أبعاد الإجتماعیة لمناسک الحج نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أبعاد الإجتماعیة لمناسک الحج - نسخه متنی

السید زهیر الأعرجی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




ج ـ فلسفة الاقناع


ويبرز
سؤال مهم هنا ، وهو: ما هي الظروف الموضوعية التي تكون سبباً قوياً
لتغيير اتجاهات الأفراد واعتقاداتهم وسلوكهم ؟ وكيف نصدّق بأنّ ذلك
التغيير سيكون تغييراً جوهرياً حقيقياً وليس تغييراً سطحياً ظاهرياً لامعنىً
له ؟

لاشك
أننا نتعرض يومياً إلى محاولات اجتماعية عديدة للتأثير علينا في التفكير
والشعور والسلوك ، وهذه المحاولات تهدف إلى إقناعنا بقبول أو رفض سلوك
وتفكير معين ، وبطبيعة الحال فإنّ الإقناع لايتحقق ما لم يتم تغيير
اتجاه الأفراد المراد اقناعهم .

ولكي
نفهم طرق الاقناع ، لابد أن نفهم أصول الاتجاه الانساني وهي ثلاثة: (1)
العقيدة التي يؤمن بها الانسان . (2) القضايا العاطفية المرصوصة بين
أحجار تلك العقيدة . (3) النية ، والقدرة على الاستجابة للمحفزات
الخارجية .

فعندما
نكوّن اتجاهنا نحو الأشياء والظواهر الخارجية التي من حولنا ، فاننا
نحتاج إلى معلومات يقدمها لنا الآخرون:

أولاً: أنّ من أهم وسائل الاقناع لتثبيت
أو تغيير اتجاهاتنا هو كمية المعلومات الواردة إلى أذهاننا من المصادر
الخارجية .

ثانياً: ملاحظة سلوك القادة يؤثر دائماً
على أفكارنا .

ثالثاً: نظام الثواب والعقاب يؤثر دائماً
على توجهاتنا السلوكية .

وفيما
نحن فيه ، تعتبر ساحة الحج من أنشط الأماكن الاجتماعية فعالية في
الاقناع; لأنّ الحجيج يأتون من مختلف بقاع العالم وهم يحملون معلومات جديدة
عن الخبرات الاجتماعية والدينية في مجتمعاتهم . ويتعرض الحجيج إلى
فعالية التأثير السلوكي للذين يحتلون موقعاً متميزاً على صعيد القيادة
الدينية والحركية والثقافية الإسلامية في مجتمعاتهم المتباينة . ولاشك
أنّ التبليغ الإسلامي الذي ينبغي أن يقوم به المبلّغون ـ وهو يشمل تذكير
الحجيج بالثواب والعقاب الآخروي الذي تعرض له القرآن الكريم ـ يعدُّ
وسيلة أخرى من وسائل الإقناع الاجتماعي بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية على
كلّ أركان الحياة الاجتماعية الإسلامية .

ومع أنّ
فلسفة الاقناع وتطبيقاتها قد تطورت في العقود الأخيرة ، إلا أنّ مبادئها
قديمة قدم فكرة: المصدر ، والرسالة ، والجمهور . وهي من اهم
متغيرات الاقناع; وتُلَخّص بالأسئلة الثلاثة :«مَن الذي يخاطب مَنْ؟ ويقول
ما؟ وما هو التأثير ؟» .

وحتى لو
فهمنا الحج من هذا المنظار; لرأينا أنّ هذا العمل العبادي يجمع كلّ متغيرات
الاقناع التي لازال الفلاسفة يناقشونها لحد اليوم . فالحاج المبلِّغ
ـ وهو مصدر الإقناع ـ ينبغي أن يجمع ما بين الخبرة ،
والثقة ، والمنزلة العلمية والاجتماعية ، والجاذبية الخارجية
والذاتية . والرسالة ينبغي أن تحمل كلّ معاني الجذب العقلائي
والعاطفي ، والاسلوب اللغوي الفصيح ، والموضوعية في طرح الايجابيات
والسلبيات . والجمهور ينبغي أن يكون على درجة من الاستعداد لتقبل
المعلومات من اجل الاقتناع .

وهذه
المتغيرات ـ في واقع الأمر ـ لها مدلولاتها العملية في إقناع الناس
بضرورة تطبيق المفردات الشرعية والوصول إلى التغيير الاجتماعي
المنشود .

