مستند الشیعه فی احکام الشریعه جلد 12

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مستند الشیعه فی احکام الشریعه - جلد 12

احمد بن محمد مهدی النراقی؛ تحقیق: مؤسسة آل البیت (ع) لاحیاء التراث

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



الفصل الرابع: في نزول منى


و ما فيها من المناسك و الافعال الثلاثة يوم النحر قبل النفر الى مكة.

و لكونها ثلاثة-رمي جمرة العقبة، و الهدي، و الحلق او التقصير-فهاهنا مقدمة، و ثلاثة
ابحاث، و خاتمة.

اما المقدمة:


ففي مقدمات نزول منى. و هي امور كلها مستحبة الا اثنين:

احدهما: الافاضة من المشعر يوم النحر.

و الثاني: نزول منى فيه، لتوقف الافعال الواجبة في ذلك اليوم في منى عليهما.

و اما المستحبات:

فمنها: ما مر من افاضة الامام من المشعر بعد طلوع الشمس، و افاضة غيره قبله بقليل.

و منها: ان لا يتجاوز عن وادي محسر الا بعد طلوع الشمس، وفاقا للسرائر و الشرائع و
النافع و المختلف و التذكرة و المنتهى (1) ، لصحيحة هشام بن الحكم (2) ، المتقدمة في
مستحبات الغدو الى عرفات، القاصرة عن افادة التحريم، لاحتمال الجملة
الخبرية.

و خلافا للمحكي عن صريح القاضي (3) و ظاهر الاكثر، فيحرم، للصحيحة.

اقول: قد استدلوا لمرجوحية التجاوز عنه في الافاضة من منى الى عرفات و من
المشعر الى منى بهذه الصحيحة، و هو يتوقف على ثبوت جواز هذا النحو من الاستعمال
في المعنيين، و هو غير معلوم، و لذا ذكر بعضهم الكراهة في الثاني خاصة (4) .

و اورد في الكافي الصحيحة في الافاضة من المشعر (5) ، و في التهذيب في الافاضة من
منى (6) ، و مع ذلك فالاستدلال بها على احدهما او كليهما مشكل، الا ان يكون النظر الى
كل من الاحتمالين المقتضي لرجحان الاحتياط، و لكن الامر فيه سهل، لكفاية فتوى
الاصحاب في اثبات الاستحباب.

و المستحب عدم قطع الوادي بتمامه، لانه المستفاد من الصحيحة و ظاهر الاكثر،
و قد يقال باستحباب عدم قطع بعضه ايضا، بل قد يجعل ذلك احوط.

و منها: ان يهرول و يسعى -اي يسرع في المشي-ان كان ماشيا و يحرك دابته ان كان
راكبا في وادي محسر بتمامه، كما هو صريح السرائر (7) و ظاهر الاكثر.

كما في صحيحة ابن عمار: «اذا مررت بوادي محسر-و هو: واد عظيم بين جمع و منى و هو
الى منى اقرب-فاسع فيه حتى تجاوزه، فان رسول الله صلى الله عليه و اله حرك
ناقته و قال: سلم لي عهدي، و اقبل توبتي، و اجب دعوتي، و اخلفني فيمن تركت بعدي » (8) .

و رواية عبد الاعلى: «اذا مررت بوادي محسر فاسع فيه » (9) .

او قدر مائة ذراع، كما في رواية عمر بن يزيد: «الرمل في وادي محسر قدر مائة ذراع » (10) .

او مائة خطوة، كما في صحيحة محمد بن اسماعيل: «الحركة في وادي محسر مائة خطوة » (11) .

و مقتضى استدلالهم بصحيحة هشام في المسالة المتقدمة في المقامين حكمهم
باستحباب الهرولة ايضا فيهما لتلك الاخبار، لكن لم اجد بعد على من ذكرها في
الاول، بل صرح في المدارك بالاجماع على عدم استحبابها فيه و كونه بدعة (12) .

و لعله لما في صحيحة بن عمار: «و افض حين يشرق لك ثبير» الى ان قال: «فافاض
رسول الله صلى الله عليه و اله خلاف ذلك بالسكينة و الوقار و الدعة، فافض بذكر
الله و الاستغفار و حرك به لسانك، فاذا مررت بوادي محسر»الى آخر ما مر في
صحيحته (13) ، حيث انها صريحة في السعي في الثاني، فحملوا عليه المطلقات ايضا.

و لو ترك الهرولة فيه حتى تعدى عن الوادي-بل حتى دخل مكة ايضا-يستحب الرجوع و
الهرولة.

لصحيحة حفص بن البختري: سال بعض ولده: «هل سعيت في وادي محسر؟ » فقال: لا، فامره ان
يرجع حتى يسعى، قال له ابنه:

لا اعرفه، قال: فقال له: «سل الناس » (14) .

و مرسلة الحجال: مر رجل بوادي محسر فامره ابو عبد الله عليه السلام بعد
الانصراف الى مكة ان يرجع و يسعى (15) و نحوها مرسلة الفقيه (16) .

و الظاهر-كما هو مقتضى ترك الاستفصال في الصحيحة، و مفاد اطلاق عبارات جمع من
الطائفة-ثبوت العود للهرولة مطلقا.

سواء تركها نسيانا او جهلا او عمدا، و خص في النافع الناسي بالذكر (17) ، و لا وجه له.

و منها: ان يقتصد في سيره بسكينة و وقار، و يفيض بالذكر و الاستغفار، كما مر في
صحيحة ابن عمار.

البحث الاول: في رمي جمرة العقبة


و يقال لها: القصوى ايضا.

و هي اقرب الجمرات الثلاث الى مكة، و الخارج من مكة الى منى يصل اولا اليها في
يسار الطريق، و هي منصوبة اليوم في جدار عظيم متصل بتل بحيث تظهر جهتها
الواحدة.

و رميها بالجمار في ذلك اليوم واجب، بلا خلاف يعلم، كما عن التذكرة و
المنتهى و الذخيرة (18) ، بل مطلقا كما في غيرها (19) .

و اما ما وقع في بعض كلمات الشيخ-من ان الرمي سنة (20) -فاراد به مقابل الفرض، بمعنى:
ما ثبت وجوبه من الكتاب، صرح بذلك في السرائر، ثم قال: لا خلاف عندنا في وجوبه و
لا اظن احدا من المسلمين خالف فيه (21) ، كذا قيل (22) .

و فيه: ان قول صاحب السرائر ذلك انما هو في مطلق الرمي بعد الرجوع الى منى، و
اما رمي جمرة العقبة يوم النحر فقال فيه: و ينبغي ان يرمي يوم النحر جمرة العقبة (23) .
و ظاهر ذلك الاستحباب كما لا يخفى.

نعم، صرح بالاجماع فيه كما في شرح المفاتيح، بل لا يبعد ان يكون الاجماع محققا عند
التحقيق، و هو الحجة فيه مع التاسي..

و صحيحة ابن عمار: «خذ حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة،
فارمها من قبل وجهها و لا ترمها من اعلاها، و تقول و الحصى في يدك: اللهم ان هؤلاء
حصياتي فاحصهن لي و ارفعهن في عملي، ثم ترمي و تقول مع كل حصاة: الله اكبر، اللهم
ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقا بكتابك و على سنة نبيك صلى الله عليه و اله، اللهم
اجعله لي حجا مبرورا و عملا مقبولا و سعيا مشكورا و ذنبا مغفورا، و ليكن فيما
بينك و بين الجمرة قدر عشرة اذرع او خمسة عشر ذراعا، فاذا اتيت رحلك و رجعت من
الرمي فقل » الى ان قال: «و يستحب ان ترمي الجمار على طهر» (24) .

و في صحيحته الاخرى الواردة في حج الرسول صلى الله عليه و اله بعد بيان نزوله
المشعر: «و عجل ضعفاء بني هاشم بليل و امرهم ان لا يرموا الجمرة العقبة حتى تطلع
الشمس، فلما اضاء له النهار افاض حتى انتهى الى منى، فرمى جمرة العقبة » (25) .

و فيها تصريح برمي جمرة العقبة يوم النحر، بل في الاولى ايضا، حيث امر به بعد
اخذ الحصى و قبل سائر الاعمال.

و في رواية زرارة: عن رمي الجمرة يوم النحر ما لها ترمى وحدها و لا يرمي من
الجمار غيرها يوم النحر؟ فقال: «قد كن يومين كلهن و لكنهم تركوا ذلك » ، فقلت له:
جعلت فداك، فارميهن؟ قال: «لا ترمهن، اما ترضى ان تصنع كما اصنع؟ » (26) .

و تدل عليه ايضا صحيحة اخرى لابن عمار الآتية، المتكفلة لكيفية رمي سائر الجمرات،
القائلة: قل كذا و افعل كذا كما فعلت حين رمي جمرة العقبة يوم النحر.

و ان ابيت عن دلالة تلك الاخبار على وجوب رمي جمرة العقبة، فليستدل له بصحيحتي
السمان (27) و الاعرج (28) ، و رواية علي بن ابي حمزة (29) ، المتقدمة جميعا في الواجب
الثالث من واجبات وقوف المشعر، و ان كان فيها قصور من حيث الاحاطة بتمام
افراد المطلوب فليتمه بالاجماع المركب.

ثم ان للرمي واجبات، و مستحبات، و احكاما، نذكرها في ثلاثة مقامات:

المقام الاول: في واجباته


و هي امور:

الاول: النية، و قد مر حكمها مرارا، و تجب مقارنتها لاول الرمي و استدامتها
حكما الى الفراغ.

الثاني: الرمي بسبع حصيات باجماع علماء الاسلام، كما في كلام جماعة (30) ، و تدل
عليه النصوص الآتية في حكم من نقص العدد.

الثالث: القاؤها بما يسمى رميا، اجماعا كما في المنتهى (31) و غيره (32) ، لان
الامر وقع بالرمي فيجب امتثاله، فلو وضع بكفه في المرمى لم يجز، و حكى في
المنتهى اختلافا في الطرح، ثم قال: و الحاصل ان الخلاف وقع باعتبار الخلاف في
صدق الاسم، فان سمي رميا اجزا بلا خلاف، و الا لم يجز اجماعا (33) .

الرابع: ان يرميها باليد، فلو رميها بفمه او رجله لم يجز، لانصراف المطلق الى
الشائع المتعارف، و في رواية ابي بصير: «خذ حصى الجمار بيدك اليسرى و ارم
باليمنى » (34) .

الخامس: ان يصيب الجمرة، فلو لم يصبها لم يجز اجماعا، لعدم صدق رمي الجمرة مع
عدم الاصابة، و لصحيحة ابن عمار: «و ان رميت بحصاة فوقعت في محمل فاعد مكانها» (35) .

و لو شك في الاصابة ما دام مشتغلا اعاد، تحصيلا للبراءة اليقينية.

السادس: ان يتلاحق الحصيات، فلو رمى بها دفعة واحدة لم تحسب الا واحدة، بغير
خلاف بيننا، كما صرح به في السرائر، قال: فان رماها بسبع حصيات دفعة واحدة لا
يجزئه بغير خلاف بيننا (36) .و لعل دليله الاجماع (و التاسي) (37) .

