نفسك و دينك بدين غيرك أو بدنياه، و أنت معذلك لا تأمن عقوبة الدنيا، و هو أن يهتكالله سترك، كما هتكت بالتعجب ستر أخيك.
فإذا علاج جميع ذلك المعرفة فقط، و التحققبهذه الأمور التي هي من أبواب الإيمان.
فمن قوى إيمانه بجميع ذلك، انكف لسانه عنالغيبة لا محالة
بيان تحريم الغيبة بالقلب
اعلم أن سوء الظن حرام،
مثل سوء القول. فكما يحرم عليك أن تحدثغيرك بلسانك بمساوي الغير، فليس لك أنتحدث نفسك و تسيء الظن بأخيك. و لست أعنىبه إلا عقد القلب و حكمه على غيره بالسوء.فأما الخواطر و حديث النفس، فهو معفو عنه.بل الشك أيضا معفو عنه. و لكن المنهي عنه أنيظن و الظن عبارة عما تركن إليه النفس، ويميل إليه القلب. فقد قال الله تعالى: ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُواكَثِيراً من الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَالظَّنِّ إِثْمٌ.
و سبب تحريمه أن أسرار القلوب لا يعلمهاإلا علام الغيوب، فليس لك أن تعتقد في غيركسوأ إلا إذا انكشف لك، بعيان لا يقبلالتأويل، فعند ذلك لا يمكنك إلا أن تعتقدما علمته و شاهدته. و ما لم تشاهده بعينك، ولم تسمعه بأذنك، ثم وقع في قلبك، فإنماالشيطان يلقيه إليك، فينبغي أن تكذبه،فإنه أفسق الفساق. و قد قال الله تعالى. ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْجاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُواأَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ
فلا يجوز تصديق إبليس: و إن كان ثم مخيلةتدل على فساد، و احتمل خلافه، لم يجز أنتصدق به، لأن الفاسق يتصور أن يصدق فيخبره، و لكن لا يجوز لك أن تصدق به.
حتى أن من استنكه فوجد منه رائحة الخمر،لا يجوز أن يحد، إذ يقال يمكن أن يكون قدتمضمض بالخمر و مجها، و ما شربها، أو حملعليه قهرا. فكل ذلك لا محالة دلالة محتملة