و عند أبي يوسف و محمد رحمهما الله تعالى تعتق لان قبض المرتد عندهما جائز كقبض المسلم بمنزلة قولهما في تصرفات المرتد و أما في قول أبى حنيفة تصرفات المرتد تتوقف و تبطل بقتله فكذلك قبضه نصيبه من البدل كان موقوفا و بالقتل تبين أنه كان حق الوارث فكان قبضه باطلا و ترجع الورثة على الشريك بنصف ما أخذ كما لو كان هو أخذ نصيبه وحده و لهذا لا يعتق نصيب الشريك منها أيضا ثم يستسعونها في النصف الباقى فان عجزت ردت في الرق بمنزلة مكاتبة أدت نصف البدل إلى الموليين ثم عجزت ثم أشار في الاصل إلى أنه و ان كاتبه في حالة الردة لم يجز قبضه لبدل الكتابة بخلاف ما إذا باعه في حالة الردة و قبض ثمنه كان جائزا من قبل ان بالردة صار ماله كأنه للوارث و العاقد في باب الكتابة لا يستحق قبض البدل بعقده إذا كانت المكاتبة لغيره بخلاف العاقد في باب البيع فان حق قبض الثمن له و ان كان البيع لغيره و كان في هذا الكلام نظر لان بيعه في كسب اسلامه لا ينفذ بعد الردة ما لم يسلم و بعد الاسلام يجوز قبضه في المكاتبة و فى المثن جميعا و انما هذا الفرق فيما إذا كان البيع و الكتابة قبل الردة فلا يجوز قبضه لبدل الكتابة بعد الردة و يجوز قبضه الثمن بحق العقد و نما لحقه الحجر بالردة كالعبد المأذون إذا باع شيئا ثم حجر عليه مولاه كان قبضه الثمن صحيحا و لو لحق المرتد منهما بدار الحرب فأدت جميع الكتابة إلى الشريك الآخر لم تعتق لان قبضه نصيب ورثة المرتد باطل و ان أدت إلى الشريك الباقى و إلى ورثة المرتد عتقت إذا كان قد قضى بلحاقه كما لو مات فدفعت الكتابة إلى الشريك الحى و إلى ورثة الميت و ان عجزت بعد ما ارتد أحدهما فردها في الرق ثم قتل المرتد على ردته فهي على مكاتبتها لان فسخ الكتابة في نصيب المرتد باطل عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى ككتابته و الكتابة إذا كانت واحدة لا يمكن فسخها في البعض دون البعض بسبب العجز كما لو كان أحد الموليين غائبا فعجزت عن للكاتبة لم يسفخ القاضي العقد بخصومة الشاهد منهما حتى يحضر الآخر و إذا ارتد الشريكان معا ثم عجزت المكاتبة فرداها في الرق فان أسلما فهي أمة قنة بينهما و ان قتلا علي الردة فهي على مكاتبتها و ان كانت المكاتبة بين رجلين فولدت بنتا ثم ان أحذ الموليين وطي الابنة فعلقت منه و وطئ الآخر الام فعلقت منه فقالتا نحن نعجز فذلك لهما و مراده أن للام ان تعجز نفسها لانه تلقاها جهتا حرية و أما الولد فليس من هذا الخيار في شيء لانه ليس عليه شيء من البدل
(43)
فإذا اختارت الام المضي على الكتابة أخذت كل واحدة منهما عقرها من الواطي و عقر الابنه يكون للام بمنزلة الكسب و ان عجزت كانت كل واحدة منهما أم ولد للذي وطئها و يضمن نصف قيمتها و نصف عقرها لشريكه و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله تعالى إذا كاتب الرجل نصيبه من عبده بغير اذن شريكه فللشريك أن يرد ذلك و لا يرده الا بقضاء القاضي الا أن يرضى العبد و مولاه الذي كاتبه أن ينقض الكتابة و هذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى أيضا لان ثبوت حق الفسخ للآخر مختلف فيه بين العلماء فلا يتم الا بقضاء القاضي أو التراضى كالرجوع في الهبة و هذا لان الفاسخ انما يفسخ باعتبار ملكه و العاقد يمنعه من ذلك باعتبار ملكه أيضا فإذا استوت الاقدام كان الفضل إلى القاضي و الله سبحانه و تعالى أعلم