ثم انهم قالوا: و المعتبر تلاحق الرمي لا الاصابة، فلو اصابت المتلاحقة دفعة
اجزات، و لو رمى دفعة فتلاحقت في الاصابة لم يجز (38) .

السابع: ان يكون كل من الاصابة و الرمي بفعله، بلا خلاف، كما في المدارك و
الذخيرة و المفاتيح (39) ، بل بالاجماع كما في شرح المفاتيح، لانه مقتضى وجوب
امتثاله الامر بالرمي، و برمي الجمرة.

فلو كانت الحصاة في يده فصدمه حيوان و القيت الى الجمرة لم يكف، و كذا لو
القاها و وقعت على حيوان و تحرك و وقعت الاصابة بحركته.

اما لو القاها و وقعت على غير الجمرة ثم تدحرجت اليها او تجاوزت عنه اليها و
لو بصدمته-كما اذا وقعت على ارض صلبة ثم رجعت اليها- فالوجه الاجزاء في
الجميع، لصدق الامتثال، و صحيحة ابن عمار «و ان اصابت انسانا او جملا ثم وقعت
على الجمار اجزاك » (40) .

و لو شك في اشتراك حركة الغير بنى على اصالة عدم تاثيرها فيه.

المقام الثاني: في مستحباته


و هي ايضا امور:

منها: ان يكون متطهرا من الحدث، فانه راجح اجماعا فتوى و نصا، و من النصوص
صحيحة ابن عمار (41) المتقدمة في صدر المسالة..

و رواية ابن ابي غسان: عن رمي الجمار على غير طهور، قال:

«الجمار عندنا-مثل الصفا و المروة-حيطان، ان طفت بينهما على غير طهور لم يضرك، و
الطهر احب الي فلا تدعه و انت قادر عليه » (42) .

و صحيحة ابن عمار (43) المتقدمة في مسالة الطهارة للسعي، و صحيحة محمد: «لا ترم
الجمار الا و انت على طهر» (44) .

و ليس بواجب، على الاظهر الاشهر، كما في المدارك و الذخيرة (45) و غيرهما (46) ، و عن
المنتهى: لا نعلم فيه خلافا (47) ، بل حكي عنه اسناده الى علمائنا، و عن ظاهر الغنية
الاجماع عليه (48) .

لا للصحيحة الاولى، حتى يورد عليه بعدم وضوح «يستحب » فيما يجوز تركه، كما هو
المصطلح عليه الآن، فلعل المراد المعنى الاعم المجامع للوجوب.

و لا للصحيحة الثانية و صحيحتي جميل (49) و رفاعة (50) و رواية ابي حمزة (51) ، المتقدمة
جميعا في مسالة طهارة السعي، حتى يورد عليها بانها اعم من الصحيحة الاخيرة،
فيجب تخصيصها بها.

و لا يفيد التعليل ب: «ان فيه صلاة » في اكثرها لجعلها خاصة كما توهم، لانه ايضا
عام.

بل لرواية ابن ابي غسان المصرحة بعدم الضرر، و لا يضر ضعف سندها عندنا مع انها
بالشهرة و نقل الاجماع منجبرة، فبها تعارض الصحيحة الاخيرة، و تكون لتجوزها
قرينة.

خلافا للمحكي عن المفيد و السيد و الاسكافي، فاوجبوه (52) ، لما مر بجوابه.

و لا يستحب له الغسل بخصوصه، كما صرح به في صحيحة الحلبي:

عن الغسل اذا رمى الجمار، قال: «ربما فعلت و اما السنة فلا، و لكن من الحر و
العرق » (53) .

و صحيحة محمد الحلبي: عن الغسل اذا اراد ان يرمي، فقال: «ربما اغتسلت، فاما من
السنة فلا» (54) .

فقول الاسكافي بحسنه (55) غير حسن.

و منها: الدعاء عند ارادة الرمي، و عند رمي كل حصاة، و عند الرجوع الى المنزل، بما في
صحيحة ابن عمار (56) المتقدمة في صدر المسالة.

و منها: ان يكون بينه و بين الجمرة قدر عشرة اذرع او خمسة عشر ذراعا، لصحيحة ابن
عمار (57) المتقدمة.

و التعبير عن ذلك: ب: انه يستحب ان لا يتباعد بما يزيد عن خمسة عشر-كما في
النافع (58) -او يكون البعد عشرة او خمسة عشر كما في الشرائع و السرائر و الارشاد (59) و
غيرها (60) .

غير جيد، لان الاول قاصر عن افادة تمام ما في النص، و الثاني تعد عنه، بل الصحيح
ما ذكرنا، كما نقل عن علي بن بابويه (61) .

و منها: ان يخذف الجمار خذفا، لمرسلة البزنطي المتقدمة في مسالة التقاط الحصى (62) ،
المنجبر ضعفها-لو كان-بالعمل، و بروايته في قرب الاسناد للحميري (63) .

و الخذف-باعجام الحروف-: الرمي باطراف الاصابع، كما عن الخلاص، و نسبه
الحلي في السرائر الى اهل اللسان (64) .

و عن الصحاح (65) و الديوان و غيرهما (66) : الرمي بالاصابع.

و الظاهر اتحاده مع الاول، اذ لا يكون الرمي بالاصابع غالبا الا باطرافها، و
لذا فسره في السرائر بالاول، ثم قال: هكذا ذكره الجوهري في الصحاح (67) .

و كذا يتحد معهما ما عن المجمل و المفصل: انه الرمي من بين اصبعين، اذ الرمي
بالاصابع او باطرافها لا يكون غالبا الا من اصبعين.

ثم ذلك و ان كان مطلقا و يتصور على انحاء شتى، الا ان المستحب هنا ان يرمي من
طرفي السبابة، و الابهام، بان يضعها على الابهام و يدفعها بظفر السبابة،
كما فسر الخذف به في مجمع البحرين (68) ، لتصريح المرسلة به، فيكون هذا الفرد من
الخذف مستحبا، بان يضعها على باطن الابهام و يرميها بظفر السبابة.

و انما خصصناه-مع اطلاق المرسلة-بباطن الابهام، كما في السرائر (69) و عن المقنعة
و المبسوط و النهاية و المصباح و مختصره و المراسم و الكافي و المهذب و
الجامع و التحرير و التذكرة و المنتهى (70) ، بل هو المشهور كما في المختلف و
الروضة و مجمع البحرين (71) ، دون ظاهرها كما عن القاضي (72) .

لان الدفع بظفر السبابة-كما امر به في المرسلة-لا يتيسر الا بوضعها على بطن
الابهام.

و اما ما عن الانتصار-من الدفع بظفر الوسطى عن بطن الابهام (73) - فمخالف للنص،
خال عن الدليل المعلوم.

و لا تضر مخالفة جمع من اللغويين في تفسير الخذف بما ذكر بعد بيان النص لكيفيته،
كما انه فسره في العين و المحيط و المقاييس و الغريبين و النهاية الاثيرية و
القاموس بالدفع من بين السبابتين (74) .

ثم استحباب ذلك هو الحق المشهور، لقصور المرسلة دلالة عن اثبات الوجوب.

خلافا للسرائر (75) و المحكي عن الانتصار مدعيا فيه الاجماع (76) ، فاوجباه.

و الاجماع غير ثابت، و النص-كما عرفت-قاصر.

و منها: ان يرميها من قبل وجهها لا عاليا عليها، لصحيحة ابن عمار المتقدمة (77) ، و
يستلزم ذلك استدبار الكعبة فهو ايضا يكون مستحبا، كما صرح به فحول القدماء
ناسبا له الى فعل النبي صلى الله عليه و اله (78) .

و منها: ان لا يقف عندها بعد الفراغ منه، لرواية البزنطي المتقدمة:

«و لا تقف عند جمرة العقبة » (79) ، و غيرها مما ياتي في رمي الجمار ايام التشريق.

المقام الثالث: في احكامه


و فيه ثلاث مسائل:

المسالة الاولى:


يجوز الرمي راكبا و ماشيا، بالاجماعين (80) ، و المستفيضة من النصوص (81) .

و اختلفوا في الافضل منهما، فعن المشهور: افضلية المشي، و عن المبسوط و في
السرائر: افضلية الركوب في رمي هذه الجمرة (82) .

و الاظهر هو المشهور، لان افضليته هي المستفادة من صحيحتي علي ابن جعفر (83) و علي
بن مهزيار (84) ، و روايتي مثنى (85) و عنبسة (86) .

و مرسلة محمد بن الحسين (90) ،
فهي لا تتضمن سوى وقوع الرمي عن بعض الحجج عليه السلام راكبا او نفي الباس
عنه، و هما لا يفيدان الافضلية.

المسالة الثانية:


ظاهر الاصحاب، و مقتضى نسبة هذا الرمي في الاخبار بالرمي يوم النحر، وجوب
كونه في ذلك اليوم، و ان لم اعثر بعد على خبر دال بصريحه على وجوب كونه فيه، و
لكن الظاهر من تتبع الاخبار و فتوى الاصحاب ذلك، فلا ينبغي الخروج عنه.

نعم، قال في السرائر: و ينبغي ان يرمي يوم النحر جمرة العقبة، كما مر (91) .

و لكن ظاهر ذلك استحباب اصل الرمي لا وقوعه في يوم النحر مع وجوب اصله.

و وقته تمام النهار، و يجوز لذوي الاعذار التقديم في الليل، كما ياتي في بحث
رمي الجمار ايام التشريق.

المسالة الثالثة:


هل يجب ان يكون الرمي مقدما على الذبح و الحلق؟ الاقرب: لا، و سياتي تحقيقه ان شاء
الله سبحانه.

البحث الثاني: في الهدي


و الكلام اما فيمن يجب عليه الهدي، او في كيفية ذبحه و وقته و مكانه، او في جنسه
و وصفه و سنه و عدده، او في مصرفه و قسمته، او في حكم العجز عنه و بدله، فها هنا خمسة
مقدمات:

المقام الاول: فيمن يجب عليه الهدي


و فيه مسالتان:

المسالة الاولى:


يجب الهدي على المتمتع، بالاجماعين (92) ، و الكتاب، و السنة.

قال الله سبحانه: «فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم
يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج و سبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم
يكن اهله حاضري المسجد الحرام » (93) .

و في صحيحة زرارة: فقلت: و ما المتعة؟ قال: «يهل بالحج » الى ان قال: «فاذا كان
يوم التروية اهل بالحج و نسك المناسك و عليه الهدي » ، فقلت: و ما الهدي؟ فقال:
«افضله بدنة، و اوسطه بقرة، و اخفضه شاة » (94) .

و في رواية الاعرج: «من تمتع في اشهر الحج ثم اقام بمكة حتى يحضر الحج فعليه
شاة، و من تمتع في غير اشهر الحج ثم جاور بمكة حتى يحضر الحج فليس عليه دم،
انما هي حجة مفردة، و انما الاضحى على اهل الامصار» (95) .

