ان من حق الجواب ان يطابق السوأل و ان ذلك يوجب حمل الكلام على السبب فغللاط لان من حق الجواب أن ينتظم بيان ما سئل عنه و انه لا يقتضى غيره غلط لان فيه إخراجه من كونه جوابا فاما إذا اقتضى بيان حكمه و حكم غيره فقد حصل جوابا له و زاد عليه و لا يمتنع هذه الزيادة من كونه جوابا لما لو بين حكمه فقط لكان جوابا لانه في الحالين حصل به بيان السوأل و هذه جملة كافية في هذا الباب فصل في ذكر ما الحق بالعموم و ليس منه و ما أخرج منه و هو منه الافعال لا يصح ادعاء العموم فيها لانها لا تقع الا على وجه واحد فينبغي أن يراعى الوجه الذي وقع عليه الفعل فان علم صح التعلق به و جرى ذلك مجرى النص على عين واحدة و ان لم يعلم الوجه الحق بالمجمل و إذا ثبت ذلك فلا يصح ان يتعلق بما روى أن النبي صلى الله عليه و آله قضى بالشاهد و اليمين و قضى ان الخراج بالضمان لان ذلك حكاية فعل و من الناس من فرق فقال إذا روى انه قضى بكذا و كذا لا يصح التعلق به لانه ينبئ عن الفعل و إذا روى انه قضى ان كذا و كذا فيه كذا و كذا صح التعلق به لانه ينبئ عنه انه قال ذلك و من الناس من سوى بين اللفظين و قال لا فرق بينهما في انه لا يصح التعلق به و قال لا يمتنع ان يقال في القضاياء الذي هو الحكم في القضيه المقتضى فيها هذا القول و الاولى عندي أن يكون بينهما فرق لانه إذا قال قضى رسول الله صلى الله عليه و آله بالشاهد و اليمين فهم منه حكاية فعل لا و ليس كك إذا روى انه قضى ان الخراج بالضمان و ان الشبعة للجار لانه يسبق إلى الفهم انه قال ذلك قولا لا فعلا الا أنه و ان كان كك لا يقتضى صحة التعلق به لانه لا يعلم انه قال ذلك بقول يقتضى العموم أو بقول يقتضى الخصوص و يفيد الحكم في تلك العين و إذا كان كك صار مثل الاول في أنه ينبغي أن يلحق بالمجمل و إذا ثبتت هذه الجمل فلا يصح التعلق بما روى انه قضى بالشاهد و اليمين و ان الخراج بالضمان لما قلناه الا أن يدل دليل على إلحاق غيره به فيحكم به على هذا لا يصح لاصحاب مالك ان يحتجوا فيمن افطر في شهر رمضان بأي وجه كان فعليه الكفارة بما روى ان رجلا افطر فامره صلى الله عليه و آله بالكفارة لان الرجل انما سئله عن حكاية فعل و لم يسئله عن حكم من افطر و أطلق القول فقال ( ع ) فعليه الكفارة لانه لو كان كك لكان يصح التعلق به و لكان يجرى مجرى أن يقول من افطر فعليه الكفارة فإذا قال ذلك افاد العموم في كل ما يفطر به و كك لا يصح
التعلق بما روى عنه صلى الله عليه و آله انه جمع بين الصلوتين في السفر في جواز الجمع لان ذلك حكاية فعل و لمن خالف في ذلك أن يجمله على جمع مخصوص في بعض الاسفار أو إلى أنه جمع بينهما بعرفة فلا يصح ادعاء العموم فيه فاما إذا روى انه كان يجمع بين الصلوتين في السفر فيصح التعلق به لان ذلك يفيد تكرار ذلك في حال السفر و ان ذلك عادته فاما من ضعف هذا الوجه بان قال انما يفيد لفظة كان انه فعل ذلك فيما مضى و لا يفيد التكرار فلا يصح التعلق به فغير صحيح لانه و ان افاد الاخبار عما مضى ( ع ) فانه يفيد تكرار الفعل مع ذلك الا ترى ان القائل إذا قال كان فلا القاضي يحكم بالشاهد و اليمين لا يفهم من ذلك الا أنه كان ذلك عادته في جميع الاحكام و كك إذا قال كان أبو حنيفة يقول بتحليل النبيذ و كان الشافعي يقول بتحريمه لم يفهم من ذلك الا أن ذلك كان عادتهما و قولهما في جميع الاحوال و لا يسبق إلى قلب احد انهما قالا ذلك دفعه واحدة و انها كانت فيما مضى فعلم