بالصواب و اليه المرجع و المآب ( باب مكاتبة الرجل شقصا من عبده ) ( قال ) رضى الله عنه و إذا كاتب الرجل نصف عبده جاز ذلك و صار كله مكاتبة بذلك في قول أبى يوسف و محمد رحمهما الله تعالى لان الكتابة عندهما لا تتجزأ كالعتق و عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى يقتصر على القدر الذي كاتب منه فان أدى المكاتبة عتق منه ذلك القدر و يسعى فيما بقي من قيمته على قدر ما يطيق بمنزلة رجل أعتق بعض عبده و معنى هذا أنه ليس للمولى أن يطالبه بالسعاية في الحال و لكن بجعله منجما عليه بحسب ما يعلم أنه يطيق اداءه لانه معسر فيستحق النظرة النى الميسرة بالنص و لان مقصود تكميل العتق دون التضييق عليه و ان اكتسب العبد ما لا قبل الاداء اليه فنصفه له و نصفه للمولى لان نصفه مملوك للمولى مكاتب و الكسب يملك بملك الاصل و ما اكتسب بعد الاداء ليس للمولى منه شيء لان النصف منه عتق بالاداء و النصف الآخر يستسعى كالمكاتب فيكون هو أحق بجميع كسبه بعد الاداء و إذا كاتب نصفه ثم أراد أن يحول بينه و بين الكسب لم يكن له ذلك لان مقصود المولى بالكتابة تمكينه من التقلب و التكسب ليؤدى به البدل و قد ثبت هذا الحق للمكاتب بكتابة النصف لازما فكما لا يكون له أن يفسخ الكتابة لا يكون له أن يحول بينه و بين الكسب و إذا أراد أن يخرج من المصر فله أن يمنعه في القياس لان نصفه مملوك له و للمولى أن يمنع ملكه من السفر و لا يتأتي السفر في قدر ما صار مكاتبا
(44)
منه وحده فكان للمولى أن يمنع دفعا للضرر عن ملكه كم استأجر دابه ليركبها هو ليس له أن يركب غيره أو استأجر ثوبا ليلبسه هو ليس له أن يلبس غيره لان الركوب و اللبس يتفاوت فيه الناس فيصير المستأجر ممنوعا من التصرف فيما يملكه من المنفعة على وجه يحلق الضرر بصاحب الثوب و لكنه في الاستحسان لا يمنع من ذلك لان المولى أثبت له حق التقلب و التكسب و ربما لا يحصل له هذا المقصود في المصر و الخروج من المصر للطلب طريق ظاهر بين الناس فيصير مثبتا له ذلك الحق حين كاتب نصفه فلا يمنعه بعد ذلك منه و هذا أولى الوجهين بالاخذ به لان المقصود من هذا العقد الارفاق به و كذلك لو أراد أن يستخدمه أو يستسعيه يوما و يخلى عنه يوما للكسب فله ذلك في القياس لان خدمته و منفعته ككسبه فكما أن للمولى أن يأخذ نصف كسبه فكذلك له أن يجعل نصف خدمته لنفسه بالتهايؤ بينه و بين نفسه و فى الاستحسان لا يعرض له في شيء حتى يؤدى أو يعجز لانه أثبت له حق التقلب و التكسب و ذلك بمنافعه يكون فمن ضرورة ثبوت هذا الحق له لازما ان يكون أحق بمنافعه و هذا أولى الوجهين بالاخذ به لانه ارفاق به و ليس فيه ضرر على مولاه فانه إذا اكتسب بمنافعه كان للمولى أن يأخذ نصفه فيكون هذا تحويلا لحقه من المنفعة إلى الكسب و لا ضرر فيه و لو جعلنا المكاتب أحق بكسبه كان فيه إبطال حق المولى عن نصف الكسب فلهذا لا يعتبر الارفاق في ذلك و إذا كاتب نصف جاريته فولدت ولدا كان ولدها بمنزلتها و نصف كسبه للمولى لان نصف الولد مملوك كنصف الام و نصف كسبه للام لانه داخل في كتابتها فتأخذ حصة ذلك من كسبه فان أدت عتق نصفها و نصف الولد معها و يعسى كل واحد منهما في نصف قيمته لان كل واحد منهما معتق البعض و قد احتبس ما بقي من ملك المولى فيه عنده و كل واحد منهما مقصود في هذه السعاية فإذا اكتسب الولد بعد ذلك فذلك الكسب له دون أمه و مولاه لانه صار