شرح نهج البلاغة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغة - جلد 2

ابن ابی الحدید المعتزلی؛ محقق: محمد ابوالفضل ابراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


فقال عثمان قد كان من قولي ما كان و إنالفائت لا يرد و لم آل خيرا.

فقال مروان إن الناس قد اجتمعوا ببابك أمثال الجبالقال ما شأنهم قال أنت دعوتهم إلى نفسك فهذا يذكر مظلمة و هذا يطلب مالا و هذا يسألنزع عامل من عمالك عنه و هذا ما جنيت على خلافتك و لو استمسكت و صبرت كان خيرا لكقال فاخرج أنت إلى الناس فكلمهم فإني أستحيي أن أكلمهم و أردهم.

فخرج مروان إلى الناسو قد ركب بعضهم بعضا فقال ما شأنكم قد اجتمعتم كأنكم جئتم لنهب شاهت الوجوه أتريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا اعزبوا عنا و الله إن رمتمونا لنمرن عليكم ماحلا و لنحلن بكم ما لا يسركم و لا تحمدوا فيه غب رأيكم ارجعوا إلى منازلكم فإنا والله غير مغلوبين على ما في أيدينا

[147]

فرجع الناسخائبين يشتمون عثمان و مروان و أتى بعضهم عليا (ع) فأخبره الخبر فأقبل علي (ع) على عبدالرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري فقال أ حضرت خطبة عثمان قال نعم قال أ حضرتمقالة مروان للناس قال نعم فقال أي عباد الله يا لله للمسلمين إني إن قعدت في بيتيقال لي تركتني و خذلتني و إن تكلمت فبلغت له ما يريد جاء مروان فتلعب به حتى قدصار سيقة له يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن و صحبته الرسول (ص) و قام مغضبا من فورهحتى دخل على عثمان فقال له أ ما يرضى مروان منك إلا أن يحرفك عن دينك و عقلك فأنتمعه كجمل الظعينة يقاد حيث يسار به و الله ما مروان بذي رأي في دينه و لا عقله وإني لأراه يوردك ثم لا يصدرك و ما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك أفسدت شرفك وغلبت على رأيك ثم نهض.

فدخلت نائلة بنت الفرافصة فقالت قد سمعت قول علي لك و إنهليس براجع إليك و لا معاود لك و قد أطعت مروان يقودك حيث يشاء قال فما أصنع قالتتتقي الله و تتبع سنة صاحبيك فإنك متى أطعت مروان قتلك و ليس لمروان عند الناس قدرو لا هيبة و لا محبة و إنما تركك الناس لمكانه و إنما رجع عنك أهل مصر لقول عليفأرسل إليه فاستصلحه فإن له عند الناس قدما و إنه لا يعصى. فأرسل إلى علي فلم يأتهو قال قد أعلمته أني غير عائد.

قال أبو جعفر فجاء عثمان إلى علي بمنزله ليلافاعتذر إليه و وعد من نفسه الجميل و قال إني فاعل و إني غير فاعل فقال له علي (ع) أبعد ما تكلمت على منبر رسول الله (ص) و أعطيت من نفسك ثم دخلت بيتك و خرج مروان

[148]

إلى الناس يشتمهم على بابك فخرج عثمان من عنده و هو يقول خذلتني يا أباالحسن و جرأت الناس علي فقال علي (ع) و الله إني لأكثر الناس ذبا عنك و لكني كلماجئت بشي ء أظنه لك رضا جاء مروان بغيره فسمعت قوله و تركت قولي.

و لم يغد علي إلىنصر عثمان إلى أن منع الماء لما اشتد الحصار عليه فغضب علي من ذلك غضبا شديدا وقال لطلحة أدخلوا عليه الروايا فكره طلحة ذلك و ساءه فلم يزل علي (ع) حتى أدخل الماءإليه.

