وجد بعد التقابض في المجلس في حصة الصرف و كذلك لو أجله في الخمسين الباقية إلى شهر لانه ثمن مبيع لو أبرأه عنه جاز فكذلك إذا أجله فيه و كذلك لو كان الثمن عشرة دنانير فنقد منها حصة الحلية و صالحه من الباقى على دراهم أو على ثوب و تقابضا فهو جائز لان الباقى ثمن المبيع و الاستبدال بالثمن قبل القبض جائز و الله أعلم ( باب الصلح في الصرف ) قال رحمه الله رجل اشترى عبدا بمائة دينار و تقابضا و تفرقا ثم وجد بالعبد عيبا فأقر البائع به أو أنكره ثم صالحه على دينار و تفرقا قبل القبض فالصلح جائز لان ما وقع عليه الصلح حصة الجزء الفائت بالعيب و انما استرده لفساد العقد فيه بفوات ما يقابله و القبض في المجلس ليس بشرط في مثله و ان كان الدينار أكثر من قيمة العيب أو أقل فهو فاسد لانهما قدرا حصة العيب به و اليهما ذلك التقدير كما كان التقدير في أصل بدل العبد إليهما و لانه لما صالحه على دينار فكان بائع العبد حط من الثمن العبد الدينار فان الفائت بالعيب وصف و الثمن لا يقابل الوصف و الحط تارة يكون بسبب العيب و تارة يكون لا بسبب العيب يثبت على سبيل الالتحاق بأصل العقد يلزمه رد قدر المحطوط دينا في ذمته و لا يضرهما ترك القبض فيه في المجلس و يصح التأجيل فيه ان أجله .
و لو صالحه على دراهم مسماة و قبضها قبل أن يتفرقا جاز و ان افترقا قبل القبض انتقض الصلح أما على الطريق الاول فما وقع عليه الصلح من الدراهم يكون بدلا عن حصة العيب و ذلك من الدنانير و مبادلة الدراهم بالدنانير يكون صرفا و على الطريق الثاني انما يصح بطريق الحط و الحط من الثمن و هو الدنانير فالدراهم بدل عنه ثم ما وقع عنه الصلح كان دينا فإذا لم يقبض بدله حتى افترقا كان دينا بدين فإذا بطل الصلح استقبل الخصومة في العيب كما كان عليه قبل الصلح لان الصلح مع الانكار لا يتضمن الاقرار بالعيب و كذلك ان ضرب للدراهم أجلا ثم فارقه قبل أن يقبضها أو اشترطا في الصلح خيارا ثم افترقا قبل أن يبطل صاحب الخيار خياره و إذا ادعى على رجل مائة درهم فأنكره أو أقر به ثم صالحه منها على عشرة دراهم حاله أو إلى أجل أو بشرط خيار ثم افترقا فالصلح جائز لان صحة هذا العقد بطريق الابراء دون المبادلة فيكون في الابراء محسنا من وجهين بترك ما زاد على العشرة و بالتأجيل في العشرة و ان صالحه على خمسة دنانير ثم افترقا قبل أن
يقبضها انتقض الصلح لان صحة هذا الصلح باعتبار المبادلة لان ما وقع عليه الصلح ليس من جنس الدين و مبادلة الدراهم بالدنانير صحيحة بشرط القبض في المجلس فيبطل بالافتراق قبل القبض و كذلك ان كانت إلى أجل أو فيها شرط خيار و افترقا على ذلك فهو فاسد لان العقد صرف أما عند اقرار المدعى عليه فلا اشكال و كذلك عند جحوده لان صحة الصلح مع الانكار بناء على زعم المدعى و إذا ماتت المرأة و تركت ميراثا من رقيق و عروض و حلى و ذهب و تركت أباها و زوجها و ميراثها عند أبيها فصالح زوجها من ذلك على مائة دينار و لا يعلم مقدار نصيبه من الذهب فالصلح باطل لجواز أن يكون نصيبه من الذهب هذا المقدار أو أكثر فيبقى نصيبه من سائر الاشياء خاليا عن المقابلة و كذلك لو صالح على خمسمأة درهم و لا يعلم أن نصيبه من الفضة أكثر منها أو أقل و ان صالحه على خمسمأة درهم و خمسين دينارا و تقابضا قبل أن يفترقا جاز ذلك لانه و ان