العقل على ان الاطفال و المجانين و من لا عقل له لا يحسن تكليفه و كك خخصنا قوله تعالى الله خالق كل شيء و قلنا ان المراد به افعال نفسه لما دل الدليل على ان الواحد منا فاعل و محدث على ذلك ايضا ان ظاهر الكتاب و حقيقة يترك إلى المجاز لدليل العقل كما تركنا ظاهر قوله و جاء ربك و قوله هل ينظرون الا أن بايتهم الله في ظلل من الغمام و قلنا ان المراد به امر ربك و امر الله لما دل الدليل العقل على الن المجيئ لا يجوز على الله و إذا ثبت ذلك و قد دللنا على ان العموم إذا خص كان مجازا فينبغي أن يجوز ذلك بادلة ألعقل لان غاية ما في ذلك أن يترك حقيقة إلى المجاز فان قالوا دليل العقل يجب تقدمه على الكتاب و ما هذا حكمه لا يجوز أن يخص به العموم لان ما يقتضى الخصوص يجب أن يكون مقارنا له قيل لهم نحن قد بينا ان الذي يخص العموم هو قصد المخاطب إلى بعض ما تناوله اللفظ و ذلك مقارن لحال الخطاب و أدلة ألعقل انما يتوصل بها إلى معرفة القصد الذي وقع التخصيص به و على هذا يسقط هذا السوأل و ليس لهم أن يقولوا ان دليل العقل و ان دل على قصده فقد تقدم و ذلك لا يجوز أن الذي أنكروه جائز عندنا منكر لان الدليل كما يتأخر و يقارن تارة كك قد يتقدم على بعض الوجوه فاستبعاد ذلك لا معنى له و لاجل ما قلناه علمنا بالغفل ان الله تعالى يثبت المؤمن على طاعته و يعوضه على الائه و ان كان ذلك متقدما له ثم يقال لمن خاف في ذلك ليس يخلو من أن يحمل قوله تعالى يا أيها الناس على عمومه و شموله حق يحمله على العقلاء و غير العقلاء أو يحمله على العقلاء فان قال احمله على جميعهم ظهر بطلان قوله بما دل الدليل على خلافه و ان قال احمله على العقلاء خاصة انى لا اسمى ذلك تخصيصا كان ذلك خلافا في عبارة لا معتبر بها و من الناس من حال أن عموم الكتاب يترتب على ادلة العقل فلا يصح ان يقال انه يخصص به و جوز تخصيصه بالكتاب و ان تقدمه و هذا صحيح لان الغرض بقولنا انه مخصوص بالكتاب هو انه قد دل على ان المراد به الخصوص و لدليل العقل هذا الحظ فكيف لا يقال انه مخصوص به فان قالوا لو جاز تخصيص العموم بدليل العقل جاز نسخه بدليل العقل فلما اتفقنا على ان النسخ لا يجوز أن يقع به كان العموم مثله قيل لهم معنى النسخ يصح عندنا بادلة ألعقل لكنه لا يسمى نسخا يدل على ذلك ان الله تعالى إذا امر المكلف بفعل ثم عجز عنه المكلف علمنا انه قد سقط عنه فرضه كما انه لو نهاه عنه في انه يسقط فرضه عنه فمعني النسخ حاصل لكنه منع من إطلاق
(134)
هذه التسمية لان حد النسخ ليس بحصال فيه على ما سنبينه فيما بعد و يسمى تخصيصا لان فائدة التخصيص حاصلة و لا مانع يمنع من إطلاقه اما تخصيص الكتاب بالكتاب يدل على صحته ما دل على صحة تخصيصه بادلة العقل سواء فاما أمثلته فاكثر من أن تحصى نحو قوله تعالى اقتلوا المشركين و قوله فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب ثم قال في موضع اخر حتى يعطوا الجزية عن يدوهم صاغرون فخص بذلك من عدا أهل الكتاب و نحو قوله و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمن نعم الخطر في نكاح جميع المشركات ثم قال و المحصنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم فخص من ذلك بعضهم في نكاح الدوام عند من خالفنا و عندنا في نكاح المتعة و ملك اليمين و نحو قوله ايضا و الذين يتوفون منهم و يذرون أزواجا يتربصن بأنفسهم أربعة أشهر و عشرا ثم قال في مواضع اخر و اولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن فخص هذا الحكم المطلقات عندنا و عند بعض الفقهاء خص الاية الاول ممن عدا الحوامل من النساء و له نظائر كثيرة و لو لم يرد له نظير لكنا نعلم ان ذلك جائز لما قدمناه من الدليل و ليس لاحد أن يقول ان الله تعالى وصف نبيه صلى الله عليه و آله بأنه يبين للناس ما نزل إليهم فلا يجوز أن يثبت لغيره و ذلك ان هذا يسقط من وجهين أحدهما انه ليس في وصفه نبيه صلى الله عليه و آله بانه يبين للناس ما يمنع من أن يبين هو ايضا بعض كلامه ببعض و الثاني انه كما وصف النبي صلى الله عليه و آله بذلك فقد وصف كتابه بأنه تبيان لكل شيء فإذا جاز تخصيص الكتاب بالسنة وجب أن يخص بالكتاب ايضا فلا وجه توجب كون السنة تبيانا للكتاب و مخصصا له الا و هو بعينه يوجب كون الكتاب تباينا له و مخصصا فاما تخصيص الكتاب بالسنة فلا خلاف فيه بين أهل العلم و قد وقع منه ايضا في مواضع كثيرة لان الله تعالى قال يوصيكم الله في أولادكم و قال للرجال نصيب مما ترك الوالدان و غير ذلك من الايات المواريث و خصصنا من ذلك القاتل و الكافر بقول النبي صلى الله عليه و آله لا يرث القاتل و لا يتوارث أهل ملتين و غير ذلك فاما تخصيص بعض السنة ببعض ايصا جائز لمثل ما قدمناه من الادلة و قد وجد ايضا في مواضع لا تحصى كثرة و في الناس من أنكر ذلك و قال ان الله تعالى جعله مبنيا فلا يجوز أن يكون قوله يحتاج إلى بيان فاوجب فيه التعارض و أبطله و هذا خطأ لان حال السنة مع السنة حال الكتاب مع الكتاب و كونه عليه السلام مبنيا يقتضى
(135)
فصل فى ذكر تخصيص العموم بأخبار الاحاد
جواز تبيين سنة كما يقتضى جواز تبيين الكتاب و كما لا يمنع ذلك من أن يبين أحكاما مبتداة فكك لا يمنع من أن يبين سنة يحتاج إلى تبيينها بسنة أخرى و اما تخصيص الكتاب بالاجماع فيصحح ايضا بمثل ما قدمناه من الادلة و قد وقع ايضا في مواضع كثيرة نحو اتفاقهم على ان العبد لا يرث فخص بذلك اية المواريث و نحو إجماعهم على ان العبد كالأَمة في تنصيف الحد فخص به قوله تعالى الزانية و الزاني و غير ذلك و اما تخصيص الكتاب بأفعال النبي صلى الله عليه و آله فصحيح ايضا لان الدليل قد دل على ان فعله كقوله في وجوب الرجوع اليه في معرفة الاحكام فإذا ورد الكتاب بتحريم ايشياء ثم وجدناه ( ع ) فاعلا لبعضها علمنا بفعله خصوص الكتاب و لذلك خص قوله تعالى الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة يرجمه ما غرا و تخصيص قوله صلى الله عليه و آله بفعله صحيح ايضا بمثل ما قلناه و سندل فيما بعد على ان فعله ليس بمقصور عليه و انه كقوله و صحة ذلك يقتضى جواز التخصيص به و هذه الجملة كافية في هذا الباب فصل في ذكر تخصيص العموم باخبار الاحاد أعلم ان من قال ان خبر الواحد لا يجوز العمل به فقوله خارج عن هذا الباب و انما الخلاف في ذلك ممن أوجب العمل به اختلف القائلون باخبار الاحاد في إثبات الاحكام في هذه المسألة فمنهم من اجاز تخصيص العموم بها على كل حال ما لم يمنع من ذلك مانع و هو مذهب أكثر الفقهاء و المتكلمين و هو الظاهر عن الشافعي و أصحابه و عن أبي الحسين و غيرهما و منهم من قال يجوز تخصيصه بخبر الواحد إذا كان قد خص لانه قد صار مجملا و مجازا و إذا دخله التخصيص لا يجوز أن يخص بها و هو مذهب عيسى بن ابان و منهم من قال إذا خص العموم بدليل متصل مثل الاستثناء و ما جرى مجراه لم يجز تخصيص العموم به لان ذلك حقيقة على ما حكيناه فيما تقدم و إذا