مبسوط جلد 14

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مبسوط - جلد 14

شمس الدین السرخسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


(28)

الا أن يكون وضع المسألة على ما ذكر الحاكم في المختصر و في النصف الباقى درهم صغير فحينئذ يكون العقد واحدا لانه لم يتكرر مابه ينعقد العقد و هو قوله أعطني و لو قال أعطني كذا فلسا و درهما صغيرا وزنه نصف درهم الا قيراطا كان جائزا كله إذا تقابضا قبل أن يتفرقا لانه قابل الدرهم هنا بما سمى من الفلوس و نصف درهم الا قيراط فيكون مثل وزن الدرهم الصغير من الدرهم بمقابلته و الباقى كله بازاء الفلوس رجل باع درهما زائفا لا ينفق من رجل قد علم عيبه بخمسة دوانيق فلس فهو جائز لان خمسة دوانيق فلس إسم لمائة فلس إذا كان كل عشرين بدانق و بيع الدرهم بمائة فلس صحيح و كذلك ان باعه بنصف درهم فلوس و درهم صغير وزنه دانقان إذا تقابضا قبل التفرق لانه يقابل الدرهم الصغير من الدرهم الزيف مثل وزنه و الباقى كله بازاء الفلوس و ان باعه إياه بخمسة دوانيق فضة أو بدرهم قيراط فضة لم يجز لانه باع الفضة بالفضة متفاضلا في النبهرجة و الزيوف من جنس الفضة بخلاف الستوق و لو قال بعني بهذه الفضة كذا فلسا فهو جائز لانهما نوعان مختلفان و ان باعه إياه بخمسة أسداس درهم أو بنصف درهم لم يجز لان حقيقة ما سمى يقع على الفضة دون الفلوس و ان كان قد يراد به الفلوس مجازا و لكن ذاك لا يثبت الا بالتنصيص على الفلوس لان المجاز لا يعارض الحقيقة و على هذا لو اشترى شيئا بدانق أو بدانقين أو بنصف درهم فهذا كله يقع على الفضة إلا أن يقرن بكلامه ذكر الفلوس فحينئذ تكون عبارة عن عدد من الفلوس مجازا و ان اشترى بدرهم فلوسا و قبضها و لم ينقد الدرهم حتى كسدت الفلوس فالبيع جائز و الدرهم دين عليه لان العقد في الفلوس قد انتهى بالقبض وصفة الدرهم لم تتغير بكساد الفلوس فبقى دينا على حاله و ان نقد الدرهم و لم يقبض الفلوس حتى كسدت في القياس هو جائز أيضا لان بالكساد لا تتغير عينها و لا يتعذر تسليمها الا بالعقد و في الاستحسان بطل العقد لفوات صفة الثمنية في الفلوس قبل القبض و عليه أن يرد الدرهم لانه مقبوض في يده بسبب فاسد و كذلك لو اشترى فاكهة بالفلوس و قبض ما اشترى ثم كسدت الفلوس قبل أن ينقدها فالبيع ينتقض استحسانا لانها تبدلت معنى حين خرجت عن أن تكون ثمنا و ما ليتها كانت بصفة الثمنية ما دامت رائجة فبفوتها تفوت المالية فلهذا يبطل العقد و يرد ما قبضه ان كان قائما أو قيمته ان كان هالكا و بعض المتأخرين رحمهم الله يقول معنى قوله البيع ينتقض أنه يخرج من أن يكون لازما و يتخير البائع في نقضه لما عليه من الضرر عند كساد الفلوس و قد حصل ذلك

(29)