كان نصيبه في كل واحد من النقدين فوق هذا المقدار فتصحيح العقد ممكن بان يجعل ما أخذ من الذهب بالفضة و حصته من العروض و ما أخذ من الفضة بالذهب و حصته من العروض و ان تفرقا قبل أن يقبض شيئا انتقض الصلح لوجود الافترق و الميراث قبل القبض في عقد الصرف فان قبض الزوج الدراهم و الدنانير ثم افترقا و الميراث في منزل الاب انتقض من الصلح حصة الذهب و الفضة لان الاب بيده السابقة لا يصير قابضا ما كان حصة الزوج من الذهب و الفضة لان يده كانت يد أمانة و العقد فيها صرف فيبطل بالافتراق قبل القبض و فيما سوى ذلك العقد بيع فلا يبطل بترك قبض المعقود عليه في المجلس و ان قبض الاب ذلك و قبض الزوج بعض الدراهم و الدنانير فان كان ما قبض بقدر حصة الذهب و الفضة فالصلح ماض لما بينا أن المقبوض مما كان قبضه مستحقا في المجلس و هو حصة الذهب و الفضة و ان كان النقد أقل من ذلك بطل من الذهب و الفضة حصة ما لم ينقد و جاز في حصة ما انتقض اعتبارا للبعض بالكل و جاز ما سوى ذلك من الحلى لان العقد فيه بيع لا صرف و إذا ادعى الرجل سيفا محلى بفضة في يد رجل فصالحه منه على عشرة دنانير و قبض منها خمسة دنانير ثم افترقا أو اشترى بالباقي منه ثوبا قبل أن يتفرقا و قبضه فان كان نقد من الدنانير بقدر الحلية و حصتها فالصلح ماض لان النقود حصة الحلية فان قبضه مستحق في المجلس و الباقى حصة السيف و ترك القبض فيه لا يضر و الاستبدال به قبل القبض صحيح و ان كان نقد أقل من حصة الحلية فالصلح فاسد لان بقدر ما لم ينقد من
ثمن الحلية يبطل الصلح فيه و الكل في حكم شيء واحد فإذا بطل العقد في بعضه بطل في كله و شراء الثوب فاسد أيضا لانه دخل بعض ثمن الحلية فيه و الاستبدال ببدل الصرف قبل القبض لا يجوز فإذا بطل في ذلك الجزء بطل في الكل و هذا على الاصل الذي قلنا ان الصلح على الانكار مبنى على زعم المدعى .
و إذا اشتري لرجل ابريق فضة فيه ألف درهم بمائة دينار و تقابضا ثم وجد بالابريق عيبا فله أن يرده لفوات ما صار له مستحقا بعقد المعاوضة و هو السلامة عن العيب فان صالحه البائع على دينار و قبض فهو جائز و ان كان الدينا أقل أو أكثر من قيمة العيب في قول أبى حنيفة و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله إذا كان الفضل مما لا يتغابن الناس في مثله فهو جائز و هذا بناء على مسألة كتاب الصلح عن المغصوب المستهلك على أكثر من قيمته يجوز عند أبى حنيفة رضى الله عنه و لا يجوز عندهما لان عندهما الحق في القيمة و هي مقدرة شرعا فالفضل على ذلك يكون ربا الا انه لا يتيقن بالفضل فيما يتغابن الناس في مثله لان ذلك يدخل من تقويم المقومين فهنا أيضا حقه في بدل الجزء الفائت فإذا صالحه على أكثر من ذلك القدر بما لا يتغابن الناس في مثله كان الفضل ربا و عند أبى حنيفة رضى الله عنه يصح الصلح على أن يكون المقبوض عوضا عن أصل ملكه و ان كان مستهلكا فكذلك هنا يصح الصلح على أن يكون المقبوض عوضا عن الجزء الفائت الذي استحقه بالعقد و لا ربا بين الدراهم و الدنانير و لانه يصح الصلح بطريق الحط و هو أن يجعل كانه حط من ثمن الابريق هذا المقدار و لكن الاول أصح لان القبض في المجلس شرط و انما يشترط ذلك إذا جعلنا بدل الصلح عوضا عن الجزء الفائت حتى لا يكون دينا بدين و ان صالحه على عشرة دراهم فهو جائز .