و روى أبو جعفر أيضا أن عليا (ع) كان في ماله بخيبر لما حصر عثمان فقدم المدينةو الناس مجتمعون على طلحة و كان لطلحة في حصار عثمان أثر فلما قدم علي (ع) أتاهعثمان و قال له أما بعد فإن لي حق الإسلام و حق الإخاء و القرابة و الصهر و لو لميكن من ذلك شي ء و كنا في جاهلية لكان عارا على بني عبد مناف أن يبتز بنو تيمأمرهم يعني طلحة فقال له علي أنا أكفيك فاذهب أنت.

ثم خرج إلى المسجد فرأى أسامةبن زيد فتوكأ على يده حتى دخل دار طلحة و هي مملوءة من الناس فقال له يا طلحة ماهذا الأمر الذي صنعت بعثمان فقال يا أبا حسن أ بعد أن مس الحزام الطبيين فانصرفعلي (ع) حتى أتى بيت المال فقال افتحوه فلم يجدوا المفاتيح فكسر الباب و فرق ما فيهعلى الناس فانصرف الناس من عند طلحة حتى بقي وحده و سر عثمان بذلك و جاء طلحة فدخلعلى عثمان فقال يا أمير المؤمنين إني أردت أمرا فحال الله بيني و بينه و قد جئتكتائبا فقال و الله ما جئت و لكن جئت مغلوبا الله حسيبك يا طلحة.

[149]

قال أبو جعفر كان عثمان مستضعفا طمع فيه الناس و أعان على نفسه بأفعالهو باستيلاء بني أمية عليه و كان ابتداء الجرأة عليه أن إبلا من إبل الصدقة قدم بهاعليه فوهبها لبعض ولد الحكم بن أبي العاص فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فأخذها وقسمها بين الناس و عثمان في داره فكان ذلك أول وهن دخل على خلافة عثمان.

و قيل بلكان أول وهن دخل عليه أن عثمان مر بجبلة بن عمرو الساعدي و هو في نادي قومه و فييده جامعة فسلم فرد القوم عليه فقال جبلة لم تردون على رجل فعل كذا و فعل كذا ثمقال لعثمان و الله لأطرحن هذا الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة مروانو ابن عامر و ابن أبي سرح فمنهم من نزل القرآن بذمه و منهم من أباح رسول الله صدمه.

و قيل إنه خطب يوما و بيده عصا كان رسول الله (ص) و أبو بكر و عمر يخطبون عليهافأخذها جهجاه الغفاري من يده و كسرها على ركبته فلما تكاثرت أحداثه و تكاثر طمعالناس فيه كتب جمع من أهل المدينة من الصحابة و غيرهم إلى من بالآفاق إن كنتمتريدون الجهاد فهلموا إلينا فإن دين محمد قد أفسده خليفتكم فاخلعوه فاختلفت عليهالقلوب و جاء المصريون و غيرهم إلى المدينة حتى حدث ما حدث.

و روى الواقدي والمدائني و ابن الكلبي و غيرهم و ذكره أبو جعفر في التاريخ و ذكره غيره من جميعالمورخين أن عليا (ع) لما رد المصريين رجعوا بعد ثلاثة أيام فأخرجوا صحيفة في أنبوبةرصاص و قالوا وجدنا غلام عثمان بالموضع المعروف

[150]