قوله: «انما الاضحى » يحتمل ان يكون المراد بها: الهدي، يعني:

الهدي على المتمتعين، و هم اهل الامصار، حيث لا تمتع على اهل مكة.

و فسر في الوافي اهل الامصار على من لم يحضر الحج، فقال:

حاصل الحديث ان المتمتع يجب عليه الهدي، و غير المتمع لا يجب عليه الهدي، و
الاضحية ليست الا على اهل الامصار ممن لم يحضر الحج دون من حضر (96) .

الى غير ذلك من الاخبار.

و لا فرق في وجوب الهدي على المتمتع بين من اتاه فرضا او متنفلا، و لا بين المكي
و غيره، لاطلاق الاخبار.

و لا هدي على غير المتمتع معتمرا او حاجا، مفترضا او منتفلا، مفردا او قارنا، الا
ما يسوقه القارن عند الاحرام، اجماعا محققا و محكيا مستفيضا (97) .

و تدل عليه رواية الاعرج المتقدمة، و ما في رواية اسحاق بن عبد الله:

«و اذا لم يكن متمتعا لا يجب عليه الهدي » (98) .

و في صحيحة ابن عمار: «و اما المفرد للحج فعليه طواف » الى ان قال: «و ليس عليه هدي
و لا اضحية » (99) ، و نحو ذلك في صحيحته الاخرى (100) ، الى غير ذلك (101) .

و تحمل بعض الاخبار الموجبة للهدي على غيره ايضا (102) على الاستحباب جمعا.

المسالة الثانية:


لو تمتع المملوك باذن مولاه تخير المولى بين ان يهدي عنه و بين ان يامره
بالصوم الذي يجب على الحر العاجز من الهدي كما ياتي، بلا خلاف، بل بالاجماع، و
بكل منهما صرح ايضا جماعة (103) ، و تدل عليه النصوص المستفيضة (104) .

و اما بعض الاخبار المتضمن: لانه عليه ما على الحر اما الاضحية و اما
الصوم (105) ، فالمراد بيان الكمية دون الكيفية بقرينة ما ذكر.

و لو اعتق المملوك في زمان يجرى ء حجه عن حجة الاسلام كان كالحر في الكيفية
ايضا، فيجب عليه الهدي.

المقام الثاني: في كيفيته، و وقته، و مكانه


و فيه مسائل:

المسالة الاولى:


تجب في ذبح الهدي او نحره النية، لانه عبادة، و لان جهات الذبح متعددة فلا
يتمحض المذبوح هديا الا بالنية، كما مر غير مرة.

المسالة الثانية:


يجوز له الذبح او النحر بنفسه، و ان يوكل غيره فيه.

اما الاول فظاهر.

و اما الثاني فهو مقطوع به في كلام الاصحاب، كما في المدارك و الذخيرة (106) ، بل
اجماعي، كما في غيرهما (107) ، و تدل عليه صحيحتا ابي بصير (108) ، و روايته (109) ، و رواية
علي بن ابي حمزة (110) ، المتقدمة جميعا في بيان وقت الوقوف بالمشعر.

و صحيحة علي: عن الضحية يخطي الذي يذبحها فيسمي غير صاحبها، ايجزى ء عن صاحب
الضحية؟ فقال: «نعم، انما له ما نوى » (111) ، يعني: انما للذابح ما نواه دون ما سماه.

و حينئذ تجب النية منهما، سماه.

و حينئذ تجب النية منهما، سماه.

و حينئذ تجب النية منهما، اما من الموكل فينوي عند الامر مستداما نيته الى
زمان الذبح، مثلا: ان الآمر بالذبح-مثلا للهدي-يقصد القربة في الذبح لا في الامر، فلو
امر اجلالا لنفسه مثلا و لكن كان قصده من الذبح القربة لكفى.و لو اخل ببعض اجزائها
حين الامر و قصده بعده قبل الذبح لكفى، كما لو امر به للاكل ثم رجع بعده و قصد الهدي.

و اما من الوكيل، فينوي انه من فلان، و ليس عليه قصد التقرب بل، و لا تعيين مقصود
الآمر.

فما في كلام بعضهم-من ان النية يجب ان تكون منه او من الذابح (112) -غير سديد، لانه
ان كان المراد نية القربة فلا تجب على الذابح، بل لا تكفي منه لو لم ينوها الآمر، و
ان كان نية انه من فلان فهي متعينة على الوكيل ان احتمل وجها آخر.

بل الظاهر انه لانية على الذابح الا اذا لم يتعين عين هدي الآمر و كان التعيين
على الوكيل، فلو اعطاه شاة معينة ليذبحها له هديا، ثم اشتبه على الذابح و ظنها هدي
نفسه و ذبحها، يكفي عن الآمر.

المسالة الثالثة:


المشهور-كما في شرح المفاتيح-انه يجب ان يكون الذبح او النحر يوم النحر مع
الامكان، و في المدارك: انه قول علمائنا و اكثر العامة (113) ، و في الذخيرة: لا اعلم
فيه خلافا بين اصحابنا (114) ، و قيل: انه اتفاقي (115) .

و استدل له: بان النبي صلى الله عليه و اله نحر في هذا اليوم، و قال: «خذوا عني
مناسككم » (116) .

و فيه: انه يفيد لو ثبت كون ذلك منسكا ايضا، و الا فلا بد من وقوعه في وقت.

و في المفاتيح انه قيل: بل يجوز طول ذي الحجة اختيارا (117) .

و هو قول الحلي، قال في السرائر: و اما هدي المتعة فانه يجوز ذبحه طول ذي الحجة،
الا انه يكون قضاء بعد انقضاء هذه الايام-اي ايام النحر-هكذا قال شيخنا ابو جعفر
في مبسوطه.

و الاولى عندي ان لا يكون قضاء، لان ذي الحجة بطوله من اشهر الحج و وقت للذبح
الواجب، فلا يكون قضاء، لان القضاء ما يكون له وقت ففات (118) .انتهى.

و به قال المحقق في الشرائع، قال: و كذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة جاز (119) .

و نقله في المدارك عن الشيخ في المصباح، فقال فيه: ان الهدي الواجب يجوز ذبحه و
نحره طول ذي الحجة، و يوم النحر افضل (120) .انتهى.

و حكي هذا القول عن مختصر المصباح و النهاية و الغنية و ظاهر المهذب (121) ، و عن
الغنية الاجماع عليه.

و هو الاقوى، للاصل الخالي عن المعارض، و اطلاقات الكتاب و السنة، و مفهوم الشرط
في رواية الكرخي الآتية في المسالة اللاحقة، بل لو لا الاجماع لكان مقتضاهما جواز
التاخير عن ذي الحجة ايضا، كما يوهمه ظاهر المهذب، الا ان الاجماع يدفعه.

بل في الروايات ايضا ما يدفعه، و هو: رواية النضر بن قرواش: عن رجل تمتع بالعمرة
الى الحج، فوجب عليه النسك، فطلبه فلم يصبه، و هو موسر حسن الحال، و هو يضعف
عن الصيام، فما ينبغي له ان يصنع؟

قال: «يدفع ثمن النسك الى من يذبحه بمكة ان كان يريد المضي الى اهله و ليذبح عنه
في ذي الحجة » ، قلت: فانه دفعه الى من يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا و اصابه
بعد ذلك، قال: «لا يذبح عنه الا في ذي الحجة و لو اخره الى قابل » (122) .

المسالة الرابعة:


يجب ان يكون الذبح او النحر الواجب في الهدي بمنى، و ظاهر التذكرة و المنتهى و
المدارك و الذخيرة و صريح المفاتيح:

الاجماع عليه (123) .و هو كذلك، فهو الدليل عليه.

(مضافا الى) (124) رواية عبد الاعلى: «لا هدي الا من الابل و لا ذبح الا بمنى » (125) .

و صحيحة منصور: في الرجل يضل هديه فيجده رجل آخر فينحره، قال: «ان كان نحره بمنى فقد
اجزا عن صاحبه الذي ضل عنه، و ان كان نحره بغير منى لم يجز عن صاحبه » (126) ، و صحيحة
السمان (127) المتقدمة في بيان وقت الوقوف بمشعر.

و يؤيده كثير من الاخبار المتقدمة فيه ايضا.

و رواية الكرخي: «ان كان هديا واجبا فلا ينحر الا بمنى، و ان كان ليس بواجب
فلينحره بمكة ان شاء، و ان كان قد اشعره او قلده فلا ينحره الا يوم الاضحى » (128) .

و حسنة مسمع: «منى كله منحر» (129) .

و اما بعض الاخبار المتضمنة لهدي الامام عليه السلام في غير منى (130) ، فقضايا
في وقائع لا تفيد عموما و لا اطلاقا، فلعل هديه كان في عمرة او مندوب، و مقتضى ذلك: ان
لو تركه بمنى حتى ارتحل عن منى يعود اليها و يذبح، و ان لم يتمكن منه يبعث اليها
ليذبحه فيها.

و لا تنافيه صحيحة ابن عمار: في رجل نسي ان يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى
بمكة ثم ذبح، قال: «لا باس قد اجزا عنه » (131) ، لعدم صراحتها في كون الذبح ايضا بمكة.

المسالة الخامسة:


ذهب جماعة-منهم: الشيخ في احد قوليه و المحقق (132) -الى انه يجب ان يكون الذبح او
النحر بعد رمي جمرة العقبة و قبل الحلق او التقصير، و نسبه بعضهم الى اكثر
المتاخرين (133) ، و عن المنتهى: النسبة الى الاكثر بقول مطلق (134) .

و عن الشيخ في قوله الآخر و العماني و الحلبي و المهذب و الفاضل في المختلف:
استحباب ذلك (135) .

و به صرح الحلي في السرائر، قال بعد ذكر الثلاثة: و لا باس بتقديم ايها شاء على الآخر،
الا ان الافضل الترتيب (136) .

و عن ظاهر المختلف: انه قول معظم الاصحاب (137) ، و اسنده في الدروس الى الشهرة (138) ، و
اختاره من متاخري المتاخرين جماعة (139) .و هو الاقرب.

اما رجحان الترتيب على النحو المذكور فلفتوى جمع من الفحول، و التاسي
بالرسول صلى الله عليه و اله، و جملة من الاخبار الآتية القاصرة عن افادة
الوجوب، و قوله عليه السلام: «ينبغي لهم ان يقدموه » في صحيحة جميل و رواية البزنطي
الآتيتين.

و اما عدم الوجوب فللاصل الخالي عن المعارض، و صحيحة جميل:

عن الرجل يزور البيت قبل ان يحلق، قال: «لا ينبغي الا ان يكون ناسيا»ثم قال: «ان
رسول الله صلى الله عليه و اله اتاه اناس يوم النحر فقال بعضهم: يا رسول الله،
حلقت قبل ان اذبح، و قال بعضهم: حلقت قبل ان ارمي، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم ان
يقدموه الا اخروه، و لا شيئا كان ينبغي لهم ان يؤخروه الا قدموه، فقال صلى الله عليه و
اله: لا حرج » (140) .

