهجر الرجز؟

لقد بصّرتنا آيات القرآن بضرورة اجتناب الخبائث وهجر الرجز والنجاسات، وتحري الطهر والنظافة والجمال. واهتدت بالوحي فطرة القلوب وعرفان العقول، فصارت اصولاً عقلائية معروفة .

وجاءت السنة الشريفة تفسر الوحي وتطبقه على الحقائق والموضوعات، فبينت انواع القذارات من الدم المسفوح والميتة والبول والغائط و...

وكانت تلك الامثلة الشائعة لما اصّلته الآيات القرآنية التي ازدادت وضوحاً بتلك الاحاديث الكريمة.

وهكذا علينا ان نتجنب كلما ايقنا انه رجز وخبيث. ونبحث عن النظافة بكل وسيلة متاحة.

ولا يجوز ان نلغي الوحي او العقل او العلم -بكل تطوره- او نفتعل التناقض بينها وبين السنّة الشريفة، وما اجتهده فقهاؤنا الكرام..

وكما بلورت آيات الكتاب فطرة البشر وعقله في ضرورة الطهارة ولم تلغهما، كذلك فان السُنَّة الشريفة حددت وسائل التطهير، وكيفية اجتناب النجاسات وهكذا ابعاد النجاسات، ولكنها لم تلغ العقل اذ فيها من القواعد العامة والاصول الكلية ما يكفينا دليلاً في المجملات والامور المستجدة.

فإذا استحال النجس شيئاً آخر زالت نجاسته لان العقل يقول: ان هذا شيء آخر (كما اذا استحالت الميتة تراباً والدم مسكا، والخشبة القذرة رماداً).

والنجس اذا اختلط بطاهر نجّسه لانه لا يزال فيه، اما اذا استهلك فيه مما لم يعد عند العلم والعرف موجوداً، زال حكمه..

وهكذا يتحكم هدى العقل، وبصيرة العلم، ومقياس العرف في تحديد موضوع النجس وفي توضيح اساليب الاجتناب عنه واللـه العالم.

احكام النجاسات

القرآن الكريم:

1- قال اللـه تعالى: « وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ » (المدثر/4-5)

2- وقال اللـه تعالى: « إِنَّ اللـه يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ» (البقرة/222)

تعريف النجاسة:

"النجاسة" في اللغة تعني القذارة، وفي الاصطلاح الشرعي هي القذارة التي امر الشرع بالتنزه عنها وازالتها عن الثوب والبدن وعن كل ما يشترط طهارته حين الاستعمال. كطهارة الثوب والبدن حال الصلاة والطواف.

والنجاسات التي امر الدين باجتنابها والتنزه عنها عشرة، وهي:

1- البول . 2- الغائط. 3- المني. 4- الميتة. 5- الدم. 6- الكلب. 7- الخنزير. 8- الكافر. 9- المسكرات والفقاع. 10- عرق الحيوان الجلاّل، وألحق بها عرق الجنب من الحرام.

ولكل واحد منها احكام نذكرها بالترتيب التالي:

1و2- البول والغائط

السنة الشريفة:

1- قال الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: "إغسل ثوبك من بول كل مالا يؤكل لحمه". ([86])

2- وفي حديث آخر مروي عن الامام الصادق عليه السلام ايضاً : "كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه". ([87])

3- قال داوود الرقي: سألت ابا عبد اللـه الصادق عليه السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه فلا اجده؟ فقال: "اغسل ثوبك". ([88])

تفصيل القول:

يجب الاجتناب عن البول والغائط من الانسان، والحيوان الذي لا يؤكل لحمه ، ولا بأس بما يخرج من الحشرات التي لا دم سائل لها كالذبابة والخنفساء وما اشبه.

وهنا نشير الى الفروع التالية:

1- الافضل اجتناب خرء مثل الحيّة من الحيوانات المحرمة لحومها والتي لا دم سائل لها.

2- المستفاد من الادلة ان خرء كل الطيور طاهر، ويستحب -احتياطاً- الاجتناب عما يخرج من الطيور المحرمة، وبالذات بول الخفاش.

3- ألحقوا بالحيوان الحرام اللحم، الحيوان الجلاّل ([89]) والحيوان الذي وطأه الانسان، والغنم الذي شرب لبن الخنزيرة.

4- يجوز الانتفاع بالبول والغائط في التسميد ونحوه، كما يجوز بيعهما لذلك على كراهة شديدة.

5- عند الشك في نجاسة البول او الغائط لعدم معرفة مصدره او من جهة عدم العلم بكون الحيوان حرام اللحم، فالمرجع هو (اصالة الطهارة) ([90]) ويجب الفحص قبل ذلك عند الامكان -احتياطاً-.

3- المني

السنة الشريفة:

1- قال سماعة سألت "المعصوم" عن المني يصيب الثوب؟ فاجاب: "اغسل الثوب كله اذا خفي عليك مكانه قليلا كان او كثيراً". ([91])

2- قال محمد بن مسلم سألت احد الامامين الباقر او الصادق عليهما السلام عن المذي يصيب الثوب؟ فقال: "ينضحه بالماء ان شاء". ([92])

تفصيل القول:

اكدت النصـوص على نجاسـة المنـي واعتبرت نجاسته اشد من نجاسة البول والمراد منه -حسب اللغة- ([93]) مني الانسان، اما ماء سائر الحيوانات فقد ذهب الفقهاء الى قذارة مني كل حيوان سائل الدم (مثل البقر والابل) والاجتناب عنه افضل.