بذلك ان الاولى ما ذكرناه فاما إذا سئل الرسول صلى الله عليه و آله عن امر و أجاب عنه يحتاج أن ينظر فيه فان كان عاما حمل على عمومه على ما بيناه و ان كان يفيد الحكم فيما سئل عنه نظر فيما سئل عنه فان كان واقعا على وجه واحد فالجواب بحسبه و ان كان ذلك معلوم من حاله كان الجواب في حكم العموم و ذلك نحو ان سئل ( ع ) عن رجل افطر في رمضان عليه الكفارة أولا و لا يعلم بماذا افطر فمتى اجاب بإيجاب الكفارة صار كانه قال كل من افطر فعليه الكفارة و اقتضى ذلك عموم وجوب الكفارة على كل مفطر و متى كان المعلول للرسول صلى الله عليه و آله انه افطر بوجه واحد و كان سؤاله بني عن ذلك لفظا أو معنى فجوابه ( ع ) مصروف اليه و لا يتعدى به إلى غيره الا بدليل و على هذا إذا سئل ( ع ) عمن زنا فامر برجمه كان قوله و ان لم يكن عاما في اللفظ فهو في حكم العموم في انه يقتضى رجم زان و قد الحق قوم بهذا الباب إثباته ( ع ) الحكم في عين تعليله له العلة يقتضى التعدي إلى غيره نحو قوله ( ع ) في الهر انها قوله من الطوافين عليكم و الطوافات اى تطوف عليكم بالليل nو تحفظكم من كثير من الآفات من مجمع البحرين و مطلع النيرين من الطوافين عليكم و الطوافات و قالوا هذه و ان لم يمكن أن يرعى فيه العموم فهو في حكمه في ذلك الحكم يتعلق بكل ما فيه تلك العلة حتى يصير بمنزلة تعليق الحكم بإسم يشتمل جميعه و هذا انما يمكن يعتبره ان من قال القياس فاما على مذهبنا في نفى القياس فلا يمكن اعتبار ذلك أصلا على ان قيمن قال بالقياس من منع من ذلك و قال النبي صلى الله عليه و آله لو نص على العلة في شيء بعينه لم
فصل فى ذكر غاية ما يخص العموم اليها
يجب إلحاق غيره به الا بعد إثبات التعبد بالقياس فاما قبل ذلك العبادة فلا يصح ذلك فيه و لذلك لو قال حرمت المسكر لانه حلو لم يجب أن يحكم بتحريم كل حلو الا بعد العبادة بالقياس و كك ينبغي أن يكون قوله فيما ذكرناه فاما ما روى عنه ( ع ) من قوله ( ع ) ان الزعيم غارم فانه عام لان فيه الالف و اللام المقتضيين للاستغراق على ما بيناه و ليس الامر فيه على ما ظن بعضهم من انه يفيد العموم من جهة الدليل لانه دل على ان عزمه انما كان لاجل كونه زعيما فيكون عاما في الحكم و ان لم يكن عاما في اللفظ لانا قد بينا ان ذلك يفيد الاستغراق و كك القول في الاسماء المشتقة التي دخل عليها الالف و اللام نحو قوله السارق و السارقة و الزانية و الزاني في كل ذلك يفيد الاستغراق على ما بيناه لفظا و لم يفد ذلك تعليلا على ما ذهب اليه قوم و إذا روى عنه ( ع ) انه سهى فسجد بان علم ان سجوده كان لاجل السهو كان ذلك جاريا مجرى قوله ( ع ) من سهى فليسجد لما دل الدليل على ان حكم غيره حكمه في الشرعيات و يلحق بهذا الباب فحوى الخطاب و دليل الخطاب في انهما يفيدان العموم من جهة المعنى و ان لم يفد ذلك لفظا الا ترى ان قوله تعالى و لا تقل لهما اف يجرى مجرى قوله و لا تؤذهما و كك قوله و لا يظلمون فيتلا يفهم منه انهم لا يظلمون القناطير فهو و ان لم يفد ذلك لفظا فقد افاد ذلك معنى على ابلغ الوجوه و كك إذا قال في سايمة الغنم زكوة افاد ان العلوفة لا زكوة فيها على ما نبينه فيما بعد و جرى ذلك مجرى قوله لا زكوة في العاملة و من قال ان تعليق الحكم من تحليل أو تحيم إذا علق بالاعيان اقتضيا العموم في المعنى و ان لم يكن عاما من جهة اللفظ فسنبين ما عندنا في ذلك فيما بعد ان شاء الله و هذه الجملة كافية في هذا الباب