قبل قبضه فيخير اما أصل المالية فلا ينعدم بالكساد فيبقى العقد كذلك و الاول أصح لان انعقاد هذا العقد لم يكن باعتبار مالية قائمة بعين الفلوس و انما كان باعتبار مالية قائمة بصفة الثمنية فيها و قد انعدم ذلك و عن أبى يوسف ان هنا البيع لا ينتقض بخلاف ما إذا اشترى بدرهم فلوسا لان هناك بعد الكساد لا يجوز ابتداء ذلك العقد لانها بالكساد تصير مبيعة و بيع ما ليس عند الانسان لا يجوز وهنا ابتداء البيع بعد الكساد يجوز لان ما يقابلها من الفاكهة مبيع فالفلوس الكاسدة بمقابلة المبيع يجوز أن تجعل ثمنا باعتبار انه عددي متقارب كالجوز و غيره و ان اشترى فاكهة بدانق فلس و الدانق عشرون فلسا فلم يرد الفلوس حتى غلت أو رخصت فعليه عشرون فلسا لان بالغلاء و الرخص لا ينعدم صفة الثمنية و صار هو عند العقد بتسمية الدوانق مسميا ما يوجد به من الفلوس و ذلك عشرون و لو صرح بذلك القدر لم يتغير العدد بعد ذلك بغلاء السعر و رخصه فهذا مثله .

و ان اشترى فلوسا بدرهم فوجد فيها فلسا لا ينفق و قد نقد الدرهم فانه يستبدله لانه بمطلق العقد استحق فلوسا نافقة و ان لم يستبدله حتى افترقا لم يبطل العقد فيه لان ما بازائه من الدرهم مقبوض كما في الصرف لانه لو اشترى دينار بعشرة دراهم ثم وجد بعض الدراهم زيوفا قبل الافتراق كان له أن يستبدله و ان لم يستبدله حتى تفرقا لم يبطل العقد فهذا قياسه و ان لم يكن نقد الدراهم استبدله أيضا ما لم يتفرقا لان الدينية إلى آخر المجلس في البدلين عفو و ان كانا قد تفرقا و هو فلس لا يجوز مع الفلوس رجع بحصته من الدراهم كما في الصرف و إذا وجد بعض البدل ستوقا بعد الافتراق ينتقض القبض فيه من الاصل و ما بازائه مقبوض فكان دينا بدين بعد المجلس و ان كان يجوز معها في حال و لا يجوز في حال استبدله في المجلس قبل أن يتفرقا لانه بمنزلة الزيوف في الدراهم و قد بينا في الصرف و السلم انه إذا وجد القليل زيوفا فاستبدل به في مجلس الرد جاز العقد فجعل اجتماعهما في مجلس الرد كاجتماعهما في مجلس العقد فهذا قياسه و ان استحق منها شيء رجع بحصته من الدرهم يعنى إذا كان نقد الدرهم بعد الافتراق لانه بالاستحقاق ينتقض القبض فيه من الاصل فتبين ان الافتراق في ذلك القدر كان عن دين بدين و ان استقرض عشرة أفلس ثم كسدت تلك الفلوس لم يكن عليه الا مثلها في قول أبى حنيفة قياسا و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله قيمتها من الفضة استحسانا لان الواجب عليه بالاستقراض مثل المقبوض و المقبوض فلوس هى ثمن و بعد الكساد يفوت صفة الثمنية بدليل مسألة البيع فيتحقق عجزه عن رد مثل ما التزم

(30)