بالبويب على بعير من إبل الصدقة ففتشنا متاعه لأنا استربنا أمره فوجدنافيه هذه الصحيفة مضمونها أمر عبد الله بن سعد بن أبي سرح بجلد عبد الرحمن بن عديسو عمرو بن الحمق و حلق رءوسهما و لحاهما و حبسهما و صلب قوم آخرين من أهل مصر. وقيل إن الذي أخذت منه الصحيفة أبو الأعور السلمي و إنهم لما رأوه و سألوه عن مسيرهو هل معه كتاب فقال لا فسألوه في أي شي ء هو فتغير كلامه فأخذوه و فتشوه و أخذواالكتاب منه و عادوا إلى المدينة و جاء الناس إلى علي (ع) و سألوه أن يدخل إلى عثمانفيسأله عن هذه الحال فقام فجاء إليه فسأله فأقسم بالله ما كتبته و لا علمته و لاأمرت به فقال محمد بن مسلمة صدق هذا من عمل مروان فقال لا أدري و كان أهل مصرحضورا فقالوا أ فيجترأ عليك و يبعث غلامك على جمل من إبل الصدقة و ينقش على خاتمكو يبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة و أنت لا تدري قال نعم قالوا إنك إما صادقأو كاذب فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا و عقوبتنا بغير حقو إن كنت صادقا فقد استحققت الخلع لضعفك عن هذا الأمر و غفلتك و خبث بطانتك و لاينبغي لنا أن نترك هذا الأمر بيد من تقطع الأمور دونه لضعفه و غفلته فاخلع نفسكمنه فقال لا أنزع قميصا ألبسنيه الله و لكني أتوب و أنزع قالوا لو كان هذا أول ذنبتبت منه لقبلنا و لكنا رأيناك تتوب ثم تعود و لسنا بمنصرفين حتى نخلعك أو نقتلك أوتلحق أرواحنا بالله و إن منعك أصحابك و أهلك قاتلناهم حتى نخلص إليك فقال أما أنأبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلي من ذلك و أما قتالكم من يمنع عني فإني لا آمرأحدا بقتالكم فمن قاتلكم فبغير أمري قاتل و لو أردت قتالكم لكتبت إلى الأجنادفقدموا

[151]

علي أو لحقت ببعض الأطراف و كثرت الأصوات و اللغط فقام علي فأخرج أهل مصرمعه و خرج إلى منزله قال أبو جعفر و كتب عثمان إلى معاوية و ابن عامر و أمراءالأجناد يستنجدهم و يأمر بالعجل و البدار و إرسال الجنود إليه فتربص به معاويةفقام في أهل الشام يزيد بن أسد القسري جد خالد بن عبد الله بن يزيد أمير العراقفتبعه خلق كثير فسار بهم إلى عثمان فلما كانوا بوادي القرى بلغهم قتل عثمان فرجعوا.

و قيل بل أشخص معاوية من الشام حبيب بن مسلمة الفهري و سار من البصرة مجاشع بنمسعود السلمي فلما وصلوا الربذة و نزلت مقدمتهم الموضع المسمى صرارا بناحيةالمدينة أتاهم قتل عثمان فرجعوا و كان عثمان قد استشار نصحاءه في أمره فأشاروا أنيرسل إلى علي (ع) يطلب إليه أن يرد الناس و يعطيهم ما يرضيهم ليطاولهم حتى تأتيهالأمداد فقال إنهم لا يقبلون التعليل و قد كان مني في المرة الأولى ما كان فقالمروان أعطهم ما سألوك و طاولهم ما طاولوك فإنهم قوم قد بغوا عليك و لا عهد لهم.

فدعا عليا (ع) و قال له قد ترى ما كان من الناس و لست آمنهم على دمي فارددهم عنيفإني أعطيهم ما يريدون من الحق من نفسي و من غيري.

فقال علي إن الناس إلى عدلكأحوج منهم إلى قتلك و إنهم لا يرضون إلا

[152]

بالرضا و قدكنت أعطيتهم من قبل عهدا فلم تف به فلا تغرر في هذه المرة فإني معطيهم عنك الحققال أعطهم فو الله لأفين لهم.