انشاء الله فصل في ذكر غاية ما يخص العموم إليها يجوز تخصيص العموم إلى أن لا يبقى من اللفظ الا واحد و لا فرق في ذلك بين ألفاظ الجموع و بين لفظة من و ما و غير ذلك إذا دل الدليل عليه و في الناس من قال يجوز أن يخص إلى أن يبقى ثلثة ثم لا يجوز دخول التخصيص فيه نحو قوله اقتلوا المشركين لا يجوز أن يزيد اقل من ثلثة و فصل بين ذلك و بين من فاجاز تخصيص لفظة من إلى أن يبقى منها واحد و الذي يدل على ما اخترناه انا قد دللنا على ان لفظ العموم متى استعمل في الاستغراق كان مجازا و إذا كان مجازا فلا فرق بين استعماله في الواحد و بين استعماله فيما هو أكثر منه
فصل فى ذكر ما يخص فى الحقيقة و ما يخص فى المعنى
يبين ذلك انه لما جاز ذلك في لفظه من كان تجويز ذلك في ألفاظ الجمع مثله سواء و قد اجاز أحدهما الخالف فينبغي أن يكون حكم الاخر مثله على ان استعمال ذلك لاهل اللغة ظاهر لانه استعملوا لفظ العموم في الواحد كما استعملوه في الثلثة و أكثر من ذلك قال الله تعالى انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون فاخبر عن نفسه بنون الجمع و بالواو و النون و هو واحد و قال الشاعر انا و ما اعنى سواي انى فعبر عننفسه بلفظ الجمع و قد تجاوزوا ذلك إلى ان عبروا بلفظ الالف عن الواحد كما روى عن عمر انه لما كتب إلى سعد بن ابي وقاص و قد أنفذ اليه القعقاع بن شور مع ألف رجل و قد أنفذت إليك الفى رجل فعبر عن القعقاع وحده بعبارة الالف لما اعتقده من انه يسد مسد الالف في الحرب هذا واضح فصل في ذكر ما يخص في الحقيقة و ما يخص في المعنى و ما لا يجوز دخول التخصيص فيه الادلة على ثلثة اضرب منها ما هو عام من جهة اللفظ و منها ما هو عام من جهة المعنى و منها ما ليس بعام لا لفظا و لا معنى فاما ما هو عام لفظا فالتخصيص يجوز أن يدخله بجميع الادلة التي ذكرناها التي يخص بها العموم و ذلك لا خلاف فيه و اما ما هو عام من جهة المعنى فعلى ضربين أحدهما قياس و الاخر استدلال فاما القياس فعندنا انه ليس بدليل أصلا و من قال انه دليل و أجاز تخصيص العلة جوز تخصيصه و من لم يجز تخصيص العلة لم يجز ذلك فاما الاستدلال فنحو دليل الخطاب و فحوى الخطاب و نحو ان ينص النبي عليه و اله السلم على حكم في عين ثم علم بالدليل ان حكم غيره حكمه فان التخصيص في جميع ذلك يجوز في المعنى و ان لم يسم ذلك تخصيصا و مثل ذلك استدلالنا بجواز وطي ام الولد على ان الملك باق و إذا كان الملك باقيا وجب أن يتبعه جميع احكامه الا ما يخصه الدليل و غير ذلك من المسائل و اما ما لا يدخله التخصيص أصلا لانه ليس بعام لا لفظا و لا معنى فنحو أن ينص ( ع ) على عين واحدة أو يقدم على فعل واحد و يخص ذلك العين بذلك الحكم بان معنى التخصيص لا يسوغ فيه و ذلك نحو تخصيصه ( ع ) ابا بردة بجواز اضحية و ما شاكله فإذا ثبت هذه الجملة فمتى ورد عام لفظا جاز تخصيصه لفظا بالادلة التي قدمناها و ما ليس بعام فانكان المحتج به يحتج باللفظ منع من التعلق به و ان احتج به في المعنى جاز أن يعترض عليه بجميع ما يخص به العموم و ان لم يسم ذلك مخصصا
فصل فى أن الشرط والاستثناء اذا تعلقا ببعض ما دخل تحت العموم لا يجب أن يحكم أن ذلك هو المراد بالعموم لا غير