فيلزمه قيمته كما لو استقرض شيئا من ذوات الامثال فانقطع المثل عن أيدي الناس بخلاف ما إذا غلت أو رخصت لان صفة الثمنية لا تنعدم بذلك و لكن تتغير بتغير رغائب الناس فيها و ذلك معتبر كما في البيع و أبو حنيفة يقول الواجب في ذمته مثل ما قبض من الفلوس و هو قادر على تسليمه فلا يلزمه رد شيء كما إذا غلت أو رخصت و هذا لان جواز الاستقراض في الفلوس لم يكن باعتبار صفة الثمنية بل لكونها من ذوات الامثال ألا ترى ان الاستقراض جائز في كل مكيل أو موزون أو عددي متقارب كالجوز و البيض و بالكساد لم يخرج من ان يكون من ذوات الامثال بخلاف البيع فقد بينا أن دخولها في العقد هناك باعتبار صفة الثمنية و قد فات ذلك بالكساد يوضحه أن بدل القرض في الحكم كانه عين المقبوض اذ لو لم يجعل كذلك كان مبادلة الشيء بجنسه نسيئة و ذلك لا يجوز فيصير من هذا الوجه كانه غصب منه فلوسا فكسدت و هناك برأ برد عينها فهنا أيضا يبرأ برد مثلها ثم عند أبى يوسف إذا وجبت القيمة فانما تعتبر قيمتها من الفضة من وقت القبض و عند محمد إذا وجبت القيمة فانما يعتبر قيمتها بآخر يوم كانت فيه رائجة فكسدت و هذا بناء على ماذا أتلف شيئا من ذوات الامثال فانقطع المثل عن أيدي الناس فهناك عن أبى يوسف يعتبر قيمته وقت الاتلاف و عند محمد بآخر يوم كان موجودا فيه فانقطع و قد بينا هذا في كتاب الغصب و ان استقرض دانق فلوسا أو نصف درهم فلوس فرخصت أو غلت لم يكن عليه الا مثل عدد الذي أخذ لان الضمان يلزمه بالقبض و المقبوض على وجه القرض مضمون بمثله و كذلك لو قال أقرضني دانق حنطة فاقرضه ربع حنطة فعليه أن يرد مثله باعتبار القبض و لا معتبر بتسمية الدانق فيه و كذلك لو قال أقرضى عشرة دراهم بدينا فأعطاه عشرة دراهم فعليه مثلها و لا ينظر إلى غلاء الدراهم و لا إلى رخصها و كذلك كل ما يكال أو يوزن فالحاصل و هو ان المقبوض على وجه القرض مضمون بالمثل و كل ما كان من ذوات الامثال يجوز فيه الاستقراض و القرض لا يتعلق بالجائز من الشروط فالفاسد من الشروط لا يبطله و لكن يلغو شرط رد شيء آخر فعليه أن يرد مثل المقبوض و كذلك ما يعد من الجوز و البيض و ان اقترض الجوز بالكيل فهو جائز لانه يكال تارة و يعد أخرى و قد بينا جواز السلم في الجوز كيلا و عددا و ما فيه من خلاف زفر فكذلك حكم القرض فيه و الاقراض جائز مندوب اليه لقوله صلى الله عليه و سلم القرض مرتين و الصدقة مرة و قال صلى الله عليه و سلم الصدقة بعشر أمثالها و القرض بثمانية عشر و قيل معناه انه لا

(31)