و ان كانت الدراهم أكثر من قيمة العيب عندهم جميعا لان حصة العيب من الذهب و لا ربا بين الدراهم و الدنانير و هذا على قولهما ظاهر و كذلك عند أبى حنيفة رضى الله عنه لانه في الفصل الاول انما يجعل بدل الصلح عوضا عن الجزء الفائت لتصحيح العقد و تصحيح العقد هنا في أن يجعل عوضا عما يخص الجزء الفائت من الذهب و الفضة و يشترط القبض فيه قبل الافتراق فان افترقا قبل القبض أو على شرط أجل أو خيار بطل الصلح لكون العقد صرفا بينهما و ان ادعى على رجل عشرة دراهم و عشرة دنانير فانكر ذلك المدعى عليه أو أقر ثم صالحه على خمسة دراهم نقدا أو نسيئة فهو جائز لان صحة هذا العقد بطريق الابراء و هو أنه أبرأه عن جميع الدنانير
و نصف الدارهم ثم أجله في الباقى من الدراهم فيكون الاحسان كله من جانبه و ذلك جائز قال و ان اشترى قلب ذهب فيه عشرة دنانير بمائة درهم و تقابضا و استهلك القلب أو لم يستهلكه و وجد به عيبا قد كان دلسه له فصالحه على عشرة دراهم نسيئة فهو جائز لان صحة هذا الصلح بطريق الحط أو بطريق أن ما وقع عليه الصلح حصة العيب فيكون ذلك دينا على البائع واجبا بالقبض دون عقد الصرف و التأجيل صحيح في مثله و لو صالحه على دينار لم يجز الا أن يقبضه قبل التفرق لان الدينار عوض عن حصة العيب و ذلك من الدراهم فيكون صرفا فيشترط القبض فيه قبل التفرق و ان اشترى قلب فضة فيه عشرة دراهم بدينار و تقابضا ثم وجد في القلب هشما ينقصه فصالحه من ذلك على قيراطى ذهب من الدينار على أن زاده مشترى القلب ربع حنطة و تقابضا فهو جائز لان ما زاد مشترى القلب يلتحق بأصل العقد و ما زاد الآخر من القيراطين يكون حط بعض البدل و ذلك جائز من كل واحد منهما و يجعل بعض القيراطين ثمن الحنطة و بعضه بحصة العيب و ذلك جائز و ان كانت الحنطة بعيبها و تفرقا قبل التقابض فهو جائز أيضا لان في حصة الحنطة افترقا عن عين بدين و في حصة العيب وجوب الرد بحكم القبض دون العقد فلا يضرهما ترك القبض في المجلس و ان تقابضا ثم وجد في الحنطة عيبا ردها و رجع بثمنها و معرفة ذلك أن يقسم القيراطان على قيمة الحنطة و قيمة العيب فما يخص قيمة الحنطة فهو ثمن الحنطة يرجع به و الله أعلم ( باب الصرف في المرض ) قال رحمه الله مريض باع من أبيه دينارا بألف درهم و تقابضا قال لا يجوز ذلك عند أبى حنيفة رضي الله عنه لان نفس البيع من وارثه وصية له عند أبى حنيفة رحمه الله و لا وصية للوارث و عندهما مضى الوصية في الحط لافي نفس البيع كما في حق الاجنبي فإذا كان البيع بمثل القيمة أو أكثر فلا وصية فيه و لا تهمة و بيان هذا يأتى في كتاب الشفعة ان شاء الله تعالى و لو اشترى من أبيه ألف درهم بمائتي دينار فان أجاز ذلك بقية الورثة فهو جائز لان المانع من الوصية للوارث حق الورثة فان أجازوا ذلك جاز و ان ردوا فهو مردود كله في قول أبى حنيفة رضي الله عنه و عند أبى يوسف و محمد رحمهما الله ان شاء الابن أخذ مثل قيمة الدراهم من الدنانير و ان شاء نقض البيع لان الوصية عندهما بالمحاباة فيبطل
ذلك بالرد من جهة الورثة و يتخير الابن لانه ما رضي بزوال ملكه في الدراهم حتى يسلم له الدناير كلها فإذا لم يسلم تغير عليه عقده فان شاء رضى به و ان شاء نقض البيع و سوى هذا رواية أخرى عنهما أن أصل العقد يبطل إذا حابى المريض وارثه بشيء و يأتي بيان ذلك في الشفعة ان شاء الله تعالى و إذا باع المريض ألف درهم بدينار و تقابضا ثم مات المريض و الدينار عنده و لا مال له ذلك فللورثة أن يردوا ما زاد على الثلث لان المحاباة في المرض تبرع بماله بمنزلة الوصية فانما يجوز من ثلثه و لا يزيد على الثلث فيبطل ذلك إذا لم تجز الورثة ثم يتخير المشترى فان شاء أخذ ثلث الالف كاملا بطريق الوصية و ما بقي قيمة الدينار بطريق المعاوضة لان الدينار في يد الورثة و يرد عليهم ما بقي من الالف و ان شاء أخذ ديناره و يرد الفا لانه ما رضي ان يتملك عليه ديناره حتى يسلم له جميع الالف و لم يسلم و إذا اختار أخذ ديناره فلا شئ له من الالف بطرق الوصية لان الوصية بالمحاباة كانت في ضمن عقدا لصرف و قد بطل العقد فيبطل به ما في قيمته أيضا .