و ما كان خاصا بغير واحدة لا يتعداه التخصيص في المعنى و اللفظ لا يصح فيه و هذه جملة كافية في هذا الباب فصل في ان الشرط و الاستثناء إذا تعلقا ببعض ما دخل تحت العموم لا يجب أن يحكم ان ذلك هو المراد بالعموم لا إذا ورد اللفظ عام و تعقبه شرط علم انه راجع إلى بعضه لا يجب أن يحمل اللفظ العام على ما تعلق ذلك الشرط به بل لا يمتنع أن يكون العام على عمومه و ان ذكر بعده شرط يرجع إلى بعضه و ذلك نحو قوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهم فان ذلك عام في الطلاق و المطلقات ثم قال بعد ذلك لعل الله يحدث بعد ذلك امرا و ذلك تخصيص الرجعي و لا يجب من ذلك حمل أول الاية عليه و مثل قوله لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ثم قال بعد ذلك الا أن يعفون فكان أول الاية عاما في جميع النسوة و ان كان جواز العفو مخصوصا بمن يملك امره منهن و يصح عفوهن دون من لا يصح ذلك منه و لا يجب تخصيص أول الاية بهن بل كان عاما في سائر النساء و كك إذا ذكرت جملة عامة و عطف عليها جملة خاصة لا يجب من ذلك حمل الادلة عليها بل يجب حمل الاولى على عمومها و الثانية على خصوصها و ذلك نحو قوله و المطلقات يتربصن بأنفسهم ثلثة قروء ثم قال بعد عاطفا على ذلك و بعولتهن احق بردهن و ذلك يختص الرجعيات و لا يجب من ذلك حمل أول الاية عليه بل كان عاما فيهن و في غيرهن ممن لا يملك مراجعتهن و مثل ذلك قوله تعالى واللائي يئسن من المحيض من نسائكم كان ذلك عاما في جميعهن ثم قال و اولات الاحمال ان يضعن حملهن و لا يجب من ذلك حمل أول الاية عليهن و لذلك نظائر كثيرة و الذي ينبغي ان يحصل في هذا الباب انه إذا ورد لفظ عام ثم وصف بصفة أو شرط بشرط علم انه لا يصح ذلك الشرط و لا تلك الصفة في جميع اللفظ العام وجب حمل اللفظ العام عليه إذا كان الشرط أو الصفة متعلقين ببضع ما تناوله لم يجب ذلك و كان حكمه ما قدمناه في أول الباب فاما إذا كان الكلام في جملتين قد عطفت أحدهما على الاخرى فينبغي أن ينظر في الجملة الثانية فلا يخلو أن تكون متناولة لمثل ما تناوله الجملة الاولى أو لا تكون كك فانكانت متناولة لمثل ما تناولته الاولى فلا يخلو أن تكون موافقة أو مخالفة فانكانت موافقة له في الحكم فان ذلك يكون تأكيدا و يجب حملها على مثل ما حملت عليه الجملة الاولى و ان كانت الجملة الثانية
متناولة لمثل ما تناولته الاولى و كانت مخالفة لها في الحكم فلا تعلق لها بالجملة الاولى و كانت كاية اخرى يجب حملهما على ظاهرهما و ان كانت متناولة لمثل ما تناولته الاولى و كانت متضادة لها في الحكم فذلك لا يجوز وقوعه من الحكيم تعالى لانه يؤدي إلى التناقض و البدا و هما منفيان عنه تعالى فنظير الجملة ألمؤكدة ان نقول اقتلوا المشركين ثم بعطف على ذلك فيقول اقتلوا الكفار و نظير الجملة المخالفة ان نقول اقتلوا المشركين و خذوا غنائمهم واسبوا ذراريهم و ما يجرى مجرى ذلك و نظير المتضادة نحو أن يقول اقتلوا المشركين و لا تقتلوا الكفار فان ذلك ينفى ما أثبتته الجملة الاولى و ذلك لا يجوز على الحكيم تعالى و إذا كانت الجملة الثانية اخص من الجملة الاولى و أعم منها و ان كانت تقتضي مثل حكم الادلة كانت تأكيدا أو ذكرا التفخيم ما ذكر في الاولى و على ذلك يحمل قوله من كان عدوا لله و ملائكته و رسله و جبريل و كك قوله فيها فاكهة و نخل و رمان دان ذلك اما ان تحمله على التأكيد أو على تفخيم سائر ما افرد بالذكر و عند من قال بدليل الخطاب من اصحاب الشافعي و غيرهم ان افراد بعض ما تناوله لفظ العموم بالحكم يدل على انه أراد بالعموم الخصوص و على هذا حمل قوله لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة و متعوهن على