يستقرض إلا المحتاج و قد يتصدق على المحتاج ثم الاصل فيه أن ما يكون مضمونا بالمثل على الغاصب و المستهلك له يجوز استقراضه لان المقبوض بحكم القرض مضمون بالمثل من احتمال الزيادة و النقصان و ما يكون مضمونا بالقيمة لا يجوز الاستقراض فيه لان طريق معرفة القيمة الحزر و الظن فلا تثبت به المماثلة المعتبرة في القرض كما لا تثبت به المماثلة المشروطة في مال الربا وأصل آخر و هو أن القرض في معنى العارية لان مايسترده المقرض في الحكم كانه عين ما دفع اذ لو لم يجعل كذلك كان مبادلة الشيء بجنسه نسيئة و ذلك حرام فكل ما يحتمل حقيقة الاعارة مما ينتفع به مع بقاء عينه لا يجوز اقراضه لان إعارته لا تؤثر في عينه حتى لا تملك به العين و لا يستحق استدامة اليد فيه فكذلك اقراضه لا يثبت ملكا صحيحا في عينه و كل ما يتأتى فيه الاعارة حقيقة مما لا ينتفع به الا مع بقاء عينه فاقراضه و اعارته سواء لان منافعه لا تنفصل عن عينه فاقراضه و اعارته تمليك لعينه و إذا ثبت هذا فنقول الاقراض جائز في كل مكيل أو موزون و كذلك في العدديات المتقاربة كالجوز و البيض لانها مضمونة بالمثل و انما يختلفون في اقراض الخبز فالمروي عن أبى حنيفة أن ذلك لا يجوز وزنا و لا عددا و عن أبى يوسف يجوز وزنا و لا يجوز عددا و عند محمد انه يجوز عددا قال هشام فقلت له وزنا فرأيته نفر من ذلك و استعظمه و قال من يفعل ذلك و أما السلم في الخبز فلا يجوز عند أبى حنيفة و لا يحفظ عنهما خلاف ذلك و من أصحابنا رحمهم الله من يقول يجوز عندهما على قياس السلم في اللحم و منهم من يقول لا يجوز لما علل به في النوادر عند أبى حنيفة قال لانه لا يوقف على حده معناه انه يتفاوت بالعجن و النضج عند الخبز و يكون منه الخفيف و الثقيل و في كل نوع عرف لا يحصل ذلك بالاخر و مالا يوقف على حده لا يجوز السلم فيه ثم لهذه العلة افسد أبو حنيفة الاستقراض فيه لان السلم أوسع من القرض حتى يجوز السلم في الثياب و لا يجوز الاستقراض فإذا لم يجز السلم في الخبز لهذا المعنى فلان لا يجوز الاستقراض أولى و أبو يوسف يقول الخبز موزون عادة و الاستقراض في الموزونات وزنا يجوز و قد بينا في البيوع أن استقراض اللحم وزنا يجوز فكذلك الخبز و لا يجوز عددا لانه متفاوت فيه الكبير و الصغير و محمد جوز استقراضه عددا لانه صنع الناس و قد اعتادوه و قد نقل ذلك عن إبراهيم انه سئل عمن استقرض رغيفا فرد أصغر منه أو أكبر قال لا بأس به و هو عمل الناس قال الكرخي و انما استعظم محمد قول

(32)

من يقول لا يجوز استقراضه الا وزنا لانه لا يجوز الاستقراض فيه وزنا و هذا لان إعلامه بالوزن أبلغ من إعلامه بذكر العدد فإذا جاز عنده الاستقراض فيه عددا فلان يجوز وزنا أولى و من أصحابنا رحمهم الله من قال بل استعظم جواز استقراضه وزنا لان القياس فيه ما قاله أبو حنيفة أنه لا يوقف على حده و انما ترك هذا القياس محمد لتعارف الناس و ذلك في استقراضه عددا فبقى استقراضه وزنا على أصل القياس و أما الحيوان فلا يجوز استقراض شيء منه عندنا و قال الشافعي يجوز ذلك الا في الجواري لما روى النبي صلى الله عليه و سلم انه استقرض بكرا ورد رباعيا و قال خيركم أحسنكم قضأ و لان الحيوان مما يثبت دينا في الذمة اما عندي في السلم و عند الكل في النكاح و الخلع و الصلح في دم العمد فيجوز استقراضه كالمكيل و الموزون و هذا لان القرض موجبه ملك المقبوض بعينه و ثبوت مثله في الذمة و الحيوان محتمل فلما كان ذلك محلا لموجب القرض كان الاستقراض جائزا إلا أن في الجواري لا أجوز الاستقراض كما لا أجوز السلم على أحد القولين و عل القول الذي يجوز السلم فيه الفرق أن المقصود في الجواري ملك المتعة و عقد المعاوضة مشروع لاثبات ملك المتعة و أما القرض فبذل بطريق التبرع و ملك المتعة لا يثبت بطريق التبرع و لا مدخل للتبرع فيه فلهذا لا يجوز فيه الاستقراض بخلاف سائر الحيوانات فانما هو المقصود لما يعمل فيه البدل و يثبت بطريق التبرع فيجوز استقراضه .