و قريبة منها صحيحة محمد بن حمران (141) ، و رواية البزنطي، و فيها:

«ان رسول الله صلى الله عليه و اله لما كان يوم النحر اتاه طوائف من
المسلمين فقالوا:

يا رسول، ذبحنا من قبل ان نرمي، و حلقنا من قبل ان نذبح، فلم يبق شي ء مما ينبغي لهم ان
يقدموه الا اخروه، و لا شي ء مما ينبغي لهم ان يؤخروه الا قدموه، فقال رسول الله صلى
الله عليه و اله: لا حرج، لا حرج » (142) .

و صحيحة ابن سنان: عن رجل حلق راسه قبل ان يضحي، قال:

«لا باس، و ليس عليه شي ء، و لا يعودن » (143) .

و حمل هذه على صورة الجهل او النسيان حمل بلا حامل.

احتج الموجبون بقوله سبحانه: «و لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله » (144) .

و المراد به: الذبح، كما تدل عليه رواية الساباطي: و عن رجل حلق قبل ان يذبح، قال:
«يذبح و يعيد الموسى، لان الله تعالى يقول: «و لا تحلقوا رؤوسكم » الآية » (145) .

و بهذه الرواية، و برواية موسى بن القاسم، عن علي: «لا يحلق راسه و لا يزور
لبيت حتى يضحي، فيحلق راسه و يزور متى ما شاء» (146) .

و رواية جميل: «تبدا بمنى بالذبح قبل الحلق » (147) .

و رواية عمر بن يزيد: «اذا ذبحت اضحيتك فاحلق راسك » (148) ، و الفاء للترتيب.

و صحيحة ابن سنان المتقدمة، فان قوله: «لا يعودن » ظاهر في التحريم.

و الجواب-مع عدم دلالتها على وجوب تقديم الرمي و نوع اجمال في التضحية و
موافقتها لكثير من العامة (149) -ان شيئا منها سوى الآية و رواية عمر بن يزيد لا يدل على
الوجوب، لمكان الجملة الخبرية او احتمالها.

و اما الآية و ان دلت على وجوب تاخير الحلق عن بلوغ الهدي محله، الا ان كون بلوغ
الهدي محله هو الذبح غير معلوم.

و رواية الساباطي معارضة باكثر منها عددا و اصرح دلالة، و هي رواية علي بن ابي حمزة:
«اذا اشتريت اضحيتك و وزنت ثمنها و صارت في رحلك فقد بلغ الهدي محله » (150) .

و مثلها رواية علي، عن العبد الصالح، و زاد في آخرها: «فان احببت ان تحلق فاحلق » (151) ،
و نحوها رواية ابي بصير (152) .

و مرسلة الفقيه عن علي بن ابي حمزة: «اذا اشترى الرجل هديه و قمطه في بيته فقد بلغ
محله، فان شاء فليحلق » (153) .

و عن المبسوط و النهاية و التهذيب و الحلي: الفتوى بمضمونها و تجويز الحلق
بحصول الهدي في الرحل و ان لم يذبحه (154) ، و اطلاقها اذا لم يرم بعد ايضا، فهذه
الاخبار ايضا دالة على عدم وجوب الترتيب.

و اما رواية عمر بن يزيد ففيها: عدم امكان حمل الامر فيها على الوجوب، لعدم
وجوب الحلق بخصوصه، بل يتخير بينه و بين التقصير، فغاية ما يستفاد منها رجحان
ما يتضمنها من الحلق المرتب، و مع ذلك معارضة بما مر من الاخبار المجوزة
للحلق بعد بلوغ الهدي محله.

و مما يمكن ان يستدل به على وجوب الترتيب بين هذه المناسك كلا او بعضا:
الاخبار المتقدمة في الواجب الثالث من واجبات الوقوف بالمشعر، المتضمنة
للفظة: «ثم » في الامر بها، الا انها لمعارضتها لصحيحتي جميل و ابن حمران و رواية
البزنطي يجب حملها على الندب، لكونها قرينة على ذلك عرفا.

و مما ذكرنا ظهر ان الحق: عدم وجوب الترتيب بين هذه المناسك الثلاثة و ان
كان راجحا، بل موافقا لطريقة الاحتياط، و الله العالم.

المقام الثالث: في جنس الهدي، و سنه، و وصفه، و عدده


و فيه مسائل:

المسالة الاولى:


يجب ان يكون من احدى النعم الثلاث: الابل، و البقر، و الغنم، بلا خلاف فيه، كما
، بل بالاجماع كما ذكره جماعة (156) ، بل هو اجماع محقق، فهو الدليل
عليه مع اصل الاشتغال، حيث لا اطلاق معلوما يصدق على غيرها، و لو كان لوجب صرفه
اليها، و لانها المتبادرة المعتادة، و لصحيحة زرارة (157) المتقدمة في صدر بحث
الهدي.

المسالة الثانية:


ان كان الهدي ابلا او بقرا او معزا يجب ان يكون ثنيا، و ان كان ضانا يجزى ء فيه
الجذع، بلا خلاف فيه يعلم، كما في الذخيرة (158) ، و في المدارك: انه مذهب الاصحاب (159) ،
و في المفاتيح و شرحه: الاجماع عليه و الاتفاق (160) .و الظاهر انه كذلك، فهو الحجة
فيه المعتضدة بالاحتياط.

و اما الاخبار فلا يثبت منها تمام المطلوب، لان منها ما يدل على اجزاء هذه
الاسنان في الثلاث دون نفي غيرها:

كصحيحة العيص: «الثنية من الابل، و الثنية من البقر، و الثنية من المعز، و الجذع
من الضان » (161) .

و رواية ابي حفص: «يجزى ء من البدن الثني، و من المعز الثني، و من الضان الجذع » (162) .

و منها ما يدل على عدم اجزاء الادنى من الثني من المعز:

كصحيحة ابن سنان: «يجزى ء من الضان الجذع، و لا يجزى ء من المعز الا الثني » (163) .

و في صحيحة ابن عمار: «يجزى ء في المتعة الجذع من الضان، و لا يجزى ء الجذع من
المعز» (164) .

و رواية حماد: ادنى ما يجزى ء من اسنان الغنم في الهدي، فقال:

«الجذع من الضان » ، قلت: فالمعز؟ قال: «لا يجزى ء الجذع من المعز» (165) .

و مع ذلك ورد في قوية محمد بن حمران: «اسنان البقر تبيعها و مسنها في الذبح سواء» (166) .

اقول: و التبيع: ما دخل في الثانية، و المسن: ما دخل في الثالثة.

و اما عدم اجزاء غير الثني من البقر فلا تصريح فيه في الاخبار، بل صرح في صحيحة
الحلبي فيما يضحي به: «اما البقر فلا يضرك اي اسنانها، و اما الابل فلا يصلح الا
الثني فما فوق » (167) .

و منها يظهر عدم اجزاء غير الثني من الابل في الاضحية، و لكن الظاهر عدم القول
بالفصل.

ثم الثني من الابل ما كمل له خمس سنين و دخل في السادسة، بلا خلاف كما في
المفاتيح (168) ، و اجماعا كما في شرحه.

و اما من البقر و الغنم، ففي الوافي: ان الاشهر انه ما دخل في الثالثة (169) ، و هو
، و به قال الشيخ كما حكي عنه (171) ، و الفاضل في المنتهى و
التحرير و موضع من التذكرة (172) .

و في المدارك و الذخيرة و المفاتيح و شرحه: ان المشهور انه ما دخل في الثانية (173) ،
و به صرح الحلي في السرائر و المحقق في الشرائع (174) .

و اما الجذع من الضان، فعن التذكرة و المنتهى-موافقا لكلام الجوهري على ما
قيل-: انه ما كمل له ستة اشهر (175) .

و في السرائر و عن الدروس و التحرير: انه ما كمل له سبعة اشهر (176) .

و عن موضع من المنتهى: انه اذا بلغ سبعة اشهر فهو جذع ان كان بين شابين، و ان
كان بين هرمين فلا يقال انه جذع حتى يكمل ثمانية اشهر (177) .و اسند ذلك الى الشيخ و
ابن الاعرابي (178) .

و في المفاتيح و شرحه: ان المشهور ان الجذع من الضان (179) ما دخل في الثانية (180) ،
و هو الظاهر من القاموس و النهاية الاثيرية (181) .

و قد سبقت اقوال اخر فيه و في الثني من المعز في كتاب الزكاة، و حيث لا دليل تاما
يمكن التعويل عليه في التعيين في المقام، فالواجب بمقتضى اصل الاشتغال
الاخذ بالاحتياط و ذبح الاعلى سنا من هذه الاقوال.

المسالة الثالثة:


يجب في الهدي ان يكون تام الاعضاء خاليا عن العيب، فلا يجزى ء الناقص، و لا
المعيب.

و ننقل اولا الاخبار الواردة في المقام، فنقول:

و تدل على الاول كلية: صحيحه علي: عن الرجل يشتري الاضحية عوراء فلا يعلم الا بعد
شرائها، هل يجزى ء عنه؟ قال: «نعم، الا ان يكون هديا واجبا، فانه لا يجوز ناقصا» (182) .

و على الثاني كذلك: مفهوم صحيحة عمران الحلبي: «من اشترى هديا و لم يعلم ان به
عيبا حتى نقد ثمنه ثم علم بعد فقد تم » (183) .

و ابن عمار: في رجل اشترى هديا فكان به عيب عور او غيره، فقال:

«ان كان نقد ثمنه فقد اجزا عنه، و ان لم يكن نقد ثمنه رده و اشترى غيره » (184) .

و تدل على بعض افراد كل منها المستفيضة من النصوص ايضا:

منها: المروي في السرائر و في المنتهى عن البراء، قال: قام فينا رسول الله صلى
الله عليه و اله خطيبا فقال: «اربع لا تجوز في الاضحى: العوراء البين عورها، و
المريضة البين مرضها، و العرجاء البين عرجها، و الكسيرة التي لا تبقى » (185) .

و فسر في المنتهى الكسيرة التي لا تبقى: بالمهزولة التي لا مخ لها (186) .

و صحيحة البجلي: عن الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه اذا هو خصي مجبوب (187) ، و لم يكن
يعلم ان الخصي لا يجوز في الهدي، هل يجزئه ام يعيده؟ قال: «لا يجزئه الا ان يكون لا قوة
به عليه » (188) .

و الاخرى: عن الرجل يشتري الكبش فيجده خصيا مجبوبا، قال:

«ان كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه » (189) .

و في رواية ابي بصير: فالخصي يضحى به؟ قال: «لا، الا ان لا يكون غيره » (190) .

و صحيحة الحلبي: عن الضحية تكون الاذن مشقوقة، فقال: «ان كان شقها و سما (191) فلا باس،
و ان كان شقا فلا يصلح » (192) .

