أبعاد الإجتماعیة لمناسک الحج نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أبعاد الإجتماعیة لمناسک الحج - نسخه متنی

السید زهیر الأعرجی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




ب ـ محاربة الانعزال الاجتماعي


ليس
عجيباً القول : بأنّ الانعزال الاجتماعي يعدُّ من أخطر العوامل التي
تؤدي إلى الاضطرابات العقلية التي تصيب الفرد المحروم من المشاركة في
النشاطات الاجتماعية . وليس غريباً أن نقول : بأنّ المسلمين هم اقل
الفئات البشرية انعزالاً ، وأقلهم إصابةً بأمراض الاغتراب
الاجتماعي . والنقطة الرئيسية هنا هي أنّ الحقيقة الخارجية التي يتم
تصورها في ذهن الانسان لايمكن بناؤها اجتماعياً الا بمساعدة الآخرين ،
فنحن لانستطيع أن نفهم عقيدتنا في الخلق والتكوين والحياة الاجتماعية إلاّ عن
طريق رسائل يحملها الآخرون لنا . ولذلك ، فإنّ للفرد طاقة نفسية
لاستيعاب مفردات الحياة الاجتماعية وشروطها ، وهذه الطاقة والقابلية
النفسية لابد من إشباعها حتى يتحقق الاجتماع الانساني الذي هو أصل بقاء
الحياة الانسانية على وجه الأرض .

ويعدّ
السجن الانفرادي من أكثر العقوبات قسوة ووحشية على الانسان; لأنّ الفرد بحاجة
دائمية إلى الاتصال بالآخرين حتى يستطيع أن يحافظ على إحساسه المستمر
بالحقائق الخارجية ويحافظ على الشعور بهويته الذاتية; ولذلك فإنّ الأفراد
الذين يعاقبون بالسجن الانفرادي لفترة طويلة يفقدون إحساسهم بقيمة الوقت مع
أنهم يحسبون الأيام عن طريق خطوط يرسمونها على جدران السجون . وعندما
يفقدون إحساسهم بقيمة الوقت ، فإنّ الشك يبدأ بالسريان إلى كلّ شيء في
حياتهم ، فلا يستطيعون ـ لاحقاً ـ الاطمئنان إلى الحقائق
الخارجية التي اختبروها في حياتهم العامة سابقاً .

ولكن
الانعزال والاغتراب الاجتماعي لايكون دائماً نتيجة سجن انفرادي أو عزل
قسري ، بل قد يتولد من ضعف الانسان أمام المشاكل الاجتماعية ، أو
فقدانه المعنى الواضح للحياة ، أو انهيار الجانب الاخلاقي
الاجتماعي .

فالضعف
الانساني تجاه المشاكل الاجتماعية التي جلبتها المادية الحديثة ،
وانعدام العدالة الاجتماعية ، وانحلال الأواصر العائلية والأسرية أدّى
إلى إحساس الفرد بغربته وانفصاله عن المجتمع الكبير الذي يعيش فيه; لان
المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها دون حلول واضحة تدفع الانسان المادي نحو
الإدمان على المخدرات والكحول ، وتجعله يسبح في بحر من الاضطرابات
النفسية والعقلية .

أما
فقدان الفرد لشعوره لمعنى الحياة الانسانية وأهداف الخلق والوجود ، فانه
يساعد أيضاً على الاغتراب الاجتماعي ، باعتبار أنّ قلق الفرد وعدم
استقراره على عقيدة معينة يطمئن اليها لتفسير معاني الخلق والحياة والانسان
تعطي ذلك الفرد صورة مرعبة قاتمة عن الحياة ودور الانسان
فيها .

وكذلك
الحال إذا واجه الفرد غياباً للأعراف والقيم الأخلاقية التي آمن بها ،
فانه سيشعر بأنّ سلوكه الأخلاقي غير مقبول اجتماعياً من قبل الفئة المسيطرة
على النظام السياسي والاخلاقي والاقتصادي. وهي خطوة أولية نحو الاغتراب
الاجتماعي.