خص بدليل منفصل جاز تخصيصه باخبار الاحاد لانه قد صار مجازا و الذي ذهب اليه لانه لا يجوز تخصيص العموم بها على كل حال سواء خص أو لم يخص بدليل متصل أو منفصل و كيف كان و الذي يدل على ذلك ان عموم القرآن يوجب العلم و خبر الواحد يوجب غلبة الظن و لا يجوز أن يترك العظم للظن على حال فوجب لذلك أن لا يخص العموم به فان قيل إذا دل الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد كان وجوب التخصيص معلوما و ان كان نفس الخبر مظنونا و يجرى ذلك مجرى قيام الدلالة على وجوب التنفيذ الحكم عند الشهادة و ان كانت الشهادة
(136)
معلوم و كك إذا ظن كون القبلة في جهة من الجهات وجب علينا التوجه إليها و ان كان ذلك معلوما و ان كان كون القبلة فيها مظنونا فما المنكر من أن يكون خبر الواحد مع العموم يجرى هذا المجرى و الجواب عن ذلك السائل عن السوأل لا يخلو من أن يكون مخالفا لنا في الاصول أو موافقا فانكان مخالفا فلا يصح له هذا السوأل لانه يضمن قيام الدلالة على وجوب العمل بخبر الواحد و نحن قد أفسدنا ساير ما يدعيه مخالفونا من الدلالة على وجوب العمل بخبر الواحد فإذا فسد العمل بها بتلك الادلة فلا يمكن أن يدعى جواز التخصيص و قد مضى الكلام على أدلتهم مستوفى على انه لو سلم لهم العمل بخبر الواحد على غاية اقتراحهم لم يجز التخصيص العموم به لانه ليس ما دل عليوجوب العمل بها يدل على جواز التخصيص كما ان ما دل على وجوب العمل بها لا يدل على وجوب النسخ بها بل احتاج ذلك إلى دليل ذلك فكك التخصيص فلا فرق بينهما فان قالوا إذا دل الدليل على وجوب العمل بخبر الواحد فينبغي أن يكون خبر الواحد دليلا في كل موضع الامن أن يمنع منه مانع و النسخ الذي ذكرتموه قد كان يجوز أن يقع بخبر الواحد الا أنه منع الاجماع منه فبقى كونه دليلا فيما عد النسخ قيل لهم خبر الواحد دليل شرعي و ليس بعموم يخص منه بعضه و يبقى ما عداه فإذا ثبت ذلك كان الذي يدل على وجوب العمل به من الاجماع انما هو حاصل فيما طريقة العمل فحسب مما لا نص فيه من الكتبا فينبغي أن يحتاج في إثبات كونه دليلا في تخصيص العموم به إلى دليل فان قالوا الصحابة الذين عملوا بخبر الواحد عملوا بها و ان خص العموم قيل لهم هذا محض الدعوي ما الذي يدل عليها فانا لا نم ذلك فان ذكروا انهم خصوا اية المواريث بالخبر الذي روى ان القاتل لا يرث و اكن خبر واحد و كك علموا بخبر أبي هريرة في نكاح المرأة على عمتها و خالتها و خصوا بذلك قوله تعالى و أحل لكم ماوراء ذلكم و نظائر ذلك كثيرة قيل لهم انما تركوا عموم اية الميراث بالخبر الذي تضمن ان القاتل لا يرث لانهم أجمعوا على صحته فلما أجمعوا على صحته و علموه خصوا العموم به فليس ذلك موجودا في الاخبار التي لا يعلم صحتها و اما نكاح المرأة على عمتها و خالتها فعندنا يجوز على وجه فلا تخصص العموم به و من اجاز ذلك ايضا انما اجازه لان عنده انهم أجمعوا على صحة هذا الخبر فلما أجمعوا عليه دل ذلك على صحته و ليس هذا موجودا في اخبار الاحاد التي لا يعلم صحتها على ان المعلوم من حال الصحابة انهم ردوا إخبارا كثيرة نافت عموم القرآن و اقتضت تخصيصه نحو ما روى
(137)