فخرج علي (ع) إلى الناس فقال إنكم إنما تطلبون الحق وقد أعطيتموه و إنه منصفكم من نفسه فسأله الناس أن يستوثق لهم و قالوا إنا لا نرضىبقول دون فعل فدخل عليه فأعلمه فقال اضرب بيني و بين الناس أجلا فإني لا أقدر علىتبديل ما كرهوا في يوم واحد فقال علي (ع) أما ما كان بالمدينة فلا أجل فيه و أما ماغاب فأجله وصول أمرك قال نعم فأجلني فيما بالمدينة ثلاثة أيام فأجابه إلى ذلك وكتب بينه و بين الناس كتابا على رد كل مظلمة و عزل كل عامل كرهوه فكف الناس عنه وجعل يتأهب سرا للقتال و يستعد بالسلاح و اتخذ جندا فلما مضت الأيام الثلاثة و لميغير شيئا ثار به الناس و خرج قوم إلى من بذي خشب من المصريين فأعلموهم الحالفقدموا المدينة و تكاثر الناس عليه و طلبوا منه عزل عماله و رد مظالمهم فكان جوابهلهم أني إن كنت أستعمل من تريدون لا من أريد فلست إذن في شي ء من الخلافة و الأمرأمركم فقالوا و الله لتفعلن أو لتخلعن أو لنقتلنك فأبى عليهم و قال لا أنزع سربالاسربلنيه الله فحصروه و ضيقوا الحصار عليه. و روى أبو جعفر لما اشتد على عثمانالحصار أشرف على الناس فقال يا أهل المدينة أستودعكم الله و أسأله أن يحسن عليكمالخلافة من بعدي ثم قال أنشدكم الله هل تعلمون أنكم دعوتم الله عند مصاب عمر أنيختار لكم و يجمعكم على خيركم أ فتقولون إن الله لم يستجب لكم و هنتم عليه و أنتمأهل حقه و أنصار نبيه أم تقولون هان على الله

[153]

دينه فلم يبال من ولى و الدين لم يتفرق أهله بعد أم تقولون لم يكن أخذ عنمشورة إنما كان مكابرة فوكل الله الأمة إذ عصته و لم يتشاوروا في الإمامة إلىأنفسها أم تقولون إن الله لم يعلم عاقبة أمري فمهلا مهلا لا تقتلوني و إنه لا يحلإلا قتل ثلاثة زان بعد إحصان أو كافر بعد إيمان أو قاتل نفس بغير حق أما إنكم إنقتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لا يرفعه الله عنكم أبدا فقالوا أما ما ذكرتمن استخارة الناس بعد عمر فإن كل ما يصنعه الله الخيرة و لكن الله جعلك بلية ابتلىبها عباده و لقد كانت لك قدم و سابقة و كنت أهلا للولاية و لكن أحدثت ما تعلمه و لانترك اليوم إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاما قابلا و أما قولك لا يحل دم إلابإحدى ثلاث فإنا نجد في كتاب الله إباحة دم غير الثلاثة دم من سعى في الأرضبالفساد و دم من بغى ثم قاتل على بغيه و دم من حال دون شي ء من الحق و منعه و قاتلدونه و قد بغيت و منعت الحق و حلت دونه و كابرت عليه و لم تقد من نفسك من ظلمته ولا من عمالك و قد تمسكت بالإمارة علينا و الذين يقومون دونك و يمنعونك إنمايمنعونك و يقاتلوننا لتسميتك بالإمارة فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك.

فسكت عثمان و لزم الدار و أمر أهل المدينة بالرجوع و أقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن بنعلي و محمد بن طلحة و عبد الله بن الزبير و أشباها لهم و كانت مدة الحصار أربعينيوما. قال أبو جعفر ثم إن محاصري عثمان أشفقوا من وصول أجناد من الشام و البصرةتمنعه فحالوا بين عثمان و بين الناس و منعوه كل شي ء حتى الماء فأرسل عثمان سراإلى علي (ع) و إلى أزواج النبي (ص) أنهم قد منعونا الماء فإن قدرتم أن

[154]

ترسلوا إلينا ماء فافعلوا فجاء علي (ع) في الغلس و أم حبيبة بنت أبيسفيان فوقف علي (ع) على الناس فوعظهم و قال أيها الناس إن الذي تفعلون لا يشبه أمرالمؤمنين و لا أمر الكافرين إن فارس و الروم لتأسر فتطعم و تسقي فالله الله لاتقطعوا الماء عن الرجل فأغلظوا له و قالوا لا نعم و لا نعمة عين فلما رأى منهمالجد نزع عمامته عن رأسه و رمى بها إلى دار عثمان يعلمه أنه قد نهض و عاد.