ولكن
الانعزال والغربة الاجتماعية انما هما تعبيران عن شعور الفرد المنعزل عن
انسلاخه عن بقية الأفراد الذين يتعامل معهم . فالاغتراب الاجتماعي هو
محاولة داخلية لرفض المجرى العام للنظام الاجتماعي من قبل المغترب ،
والاحساس العميق بأنه قد خُلق في زمان ومكان لم يكونا متلائمين مع بيئته
الانسانية ومحيطه الاجتماعي . بمعنى أنّ الفرد المنعزل اجتماعياً يعلم
في داخله بأنّ المجتمع لايكافئه مكافَأة نفسية أو فكرية تساعده على الاندماج
مع الآخرين ، والسير مع السفينة الاجتماعية الماخرة في عباب
الزمن .

ولاشك أنّ الإسلام ـ باعتباره ديناً ورسالة عالمية غير مقيدة بزمن
معين ـ اهتم بقضية الاغتراب الانساني ، وعالج هذه المشكلة عبر حثّه
الأفراد على ضرورة الانتماء الاجتماعي التي لاحظنا أهميتها الفائقة في كسر
طوق الاضطرابات العقلية والنفسية . وكان الحج احد مصاديق محاربة
الاغتراب الانساني على مر التاريخ . ونظرة خاطفة لطبيعة الحج في مكافحة
الانعزال الاجتماعي ، تبين لنا النقاط
التالية:

1 ـ أنّ
التهيؤ الاجتماعي للسفر يجمع الأفراد لفترة زمنية معينة ، مما يساعدهم
على كسر طوق العزلة الاجتماعية .

2 ـ أنّ
فكرة الاستطاعة تشجع الأفراد على العمل الجاد من أجل التحصيل المالي
والاكتفاء ، وهذا يبعد الأفراد عن الكسل ويبعدهم عن الانعزال أيضاً;
لأنّ التكسب غالباً ما يكون جماعياً .

3 ـ أنّ
مناسك الحج تعكس طبيعة التجمع الانساني ، فالمسلك الجماعي في العبادة
يمنح الفرد شعوراً بالاندماج مع الأمة الكبيرة المنتشرة في كلّ بقاع
الأرض .

4 ـ أنّ
الإسلام يكافح الانعزال الذاتي «الشخصي» عبر حثّ المكلّف على الاتصال بالله
سبحانه وتعالى ، ويكافح الانعزال الموضوعي «الاجتماعي» عبر تطبيق
الاحكام الشرعية على النظام الاجتماعي ، وبذلك تسد الشريعة الطريق على
الانعزال والاغتراب الاجتماعي بشكل مُحكَم .

5 ـ
العدالة الاجتماعية في الإسلام والمساعدات المتبادلة بين الأفراد
أنفسهم ، وبين الأفراد والدولة ، وصلة الرحم ، كلّها تقلل من
فرص الانعزال الاجتماعي . والحج يعكس جانباً من جوانب العدالة
الاجتماعية الكلية في الإسلام .

6 ـ
يعتبر التقدم في السن أحد أسباب الانعزال الاجتماعي في المجتمعات المادية
بسبب عدم قدرة المسنّ على الانتاج مما تسبب له مشاكل اقتصادية جمّة .
وإذا اضفنا إلى ذلك مشاكل انحلال الروابط الأسرية بسبب التصنيع وتغيير
الخارطة السكانية ، يتضح لنا أنّ من أكثر الأمراض النفسية ظلاماً
وتأثيراً على الفرد هو الانعزال الاجتماعي للمسنّين . إلاّ أنّ
الاستطاعة الشرعية لأداء الحج غالباً ما تحصل عندما يتوسط عمر الانسان ويجمع
مالاً من عرق جبينه ليحقق شروط الاستطاعة الشرعية . وليس هنا تمييز شرعي
من أي نوع تجاه المسنين; لأنّ الدين ضمن منهجه الأخلاقي حثَّ على احترام
الكبير وضمنَ معيشته على الصعيد العائلي أو صعيد الدولة . ولما كانت
العلاقات العائلية في الإسلام متماسكة كان المسنّ أكثر الأفراد ثراءً في
الخبرة والتعبد والعلاقات الاجتماعية ، وأكثرهم بعداً عن الانعزال
الاجتماعي .

وبكلمة ، فإنّ الاطار الاجتماعي لمناسك الحج ، تدفع الناس نحو
التماسك والتعاون الذي يتحول لاحقاً إلى لبنة من لبنات بناء الدولة الإسلامية
العالمية . ولاشك أن النشاطات الشرعية للحج الإسلامي انما تساعد جميع
الأفراد على كسر طوق الانعزال الاجتماعي والغربة الانسانية التي نلاحظ
مساوئها النفسية في عالم اليوم .

/ 21