تعظيم شعائر الله
وأما ثالثاً: فبأن القرآن وإن لم يصحخصوصاً بالبناء على قبور الأنبياء لكنهمصرح به عموماً في قول سبحانه: (ومن يعظمشعائر الله فإنها من تقوى القلوب) وقولهتعالى: (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له)وقوله تعالى: (ولا تحلوا شعائر الله) لأنالمشاهد المتضمنة لأجساد النبيين وأئمةالمسلمين من معالم الدين الواجب حفظهاوصونها عن الإندراس، فان الحفظ عن الخراببناءاً وتجديداً من أنحاء التعظيم كما أنحفظ المسجد عن الخراب تعظيم له.ثم أقول: إن الله تعالى جعل الصفا والمروةمن الشعائر والحرمات التي يجب احترامها،فكيف بالبقاع المتضمنة لأجساد الأنبياءوالأولياء. فإنها أولى بأن تكون شعاراًللدين. كيف لا؟ وهي من البيوت التي أذنالله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، فإن المرادمن البيت في الآية هو بيت الطاعة وكل محلأعد للعبادة، فيعم المساجد والمشاهدلكونها من المعابد.
ولو لم يكن في الشريعة ما يدل على تعميرالمساجد وتعظيمها واحترامها لأغنتناالآية بعمومها عن الدلالة على وجوب تعميرالمسجد وتعظيمه وإدامة ذكر الله فيه،لكونه من البيوت التي أذن الله أن ترفع.
ومثل المسجد في جهة التعمير والتعظيموالحفظ المشاهد التي هي من مشاعر الإسلامومعالم الدين، ولذا تجد إصرار المسلمينعلى إبقاء مدفن النبي صلّى الله عليه وآلهوسلّم ومدافن أهل بيته الطاهرين ومدافنأصحابه، فمصيرهم إلى حفظ تلك المراقد عنالإندراس في طول هذه المدة لكونه تشييداًللدين وتقوية لشوكة المؤمنين، لا أنهمضاهاة للمشركين ـ كما قال به زعماءالوهابيين.