و رواية السكوني: «لا يضحى بالعرجاء، و لا بالعجفاء، و لا بالخرقاء، و لا الجذاء، و لا
العضباء» (193) .

قال في الوافي: العجفاء: المهزولة، و الخرقاء: المخروقة الاذن و التي في اذنها ثقب
مستدير، و الجذاء: المقطوعة الاذن، و العضباء: المكسورة القرن الداخل او مشقوقة
الاذن (194) .

و مرسلة الفقيه: «لا يضحى بالعرجاء بين عرجها، و لا بالعوراء بين عورها، و لا
بالعجفاء، و لا بالجرباء و لا بالجدعاء، و لا العضباء» (195) .

في الوافي: الجدعاء: مقطوعة الانف و الاذن (196) .

و صحيحة جميل: في الاضحية يكسر قرنها، قال: «اذا كان القرن الداخل صحيحا فهي تجزى ء» (197) .

و الاخرى في المقطوع القرن او المكسور القرن: «اذا كان القرن الداخل صحيحا فلا
باس و ان كان القرن الخارج الظاهر مقطوعا» (198) .

و رواية شريح بن هاني: «امرنا رسول الله صلى الله عليه و اله في الاضاحي ان
نستشرف العين و الاذن، و نهانا عن الخرقاء و الشرقاء و المقابلة و المدابرة » (199) .

في الوافي: الشرقاء: منشقة الاذن طولا باثنتين، و المقابلة و المدابرة:

الشاة التي شق اذنها ثم يفتل ذلك معلقا، فان اقبل به فهو، اقباله، و ان ادبر به
فادباره، و الجلدة المعلقة من الاذن هي الاقبالة و الادبارة، و الشاة مقابلة و
مدابرة (200) .

و صحيحة البزنطي: عن الاضاحي اذا كانت الاذن مشقوقة او مثقوبة بسمة، فقال: «ما
لم يكن منها مقطوعا فلا باس » (201) .

ثم المستفاد من الاولى: عدم اجزاء الاول-اي الناقص-مطلقا في الهدي الواجب، فلا
يجزى ء مقطوع الاذن، و الانف، و اللسان، و الشفة، و القضيب، و الانثيين، و الالية،
و الثدي، و القرن، و نحوها.

و تؤكدها في المجبوب صحيحتا البجلي، و في مقطوعة الاذن صحيحة البزنطي و رواية
السكوني و مرسلة الفقيه، و في مكسورة القرن الداخل الاخيرتان مع صحيحتي جميل.

فيجب ان يكون ذلك هو الاصل في الاول، فان ثبت خلافة في موضع يستثنى، و الا فلا،
و ياتي موضع الاستثناء.

و اما صحيحة الحلبي المتضمنة لقوله عليه السلام: النعجة و الكبش و الانثى افضل
او خير او احب من الخصي (202) ، فلا يدل على اجزاء الخصي، و لو دل فانما هو بالعموم
او الاطلاق بالنسبة الى الهدي و غيره، و بالنسبة الى العجز عن غيره و عدمه، فيجب
التقييد.

و اما الثاني و ان كان يظن ان مدلول الثانية و الثالثة عدم اجزاء المعيب
مطلقا بعد نقد الثمن، الا ان في تمامية دلالتهما عليه نظر، بل غايته المرجوحية.

نعم، يدل على عدم اجزاء العوراء و العرجاء الشديدتين رواية البراء، و ضعفها مجبور
بحكاية جمع عدم الخلاف في المنع مع الصفات الاربع المذكورة فيها (203) ، بل في
المنتهى و المدارك (204) ، و غيرهما (205) : الاجماع عليه.

و تعاضدها رواية السكوني و مرسلة الفقيه، و لا يضر اختصاصها بالاضحية، اما
لعمومها للهدي ايضا او للاجماع المركب.

و اما سائر العيوب المذكورة في باقي الاحاديث المتقدمة فبين ما لا تصريح بعدم
اجزائه-بل غايته المرجوجية-و بين ما يعارض في حقه بصحيحة البزنطي، فلا يثبت
المنع عن غير العيبين، بل يجب العمل فيه بمقتضى الاصل، و الاطلاق، و قوله سبحانه:
«فما استيسر» .

و اما المريضة و المهزولة فيجي ء الكلام فيهما.

و قد تلخص من جميع ما ذكر: عدم اجزاء الناقص مطلقا-سوى ما يجى ء استثناؤه-و عدم
اجزاء العوراء و العرجاء الشديد عورها و عرجها، و اجزاء غيرهما.

فروع:


ا: يستثنى من الناقص ما كسر قرنه الخارج و بقي الداخل، و هو الابيض الذي في وسط
الخارج، و تدل على اجزائه صحيحتا جميل.

ب: هل المعتبر في العوراء انخساف العين، كما عن الغنية (206) ؟ او لا، كما عن
المنتهى و التحرير (207) ؟

الظاهر هو: الاول، لانه المحتمل من العور البين، و لان الرواية (208) المتضمنة
له ضعيفة لا يعمل بها الا في موضع علم انجبارها فيه.و صدق النقض على مطلق العور حتى
تشمله صحيحة علي غير معلوم.

و كذا يشترط في العرج الشدة بحيث يكون بينا، و الوجه ظاهر.

ج: و مما استثنوه ايضا: الناقص بحسب الخلقة، كالجماء، و هي التي لم يخلق لها قرن، و
الصمعاء و هي التي لم تخلق لها اذن.

و لا باس به، للشك في صدق الناقص عليه، و لانصراف الاطلاق الى الشائع.

و استثنى بعضهم البتراء ايضا (209) ، و هي مقطوعة الذنب.و لا وجه له، لصدق النقص.

نعم، لو اريد منها فاقدة الذنب بحسب الخلقة كان له وجه.

د: الخصي الممنوع منه هو مسلول الخصية، و اما المرضوض خصيته-و هو الموجوء
ايضا-فلا باس به، لعدم صدق النقص، للاصل، و صحيحة ابن عمار: «اذا رميت الجمرة
فاشتر هديك ان كان من البدن او من البقر، و الا فاجعل كبشا سمينا فحلا، فان لم
تجد فموجوءا من الضان، فان لم تجد فتيسا فحلا، فان لم تجد فما تيسر عليك » (210) .

و في صحيحة ابي بصير: «المرضوض احب الي من النعجة » (211) .

و في صحيحة محمد: «و الموجوء خير من النعجة » (212) .

ه: و مما يستثنى ايضا من الناقص: الخصي اذا لم يجد غيره، على الاظهر الموافق
لتصريح جماعة، منهم: الشهيد في الدروس و صاحب المدارك (213) ، لصحيحة البجلي و
الاخريين المتعقبتين لها، و قوله في صحيحة ابن عمار المتقدمة: «فان لم تجد
فما تيسر عليك » .

و: و مما استثناه الشيخ في التهذيب: الناقص اذا بان نقصه بعد نقد الثمن (214) ،
للصحيحين المتقدمين (215) ، فخص بهما الصحيح المتقدم عليهما (216) .

و التحقيق: ان بين الفريقين عموما من وجه، فمن استثنى عمل بالاطلاق، و من لم
يستثن عمل باصل الاشتغال بعد رفع اليد عن الاطلاق، لتخصيصه بالمجمل الموجب
لعدم الحجية في موضع الاجمال.

و هو الاقوى، لذلك، مضافا الى ظاهر الاجماع، حيث لا يوجد للشيخ موافق في
المسالة، بل تردد هو نفسه في الاستبصار المتاخر عن التهذيب ايضا (217) .

ز: هل يستثنى ساقط الاسنان لهرم ام لا؟ الظاهر: الثاني، لصدق النقص، و لا تعارضه
صحيحة العيص في الهرم الذي قد وقعت ثناياه: «انه لا باس به في الاضاحي » (218) ، و قريبة
منها مرسلة الفقيه (219) ، اذ لا يعلم شمولها للهدي ايضا.

ح: اذا لم يوجد الا فاقد الشرائط الغير الثابت استثناؤه بخصوصه، ففي الاجزاء،
او الانتقال الى الصوم، قولان، اصحهما: الاول، لقوله عليه السلام في صحيحة ابن
عمار المتقدمة: «فان لم تجد فما تيسر عليك » .

و في صحيحته الاخرى: «اشتر فحلا سمينا للمتعة » الى ان قال: «فان لم تجد فما
استيسر من الهدي » الحديث (220) .

و كذا الحكم في الشرطين الآتيين من عدم الهزال و المرض.

المسالة الرابعة:


يجب ان لا يكون الهدي مهزولا، بلا خلاف يوجد كما قيل (221) ، للصحاح و غيرها المستفيضة،
المصرحة كلا: بانه لو اشتراها سمينة فوجدها سمينة او مهزولة اجزات، و لو اشتراها
مهزولة فوجدها سمينة اجزات ايضا، و لو اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة لم يجز،
كصحاح العيص و الحلبي (222) و منصور (223) و مرسلة الفقيه.

و الاوليان مطلقتان، و الثالثة واردة في الهدي، و الرابعة مصرح به فيها بعد
الاطلاق بان في هدي المتمتع مثل ذلك.

و مقتضى تلك النصوص: الاجزاء لو اشتراها سمينة قبانت مهزولة، و هو كذلك بلا اشكال
اذا كان الظهور بعد الذبح، و ان كان قبله فقد يستشكل فيه من جهة اطلاق النصوص، و
من قوة احتمال اختصاصها-بحكم التبادر- بما بعد الذبح، فيرجع الى اطلاق ما دل
على المنع من المهزولة.

و فيه: منع التبادر، و لو سلم فيجب تقييده بمفهوم الشرط في صحيحة منصور: «و ان
اشتراه و هو يعلم انه مهزول لم يجز عنه » ، مضافا الى اطلاق صدرها.

و كذا مقتضى الاخبار المذكورة: الاجزاء لو ظهرت سمينة بعد الاشتراء مهزولة و لو
بعد الذبح.

خلافا للعماني فيما بعد الذبح، لعدم حصول التقرب به (224) .

و فيه: انه ربما لا يعلم الحكم، و كذا لو علم، لامكان سقوط الواجب بفعل آخر، للنص.

ثم انه فسرت المهزولة بما لم يكن على كليتها شحم، و هو الذي يظهر من رواية
الفضيل (225) ، و لكن في كونه تفسيرا للهزال تامل، فيحتمل ان يكون ذلك مجزئا لظنه
السمن اولا، كما تدل عليه ندامته، فالاولى الرجوع الى العرف.

المسالة الخامسة:


لا تجزى ء المريضة البين مرضها، باتفاق العلماء كما عن المنتهى (226) ، لرواية
البراء (227) المنجبر ضعفها بما ذكر.

المسالة السادسة:


يستحب ان يكون الهدي سمينا، للاخبار (228) ، و الاعتبار، بل نقل الاجماع (229) .

و ان يكون مما عرف به، اي احضر بعرفات في عشية عرفة-كما عن المفيد و المنتهى و
التذكرة و المهذب و المدارك و الذخيرة و المفاتيح (230) - او مطلقا، كما في
السرائر (231) ، و نقل عن غيره ايضا (232) .