الموسع قدره على ان المتعة يجب لغير المدخول بها إذا لم يسم لها مهرا و من خالفه قال تجب المتعة لكل مطلقة و سنذكر ما عندنا من دليل الخطاب فيما بعد ان شاء الله تعالى و الاقرب على مذهب من يقول بدليل الخطاب ان يقال ان العموم في الاولى يمنع من دليل الخطاب في الثانية بأولى من أن يقال ان دليل الخطاب في الثانية يمنع من حمل الاولى على العموم فإذا تساوي القولان وجب أن يوقف ذلك على البيان أو يكون مجملا على ما بيناه و ان كانت الجملة الثانية مخالفة للاولى في الحكم كانت كاية اخرى لا تعلق لها بالجملة الاولى على ما بيناه في الجملتين المتماثلتين في العموم و ان كانت ضدا للجملة الاولى فان كانت الجملة الاولى اعم و الثانية اخص و ذلك على انه أراد بالجملة الاولى و ما عدا ما ذكر في الجملة الثانية و ان كانت جملة الثانية اعم دل ذلك على انه أراد بالثانية ما عدا ما ذكر في الجملة الاولى و نظير الاول ان تقول اقتلوا المشركين و تقول بعده و لا
فصل فى ذكر بناء الخاص على العام و حكم العمومين إذا تعارضا
فصل فى جواز تخصيص الاخبار و انها تجري مجرى الاوامر فى ذلك
تقتلوا اليهود و النصارى و الا كانت متناقضة أو بداء و ذلك لا يجوز و نظير الثاني ان تقول أولا لا تقتلوا اليهو و النصارى ثم يقول بعده اقتلوا المشركين فان ذلك يدل على انه أراد بلفظ المشركين الثانية ما عدا ما ذكر في الجملة الاولى و لو لا ذلك لادى إلى ما قدمناه و ابطلناه و ليس لاحد أن يقول هلا حملتم الثانية على انها ناسخة لان من شان النسخ أن يتأخر عن حال الخطاب على ما نبينه و انما ذلك من ادلة التخصيص الذي يجب مقارنتها للخطاب على ما تقدم القول فيه فعلى هذا ينبغي أن يجرى كل ما يرد من هذا الباب فصل في جواز تخصيص الاخبار و انها تجري مجرى الاوامر في ذلك الصحيح انه يجوز تخصيص الاخبار سواء كان معناهما معنى الامر أو لم يكن كك كما يجوز تخصيص الاوامر و في الفقهاء من قال ان ذلك لا يجوز كما لا يجوز نسخ الاخبار و أكثر الفقهاء و المتكلمين على المذهب الاول و الذي يدل على ذلك ان التخصيص هو ما دل على مراد المخاطب بالعموم و ذلك لا يمتنع في الاخبار كما لا يمتنع في الاوامر فانه لا يمتنع ان يريد المخاطب باللفظ العام بعض ما وضع له كما لا يمتنع ان يأمر باللفظ العام و يريد بعض ما يتناوله فالأَمر ان سواء فاما ثبوت ذلك فاكثر من أن يحصى نحو الاخبار المتضمنة للوعيد فانها خاصة و كك آيات الوعد عند بعضهم و قوله تعالى و الله على كل شيء قدير و قد علمنا انه لا يقدر على ذات نفسه و لا مقدورات غيره و كك قوله و اوتيت من كل شيء و قد علمنا انها ما أوتيت اشياء كثيرة و ذلك أكثر من أن يحصى على انا قد بينا ان الامر و النهى في معنى الخبر فلا فرق بين أن يأمر بالشيء في انا نعلم وجوبه و بين أن يخبرنا بان له صفة الوجوب في انا نعلم مثل ما علمناه بلفظ الامر و قد روى عنه ( ع ) انه امتنع من دخول بيت فيه تصاوير و قال ان الملائكة لا تدخل بيتا فيه تصاوير ثم خص ذلك بان دخل بيتا فيه تصاوير تؤطأ و اما حملهم ذلك على النسخ فالصحيح ان النسخ مجوز أن يدخل في الاخبار و نحن نبين ذلك في باب الناسخ و المنسوخ فبطل بذلك تعلقهم به به فصل في ذكر بناء الخاص على العام و حكم العمومين إذا تعارض أعلم انه إذا ورد عام يتناول إثبات حكم و ورد عام يتناول إثبات حكم ورود خاص يتناول نفى .
عن بعض ما تناوله العام نظر في تأريخهما فان كان أحدهما سابقا للاخر كان