وأمّا الزاد
فليطلبه من موضع حلال، فإذا أحسّ من نفسه بالحرص على استكثاره وطيبه وطلب ما
يبقى منه على طول السفر ولا يتغيّر قبل بلوغ المقصد، فليذكر أنّ سفر الآخرة
أطول من هذا السفر، وأنّ زاده التقوى، وأما ما عداه لا يصلح زاداً، ولا يبقى
معه إلاّ ريثما هو في هذا المنزل.
وليحذر أن يفسد أعماله التي هي زاده إلى الآخرة بشوائب الرياء، وكدورات
التقصير، فيدخل في قوله تعالى: (هَلْ
نُنَبّئكُمْ باْلأَخْسرينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في
اْلَحَيَاةِ الدُّنْيا وهُمْ يَحْسبونَ أَنَّهم يُحْسِنُونَ
صُنْعاً)26.
وكذلك فليلاحظ عند ركوب دابّته تسخير الحيوان له، وحمله عنه الأذى، ويتذكّر
منّتهِ تعالى لشمول عنايته ورأفته، حيث يقول: (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلَى بَلَد لَمْ
تَكُونُوا بَالِغِيه إِلاّ بِشِقِّ الأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ
رَحِيمٌ)27،
فيشكره سبحانه على جزيل هذه النعمة وعظيم هذه المنّة.
ويستحضر نقلته من مركبه إلى منازل الآخرة، التي لا شك فيه، ولعلّه أقرب من
ركوبه الحاضر، فيحتاط في أمره.
وليعلم أنّ هذه أمثلة محسوسة، يترقّى منها إلى مراكب النجاة من الشقّة
الكبرى، وهي عذاب الله سبحانه.