و غيره انهم ردوا خبر فاطمة بنت قيس في انه لا نفقة لها و لا سكنى و قالوا لا ندع كتاب ربنا بقول إمرأة لا ندرى صدقت ام كذبت و هذا تصريح بانه لا يجوز تخصيص العموم بخبر الواحد و ليس لهم أن يقولوا انما رد و الخبر إذا كان يخالف القرآن لا أنه يخصه و ما يخص العموم به لا يقتضى ترك القرآن بل يقتضى القول به فدل ذلك على سقوط ما ذكرتموه و ذلك ان سقوطه نفقة المثبوتة كفاطمة خاصة يخصص القرآن لان عموم القرآن اقتضت النفقة لها و لغيرها و مع ذلك ردوا خبرها و سماه عمر معذلك انه مخالف للقرآن من حيث كان منافيا لعموم الكتاب فان قالوا انما فعلوا ذلك لانهم علموا ان حكم فاطمة و غيرها من النساء حكم واحد و كان ذلك عندهم معلومة و لو قبلوا خبرها لادى عندهم إلى دفع القرآن فلذلك ردوه قيل لهم هذا محض الدعوي و من أين علموا أن حكم فاطمة و غيرها على حد واحد الا بعموم القرآن و لذلك صرح بهذا التعليل عمر و لو كان ذلك معلوما بغير عموم القرآن لكان يقول قد علمنا ان حكمك في هذا الباب حكم غيرك من النساء و لا يحتاج ان يقول لا ندع كتاب ربنا بقول إمرأة لا ندرى صدقت أم كذبت و ذلك يسقط هذا السوأل ثم يقال لهم أ ليس قد قيل أهل قبا خبر الواحد فيما طريقة النسخ و انتقلوا بذلك عن القبلة التي كانوا عليها و لم يدل ذلك على جواز النسخ بخبر الواحد فان قالوا انما قبلوا ذلك بدليل دلهم على ذلك دون مجرد الخبر قيل لهم مثل ذلك في الاخبار التي تعلقوا بها فان قالوا ليس خبر الواحد قد قبل فيما يقتضى العقل خلافه فما المنكر من أن يجوز قبوله فيما يقتضى عموم القرآن خلافه قيل لهم هذا انما يمكن أن يستدل به على من لم يجوز تخصيص العموم به عقلا فيقال له إذا جاز الانتقال عما يقتضى العقل خلافه بخبر الواحد جاز أن ينتقل عما يقتضيه العموم بمثل ذلك فاما من اجاز ذلك عقلا و انما امتنع منه لفقد الدلالة عليه فهذا السوأل ساقط عنه و انما ينبغي أن يتشاغل بان ههنا دليلا يدل على جواز تخصيص العموم به و هو نفس المسألة التي اختلفنا فيها على ان مثل هذا يمكن أن يقال في جواز النسخ به لان الانتقال عن موجب العقل من خطر إلى إباحة أو إباحة إلى خطر في معنى النسخ و ان لم يسم نسخا فينبغي أن يجوز على موجب ذلك النسخ بخبر الواحد و هذا لا يقوله و لا جواب عن ذلك الا ما ذكرناه من أن ذلك دليل على
(138)
جواز ذلك لا على وجوبه بل وجوبه يحتاج إلى دليل مفرد و في الناس من قال ان العموم ثبت اجتهادا فجاز الانتقال عنه بخبر يوجب غلبة الظن و هذا القول باطل لان الدليل على القول بالعموم دليل يوجب العلم و ليس من باب الاجتهاد في شيء و قد دللنا على ذلك فكيف يجوز أن يترك بما طريقة غلبة الظن ثم يقال لهم لا خلاف ان خبر الواحد لا يجوز قبوله فيما طريقة العلم و الاعتقاد و إذا ثبت ذلك فخبر الواحد إذا خص العموم اقتضى شيئين أحدهما العمل بمتضمنه و ذلك من باب العمل و الثاني وجوب الاعتقاد في ظاهر العموم انه مخصوص و ذلك لا يجوز لانه اقدام على ما لا نأمن كونه جهلا فان قالوا انا نأمن كونه جهلا بما قام من الدليل على جواز قبوله فيما خص العموم فقد مضى الكلام على ذلك و بينا ان ذلك محض الدعوي و صريح الاقتراح فاما من قال لا يجوز تخصيص العموم به الا إذا خص على حسب اختلافهم في ذلك من تخصيصه بدليل متصل أو منفصل أو استثناء و غير ذلك و متى خص بشيء من ذلك جاز تخصيصه فيما دللنا به من المنع من جواز تخصيصه بخبر الواحد يبطل هذا الفصل على انهم انما أجازوا تخصيصه بخبر الواحد إذا خص لانه يصير مجملا و مجازا و أما كونه مجازا فنحن نقول به و لا نم انه يصير مجملا فيما عداه بل ما عداه ما خص منه معلوم كما انه لو لم يخص منه شيء كان الجميع معلوما و ذلك يبطل ما قالوه فاما إذا كان السائل عن السوأل الذي