و حجتنا في ذلك أن هذا مضمون بالقيمة على مستهلكه فلا يجوز استقراضه كالجوارى و لهذا تبين انه لا يمكن إثبات الحيوان دينا في الذمة بمقابلة ما هو مال مع اعتبار المعادلة في المالية لانه لا يصار في المستهلكات إلى القيمة الا عند تعذر إيجاب الثمل و موجب القرض ثبوت المثل في الذمة بشرط المعادلة في المماثلة فإذا تعذر ذلك في الحيوان لم يجز استقراضه و به فارق ثبوت الحيوان في الذمة بدلا عما ليس بمال لان ذلك ليس شرط المعادلة في المماثلة مع أنه لا يثبت في الذمة ثبوتا صحيحا حتى لو أتاها بالقيمة أجبرت على قبوله و لا مدخل لذلك في القرض ابتداء و عذره في الجواري فاسد لان المقصود ملك العين و المالية و ذلك يعمل فيه البدل و يثبت بطريق التبرع ألا ترى أن ملك العين و المالية يثبت فيها بدون ملك المنفعة و هو ما إذا كانت أخته من الرضاعة أو منكوحة الغير و لان الحيوان تنفصل منفعته عن عينه و الاستقراض لا يجوز في مثله كالحر و تحقيقه ما قلنا ان الاقراض بمنزلة الاعارة ففيما تنفصل المنفعة فيه عن العين تتأتى حقيقة الاعارة فلا حاجة إلى تصحيح

(33)

الاقراض فيه و أما الحديث فانما استقرض رسول الله صلى الله عليه و سلم لبيت المال حتى روى انه قضاه من ابل الصدقة و ما كان يقضى ما استقرضه لنفسه من ابل الصدقة و بيت المال يثبت له و عليه حقوق مجهولة و قيل كان استسلف في الصدقة بكرا فان الاستسلاف و الاستقراض يتفاوت ثم لم تجب الزكاة على صاحبه المال فرده بعد ما صار رباعيا و قيل هذا كان في وقت كان الحيوان مضمونا بالمثل ثم انتسخ ذلك كما بيناه في أول الغصب فان قبض الحيوان بحكم القرض وجب عليه رده و لو باعه نفذ بيعه و عليه ضمان قيمته لان المقبوض بحكم قرض فاسد بمنزلة المقبوض بحكم بيع فاسد اذ الفاسد معتبر بالجائز لانه لا يمكنه أن يجعل الفاسد أصلا في معرفة حله لان الشرع لا يرد به فلا بد من اعتباره بالجائز و كذلك العقار و الثياب الاستقراض فيها كالاستقراض في الحيوان و فرق علماؤنا رحمهم الله بين السلم و القرض في الثياب فقالوا الثياب لا تثبت في الذمة ثبوتا صحيحا إلا مؤجلا و القرض لا يكون الا حالا و حقيقة المعنى فيه أن المعتبر في المسلم فيه إعلام المالية على وجه لا يبقي فيه تفاوت إلا يسيرا ليكون المقصود بالعقد معلوما للعاقد و ذلك في الثياب بذكر الوصف ممكن اما في باب القرض فالشرط اعتبار المماثلة في العين المقبوضة وصفة المالية و ذلك لايوجد في الثياب بدليل أنها لا تضمن بالمثل عند الاستهلاك فلهذا لا يجوز الاستقراض فيها و كذلك لا يجوز اقراض الخشب و الحطب و القصب و الرياحين الرطبة و البقول لانها مضمونة بالقيمة عند الاستهلاك فاما الحناء و الوسمة و الرياحين اليابسة التي تكال لا بأس باستقراضها لانها مضمونة بالمثل عند الاستهلاك و لا يجوز الاجل في القرض معناه أنه لو أجله عند الاقراض مدة معلومة أو بعد الاقراض لا يثبت الاجل و له أن يطالبه به في الحال و عند مالك يثبت الاجل في القرض لانه دين لا يستحق قبضه في المجلس فيجوز التأجيل فيه كالثمن و الاجرة يدل عليه ان التأجيل إسقاط المطالبة إلى مدة و إسقاط المطالبة ببدل القرض لا إلى غاية بالابراء صحيح فالتأجيل فيه أولى أن يصح و لنا فيه طريقان أحدهما أن المقرض متبرع و لهذا لا يصح الاقراض ممن لا يملك التبرع كالعبد و المكاتب فلو لزم الاجل فيه لصار التبرع ملزما المتبرع شيئا و هو الكف عن المطالبة إلى مضى الاجل و ذلك يناقض موضوع التبرع و شرط ما يناقض موضوع العقد به لا يصح و كذلك الحاقه به لا يصح فلهذا لا يلزم الاجل فيه و ان ذكر بعد العقد و الثاني أن القرض بمنزلة العارية على ما قررنا و التوقيت في العارية لا يلزم حتى ان