لصحيحة البزنطي: «لا يضحى الا بما قد عرف به » (233) ، و نحوها في صحيحة ابي بصير (234) .

و لقصورهما عن افادة الوجوب-لمكان الخبرية، مضافا الى رواية سعيد: عمن اشترى
شاة لم يعرف بها، قال: «لا باس بها عرف بها ام لم يعرف بها» (235) -حملناهما على
الاستحباب وفاقا للاكثر، بل عن المنتهى:

الاجماع عليه (236) .

و عن ظاهر التهذيبين و النهاية و المبسوط و الاصباح و المهذب و الغنية:

الوجوب (237) ، لما ذكر بجوابه.

و يكفي في التعريف اخبار البائع به، لصحيحة اخرى لسعيد (238) .

و هل التعريف هو الاحضار بعرفات في عشية عرفة، كما عن التذكرة و المنتهى و
المهذب و المقنعة و في المدارك و الذخيرة و المفاتيح (239) ؟

او الاحضار بعرفات مطلقا، كما في السرائر (240) ، بل نسب ذلك الى غير الثلاثة
الاولى (241) .

كل محتمل، و مقتضى اصل الاشتغال: الاول.

و ان يكون اناثا من الابل و البقر و فحولة من الغنم، لفتوى العلماء الاخيار.

و صحيحة ابن عمار: «افضل البدن ذوات الارحام من البدن و البقر، و قد تجزى ء
الذكورة من البدن، و الضحايا من الغنم الفحولة » (242) .

و ابي بصير: «افضل الاضاحي في الحج الابل و البقر» ، و قال: «ذوو الارحام » ، و
قال: «لا يضحى بثور و لا جمل » (243) .

و الحلبي: عن الابل و البقر ايهما افضل ان يضحى بها؟ قال: «ذوات الارحام » (244) .

و مقتضى هذه الروايات بضميمة الاصل و الاطلاق: اجزاء العكس في كل منهما، كما هو
الاشهر، بل في المنتهى: لا نعلم خلافا في جواز العكس في الثانيين (245) .

و في النهاية: لا يجوز التضحية بثور و لا بجمل بمنى، و لا باس بهما في البلاد (246) .

و في الاقتصاد: ان من شرطه ان كان من البدن او البقر ان يكون انثى، و ان كان
من الغنم ان يكون فحلا من الضان، فان لم يجد من الضان جاز التيس من المعز (247) .

و في المهذب: ان كان من الابل فيجب ان يكون ثنيا من الاناث، و ان كان من
البقر فيكون ثنيا من الاناث (248) .

فان ارادوا تاكد الاستحباب-كما قيل (249) -و الا فمحجوج عليهم بعدم الدليل.

المسالة السابعة:


يكره التهدي بالثور و الجمل، لصحيحة ابي بصير المتقدمة، و هي و ان اختصت بالتضحية،
و لكن الاكثر تعدوا الى التهدي ايضا، و لعله للاجماع المركب او اعمية التضحية
او الفحوى، و ان امكن المناقشة في الكل، الا ان بعد فتوى جماعة (250) لا باس به في مقام
التسامح.

و لذلك يقال بكراهة الجاموس فيهما ايضا، مع التصريح بالجواز في صحيحة علي بن
الريان: عن الجاموس عن كم يجزى ء في الضحية؟ فجاء الجواب: «ان كان ذكرا
فعن واحد، و ان كان انثى فعن سبعة » (251) .

و هذه الصحيحة-مضافة الى ظاهر الاجماع-هي دليل اجزائه، دون البناء على انه مع
البقر جنس واحد حتى يناقش فيه.

و كذا يكره الموجوء، لفتوى الاصحاب، و ان كان في استفادة كراهته من الاخبار (252)
نظر، لان فيها رجح بعض الاصناف على الموجوء و الموجوء على بعض آخر.

المسالة الثامنة:


يستحب في النحر او الذبح امور:

منها: ان تنحر الابل قائمة، لقوله سبحانه: «فاذكروا اسم الله عليها صواف » (253) ، اي
حال كونها قائمات في صف واحد.

و لصحيحتي ابن سنان و الكناني:

الاولى: في قول الله عز و جل: «فاذكروا اسم الله عليها صواف »، قال: «ذلك حين تصف
للنحر تربط يديها ما بين الخف الى الركبة، و وجوب جنوبها اذا وقعت على الارض » (254) .

و الثانية: كيف تنحر البدنة؟ قال: «تنحر و هي قائمة من قبل اليمين » (255) .

و لا يجب ذلك، بلا خلاف يعلم، كما عن التذكرة و المنتهى (256) ، و يدل عليه المروي في
قرب الاسناد: عن البدنة كيف ينحرها قائمة او باركة؟ قال: «يعقلها، و ان شاء قائمة و ان
شاء باركة » (257) .

و منها: ان تكون الابل حال النحر مربوطة يديها ما بين الخف و الركبة، اي يجمع
بين يديها و يربطهما ما بين الخف و الركبة، للصحيحة الاولى.

و اما ما في رواية حمران المذكورة في كتاب الصيد و الذبائح: «و اما البعير فشد
اخفافه الى آباطه و اطلق رجليه » (258) .

فارجعها المحقق الشيخ علي الى الاول، قال: المراد بشد اخفافه الى آباطه: ان
يجمع يديهما و يربطهما ما بين الخف و الركبة، و بهذا صرح في رواية ابن سنان، و
ليس المراد في الاول انه يعقل خفي يديه معا الى آباطه، لانه لا يستطيع القيام
حينئذ، و المستحب في الابل ان تكون قائمة (259) .انتهى.

و كانه حمل الابط على الركبة مجازا.

و احتمل بعضهم التخيير بين الامرين او اختصاص الهدي بالاول (260) .

و كل محتمل.

و اما ما ورد في رواية ابي خديجة: رايت ابا عبد الله عليه السلام و هو ينحر بدنة
معقولة يدها اليسرى، ثم يقوم على جانب يدها اليمني و يقول: «بسم الله و الله اكبر،
اللهم ان هذا منك و لك، اللهم تقبله مني » ، ثم يطعن في لبتها (261) .

فلا ينافي ما مر، لامكان الجمع بين عقل اليد اليسرى ثم ربط اليدين فيجمع بين
الامرين.

فالعمل بالاخيرة خاصة-لترجيح هذه الرواية، كما عن الحلبيين (262) ، او الحكم
بالتخيير، كبعض المتاخرين (263) -ليس بجيد، مع انه على فرض التنافي يكون الترجيح
للاولى، لتقديم القول على الفعل.

و منها: ان يكون الذي ينحرها واقفا من الجانب الايمن للبدنة، لصحيحة الكناني و
رواية ابي خديجة المتقدمتين، و الاولى و ان لم تكن خالية عن اجمال في قوله: «من
قبل اليمين » ، الا ان الثانية تبينها.

و منها: ان يتولى الذبح او النحر بنفسه ان احسنه، للتاسي بالنبي صلى الله عليه و
اله، فانه روي في الهدي و الاضحية توليه بنفسه:

ففي مرسلة الفقيه: «ضحى رسول الله صلى الله عليه و اله بكبشين، ذبح واحدا بيده فقال:
اللهم هذا عني و عمن لم يضح من اهل بيتي، و ذبح الآخر و قال:

هذا عني و عمن لم يضح من امتي » (264) .

و في صحيحة الحلبي الواردة في حج النبي صلى الله عليه و اله: «و نحر رسول الله صلى
الله عليه و اله ثلاثا و ستين، فنحرها بيده » (265) .

و ليس التولي بنفسه واجبا كما مر، و ان لم يتولاه بنفسه يجعل يده مع يد الذابح.

و استدلوا له بصحيحة ابن عمار: «كان علي بن الحسين عليهما السلام يجعل
السكين في يد الصبي ثم يقبض الرجل على يد الصبي فيذبح » (266) .

و في دلالتها على المطلوب نظر، لجواز ان يكون ذلك لاجل الاحتراز عن ذبح الصبي،
و مع ذلك فهي اخص من المدعى، فان كون يده مع يده يتصور على وجوه اخر غير ما في
الصحيحة، و لعل فتوى الاصحاب تكفي في اثبات المطلوب.

و منها: ان يدعو عند النحر او الذبح بما في صحيحة صفوان: «اذا اشتريت هديك
فاستقبل به القبلة و انحره او اذبحه و قل: وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض
حنيفا مسلما و ما انا من المشركين، ان صلاتي و نسكي و محياي و مماتي لله رب
العالمين، لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين، اللهم منك و لك بسم الله
و الله اكبر، اللهم تقبل مني، ثم امر السكين » (267) .

و قد مر في رواية ابي خديجة دعاء ابي عبد الله عليه السلام، و ورد في مرسلة الفقيه في
تضحية امير المؤمنين عليه السلام انه يقول: «بسم الله وجهت وجهي » الى قوله: «رب
العالمين، اللهم منك و لك » (268) .

و يمكن التخيير، و يحتمل التفرقة بين الهدي و الاضحية، فالاول للاول، و الثاني
للثاني، كما هو مورد الخبرين، و الله العالم.

المسالة التاسعة:


الحق: انه لا يجزى ء الهدي الواحد الا عن شخص واحد في الحج الواجب مطلقا و لو
بالشروع فيه، مطلقا و لو عند الضرورة، بل ينتقل حينئذ فرضه الى الصوم، وفاقا
للمشهور كما صرح به جماعة (269) ، و عن الخلاف: الاجماع عليه (270) ، للاصل، و المستفيضة.

منها: صحيحة محمد بن علي الحلبي: عن النفر تجزئهم البقرة؟

قال: «اما في الهدي فلا، و اما في الاضحى فنعم، و يجزى ء الهدي عن الاضحية » (271) ، و
نحوها روايته الى قوله: «نعم » (272) .

و صحيحة محمد-على ما في الاستبصار-: «لا تجوز البدنة و البقرة الا عن واحد بمنى » (273) .

و اما على ما في التهذيب: «لا تجوز الا عن واحد بمنى » (274) ففي معناها اجمال يمنع
الاستدلال، كما لا يخفى على المتامل.

و صحيحة الحلبي: «تجزى ء البقرة و البدنة في الامصار عن سبعة، و لا تجزى ء بمنى الا
عن واحد» (275) .

و تؤيده صحيحة الازرق: عن متمتع كان معه ثمن هدي و هو يجد بمثل ذلك الذي معه هديا،
فلم يزل يتوانى و يؤخر ذلك حتى اذا كان آخر النهار غلت الغنم فلم يقدر بان يشتري
بالذي معه هديا، قال: «يصوم ثلاثة ايام بعد ايام التشريق » (276) .

خلافا للمحكي عن النهاية و المبسوط و الجمل و الاقتصاد و موضع من الخلاف، فيجزى ء
الواحد عند الضرورة عن خمسة و عن سبعة و عن سبعين » (277) ، قيل: و تبعه كثير.