قدمناه من موافقينا و سأل ذلك على طريقتنا التي اعتمدناها من جواز العمل بالاخيار التي تختص بنقلها الطائفة المحققة فالكلام عليهم ايضا مثل ذلك بأن يقال ما دل على عمل الطائفة المحقة بهذه الاخبار من إجماعهم على ذلك لم يدل على العمل بما يخص القرآن و يحتاج في ثبوت ذلك إلى دلالة بل قد ورد عنهم ( ع ) ما لا خلاف فيه من قولهم إذا جائكم عنا حديث فاعرضوه على كتاب الله فان وافق كتاب الله فخذوه و ان خالفه فردوه أو فاضربوا به عرض الحائط على حسب اختلاف الالفاظ فيه و ذلك صريح بالمنع من العمل بما يخالف القرآن فان قالوا ليس قد عملت الطائفة باخبار كثيرة طريقها الاحاد و عموم الكتاب بخلافها فهلا دل ذلك على جواز تخصيص العموم بها على كل حال قيل لهم لا نم ان الطائفة عملت باخبار احاد يقتضى تخصيص القرآن و على من ادعى ذلك ان يبينه على انا قد بينا ان الاخبار الصادرة من جهتهم ضربين أحدهما أن يكون خبر أو ليس هناك
(139)
فصل فى ذكر تخصيص العموم بالقياس
ما يخالفه و يكون فتيا الطائفة به فما هذا حكمه يكون مجمعا على صحته و يجوز العمل به و تخصيص العموم به و ان كان هناك ما يخالفه من الاخبار فالعمل بما يطابق العموم ايضا أولى لانه يصير معلوما صحته مثل العموم و بينا ان ذلك وجه يرجح به احد الخبرين على الاخر و ان كان خبر لا نعلم فتيا الطائفة أصلا فيه و هناك عموم يقتضى خلافه فالعمل بما يقتضى العموم أولى بما قدمناه من الدلالة فصل في ذكر تخصيص العموم بالقياس أعلم ان الكلام في هذه المسألة قد سقط عنا لانا لا نجيز العمل بالقياس لا ابتداء و لا فيما يخص العموم و انما الخلاف في ذلك بين من أثبت القياس فان فيهم من اجاز تخصيص العموم به على كل حال إذا صح القياس بشروطه و هو مذهب أكثر الفقهاء و هو مذهب الشافعي و المحكي عن ابي الحسن و اليه ذهب أبو هاشم اخيرا و منهم من أبي تخصيص العموم به على كل وجه و هو مذهب ابي على و به قال أبو هاشم أولا و قد قال به بعض الفقهاء و منهم من قال يخص بالقياس الجلى و لا يخص بالخفي و هو مذهب بعض اصحاب الشافعي و منهم من قال انه يخص بذلك إذا دخله التخصيص و سوغ فيه الاجتهاد و لا يجوز تخصيصه إذا كان باقيا على عمومه و الاقوى من هذه الاقاويل إذا فرضنا العبادة بالقياس قول أبي علي و هو أنه لا يجوز تخصيص العموم به على كل حال و الذي يدل على ذلك ان العموم دليل يوجب العلم و القياس عند من قال به يوجب غلبة الظن و لا يجوز أن ينتقل عما طريقة العلم إلى ما يقتضى غلبة الظن فليس لهم أن يقولوا إذا ثبت ان القياس دليل كان تخصيص العموم به معلوما و ذلك انا قد بينا الجواب عن مثل هذا السوأل في الباب الاول بأن قلنا خبر الواحد دليل شرعي و كك نقول ان القياس دليل شرعي فينبغي أن يثبت في الموضع الذي استعملته الصحاة و قررته الشريعة و انما ثبت عنهم على زعمهم استعمل القياس فيما لا نص فيه من أحكام الحوادث و لا يمكنهم أن يدعوا انهم استعملوه فيما يخص العموم لان هذه الدعوي لا برهان عليها و دون ذلك خرط القتاد و يدل ايضا على ذلك ان النسخ قد ثبت انه لا يجوز به فكك يجب أن يكون حكمه حكم التخصيص و ليس لهم ان يقولوا انه كان يجوز النسخ بالقياس انه منع منه الاجماع و ذلك انهم متى ارتكبوا ذلك قيل لهم لا يجوز من الحكيم تعالى أن ينزل نصا و يجعل القول به و العمل بمقتضاه موقوفا على اجتهاده و انما يسوغ الاجتهاد في صرفه إلى و تجه دون وجه فان قالوا هذا الذي ذكر تموه من الجواب عن