كالمكاتب بما لزمه من السعاية في نصف قيمته مقصودا و ان ماتت الام قبل أن تؤدى شيئا من كتابتها يسعى الولد في المكاتبة لان نصفه تبع للام في الكتابة فيقوم مقامها بعد موتها في السعاية و فى المكاتبة فإذا أداها عتق نصفها كما لو أدت في حال حايتها و يسعى بعد ذلك في نصف قيمته و لا يسعى في نصف قيمة أمه لان في السعاية في نصف القيمة كل واحد منهما مقصود فلا يجب عليه ما كان واجبا عليها من السعاية لان ذلك في حكم التبعية و لا تبعية هنا في حق
(45)
ذلك النصف و هو بمنزلة رجل أعتق نصف جاريته و نصف ولدها ثم ماتت الام فلا سعاية على الولد من قبل الام و لو كان أعتق نصف أمته و هي حبلى فولدت بعد ذلك أو حبلت بعد العتق فهذا الولد يسعى فيما على أمه إذا ماتت لان جميع الولد تبع لها ألا ترى أنه ليس عليه شيء من السعاية مقصودا فيسعى فيما عليها بعد موتها و إذا كاتب نصف أمته فولدت ولدا ثم ماتت الام و تركت ما لا و عليها دين قضى الدين من جميع تركتها أولا لان نصفها مكاتب و نصفها مأذون و دين المأذون في كسبه مقدم على حق المولى و يكون للمولى نصف ما بقي بعد الدين لان نصفه ملكه و كسب ذلك النصف له بعد الفراغ من الدين و نصف المكتسب لها فيؤدى من ذلك كتابتها فان بقي شيء أخذ المولى نصف قيمتها لانه كان يستسعيها في نصف القيمة بعد أداء الكتابة لو كانت حية فيأخذ ذلك من تركتها بعد موتها و الباقى ميراث لورثتها لانا حكمنا بموتها حرة و لا يرث هذا الولد منها شيئا لان استناد العتق في الولد إلى حال حياتها كان في النصف الذي هو تبع لها و فى النصف الباقى الولد مقصود فان عليه أن يسعى في نصف قيمته و لا يعتق الابعد أداء سعايته فكان بمنزلة المملوك عند موت أمه فان لم تدع الام شيئا سعى الولد في الدين كله لان في حكم الدين الولد قائم مقام لام كولد المأذونة و ولد المكاتبة يسعى في الكتابة أيضا لهذا المعنى ثم يسعى في نصف قيمة نفسه لانه معتق النصف بعد أداء الكتابة و لا يسعى في نصف قيمة الام لما بينا أنه ليس بتبع لها في هذا النصف فان أدى الكتابة قبل أن يؤدى دين الغرماء عتق نصف و نصف أمه كما لو أدت في حياتها و لم يرجع الغرماء على المولى بما أخذ لكنهم يتبعون الولد بالدين لانه قائم مقامها فأخذه بدل الكتابة منه كأخذه منها و اذ أخذ منها كان المأخوذ سالما و الغرماء يتبعونها بديونهم فكذلك الولد و ما اكتسب الولد قبل أن يؤدى الكتابة فنصفه للمولى بعد الدين لان الولد بمنزلتها و قد بينا أنه يبدأ بالدين من كسبها ثم يسلم للمولى نصف ما بقي باعتار ملكه في نصفها فكذلك الولد رجل كاتب نصف أمته فاستد انت دينا سعت في جميع الدين لان كتابة النصف من المولى يتضمن الاذن للنصف الآخر في التجاره على ما بينا أنه تمليك لها من التقلب و التكسب و من ضرورته الاذن في التجاره فان عجزت كان جميع الدين في جميع رقبتها تباع في ذلك لان جميع الدين ظهر وجوبه في حق المولى باعتبار الاذن
(46)
