القسم الثالث: ما يختص بالمراة
و هو امر واحد:
و هو: تغطية الوجه، فانها محرمة عليها، بلا خلاف يعرف كما في الذخيرة (1) ، بل
بالاجماع كما في المنتهى و المدارك (2) ، و في التذكرة و المفاتيح: الاجماع على
حرمة النقاب عليها (3) .
و تدل عليها من الاخبار صحيحة الحلبي: «مر ابو جعفر عليه السلام بامراة متنقبة
و هي محرمة، فقال: احرمي و اسفري و ارخي ثوبك من فوق راسك، فانك ان تنقبت لم
يتغير لونك، فقال رجل: الى اين ترخيه؟
فقال: تغطي عينها، قال: قلت: تبلغ فمها؟ قال: نعم » (4) .
و صحيحة عبد الله بن ميمون (5) المتقدمة في مسالة تغطية الراس.
و رواية احمد بن محمد: «مر ابو جعفر عليه السلام بامراة محرمة قد استترت بمروحة
فاماط المروحة بنفسه عن وجهها» (6) .
و رواية ابن عيينة: ما يحل للمراة ان تلبس من الثياب و هي محرمة؟
قال: «الثياب كلها ما خلا القفازين و البرقع و الحرير» (7) .
و صحيحة عيص: «المراة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين، و
كره النقاب » ، و قال: «تسدل الثوب على وجهها» ، قلت: حد ذلك الى اين؟ قال: «الى طرف
الانف قدر ما تبصر» (8) .
و رواية يحيى بن ابي العلاء: «كره للمحرمة البرقع و القفازين » (9) .
و اما صحيحتا زرارة و السراد المتقدمتين (10) في مسالة تغطية الراس، فظاهر بعض
المتاخرين (11) حملهما على الاسدال المجوز لها كما ياتي، و يمكن التخصيص بحالة
النوم ان كان به قول.
و اكثر هذه الروايات و ان كانت متضمنة للنقاب و البرقع الا ان العلتين
المصرحتين بهما في الصحيحتين الاوليين تقتضيان التعميم.
و كذا الامر بالاسفار في الاولى، و اماطة المروحة في الثالثة، و قوله في رواية
سماعة الواردة في المحرمة: «و لا تستتر بيدها من الشمس » (12) .
و لذا ذكر جماعة من الاصحاب انه لا فرق في التحريم بين التغطية بثوب و غيره (13) .
و احتمل بعضهم التخصيص بالنقاب (14) ، و استشكل آخر في التغطية بغير الثوب (15) ، و هما
و ان لم يناسبا مع العلتين، [و لكن يناسب الاول] (16) ، لما ياتي من تجويز اسدال
الثوب.
نعم، يستثنى منها اسدال الثوب و ارساله من راسها الى وجهها، بلا خلاف فيه يعلم،
كما في المنتهى (17) ، و بالاجماع كما في التذكرة (18) .
و تدل عليه من الاخبار صحيحتا الحلبي (19) و العيص (20) المتقدمتين، و صحيحة ابن
عمار: «تسدل المراة الثوب على وجهها من اعلاها الى النحر اذا كانت راكبة » (21) .
و صحيحة حريز: «المحرمة تسدل الثوب على وجهها الى الذقن » (22) (23) .
و روي عن عائشة: كان الركبان يمرون بنا و نحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه
و اله فاذا جاءونا سدلت احدانا جلبابها من راسها على وجهها، فاذا جاوزونا
كشفنا (24) .
و هذه الروايات و ان كانت مختلفة في التحديد، الا ان مقتضى الجمع جواز السدل
الى النحر، لعدم معارضة[بعض] (25) هذه الاخبار مع بعض.
و كذا لا يختص بحال الركوب كما اشترط في صحيحة ابن عمار، اذ لا يثبت من
مفهومها الحرمة في غير تلك الحالة.
و ظاهر تلك الاخبار عدم اعتبار مجافاة الثوب عن الوجه، كما قطع به في
، للاطلاقات (28) ، و عدم انفكاك السدل من
اصابة البشرة.