و أما أم حبيبة و كانت مشتملة على إداوة فضربوا وجه بغلتها فقالت إن وصايا أيتام بنيأمية عند هذا الرجل فأحببت أن أسأله عنها لئلا تهلك أموال اليتامى فشتموها و قالواأنت كاذبة و قطعوا حبل البغلة بالسيف فنفرت و كادت تسقط عنها فتلقاها الناسفحملوها إلى منزلها.

و روى أبو جعفر قال أشرف عثمان عليهم يوما فقال أنشدكم اللههل تعلمون أني اشتريت بئر رومة بمالي أستعذب بها و جعلت رشائي فيها كرجل منالمسلمين قالوا نعم قال فلم تمنعونني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر ثم قالأنشدكم الله هل تعلمون أني اشتريت أرض كذا فزدتها في المسجد قالوا نعم قال فهلعلمتم أن أحدا منع أن يصلي فيه قبلي.

[155]

و روى أبو جعفر عن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي قال دخلت علىعثمان فأخذ بيدي فأسمعني كلام من على بابه من الناس فمنهم من يقول ما تنتظرون به ومنهم من يقول لا تعجلوا فعساه ينزع و يراجع فبينا نحن إذ مر طلحة فقام إليه ابنعديس البلوي فناجاه ثم رجع ابن عديس فقال لأصحابه لا تتركوا أحدا يدخل إلى عثمان ولا يخرج من عنده قال لي عثمان هذا ما أمر به طلحة اللهم اكفني طلحة فإنه حمل هؤلاءالقوم و ألبهم علي و الله إني لأرجو أن يكون منها صفرا و أن يسفك دمه قال فأردت أنأخرج فمنعوني حتى أمرهم محمد بن أبي بكر فتركوني أخرج.

قال أبو جعفر فلما طالالأمر و علم المصريون قد أجرموا إليه جرما كجرم القتل و أنه لا فرق بين قتله و بينما أتوا إليه و خافوا على نفوسهم من تركه حيا راموا الدخول عليه من باب دارهفأغلقوا الباب و مانعهم الحسن بن علي و عبد الله بن الزبير و محمد بن طلحة و مروانو سعيد بن العاص و جماعة معهم من أبناء الأنصار فزجرهم عثمان و قال أنتم في حل مننصرتي فأبوا و لم يرجعوا.

و قام رجل من أسلم يقال له نيار بن عياض و كان منالصحابة فنادى عثمان و أمره أن يخلع نفسه فبينا هو يناشده و يسومه خلع نفسه رماهكثير بن الصلت الكندي و كان من أصحاب عثمان من أهل الدار بسهم فقتله فصاح المصريونو غيرهم عند ذلك ادفعوا إلينا قاتل ابن عياض لنقتله به فقال عثمان لم أكن لأدفعإليكم رجلا نصرني و أنتم تريدون قتلي فثاروا إلى الباب فأغلق دونهم فجاءوا بنارفأحرقوه و أحرقوا السقيفة التي عليه فقال لمن عنده من أنصاره إن رسول الله (ص) عهد

[156]

