أسرار الحج و أعماله الباطنة من شرح نهج البلاغة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أسرار الحج و أعماله الباطنة من شرح نهج البلاغة - نسخه متنی

کمال الدین میثم بن علی، فارس تبریزیان الحسون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




أمّا الفهم


فاعلم،
أنه لا وصول إلى الله إلاّ بتنحية ما عداه عن القصد من المشتهيات البدنية
واللذات الدنيوية، والتجريد في جميع الحالات، والاقتصار على الضروريات، ولهذا
انفرد الرهبان في الأعصار السالفة عن الخلق في قلل الجبال، توحّشاً من الخلق،
وطلباً للأُنس بالخالق، وأعرضوا عن جميع ما سواه، ولذلك مدحهم بقوله: (ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً
وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ)24.

فلمّا اندرس ذلك، وأقبل الخلق على اتّباع الشهوات، والإقبال على الدنيا،
والالتفات عن الله، بعث نبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، لإحياء طريق
الآخرة، وتجديد سنة المرسلين في سلوكها، فسأله أهل الملل عن الرهبانيّة
والسياحة في دينه، فقال: «أبدلنا بها الجهاد والتكبير على كلّ شرف» يعني:
الحج، وسئل عن السائحين، فقال: «هم الصائمون»، فجعل سبحانه الحجّ رهباينة
لهذه الأمّة.

فشرّف البيت العتيق بإضافته إلى نفسه، ونصبه مقصداً لعباده، وجعل ما حوله
حرماً لبيته، تفخيماً لأمره، وتعظيماً لشأنه، وجعل عرفات كالميدان على باب
حرمه، وأكّد حرمة الموضع بتحريم صيده وشجره، ووضعه على مثال حضرة الملوك،
يقصده الزوّار من كلّ فجّ عميق، شعثاً غبراً، متواضعين لربّ البيت، مستكينين
له خضوعاً بجلاله واستكانةً لعزّته، مع الاعتراف بتنزيهه عن أن يحومه مكان،
ليكون ذلك أبلغ في رقّهم وعبوديّتهم.

ولذلك وظّف عليهم فيها أعمالا لا تأنس بها النفوس، ولا تهتدي إلى معانيها
العقول، كرمي الجمار بالأحجار، والتردّد بين الصفا والمروة على سبيل
التكرار.

وبمثل هذه الأعمال يظهر كمال الرقّ والعبودية، بخلاف سائر العبادات، كالزكاة
التي هي إنفاق في وجه معلوم وللعقل إليه ميل، والصوم الذي هو كسر للشهوة التي
هي عدوّ لله وتفرغ للعبادة بالكفّ عن الشواغل، وكالركوع والسجود في الصلاة
الّذي هو تواضع لله سبحانه بأفعال على هيئات التواضع وللنفوس أنسٌ بتعظيم
الله تعالى.

وأمّا أمثال هذه الأعمال، فإنه لا اهتداء للعقل إلى أسرارها، فلا يكون
للإقدام عليها باعث إلاّ الأمر المجرد وقصد امتثاله من حيث هو واجب الاتباع
فقط، وفيه عزل للعقل عن تصرّفه، وصرف النفس والطبع عن محلّ أنسه المعين على
الفعل من حيث هو، فإنّ كلّ ما أدرك العقل وجه الحكمة في فعله مال الطبع إليه
ميلا تاماً، فيكون ذلك الميل معيناً للأمر وباعثاً على الفعل، فلا يكاد يظهر
به كمال الرق والانقياد، ولذلك قال (صلى الله عليه وآله وسلم) في الحج على
الخصوص: «لبّيك بحجّة حقّاً تعبّداً ورقّاً»25، ولم
يقل ذلك في الصلاة وغيرها.

وإذا اقتضت حكمة
الله سبحانه ربط نجاة الخلق بكون أعمالهم على خلاف أهوية طباعهم، وأن تكون
أزمتها بيد الشارع، فيتردّدون في أعمالهم على سنن الانقياد ومقتضى الاستعباد،
كان ما لا يهتدى إلى معانيه أبلغ أنواع التعبدات، وصرفها عن مقتضى الطبع إلى
مقتضى الاسترقاق، ولهذا كان مصدر تعجب النفوس من الأفعال العجيبة هو الذهول
عن أسرار التعبدات.

/ 25