وأمّا الخروج من البلد
فليستحضر عنده أنّه يفارق الأهل والولد، متوجّهاً إلى الله سبحانه في سفر غير
أسفار الدنيا.
ويستحضر أيضاً غايته من ذلك السفر، وأنه متوجّه إلى ملك الملوك وجبّار
الجبابرة، في جملة الزائرين الذين نودوا فأجابوا، وشوّقوا ما اشتاقوا، وقطعوا
العلائق، وفارقوا الخلائق، وأقبلوا على بيت الله طلباً لرضى الله وطمعاً في
النظر إلى وجهه الكريم.
وليحضر أيضاً في قلبه رجاء الوصول إلى الملك، والقبول له بسعة فضله، وليعتقد
أنّه إن مات دون الوصول إلى البيت لقى الله وافداً عليه، لقوله تعالى: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيتهِ مهاجراً إِلَى اللهِ
وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ اْلمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى
الله)28.
وليتذكر في أثناء طريقه من مشاهدة عقبات الطريق عقبات الآخرة، ومن السباع
والحيّات حشرات القبر، ومن وحشة البراري وحشة القبر وانفراده عن الأنس، فإنّ
كلّ هذه الأمور جاذبة إلى الله سبحانه ومذكّرة له أمر معاده.