إلي عهدا فأنا صابر عليه فأخرج على رجل يقاتل دونيثم قال للحسن إن أباك الآن لفي أمر عظيم من أجلك فاخرج إليه أقسمت عليك لما خرجتإليه فلم يفعل و وقف محاميا عنه و خرج مروان بسيفه يجالد الناس فضربه رجل من بنيليث على رقبته فأثبته و قطع إحدى علباويه فعاش مروان بعد ذلك أوقص و قام إليه عبيدبن رفاعة الزرقي ليذفف عليه فقامت دونه فاطمة أم إبراهيم بن عدي و كانت أرضعتمروان و أرضعت له فقالت له إن كنت تريد قتله فقد قتل و إن كنت إنما تريد أن تتلعببلحمه فأقبح بذلك فتركه فخلصته و أدخلته بيتها فعرف لها بنو ذلك بعد و استعملواابنها إبراهيم و كان له منهم خاصة. و قتل المغيرة بن الأخنس بن شريق و هو يحامي عنعثمان بالسيف و اقتحم القوم الدار و دخل كثير منهم الدور المجاورة لها و تسوروا مندار عمرو بن حزم إليها حتى ملئوها و غلب الناس على عثمان و ندبوا رجلا لقتله فدخلإليه البيت فقال له اخلعها و ندعك فقال ويحك و الله ما كشفت عن امرأة في جاهلية ولا إسلام و لا تعينت و لا تمنيت و لا وضعت يميني على عورتي مذ بايعت رسول الله ولست بخالع قميصا كسانيه الله حتى يكرم أهل السعادة و يهين أهل الشقاوة.

فخرج عنه فقالوا له ما صنعت قال إني لم أستحل قتله فأدخلوا إليه رجلا من الصحابة فقال لهلست بصاحبي إن النبي (ص) دعا لك أن يحفظك يوم كذا و لن تضيع فرجع عنه.

[157]

فأدخلوا إليه رجلا من قريش فقال له إن رسول الله (ص) استغفر لك يوم كذا فلنتقارف دما حراما فرجع عنه.

فدخل عليه محمد بن أبي بكر فقال له عثمان ويحك أ علىالله تغضب هل لي إليك جرم إلا أني أخذت حق الله منك فأخذ محمد بلحيته و قال أخزاكالله يا نعثل قال لست بنعثل لكني عثمان و أمير المؤمنين فقال ما أغنى عنك معاوية وفلان و فلان فقال عثمان يا ابن أخي دعها من يدك فما كان أبوك ليقبض عليها فقال لوعملت ما عملت في حياة أبي لقبض عليها و الذي أريد بك أشد من قبضي عليها فقالأستنصر الله عليك و أستعين به فتركه و خرج.

و قيل بل طعن جبينه بمشقص كان في يدهفثار سودان بن حمران و أبو حرب الغافقي و قتيرة بن وهب السكسكي فضربه الغافقيبعمود كان في يده و ضرب المصحف برجله و كان في حجره فنزل بين يديه و سال عليه الدمو جاء سودان ليضربه بالسيف فأكبت عليه امرأته نائلة بنت الفرافصة الكلبية و اتقت السيفبيدها و هي تصرخ فنفح أصابعها فأطنها فولت فغمز بعضهم أوراكها و قال إنها لكبيرةالعجز و ضرب سودان عثمان فقتله.

و قيل بل قتله كنانة بن بشر التجيبي و قيل بلقتيرة بن وهب و دخل غلمان عثمان و مواليه فضرب أحدهم عنق سودان فقتله فوثب قتيرةبن وهب على ذلك الغلام

[158]

فقتله فوثب غلام آخر علىقتيرة فقتله و نهبت دار عثمان و أخذ ما على نسائه و ما كان في بيت المال و كان فيهغرارتان دراهم و وثب عمرو بن الحمق على صدر عثمان و به رمق فطعنه تسع طعنات و قالأما ثلاث منها فإني طعنتهن لله تعالى و أما ست منها فلما كان في صدري عليه وأرادوا قطع رأسه فوقعت عليه زوجتاه نائلة بنت الفرافصة و أم البنين ابنة عيينة بنحصن الفزاري فصحن و ضربن الوجوه فقال ابن عديس اتركوه و أقبل عمير بن ضابئ البرجميفوثب عليه فكسر ضلعين من أضلاعه و قال له سجنت أبي حتى مات في السجن و كان قتلهيوم الثامن عشر من ذي الحجة من سنة خمسين و ثلاثين و قيل بل في أيام التشريق و كانعمره ستا و ثمانين سنة.