(34)

المعير و ان وقته سنة فله أن يسترده من ساعته فكذلك الاجل في القرض و به يتبين الجواب عن قوله هو دين لان بدل القرض في الحكم عين المقبوض اذ لو جعل دينا على الحقيقة كان بدلا عن المقبوض في الحكم فيكون مبادلة الشيء بجنسه نسيئة و هذا بخلاف الابراء لانه بالابراء يزيل ملكه و ازالة الملك بالتبرع صحيح فاما بالقرض فلا يزيل ملكه فلو لزم الاجل فيه لكان يلزمه الكف عن المطالبة بملكه إلى مضى الاجل و هو مخالف لموضوع التبرع فاما التأجيل في بدل الغصب و المستهلك فيجوز عندنا و لا يجوز عند زفر و الشافعي رحمهما الله أما مع الشافعي فالكلام ينبنى على أصل و هو ان عنده الاجل لا يثبت في شيء من الديون إلا بالشرط في عقد المعاوضة حتى قال لو أجله في الثمن بعد البيع لا يثبت الاجل لان الشرط انما يعتبر في ضمن العقد اللازم إما منفردا عن العقد فلا يتعلق به اللزوم و لكنا نقول ما كان دينا على الحقيقة إذا لم يكن مستحق القبض في المجلس فاسقاط القبض فيه بالابراء صحيح فكذلك بالتأجيل اما زفر فهو يقول المستهلك مضمون بالمثل كالمستقرض فكما لا يلزم الاجل في القرض فكذلك في بدل الغصب و هذا لان المعتبر فيهما المعادلة في صفة المالية و بين الحال و المؤجل تفاوت في المالية معنى فالتأجيل فيه بمنزلة التزام رد أجود مما قبض أو أزيف أو اردأ منه و ذلك لا يكون ملزما وجه قولنا ان بدل المستهلك دين في الذمة على الحقيقة فاشتراط الاجل فيه يلزم كسائر الديون بخلاف المستقرض فانه في حكم العين و القرض بمنزلة العارية كما بينا و لهذا قال أبو يوسف ان الملك لا يثبت للمستقرض في العين بنفس القبض و المقرض أحق باسترداده ما لم يخرج المستقرض عن ملكه و لكنا نقول المستقرض يملك العين بالقبض لانه يملك المنفعة و منفعة المكيل و الموزون لا تنفصل عن العين فإذا يملك العين التحق بسائر أملاكه و كان الخيار في تعيين ما يرده إلى المستقرض و هذا لانه دين في ذمته صورة و قد جعل كالعين حكما فلاعتبار انه دين صورة جعلنا اختيار محل القضاء إلى من في ذمته و لاعتبار أنه عين حكما قلنا لا يلزم فيه الاجل و عارية الدراهم و الدنانير قرض للاصل الذي قلنا ان القرض بمنزلة العارية و العارية في كل ما لا يمكن الانتفاع به الا باستهلاك لعينه يكون قرضا و هذا لان المعير مسلط المستعير على الانتفاع بالمستعار على أن يرده عليه و فيما يجوز فيه القرض المنفعة لا تنفصل عن العين فيكون بالاعارة مسلطا له على استهلاك العين في حاجته على أن يرد عليه مثله و ذلك اقراض قال ألا ترى أن المستعير للدراهم لو اشترى جارية كانت له




/ 28