ولاشك
أنّ من أهم خطوات عملية الاقناع هو أن يشعر الأفراد جميعاً بالمساواة
الحقوقية والاجتماعية فيما بينهم . فاذا تفاوتت طبقاتهم في
المجتمع ، انعدمت ـ عندئذ ـ وسائل الاقناع الذاتية
الحقيقية; لأنّ الإقناع الجديد المفروض من قبل طبقة اقوى سيكون مجرّد إكراه
يرضخ لشروطه الأفراد ، وهذه المسألة مهمة في الحج أيضاً ، فشعور
الحجيج بالمساواة التامة يفتح أبواباً عديدةً للإقناع الشرعي بضرورة التغيير
الاجتماعي .

نقطة
أخرى مهمة ، وهي أنّ ايجابية طرح الأفكار المُقنِعة يؤدي إلى ايجابية
القبول والاقتناع من قبل الحجيج . ومثال ذلك ، لو ان فرداً حاول
إقناع الآخرين بتطبيق الأحكام الشرعية عن طريق عرض العقوبات الإسلامية
والجزاء الرادع مجرّداً من أي إشارة إلى الرحمة الالهية والمغفرة والثواب
الأخروي ، فان ذلك التبليغ سوف لايشجع الأفراد على الاقتناع بتلك
الافكار ما لم يلازمها طرح مواز للعفو والغفران الإلهي .

نقطة
ثالثة ، وهي أنّ السلوك الانساني لايتبدل إلاّ بتبدل الاتجاه الداخلي
للفرد .

فالفرد لايسلك سلوكاً مختلفاً ما لم تؤثر عليه قوة فكرية عظيمة تستطيع أن تصل
إلى قرارة نفسه وأعماق وجدانه ، فتغير اتجاهه الذاتي نحو العقائد
والأفكار ، وعندها فقط يتبدل سلوكه الشخصي أو الاجتماعي . ومن
المهم أن نعلم أنّ الرسالة الدينية كانت ولا تزال تهدف بالاصل وبشكل واضح إلى
تغيير اتجاه الأفراد أولاً عن طريق تغيير توجه القلوب كما أشارت إلى ذلك
الآية القرآنية الكريمة بصدق: {إنّ الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم}6 . وإذا ما تم تغيير اتجاهات القلوب ،
فإنّ تبديل السلوك سيكون امراً ممكناً ، ان لم يكن
طبيعياً .

ولكن
إذا قاوم الفرد وسائل الاقناع لاعتبارات ذاتية محضة ، فماذا يحصل ؟
لاشك ان الفرد لايستطيع أن يعيش في تنافر ذاتي بين قوتين تجذبه كل منهما نحو
الطرف المضاد . فلنفترض أنّ فرداً ما كان يرتكب عملاً مخالفاً للشريعة
ـ مساندة الظالم مثلاً ـ ثم التقاه عالم من علماء الدين وعرض عليه
فكرة العقوبة الأخروية إذا لم يتوقف عن ارتكاب ذلك العمل ، ملمّحاً إلى
ابواب التوبة التي فتحها الدين أمام المذنبين . فلكي يزول هذا التنافر
بين الطبيعة الفطرية التي يمثلها الدين وبين المخالفة الشرعية التي ترفضها
الفطرة الانسانية ، يقف ذلك الفرد أمام نظرية الاقناع عبر الخطوات
التالية:

أ ـ
يغيّر اعتقاده بأنّ المخالفة عمل طبيعي مستساغ .

ب ـ
يغير سلوكه السابق ، وذلك بالتوقف عن ارتكاب تلك المخالفة
الشرعية .

ج ـ
يعيد تقييم سلوكه بالتوبة والاستغفار .

د ـ
يضيف بعداً جديداً إلى تفكيره الجديد حول الالتزام بتطبيق الأحكام
الشرعية .

إنّ الانسان ـ مهما كان اعتقاده ـ ملزمٌ ذاتياً بتقليل التنافر
الفكري الداخلي إلى أدنى حدّ ممكن; لأنّ التنافر بين ما يعتقده الفرد وبين ما
يعمله يؤدي إلى تمزيقه نفسياً وعقلياً; ولذلك كانت الرسالة الدينية
ـ ورسالة الحج بالخصوص ـ منسجمة تماماً مع الفطرة الانسانية ،
كما اشار القرآن المجيد إلى ذلك: {فطرة الله التي فطر الناس عليها لاتبديل
لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون}7 .

هذه
ملامح مختصرة عن الأبعاد الاجتماعية لمناسك الحج ، وقد عرضناها كمدخل
لدراسة الفهم الاجتماعي لفريضة الحج عند السيد الإمام الخميني (قدس
سره) .

/ 21