فتباع فيه بعد العجز و كذلك ان كانت لشريكين و كاتبها أحدهما باذن شريكه فاستد انت دينا ثم عجزت فالدين في جميع رقبتها تباع فيه لان رضا الشريك بالكتابة يتضمن الاذن لما في التجارة في نصيب نفسه ضرورة عبد بين رجلين اذن له أحدهما في التجارة فاستدان دينا فهو في نصيب الآذن خاصة لان الاذن رضى بتعلق الدين بمالية رقبته و ذلك منه صحيح في نصيبه دون نصيب شريكه و كذلك ان كاتب أحدهما بغير اذن شريكه لان الشريك لم يرض بتعلق الدين بنصيبه و لا بثبوت حكم الاذن في نصيبه بخلاف ما إذا كانت الكتابة باذنه فان اشترى الذي أذن له في التجارة نصيب شريكه بعد ما لحقه الدين فالدين في النصف الاول خاصة كما لو كان قبل شرائه و كذلك مالستدان بعد هذا بغير علم مولاه لان حكم الاذن لم يثبت في المشترى بنفس شرائه و هذا النصف كان محجورا قبل الشراء و تأثير الشراء في رفع الاذن الثابت لا في إثباته و ان علم أنه يشترى و يبيع فلم ينهه فالقياس كذلك لان شراءه و بيعه صحيح باعتبار الاذن في نصفه و تأثير سكوت المولى في إثبات الرضا بتصرفه لينفذ ذلك دفعا للضرر و الغرور عمن عامله و ذلك حاصل بدون ثبوت الاذن في النصف الباقى فلا يجعل سكوته اذنا و فى الاستحسان يلزمه جميع ذلك في جميع الرقبة اعتبارا للبعض بالكل فانه لو كان الكل محجورا فرآه المولى ببيع و يشترى فلم ينهه صار الكل مأذونا فكذلك إذا كان النصف محجورا لان سكوته عن النهى بعد العلم بتصرفه بمنزلة التصريح بالاذن و إذا كاتب نصف عبده لم يكن له أن يبيع الباقى لانه ثبت للعبد حق التكسب و التقلب لازما و فى بيع الباقى إبطال هذا الحق عليه فان باعه من العبد عتق النصف الذي باعه لان بيع النصف من نفسه إعتاق و كتابة البعض لا تمنع إعتاق ما بقي منه لان في الاعتاق تقرير حقه لا ابطاله و له الخيار ان شاء عجز وسعى في نصف قيمته و ان شاء مضى على الكتابة فان مضى على الكتابة وادي بعضها ثم عجز حسب له ما أدى من نصف القيمة وسعى فيما بقي منه لان بعتق النصف صار هو أحق بجميع كسبه و للمولى عليه اما الكتابة و اما نصف القيمة فما سبق فيه يكون محسوبا مما له عليه و كذلك بدل الكتابة في حال قيام العقد أو نصف القيمة بعد العجز عنه و ما كان كسبه قبل أن يشترى نفسه فله نصفه و للمولى نصفه لان نصفه كان مملوكا للمولى حين اكتسب هذا المال فان كان أدى إلى المولى شيئا قبل أن يشترى نفسه فقال المولى اطرح نصف ذلك المؤدى لان لي نصف الكسب فله ذلك ان كان أداه
(47)
من شيء اكتسبه و ان كان أداه من دين استدانه فلا شيء للمولى من ذلك لما قلنا انه في النصف الآخر مأذون له و لا يسلم كسبه للمولى الا بعد الفراغ من دينه و لو كاتب نصف عبده ثم اشترى السيد من المكاتب شيئا جاز الشراء في نصفه لان النصف منه مكاتب و النصف مأذون و شراء المولى من مكاتبه مفيد و شراؤه من المأذون إذا لم يكن عليه دين مفيد فلهذا كان نصف المشترى للسيد بنصف لثمن و النصف الآخر للسيد بقديم ملكه و ان اشترى المكاتب من مولاه عبدا ففى الاستحسان جاز شراؤه في الكل كما لو اشتراه من غيره لان النصف منه مكاتب و النصف مأذون و فى القياس لا يجوز شراؤه الا في النصف لان النصف منه مكاتب و النضف مملوك للمولى و شراء المملوك من مولاه لا يجوز إذا لم يكن عليه دين لانه مفيد و يجوز إذا كان عليه دين لانه مفيد فكذلك هنا و بالقياس نأخذ لانه أقوى الوجهين فالعقود الشرعية مطلوبة بعينها بل لفائدتها و الله سبحانه و تعالى أعلم بالصواب و اليه المرجع و المآب ( باب كتابة العبد المأذون ) ( قال ) رضى الله عنه و إذا كاتب الرجل عبده المأذون جاز إذا لم يكن عليه دين و ان كان عليه دين يحيط برقبته أو لا يحيط بها فللغرماء أن يردوا الكتابة بمنزلة ما لو باعه المولى لان هناك الغرماء يتوصلون إلى حقهم من الثمن في الحال وهنا لا يتوصلون إلى حقهم لان بدل