سؤال 8
: إنّك قلتَ: إنّ الصحابة كانوا يعملون بالتقيّة ; فهل يمكن أن تعطيني مثالا واحداً ؟
الجواب: لقد أشرنا إلى قضيّة الصحابيّ الجليل عمّار بن ياسر رضي الله عنهما في بداية البحث ، والقصّة كما ذكرت في التفاسير هي:
أخرج عبدالرزاق ، وابن سعد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم وصحّحه ، والبيهقي في الدلائل ، عن طريق أبي عبيدة بن محمّد بن عمّار ، عن أبيه ، قال: أخذ المشركونعمّار بن ياسر فلم يتركوه حتّى سبّ النبي(صلى الله عليه وآله)وذكر آلهتهم بخير ، ثمّ تركوه; فلمّا أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: ما وراءك شيءٌ ؟ قال: شرٌّ ، ما تُرِكتُ حتّى نلتُ منك ، وذكرت آلهتهم بخير .
قال: كيف تجدُ قلبك ؟
قال: مطمئنٌ بالإيمان .
قال: إن عادوا فعُدْ ، فنزلت: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِْيمَانِ}(11) .
وفي «مجمع البيان» عن ابن عبّاس ، وقتادة: أنّ الآية نزلت في جماعة أُكرهوا ، وهم: عمّار ، وياسر أبوه ، وأُمّه سميّة ، وصهيب ، وبلال ، وخباب ، عُذّبوا وقتل أبو عمّار وأُمّه ، وأعطاهم عمّار بلسانه ما أرادوا منه ، ثمّ أخبر سبحانه رسول الله (صلى الله عليه وآله)فقال قوم: كفرَ عمّار !
فقال (صلى الله عليه وآله): كلاّ ، إنّ عمّاراً مُلِىءَ إيماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه .
وجاء عمّارٌ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يبكي ، فقال (صلى الله عليه وآله): ما وراءك ؟
فقال: شرٌّ ، يارسول الله ، ما تُرِكتُ حتّى نلتُ منك وذكرتُآلهتهم بخير .
فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسح دموع عينيه ، ويقول: إن عادوا فعدٌ لهم بما قلت . فنزلت الآية(12) .