و ان كان المريض قد استهلك الدينار كان للمشتري أن يأخذ قيمة الدينار من الالف بجهة المعاوضة و ثلث ما بقي من الالف بطريق الوصية و لم يجزه هنا لان الدينار مستهلك فلا فائدة في إثبات الخيار له لانه لا يعود اليه ما خرج من ملكه بعينه و كذلك لم يعطه بالوصية ثلث الالف كاملا هنا بخلاف الاول لان هناك الدينار مستهلك فلو أعطيناه بالوصية ثلث الالف كاملا لا يسلم للورثة ضعف ذلك فلهذا قال يأخذ قيمة الدينار من الالف أولا ثم له بالوصية ثلث ما بقي و كذلك إذا باع المريض سيفا قيمته مائة درهم و فيه من الفضة مائة درهم و قيمة ذلك كله عشرون دينارا بدينار و تقابضا فابت الورثة أن يجيزوا كان للمشتري الخيار ان شاء أخذ قدر قيمة الدينار من السيف و حليته و ثلث السيف تاما بعد ذلك و ان شاء رد كله و أخذ ديناره لان المريض حاباه بأكثر من ثلث ماله و هذا و ما سبق في التخريج سواء و ما تختص به هذه المسألة قيمة الدينار له من السيف و الحلية جميعا لان الكل كشيء واحد لا يتأتى إثبات المعاوضة في أحدهما دون الآخر و ان كان المريض قد استهلك الدينار كان المشترى بالخيار هنا ان شاء أخذ دينارا مثل ديناره ورد البيع فيكون ذلك دينا في تركة الميت و يباع السيف حتى ينقد الدينار و ان شاء كان له من السيف و حليته قيمة الدينار و ثلث ما بقي لان السيف مما يضره التبعيض فيثبت الخيار لما لحقه من عيب التبعيض و ان كان الدينار مستهلكا لان المعقود عليه و هو السيف قائم يمكن
فسخ العقد فيه بخلاف الاول فالتبعيض في الالف الاول ليس بعيب فلهذا لم يجعل له الخيار بعد مااستهلك الدينار و ان كان المشترى أيضا قد استهلك ما قبضه جاز له منه قيمة الدينار و ثلث الباقى و غرم ثلثي الباقى للورثة لان فسخ العقد تعذر باستهلاك المعقود عليه فعليه ضمان حصة الورثة من ذلك و هو قيمة ثلثي الباقى و غرم ثلثي الباقى بعد قيمة الدينار لانه لو كان قائما كان لهم حق استرداد ذلك منه فإذا كان مستهلكا فهو غارم قيمة ذلك لهم مريض له تسعمائة درهم و لا مال له غيرها فباعها بدينار و قبضه و قبض الآخر مائة درهم و تسعمأة ثم افترقا و مات المريض و المال قائم و الدينار قيمته تسعه فاجازة الورثة وردهم هنا سواء و له المائة الدرهم بتسع الدينار و يرد عليه ثمانية اتساع الدينار لان عقد الصرف قد بطل في ثمانية اتساع الدينار بترك قبض ما يقابله في المجلس و انما بقي العقد في مقدار المائة و الوصية بالمحاباة كانت في ضمن العقد فانما يبقى فيما بقي فيه العقد و هو المائة و ذلك دون ثلث مال الميت فلا حاجة فيه إلى اجازة الورثة فان لم يكن قبض شيئا رد عليه ديناره بعينه لان العقد قد بطل بالافتراق قبل التقابض فيرد عليه ديناره و لا شيء له من الوصية لانها بطلت ببطلان العقد و ان لم يتفرقا حتى زاد المشترى تسعة و خمسين دينارا و تقابضا فهو جائز كله لان ما زاد يلتحق بأصل العقد فيصير كأنه في الابتداء انما باعه بستين دينارا فتكون المحاباة بقدر الثلث من ماله و ذلك جائز .