و عن القاضي و المختلف و ظاهر المنتهى، فيجزى ء الواحد عند الضرورة عن الكثير
مطلقا (278) .

و عن موضع من الخلاف، فتجزى ء بقرة او بدنة عن سبعة اذا كانوا من اهل خوان (279)
واحد (280) .

و عن المفيد و الصدوق، فتجزى ء بقرة عن خمسة اذا كانوا من اهل بيت (281) .

و عن الديلمي، فكذلك مطلقا (282) .

و حكى في الشرائع قولا باجزاء الواحد عن خمسة و سبعة عند الضرورة اذا كانوا من اهل
خوان واحد (283) .

و في النافع قولا باجزاء واحد عن سبعة و عن سبعين بشرط القيدين (284) .

مستندين الى اخبار كثيرة اقربها الى الدلالة على المطلوب خمسة، و هي: رواية زيد
بن جهم، و صحاح حمران و البجلي و ابن عمران، و مرسلة الحسن بن علي.

الاولى: متمتع لم يجد هديا، فقال: «اما كان معه درهم ياتي به قومه فيقول: اشركوني
بهذا الدرهم؟ ! » (285) .

و الثانية: عزت البدن سنة بمنى حتى بلغت البدنة مائة دينار، فسئل ابو جعفر عليه
السلام عن ذلك، فقال: «اشتركوا فيها» ، قلت: كم؟ قال: «ما خف فهو افضل » ، قلت: عن
كم يجزى ء؟ قال: «عن سبعين » (286) .

و الثالثة: قوم غلت عليهم الاضاحي و هم متمتعون، و هم مترافقون، و ليسوا باهل
بيت واحد، و قد اجتمعوا في مسيرهم، و مضربهم واحد، الهم ان يذبحوا بقرة؟ قال: «لا
احب ذلك الا من ضرورة » (287) .

و الرابعة: «تجزى ء البقرة عن خمسة بمنى اذا كانوا اهل خوان واحد» (288) .

و الخامسة: كنا جماعة بمنى-الى ان قال: -فقلنا: نعم، اصلحك الله، ان الاضاحي قد عزت
علينا، قال: «فاجتمعوا فاشتروا جزورا فانحروها فيما بينكم » ، قلنا: لا تبلغ
نفقتنا ذلك، قال: «فاجتمعوا فاشتروا بقرة فيما بينكم » ، قلنا: و لا تبلغ نفقتنا، قال:
«فاجتمعوا فاشتروا شاة فاذبحوها فيما بينكم » ، قلنا: تجزى ء عن سبعة؟ قال: «نعم،
و عن سبعين » (289) .

فان التضمن للمتمتع و الهدي كما في بعضها و لمنى كما في بعض آخر يقرب الرواية
الى المطلوب.

و اما البواقي، فليس فيها الا اجزاء الواحد عن كثير، اما مطلقا او في الاضحية،
و لا شك انها اعم مطلقا من الاخبار التي ذكرناها للمطلوب، فلا تعارضها فيه.

و اما الخمسة، فالاربعة الاخيرة منها ايضا كذلك.

و كونهم بمنى او متمتعين لا يخصص الرواية بالهدي، لاستحباب الاضحية للمتمتع
ايضا، بل في بعضها التصريح بالاضحية التي هي الظاهرة في غير الهدي.

و اما الاولى، فلا دلالة لها على اجزاء ذلك عن الصيام المامور به في القرآن
بعد عدم وجدان الهدي، و لا على وجوب ذلك التشريك، فيحتمل ان يكون ذلك امرا
مرغوبا تحصل له فضيلة الهدي و ان وجب عليه الصيام.

فرع:


ما مر-كما اشير اليه-مخصوص بالهدي، بل الواجب منه -كما قالوا-و لو بالشروع في
الحج.

و اما الاضحية و المبعوث به من الآفاق و المتبرع بسياقه اذا لم يتعين
بالاشعار او التقليد فيجزى ء الواحد فيه ابلا كان او بقرا او غنما عن الكثير
مطلقا، و لو بلغ ما بلغ، و لو في الاختيار، و في المنتهى: الاجماع على الاجزاء
عن سبعة (290) ، و في التذكرة: عن سبعين (291) ، و لا يبعد ان يكون ذلك مثالا للكثرة، كما
هو الظاهر من الاخبار المتضمنة للعدد الخاص.

و قد ورد في صحيحة ابن سنان: «ذبح رسول الله صلى الله عليه و اله يوم الاضحى كبشا
عمن لم يجد من امته » (292) .

و في مرسلة الفقيه: انه ذبح كبشا و قال: «اللهم هذا عني و عمن لم يضح من اهل بيتي، و
ذبح الآخر و قال: هذا عني و عمن لم يضح من امتي » (293) .

و لو لا مظنة الاجماع على اختصاص عدم الاجزاء بالهدي الواجب لقلنا به في الهدي
مطلقا و خصصنا التشريك بالاضحية، كما هو الظاهر من الجمع بين الاخبار.

و نقل في السرائر عن الخلاف جواز تشريك السبعة في التطوع اذا كانوا من اهل
بيت واحد، و لا يجزى ء اذا كانوا من اهل بيوت شتى، و ادعى عليه اجماع الفرقة (294) .

و الاخبار ترده، و تخصيص الاجزاء بسبعة في الذكر في بعض الاخبار (295) لا ينافي
اجزاء الغير، فلا تقيد به الاطلاقات، و لا يعارض ما يتضمن الزائد.

المقام الرابع: في مصرف الهدي و قسمته


و فيه مسائل:

المسالة الاولى:


يجب اكل المالك شيئا من لحم الهدى، وفاقا لصريح الحلي و الشرائع و المختلف و
المنتهى و القواعد و الدروس و المسالك و المدارك و الذخيرة و الكفاية (296) ، و هو
ظاهر الصدوق و العماني (297) .

للآيتين (298) ، و صحيحة ابن عمار: «اذا ذبحت او نحرت فكل و اطعم، كما قال الله
تعالى: «فكلوا منها و اطعموا القانع و المعتر» » (299) .

و اورد (300) عليهما: بمنع دلالة الامر فيهما على الوجوب، اما اولا:

فلوروده مورد توهم الحظر، حيث حكي عن صاحب الكشاف و الفاضل المقداد (301) و غيرهما (302) :

ان الامم الماضية يمتنعون من اكل نسائكم، فرفع الله الحرج عنه، فلا يفيد سوى
الاباحة.

و اما ثانيا: فلان محل النزاع هو هدي التمتع، كما صرح به في المدارك (303) .

و في المنتهى: هدي التطوع يستحب الاكل منه بلا خلاف، لقوله تعالى: «فكلوا منها» ، و
اقل مراتب الامر الاستحباب-الى ان قال: -و لو لم ياكل من هدي التطوع لم يكن به
باس بلا خلاف (304) .

و لا اختصاص للآيتين و لا للرواية بهدي التمتع، بل يعمه و هدي القران و التضحية، فلا
بد اما من صرف الامر الى الاستحباب او التخصيص بهدي التمتع، و الرجحان للاول،
لما مر من كون المقام مقام توهم الحظر، و لشهرة القول بالاستحباب، مضافا
الى شمول الرواية لسائر افراد الذبح و النحر ايضا.

و يرد على الاول: عدم ثبوت النقل المذكور بحيث يوجب علينا صرف اللفظ عن حقيقته
المعلومة، سيما في الرواية التي وردت بعد مدة طويلة من زمان رفع الحظر لو كان.

هذا، مع ما في حمل الامر الوارد عقيب الحظر على الاباحة من الكلام.

و على الثاني: ان تصريح المدارك بان محل النزاع هو هدي التمتع يمكن ان يكون في هذا
المقام، و مثله لا يدل على عدم النزاع في غيره اصلا، و نفي الخلاف في المنتهى لا حجية
فيه، خصوصا بعد العلم بوجود الخلاف.

قال في السرائر: فاما هدي المتمتع و القارن فالواجب ان ياكل منه و لو قليلا، و
يتصدق على القانع و المعتر و لو قليلا، لقوله تعالى «فكلوا» الى آخره، و الامر عندنا
يقتضي الوجوب (305) .انتهى.

و هذا ظاهر الصدوق و العماني ايضا (306) ، و استقرب الشهيد في الدروس ايضا مساواة
هدي السياق لهدي التمتع في وجوب الاكل منه و الاطعام (307) .

و قال في المدارك بعد نقله عنه: و لا باس به (308) .

مع انه يمكن ان يكون مراد المنتهى من التطوع الاضحية و نحوها، و نفيه الخلاف مع
تصريح الحلي بالخلاف يدل على ذلك.

و قد يستدل للوجوب باخبار اخر يمكن المناقشة في دلالتها، و لا فائدة تامة في
ذكرها بعد ما ذكر.

و لا تنافيها صحيحة سيف الآتية الآمرة بالتثليث من غير ذكر الاكل، لان اكله
داخل في اطعام الاهل، كما يستفاد من الموثقة الآتية الآمرة باكل الثلث.

و ان ابيت فنقول: فتتعارض هذه الصحيحة مع الموثقة، و الترجيح مع الموثقة لا محالة،
لموافقة الكتاب.

خلافا للشيخ (309) و جماعة (310) ، فقالوا باستحباب الاكل، و في الدروس:

ان ظاهر الاصحاب الاستحباب (311) .و استدلوا له بالاصل الواجب دفعه بما ذكر.

المسالة الثانية:


يجب ايضا اطعام شي ء منه، و اختلف القائلون بوجوب اكله فيما يجب زائدا عليه.

فقال الحلي بوجوب التصدق على القانع و المعتر (312) ، و لم يزد على ذلك.

و في الكفاية: الواجب مسمى الاكل، و اعطاء شي ء الى القانع، و اعطاء شي ء الى
المعتر (313) .

و في الذخيرة: اعطاء شي ء الى الفقير ايضا (314) ، مضافا الى ما في الكفاية.

و في المدارك: وجوب الاكل منه و الاطعام (315) .

و في المسالك: وجوب الاكل و اهداء الاخوان و الصدقة على الفقراء (316) .و هو المصرح
به في الدروس (317) ، و ظاهر الصدوق و العماني (318) .

اقول: لا ينبغي الريب في وجوب الاطعام كما في المدارك، و الآيتان و الصحيحة
السابقة (319) و رواية علي بن اسباط عن مولى لابي عبد الله صلى الله عليه و اله (320) تدل
عليه بلا معارض، بل لها المعاضدات الكثيرة.

و الظاهر وجوب اطعام الفقير، لاحدى الآيتين.

و لا تنافيها الصحيحة و الرواية المشار اليها، لكون اطعام الفقير اخص مطلقا من
الاطعام.

و لا الآية الاخرى، لامكان الجمع بين اطعام الفقير و القانع و المعتر.