الكتابة منجم مؤجل عليه فإذا كان لهم أن ينقضوا البيع لدفع الضرر عنهم فلان يكون لهم أن ينقضوا الكتابة أولى فان أخذ المولى الكتابة أو بعضها ثم علم الغرماء بذلك فلهم أن يأخذوا ذلك من المولى لان حق الغرماء في كسبه مقدم على حق المولى فلا يسلم للمولى شيء من كسبه ما بقي حق الغرماء و لكن العبد قد عتق ان كان أدى جميع الكتابة لوجود الشرط بمنزلة ما لو أعتقه المولى فان قيام الدين عليه لا يمنع صحة إعتاق المولى إياه فان بقي من دينهم شيء كان لهم أن يضمنوا المولى قيمته لان مالية رقبته كان حقا للغرماء حتى يبيعوه في دينهم و قد أبطل المولى ذلك عليهم بالاعتاق فيضمن قيمته ثم يتبعون العبد ببقية ديهم لانه كان في ذمته و بالعتق تقوى ذمته و لا يرجع المولى على العبد بالمكاتبة لانه انما كاتبه ليؤدى البدل من كسبه و هو كان عالما في ذلك الوقت أن كسبه مشغول بالدين فيكون راضيا بقبض البدل مشغولا و لان
(48)
البدل للمولى بما أوجبه للعبد من الحق في كسبه و انما أوجب له الحق في كسبه مشغولا بالدين فإذا سلم البدل للمولى مشغولا بالدين تتحقق المساواة و ان لم يأخذ المولى المكاتبة و لم يردها الغرماء حتى قضى المولى ديهم جازت الكتابة لان المانع دينهم و قد ارتفع بوصول دينهم فجازت الكتابة كما لو باعه ثم قضى الدين و هذا لا المانع حق الغرماء و قد ارتفع بوصول دينهم إليهم و لا يرجع على العبد بما أدى عنه من الدين لانه ظهر ملكه بما أدى فهو كما إذا أدى الفداء عن العبد الجاني و لانه أصلح مكاتبته فيكون عاملا لنفسه في ذلك و لانه لم يكن مطالبا باداء هذا الدين و كان هو في الاداء كمتبرع آخر و كذلك ان أبى المولى أن يؤدى الدين فأداه الغلام عاجلا لانه سقط حقهم بوصول دينهم إليهم من جهة العبد رجل كاتب أمته و عليها دين فولدت ولدا وأدت المكاتبة ثم حضر الغرماء فلهم أن يأخذوا المكاتبة من السيد لانه كسبها و يضمنونه قيمة الجارية لانه أتلف ماليتها عليهم بالعتق و يرجعون بفضل الدين ان شاؤوا على الجارية و ان شاؤوا على الولد لان حق الغرماء كان متعلقا بمالية الولد لما انفصل بعد لحوق الدين إياها ألا ترى أنه يباع في ديونهم و قد احتبست تلك المالية عند الولد بالعتق فيبيعونه بدينهم ان شاؤوا و لكن لا يأخذون منه الا مقدار قيمته لان وجوب الدين عليه باحتباس ماليته عنده فيتقدر بذلك القدر و ان شاؤوا رجعوا على الجارية بجميع ديونهم لان ذمتها تأكدت بالعتق و ليس لهم أن يضمنوا المولى قيمة الولد لانه ما صنع في الولد شيئا و انما عتق الولد تبعا للام بجهة الكتابة و ان ماتت الام بعد أداء بدل الكتابة فعلى الولد الاقل من قيمته و من الدين لما قلنا أمة بين رجلين أذن لهما أحدهما في التجارة فاستد انت دينا ثم كاتب الآخر نصيبه منها باذن شريكه فأبى الغرماء أن يجيزوا ذلك فلهم ذلك لانهم استحقوا بيع نصيب الآذن في ديونهم و فى لزوم الكتابة في النصف الآخر إبطال هذا الحق عليهم لان مكاتب البعض لا يباع و لان اذن الشريك معتبر في حق الغرماء لان حقهم في نصيبه مقدم على حقه فيجعل وجود اذنه كعدمه فان رضوا به جاز لان المانع حقهم و ان لم يحضر الغرماء حتى أخذ المولى الكتابة عتق نصيبه لوجود شرطه و يأخذ الغرماء نصف ما أخذ من كسبه و نصف حصة نصيب الآذن و هو مشغول بديونهم ثم يرجع به الذي كتابته على المكاتبة لان نصيب المكاتب من الكسب قد سلم لها و لم يسلم له جميع البدل