قال الحاكم رحمه الله و انما صح جواب هذه المسألة إذا زيد في سؤالها ان قيمة الدينار عشرة دراهم و هو كما قال فان حق الورثة في ستمأة درهم لان جملة مال المريض تسعمائة و انما تكون المحاباة بقدر الثلث إذا كانت قيمة كل دينار عشرة و ان كان المريض و كل وكيلا فباعها من هذا الرجل بدينار ثم مات المريض قبل أن يتقابضا فقال المشترى أنا آخذ تسعمائة بتسعين دينارا قبل أن يتفرفا فله ذلك لان البيع قد وجب له قبل موت الميت و لم يتفرقا فلم يبطل بموت الموكل بعد ذلك و المعتبر بقاء المتعاقدين في المجلس فإذا أراد المشتري إلى تمام تسعين دينارا للحق ذلك بأصل العقد و انعدمت المحاباة و كان ذلك سالما له و إذا اشتري من المريض ألف درهم بمائة درهم و تقابضا ثم مات المريض من مرضه فهذا ربا و هو باطل من الصحيح و المريض جميعا و للذي أعطى المائة أن يمسك المائة من الالف بمائة و يرد الفضل لان حقه في المائة التي أعطى و قد صار دينا و الذي في يده مال الميت فيكون له أن يمسك من ذلك مقدار حقه و يرد الفضل و لا وصية له هنا لان الوصية
في ضمن العقد و العقد باطل و ان كان أعطى من المائة ثوبا أو دينارا كان ذلك بيعا صحيحا على أن تكون المائة بمائة و الباقى بازاء الثوب و الدينار و ان مات المريض و أبت الورثة أن يجيزوا يخير صاحب الدينار و الثوب فان شاء نقض البيع لتغير شرط عليه و ان شاء كان له من الالف مائة مكان مائة و قيمة الدينار أو العرض بطريق المعاوضة و ثلث الالف بطريق الوصية إذا كان الدينار و الالف قائمة في يد الورثة كما بينا و إذا كان للمريض ابريق فضة فيه مائة درهم و قيمته عشرون دينارا فباعه بمائة درهم و قيمتها عشرة دنانير ثم مات و أبت الورثة أن يجيزوا فالمشتري بالخيار ان شاء رده لتغير شرط عقده عليه و ان شاء أخذ ثلثي الابريق بثلثي المائة و ثلثه للورثة لان الوصية بالمحاباة انما تنفذ في مقدار الثلث و يتعذر هنا جعل شيء من الابريق له بطريق الوصية و اعتبار المفاوضة فيما بقي لان ذلك يؤدي إلى الربا لان مبادلة الدراهم بجنسها لا يجوز الا وزنا بوزن و لا قيمة للصنعة و الجودة في هذه المبادلة الا أنها متقومة في حق الورثة لان لها قيمة تبعا للاصل و لا يملك المريض إسقاط حق الورثة عنها مجانا فإذا تعذر الوجهان كان الطريق ما قال لان حق الورثة في ثلثي مال المريض و ماله عشرون دينارا و ثلثاه ثلاثة عشر و ثلث فإذا أخذ الورثة ثلث الابريق و قيمة ذلك ستة دنانير و ثلثا دينار و أخذوا ثلثي المائة و قيمة ذلك ستة دنانير و ثلثا دينار حصل لهم ثلاثة عشر دينارا و ثلث كمال حقهم و سلم للمشتري ثلثا الابريق و قيمته ثلاثة عشر دينارا و ثلث بثلثي المائة و قيمته ستة و ثلثان فيسلم له بطريق الوصية ثلث مال المريض ستة دنانير و ثلثا دينار و قد سلم للورثة ضعف ذلك فيستقيم الثلث و الثلثان و الله أعلم ( باب الاجارة في عمل التموية ) قال رحمه الله و إذا دفع لجاما أو حرزا إلى رجل ليموهه له بفضة وزنا معلوما يكون قرضا على الدافع و يعطيه أجرا معلوما فهو جائز و يلزمه الاجر و القرض لانه استقرض منه الفضة و أمره بان يصرفها إلى ملكه فيصير قابضا لها بإبطاله تملكه و عليه مثلها ثم استأجره لعمل معلوم ببدل معلوم و قد أوفى العمل فله الاجر و ان اختلفا في مقدار ما صنع من الفضة فالقول قول رب اللجام مع يمينه لان الصانع يدعى زيادة فيما أقرضه و هو ينكر ذلك و يحلف على عمله لانه استحلاف على فعل الغير فان قال موه بمائة درهم فضة على أن أعطيك منها