قال أبو جعفر و بقي عثمان ثلاثة أيام لا يدفن ثم إن حكيمبن حزام و جبير بن مطعم كلما عليا (ع) في أن يأذن في دفنه ففعل فلما سمع الناس بذلكقعد له قوم في الطريق بالحجارة و خرج به ناس يسير من أهله و معهم الحسن بن علي وابن الزبير و أبو جهم بن حذيفة بين المغرب و العشاء فأتوا به حائطا من حيطانالمدينة يعرف بحش كوكب و هو خارج البقيع فصلوا عليه و جاء ناس من الأنصار ليمنعوامن الصلاة عليه فأرسل علي (ع) فمنع من رجم سريره و كف الذين راموا منع الصلاة عليه ودفن في حش كوكب فلما ظهر معاوية على الأمر أمر بذلك الحائط فهدم و أدخل في البقيعو أمر الناس أن يدفنوا موتاهم حول قبره حتى اتصل بمقابر المسلمين بالبقيع.

و قيل إن عثمان لم يغسل و إنه كفن في ثيابه التي قتل فيها.

[159]

قال أبو جعفر و روي عن عامر الشعبي أنه قال ما قتل عمر بن الخطاب حتىملته قريش و استطالت خلافته و قد كان يعلم فتنتهم فحصرهم في المدينة و قال لهم إنأخوف ما أخاف على هذه الأمة انتشاركم في البلاد و إن كان الرجل ليستأذنه في الغزوفيقول إن لك في غزوك مع رسول الله (ص) ما يكفيك و هو خير لك من غزوك اليوم و خير لكمن الغزو ألا ترى الدنيا و لا تراك فكان يفعل هذا بالمهاجرين من قريش و لم يكنيفعله بغيرهم من أهل مكة فلما ولي عثمان الخلافة خلى عنهم فانتشروا في البلاد وخالطهم الناس و أفضى الأمر إلى ما أفضى إليه و كان عثمان أحب إلى الرعية من عمر.

قال أبو جعفر و كان أول منكر ظهر بالمدينة في خلافة عثمان حين فاضت الدنيا علىالعرب و المسلمين طيران الحمام و المسابقة بها و الرمي عن الجلاهقات و هي قسيالبندق فاستعمل عثمان عليها رجلا من بني ليث في سنة ثمان من خلافته فقص الطيور وكسر الجلاهقات .

و روى أبو جعفر قال سأل رجل سعيد بن المسيب عن محمد بن أبي حذيفةما دعاه إلى الخروج على عثمان فقال كان يتيما في حجر عثمان و كان والى أيتام أهلبيته و محتمل كلهم فسأل عثمان العمل فقال يا بني لو كنت رضا لاستعملتك قال فأذن ليفأخرج فأطلب الرزق قال اذهب حيث شئت و جهزه من عنده و حمله و أعطاه فلما وقع إلىمصر كان فيمن أعان عليه لأنه منعه الإمارة فقيل له فعمار بن ياسر قال

[160]

كان بينه و بين العباس بن عتبة بن أبي لهب كلامفضربهما عثمان فأورث ذلك تعاديا بين عمار و عثمان و قد كان تقاذفا قبل ذلك.

قالأبو جعفر و سئل سالم بن عبد الله عن محمد بن أبي بكر ما دعاه إلى ركوب عثمان فقاللزمه حق فأخذ عثمان من ظهره فغضب و غره أقوام فطمع لأنه كان من الإسلام بمكان وكانت له دالة فصار مذمما بعد أن كان محمدا و كان كعب بن ذي الحبكة النهدي يلعببالنيرنجات بالكوفة فكتب عثمان إلى الوليد أن يوجعه ضربا فضربه و سيره إلىدنباوند.