و تدل عليه ايضا صحيحة سيف: «اني سقت هديا فكيف اصنع به؟

فقال له ابي: اطعم اهلك ثلثا، و اطعم القانع و المعتر ثلثا، و اطعم المساكين
ثلثا، فقلت: المساكين هم السؤال؟ فقال: نعم، و قال: القانع الذي يقنع بما ارسلت
اليه من البضعة فما فوقها، و المعتر ينبغي له اكثر من ذلك، هو اغنى من القانع
يعتريك فلا يسالك » (321) .

و موثقة العقرقوفي: سقت في العمرة بدنة فاين انحرها؟ قال:

، و غير ذلك (323) .

فان ابيت عن وجوب التثليث فتكون الروايتان معاضدتين للآية، و لا معارض لها
اصلا، فيجب العمل بها، مع ان الصحيحة و الموثقة واردتان في هدي السياق خاصة، و
اتحاد حكم الجميع غير واضح.

و كذا يجب اعطاء القانع و المعتر، للآية و الصحيحتين المتقدمتين، و لا معارض
لها اصلا، اما الآية الاخرى و مطلقات الامر بالاطعام فظاهر، و اما الاخبار
المتضمنة للاهداء و التصدق فلتحققهما بالنسبة الى القانع و المعتر ايضا.

و لا يجب غير ذلك اصلا، للاصل الخالي عن الدافع، سوى صحيحة سيف الآمرة باطعام
الاهل.

و هو غير قابل للحمل على الوجوب قطعا، لعدم وجوب اعطاء الاهل الثلث بالاجماع
المعلوم من سيرة العلماء، بل جميع الامة من الصدر الاول الى زماننا هذا، بل
الحجج عليهم السلام، فانا نقطع بان النبي صلى الله عليه و اله ما اطعم ثلث ست و
ستين و لا الولي عليه السلام ثلث اربع و ثلاثين حين سوقهما لها لاهل بيتهما.

فاذن الحق هو: خيرة الذخيرة، بل يمكن ارجاع جميع الاقوال المذكورة في وجوب
الزائد على الاكل الى واحد، حيث انه لا يشترط في الاهداء الغناء، بل يكفي الارسال لا
بقصد التصدق، و لا في القانع و المعتر شي ء من الفقر و لا الغناء.

ثم المراد بالقانع هو: الذي يقنع بما ارسلت اليه و لا يطلب منك الزائد عليه، و
بالمعتر: من يمر بك بقصد اعطائك اياه و لا يسال، كما تدل عليه صحيحة سيف
المذكورة، و صحيحتا ابن عمار (324) و مرسلة الفقيه (325) و رواية عبد الرحمن (326) .

المسالة الثالثة:


يكفي في امتثال ما مر من الاكل و اطعام الفقير و القانع و المعتر المسمى، لصدق
الامتثال، و اصالة عدم وجوب الزائد.

و قد يقال بوجوب التثليث في القسمة: ثلث للاهل، و ثلث للاهداء، و ثلث للتصدق.

و لا دليل عليه في غير هدي السياق من هدي التمتع و الاصحية و غيرها، و الاجماع
المركب غير ثابت جدا.

نعم، تدل عليه في هدى السياق صحيحة سيف و موثقة العقرقوفي المتقدمتين، فلا باس
بالقول بالوجوب فيه خاصة، و لكن في غير الثلث الاول، لما مر من الاجماع على
عدم اعطاء الاهل و لا اكل المالك الثلث، بل الظاهر عدم امكانهما غالبا، سيما
بملاحظة النهي عن الاخراج عن منى، و مع ذلك يحصل الوهن في وجوب الثلثين
الاخيرين ايضا.

المسالة الرابعة:


ما ذكر انما هو في الهدي، و اما في الاضحية فلا يجب فيها شي ء مما ذكر، للاصل.

و يستحب التثليث: اما ثلث لاهل البيت، و ثلث للجيران، و ثلث للسائلين و
الطالبين، كما تدل عليه رواية الكناني: عن لحوم الاضاحي، فقال: «كان علي بن
الحسين و ابو جعفر عليهما السلام يتصدقان بثلث على جيرانهما» ، و ثلث على
السؤال، و ثلث يمسكانه لاهل البيت » (327) .

و الاولى اعتبار الفقر في الجيران، لمكان لفظ التصدق.

او ثلث لاهل البيت، و ثلث للفقراء من القانعين و المعترين، و ثلث يهدى للاصدقاء،
كما ذكره الحلي في السرائر، ناسبا له الى رواية اصحابنا (328) ، لهذه الرواية
المرسلة الكافية في مقام الاستحباب.

المسالة الخامسة:


يترجح عدم اخراج لحم الهدي عن منى بلا خلاف فيه يوجد، بل مطلقا كما في المفاتيح،
قال: و لا ينبغي اخراج شي ء منها من منى، بل يصرفه بها بلا خلاف (329) .بل بالاجماع، و هو
او فتوى الاصحاب دليل عليه، و الا فليس في الاخبار شي ء يثبته كما سيظهر.

و هل ذلك على الوجوب حتى يحرم الاخراج؟ كما هو صريح الشرائع و الارشاد و
ظاهر النافع (330) و نسبه في الذخيرة الى المشهور (331) ، و قال في المدارك: هذا مذهب
الاصحاب لا اعلم فيه مخالفا (332) .

او الاستحباب حتى يستحب؟ كما هو ظاهر بعضهم (333) ، بل نسبه في شرح المفاتيح الى
المشهور، قال: و المشهور بين الاصحاب كراهة اخراج شي ء من الهدي من منى و
استحباب صرفه بها، و لعله مما لا خلاف فيه.ثم قال بعد نقل طائفة من الاخبار: و
المستفاد من ظواهر تلك الاخبار و ان كان التحريم و عدم جواز الاخراج الا
انها محمولة عند الاكثر على الكراهة.انتهى.

الحق هو: الثاني، للاصل الفارغ عن مكاوحة (334) المعارض راسا.

فان الاخبار التي يتمسكون بها للمنع تحريما او كراهة: صحيحة محمد: عن اللحم
ايخرج به من الحرم؟ فقال: «لا يخرج منه شي ء الا السنام بعد ثلاثة ايام » (335) .

و ابن عمار: «لا تخرجن شيئا من لحم الهدي » (336) .

و مرسلة الفقيه: «كنا ننهى الناس عن اخراج لحوم الاضاحي من منى بعد ثلاثة، لقلة
اللحم و كثرة الناس، و اما اليوم فقد كثر اللحم و قل الناس فلا باس باخراجه، و
لا باس باخراج الجلد و السنام من الحرم، و لا يجوز اخراج اللحم منه » (337) .

و رواية علي بن ابي حمزة: «لا يتزود الحاج من اضحيته، و له ان ياكل بمنى ايامها» (338) .

و رواية علي: «لا يتزود الحاج من اضحيته، و له ان ياكل منها ايامها، الا السنام،
فانه دواء» (339) .

و موثقة اسحاق: عن الهدي ايخرج شي ء منه من الحرم؟ فقال:

«بالجلد و السنام و الشي ء ينتفع به » ، قلت: انه بلغنا عن ابيك انه قال:

«لا يخرج من الهدي المضمون شيئا» ، قال: «بل يخرج بالشي ء ينتفع به » ، و زاد فيه احمد: و
لا يخرج بشي ء من اللحم من الحرم (340) .

و يرد اولا: بقصور تلك الروايات جميعا عن افادة التحريم، لمكان الجملة
الخبرية او ما يحتمله، سوى مرسلة الفقيه فانه و ان صرح فيها اخيرا بقوله «لا
يجوز» الا انه معارض بقوله اولا: «فلا باس باخراجه » ، فلا بد اما من جعل الاخير
من فتوى صاحب الكتاب-كما احتمله في الوافي (341) -او من حمل: «لا يجوز» على
الكراهة، او رفع اليد عن الرواية.

و ثانيا: بما في كل واحد ايضا:

اما الاولى ففيها-مع ورودها في الحرم دون منى-: ان اللحم فيها عام للهديين و
الكفارات و الضحايا و سائر التطوعات، و الاخراج اعم من اخراج المالك و
الفقير و المهدى له و المشتري، و كثير منها مما لم يقل احد بتحريمه، و بذلك تنفتح
فيها ابواب من التجوزات، و تعيين ما يفيد المطلوب منها لا معين له، و مع ذلك
قيد بما بعد ثلاثة ايام، و هو ايضا مما يفتح بابا اخرى.

و اما الثانية، ففيها عدم تعين محل الاخراج و لا من يخرجه.

و اما الثالثة، ففيها ما مر.

و اما الرابعة و الخامسة، ففيهما: ان التزود غير الاخراج، فقد يتزود و لا يخرج، و
قد يخرج من غير التزود و يهديه لمن في غير منى، و مع ذلك تتضمنان الاضحية، و شمولها
للهدي غير معلوم.

و اما السادسة، ففيها ما مر في الاولى من ورودها في الحرم، و مع ذلك يدل صدرها
على جواز اخراج شي ء ينتفع به، و هو باطلاقه يشمل اللحم، و آخره لم يقطع بكونه من احمد
نفسه او من الامام.

هذا كله، مع ما لتلك الاخبار من المعارض، و هو صحيحة محمد:

عن اخراج لحوم الاضاحي من منى، فقال: «كنا نقول: لا يخرج منها شي ء، لحاجة الناس
اليه، و اما اليوم فقد كثير الناس فلا باس باخراجه » (342) .

هذا في اللحوم.

و اما الجلود و غيرها من الاجزاء-كالاطراف و الامعاء و الشحم و القرن و
غيرها-فظاهر بعض المحرمين في اللحم التحريم فيها ايضا (343) .

و عن الشهيد الثاني التصريح به (344) ، و استدل له ببعض الاخبار الآمرة بالتصدق
بطائفة من هذه الاشياء و الناهية عن اعطائها الجزارين (345) .

و هو غريب، لان كلا منها غير الاخراج، و مع ذلك صرح في المرسلة و الموثقة
المتقدمتين بجواز اخراج الجلد و السنام، فالحق: الجواز.

و لا تنافيه صحيحة محمد: عن اللحم ايخرج به من الحرم؟ فقال:

«لا يخرج منه شي ء الا السنام بعد ثلاثة ايام » (346) ، لان الظاهر رجوع الضمير الى
اللحم، مع انه لا يثبت ازيد من المرجوحية، و لو سلم يجب الحمل عليها، لما مر.

و الظاهر عدم جواز اعطاء الجلود و لا شيئا آخر الجزار و السلاخ، للنهي عنه في
صحيحة البختري (347) ، و رواية ابن عمار (348) ، و رواية سليمان بن جعفر: «و انما يجوز
للرجل ان يدفع الاضحية الى من يسلخها بجلدها، لان الله تعالى قال: «فكلوا منها و
اطعموا» ، و الجلد لا يؤكل و لا يطعم، و لا يجوز ذلك في الهدي » (349) .

و هل المنع يختص بالاعطاء اجرة، او مطلقا؟

ظاهر الاطلاق: الثاني.

و قيده جماعة بالاول (350) ، و لعله لكونه الظاهر من المنع.

و فيه: منع ظاهر، و امر الاحتياط واضح، و الله العالم.

/ 20