أبعاد الإجتماعیة لمناسک الحج نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أبعاد الإجتماعیة لمناسک الحج - نسخه متنی

السید زهیر الأعرجی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




أولاً: الأبعاد الاجتماعية للحج


عندما
ندرس الابعاد الاجتماعية للحج ، فاننا لا نبتغي دراسة علل
الشرائع ، فهذا موضوع خارج عن قدراتنا كبشر . ولكننا نلتمس أموراً
ظاهرية تُعيننا على فهم أنفسنا ومجتمعنا وطبيعة تكليفنا
الديني .

أ ـ الانتماء الاجتماعي

لاشك
أنّ الإنسان لايستطيع أن يعيش منفرداً دون مشاركة الآخرين ، ومرافقتهم
في أغلب نشاطاتهم الحياتية اليومية في العمل والتعليم والعبادة . فنحن
خلقنا كي نعيش في مجاميع صغيرة أو كبيرة; ولعل هذا يفسّر لنا إلى حدّ بعيد
سبب حثّ الدين الحنيف على ضرورة التزاوج ، والتزاور ، والعمل
المشترك ، والمشاركة في الاعمال التعبدية بصورة جماعية . فحاجتنا
الانسانية نحو الاتصال بالآخرين والاجتماع بهم ليست مطلباً عملياً يسهّل
علينا الحياة الاجتماعية فحسب ، بل انها حاجة نفسية غريزية; ولذلك فإنّ
الانعزال عن الآخرين يسبب أمراضاً عقليةً للفرد المنعزل .

وأهم
ثمار الاجتماع الانساني هو إشباع حاجة نفسية أساسية للانسان وهي الشعور بـ
«الانتماء الاجتماعي» ، فالانتماء يميز الفرد ويشعره بهويته الاجتماعية
التي تميزه عن الغرباء . والشعور بالانتماء الاجتماعي نحو جماعة أو
عقيدة معينة يساهم بشكل فعال في التفاعل والتأثير بين الأفراد .
فالأفراد الذين يتجمعون في حافلة للنقل العام في إحدى المدن الكبيرة لا يحصل
بينهم التفاعل والتأثير الاجتماعي المطلوب; لأنهم لايشعرون بالانتماء إلى نفس
الفكرة أو العقيدة التي تجمع الحجيج مثلاً .

إلا أنّ
مناسك الحج تلهب شعور المسلم بالانتماء الاجتماعي لمجتمع التوحيد
العالمي . فطبيعة التفاعل والتغير المستمر الذي يختبره الفرد في حياته
الاجتماعية تجعل مسألة الانتماء مهمة للغاية . ولايشبع هذا الشعور
الانساني بالانتماء شيء غير الدين ورسالته العظيمة التي توحّد توجهات الأفراد
نحو هدف واحد . ومن الطبيعي أنّ أهداف الانتماء الاجتماعي لن تتكامل ما
لم يشعر الفرد بالأمان .

والحج
يعطي الفرد شعوراً بالأمان; لوقوعه في الأشهر الحرم التي يحرم فيها القتال
أوّلاً ، ولأنّ المناسك يجب أن تؤدى في وضع شرعي أمني خاص ثانياً .
والانسان بطبيعته يحتاج إلى حماية الجماعة ومساندتها . ومن أجل
ذلك ، فقد أورد الإسلام ترتيبات أمنية على درجة عظيمة من الدقة
والإحكام ، منها:

1
ـ تقرير الأمن في البيت الحرام ، بعد أن أوجب اليه الحج ـ بشروطه
الشرعية ـ على المكلفين ، كما ورد في النص المجيد: {إنّ أول بيت
وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدًى للعالمين* فيه آيات بينات مقامُ ابراهيم
ومن دخله كان آمناً . . .}1 ، و{لقد صدق اللهُ رسوله الرؤيا بالحق لتدخُلُنّ المسجد الحرام
إن شاء اللهُ آمنين محلقين رؤوسكم
ومقصّرين لاتخافون . . .}2 . وكون الحرم آمناً يأمن من دخله ،
يعكس أهمية الأمان في استقرار التأثير الديني على
الناس .

2
ـ حرمة الاعتداء على الآخرين ، أو حرمة القتال في الأشهر الحرم
ـ وهي شهر رجب الفرد وذو القعدة وذو الحجة ومحرم الحرام ـ ووجوب
حفظ حرمة الشعائر وحرمة القاصدين لزيارة البيت الحرام ، كما ورد في النص
المجيد: {ياأيها الذين آمنوا لاتحلّوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا
الهديَ ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربّهم ورضواناً
وإذا حللتم فاصطادوا ولايجرمنكم شنآنُ قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن
تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم
والعدوان . .}3 .

3
ـ حرمة مكة المشرفة وضرورة تعظيمها . فهي البلدة التي شرّفها الله
سبحانه من وجهين; الاول: الحرمة باعتبار مناسك الحج . والثاني: نسبة تلك
البلدة اليه ، كما قال عز من قائل: {إنّما أمرت أن
أعبد ربّ هذه البلدةِ الذي حرّمها ولهُ كلُ شيء وأمرتُ أن أكون من
المسلمين}4 .

4
ـ منع كلّ أساليب تعكير صفو الأمن خلال أداء المناسك ، كالكذب والجدال
والفسوق ، كما جاء في النص المجيد: {الحج أشهر
معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج}5 .

واللافت
للنظر أنّ مناسك الحج ـ بكثرة عدد المشاركين فيها ، واتساع الرقعة
الجغرافية التي تمارس فيها ـ تتم دون وجود قائد ميداني يقود جماهير
الحجيج نحو هدف ما مثلاً . بل إن كلّ فرد مسؤول مسؤولية تامة عما يعمله
ويقوم به من مناسك في الطواف والصلاة والسعي والوقوف والرمي والنحر
والمبيت . وهذا النظام الدقيق الذي ينفّذ على مساحة جغرافية واسعة دون
وجود قائد ميداني يقود الأفراد يعتبر من معجزات هذا السلوك الجمعي .
ومناسك الحج هذه تتميز عن أعمال الحركات الاجتماعية التي لاتتحرك دون وجود
قائد منظور ونظام اداري هرمي يسيطر على الحركة . ولكن تميز مناسك الحج
عن نشاط الحركات الاجتماعية يعكس تميز الخالق عز وجل الذي شرع تلك المناسك عن
المخلوقات التي أنشأت الحركات الاجتماعية .

ولعل
أحد أشكال الإعجاز الديني في الحج ، هو أنّ هذه المناسك يقوم بها ملايين
الحجيج من شتى المجتمعات والحضارات والتركيبات الثقافية ، وبهذه
الدقة ، دون وجود تركيب اداري لادارة هذه الأعمال الجماعية كما يحصل
غالباً في المؤسسات التعليمية والتجارية والعسكرية ، ودون سلسلة قيادة
لإدارة هذا الجمع العظيم من الأفراد .

إنّ
الشعور بالأمان الجماعي خلال أداء المناسك يرسخ فكرة «الانتماء الاجتماعي»
التي تعكس حاجة الانسان لتشخيص هويته الدينية والاجتماعية التي تميزه عن
الغرباء .

/ 21