و كان ممن خرج إليه و سار إليه و حبس ضابئ بن الحارث البرجمي لأنه هجاقوما فنسبهم إلى أن كلبهم يأتي أمهم فقال لهم :

فأمكم لا تتركوها و كلبكم ** فإن عقوق الوالدين كبير

[161]

فاستعدوا عليه عثمان فحبسه فمات في السجن فلذلك حقد ابنه عمير عليه و كسرأضلاعه بعد قتله.

قال أبو جعفر و كان لعثمان على طلحة بن عبيد الله خمسون ألفافقال طلحة له يوما قد تهيأ مالك فاقبضه فقال هو لك معونة على مروءتك فلما حصرعثمان قال علي (ع) لطلحة أنشدك الله إلا كففت عن عثمان فقال لا و الله حتى تعطي بنوأمية الحق من أنفسها فكان علي (ع) يقول لحا الله ابن الصعبة أعطاه عثمان ما أعطاه و فعل به ما فعل .

[162]

31- و من كلام له (ع) لما أنفذ عبد الله بن عباس إلى الزبير

قبل وقوع الحرب يوم الجمل ليستفيئه إلى طاعته :

لَا تَلْقَيَنَّ طَلْحَةَ فَإِنَّكَإِنْ تَلْقَهُ تَجِدْهُ كَالثَّوْرِ عَاقِصاً قَرْنَهُ يَرْكَبُ الصَّعْبَ وَيَقُولُ هُوَ الذَّلُولُ وَ لَكِنِ الْقَ الزُّبَيْرَ فَإِنَّهُ أَلْيَنُعَرِيكَةً فَقُلْ لَهُ يَقُولُ لَكَ ابْنُ خَالِكَ عَرَفْتَنِي بِالْحِجَازِ وَأَنْكَرْتَنِي بِالْعِرَاقِ فَمَا عَدَا مِمَّا بَدَا

قال الرضي رحمه اللهو هو (ع) أول من سمعت منه هذه الكلمة أعني فما عدا مما بدا ليستفيئه إلى طاعته أي يسترجعه فاء أيرجع و منه سمي الفي ء للظل بعد الزوال و جاء في رواية فإنك إن تلقه تلفه أي تجدهألفيته على كذا أي وجدته. و عاقصا قرنه أي قد عطفه تيس أعقص أي قد التوى قرناه علىأذنيه و الفعل فيه عقص الثور قرنه بالفتح و قال القطب الراوندي عقص بالكسر و ليسبصحيح و إنما يقال عقص الرجل بالكسر إذا شح و ساء خلقه فهو عقص. و قوله يركب الصعبأي يستهين بالمستصعب من الأمور يصفه بشراسة

[163]

الخلق والبأو و كذلك كان طلحة و قد وصفه عمر بذلك و يقال إن طلحة أحدث يوم أحد عنده كبراشديدا لم يكن و ذاك لأنه أغنى في ذلك اليوم و أبلى بلاء حسنا. و العريكة هاهناالطبيعة يقال فلان لين العريكة إذا كان سلسا. و قال الراوندي العريكة بقية السنامو لقد صدق و لكن ليس هذا موضع ذاك. و قوله (ع) لابن عباس قل له يقول لك ابن خالكلطيف جدا و هو من باب الاستمالة و الإذكار بالنسب و الرحم أ لا ترى أن له في القلبمن الموقع الداعي إلى الانقياد ما ليس لقوله يقول لك أمير المؤمنين و من هذا البابقوله تعالى في ذكر موسى و هارون
وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِأَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ

لما رأى هارون غضب موسى واحتدامه شرع معه في الاستمالة و الملاطفة فقال له ابْنَ أُمَّ
و أذكره حق الأخوة وذلك أدعى إلى عطفه عليه من أن يقول له يا موسى أو يا أيها النبي. فأما قوله فماعدا مما بدا فعدا بمعنى صرف قال الشاعر :

/ 22