اما مـاء اللقاح لسائر الحيوانات فلا دليل على نجاستــه. وينبغي الاشـارة الى انه لا بأس

بسائر السوائل التي تخرج من الفرج غير البول والغائط والمني والدماء الثلاثة، مثل ما يخرج عند الشهوة وهو ( المذي)، او ما يخرج بعد البول وهو (الودي) او ما يخرج بعد المني وهو (الوذي). او أي سائل آخر يخرج بسبب المرض.

4- الميتة والميت

القرآن الكريم:

قال اللـه تعالى : « إِلآَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ» (الانعام/145)

السنة الشريفة:

1- قال ابراهيم بن ميمون: سألت الامام ابا عبد اللـه الصادق عليه السلام عن رجل يقع ثوبه على جسد الميت، قال: "ان غسل الميت فلا تغسل ما اصاب ثوبك منه، وان كان لم يغسل فاغسل ما اصاب ثوبك منه، يعني اذا برد الميت". ([94])

2- قال عمار الساباطي: سئل الامام الصادق عليه السلام عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما اشبه ذلك يموت في البئر والزيت والسمن وشبهه؟ فأجاب: "كل ما ليس له دم فلا بأس". ([95])

3- قال الحسين بن زرارة: كنت عند ابي عبد اللـه الصادق عليـه السلام وابي يسألــه

عن اللبن من الميتة والبيضة من الميتة، وانفحة الميتة، فقال: "كل هذا ذكي". قال: وزاد فيه علي بن عقبة وعلي بن الحسن بن رباط" والشعر والصوف كله ذكي". ([96])

4- وفي حديث آخر عن الامام الصادق عليه السلام انه قال: "كانت لرسول اللـه صلى اللـه عليه وآله ممسكة اذا هو توضأ اخذها بيده وهي رطبة، فكان اذا خرج عرفوا انه رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله برائحته". ([97])

تفصيل القول:

ومن الاعيان النجسة ميتة الحيوانات ([98]) وميت الانسان، وفي المسألة فروع نذكرها فيما يلي:

1- ميتة الحيوانات التي لها دم سائل ([99]) نجسة، سواء منها حلال اللحم وحرامه، اما التي لا دم سائل لها كالخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك فليست ميتتها نجسة.

2- الاجزاء المفصولة من الحيوان بعد موته او قبل ذلك هي بحكم الميتة، كأليات الغنم المقطوعة، والاجزاء الصغيرة المتعلقة بالشعر عند نتفه.

3- الميت من الانسان نجس قبل تغسيله، وكذا الاجزاء المفصولة منه حال حياته كاليد المقطوعة او قطعة اللحم المبانة منه، بل حتى البثور واصول الشعر والثالول والقشور التي تعلو الجروح والثفنات كلها نجسة اذا ابينت من الحي او من الميت قبل تغسيله.

نعم اذا انفصلت البثور بذاتها عن الجسم فهي طاهرة .

4- مالا تحله الحياة من الحيوان، ولا يمتد اليه الاحساس العصبي؛ كالصوف والشعر والوبر

والعظم والقرن والظفر والمخلب والريش والظلف والحافر والسن والناب والبيض والانفحة ([100]) واللبن في الضرع طاهر، وهكذا المنقار وما اشبه.

5- يشترط في طهارة البيضة الموجودة في جوف الدجاجة الميتة ان تكسوها القشرة، بحيث يعتبرها العرف بيضة كاملة.

6- لا فرق في طهارة هذه الاجزاء بين ان يكون الحيوان حلال اللحم او حرام اللحم، بشرط الا يكون نجس العين.

7- لابد من الاشارة الى ان اصول الشعر المبان من الميت - قبل تغسيله- او الميتة نجسة.

8- فارة المسك ([101]) طاهرة. والاولى الاجتناب عما يؤخذ من الظبي الميت. والمسك طاهر مطلقاً، الا ما علم اختلاطه بدم الظبي.

5- الدم

القرآن الكريم:

قـال اللـه تعالـى: « إِلآَّ أَن يَكُونَ مَيْتَـةً أَوْ دَمـاً مَسْفُوحـاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّــهُ رِجْـسٌ » (الانعام/145)

السنة الشريفة:

1- قـال عمار الساباطي: سئل ابو عبد اللـه عليه السلام عن رجل يسيل من انفه الـدم هـل عليه ان يغسل باطنه - يعني جوف الانف -؟ فقـال: " انمـا عليه ان يغسل مـا ظهر منـه" . ([102])

2- روى علي بن جعفر عن اخيه الامام الكاظم عليه السلام وقال: سألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فتقطر قطرة في إنائه، هل يصلح للوضوء منه؟ قال: لا. ([103])

3- قال سعيد الاعرج: سألت ابا عبد اللـه عليه السلام عن قدر فيها جزور وقع فيها قدر أوقية من دم أيؤكل؟ قال: نعم، فإن النار تأكل الدم. ([104])

تفصيل القول:

الدم النجس، هو المسفوح من الانسان والحيوان الذي له نفس سائلة سواء كانا حيين او ميتين اما دم البراغيث والبق وما اشبه فطاهر، وفي مثل دم السمك مما لا يسيل فالاولى الاجتناب كما في ميتته.

وهنا فروع هي كالتالي:

1- بعد خروج الدم المتعارف من الذبيحة، فان ما يتبقى فيها من الدم، مما يلحق باللحم او ما يتبقى في العروق الناعمة، او في القلب والكبد طاهر وحلال. اما ما يجتمع في موضع من الذبيحة بسبب ردّ النفس او بسبب المرض، او بسبب كون رأس الذبيحة اعلى من البدن حين الذبح او غير ذلك فانه نجس.

/ 17