و اشترط في القواعد عدم الاصابة (29) ، و اوجب في المبسوط و الجامع المجافاة
بخشبة و نحوها لئلا يصيب البشرة (30) ، و عن الشيخ: ايجاب الدم لو اصاب البشرة و لم
تزل بسرعة (31) ، و لا ارى مستندا لشي ء من ذلك.
الا ان المسالة بعد عندي من المشكلات، لان مقتضى العلتين المذكورتين حرمة
التغطية مطلقا، و مقتضى تجويز السدل مطلقا رفع اليد عن العلتين و جواز
التغطية بالسدل، فتبقى حرمة النقاب و البرقع خاصة او بغير السدل.
و الاولى هو الاخير، و حمل العلة الاولى على الاولوية و الثانية على الاحرام
بترك غير السدل مما يغطي، و الاحوط مراعاة المجافاة ايضا، و الله العالم.
1) الذخيرة: 599.
2) المنتهى 2: 790، المدارك 7: 359.
3) التذكرة 1: 337، المفاتيح 1: 333.
4) الكافي 4: 344-3، التهذيب 5: 74-245، الوسائل 12: 494 ابواب تروك الاحرام ب
48 ح 3.
5) الكافي 4: 345-7، الفقيه 2: 219-1009، المقنعة: 445، الوسائل 12: 505 ابواب تروك
الاحرام ب 55 ح 2.
6) الكافي 4: 346-9، الفقيه 2: 219-1010 بتفاوت يسير، قرب الاسناد: 363-1300،
الوسائل 12: 494 ابواب تروك الاحرام ب 48 ح 4.
7) الكافي 4: 345-6، التهذيب 5: 75-247، الاستبصار 2: 309-1101، الوسائل 12: 367
ابواب الاحرام ب 33 ح 3.
8) الكافي 4: 344-1، التهذيب 5: 73-243، الاستبصار 2: 308-1099، الوسائل 12: 368
ابواب الاحرام ب 33 ح 9.
9) الفقيه 2: 219-1012، الوسائل 12: 495 ابواب تروك الاحرام ب 48 ح 9.
10) في ص: 19.
11) انظر مجمع الفائدة 6: 350.
12) الفقيه 2: 220-1017، الوسائل 12: 495 ابواب تروك الاحرام ب 48 ح 10.
13) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام 1: 331، و صاحب الرياض 1: 378.
14) كصاحب المدارك 7: 361، و صاحب الرياض 1: 379.
15) كصاحب المدارك 7: 360.
16) بدل ما بين المعقوفين في «س » و «ق » : لا يناسب الاول، و في «ح » : لا يناسب العلة
الاولى، و الصحيح ما اثبتناه.
17) المنتهى 2: 791.
18) التذكرة 1: 337.
19) الكافي 4: 344-3، التهذيب 5: 74-245، الوسائل 12: 494 ابواب تروك الاحرام ب
48 ح 3.
20) الكافي 4: 344-1، التهذيب 5: 73-243، الاستبصار 2: 308-1099، الوسائل 12: 368
ابواب الاحرام ب 33 ح 9.
21) الفقيه 2: 219-1008، الوسائل 12: 495 ابواب تروك الاحرام ب 48 ح 8.
22) الفقيه 2: 219-1007، الوسائل 12: 495 ابواب تروك الاحرام ب 48 ح 6.
23) في «س » : زيادة: وزرارة المتقدمة: «تسدل ثوبها الى نحرها» و لم تتقدم، و هي في
الفقيه 2: 227-1074، الوسائل 12: 495 ابواب تروك الاحرام ب 48 ح 7.
24) سنن البيهقي 5: 48 بتفاوت يسير.
25) ليست في النسخ، اضفناها لاستقامة العبارة.
26) المنتهى 2: 791.
27) كالشهيد الثاني في المسالك 1: 111، و صاحب الرياض 1: 379.
28) الوسائل 12: 493 ابواب تروك الاحرام ب 48.
29) القواعد 1: 80.
30) المبسوط 1: 320، الجامع للشرائع: 187.
31) المبسوط 1: 320.