شرح نهج البلاغة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغة - جلد 2

ابن ابی الحدید المعتزلی؛ محقق: محمد ابوالفضل ابراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و رأى عمر رجلا يتخشع و يطأطئ رقبته فيمشيته فقال له يا صاحب الرقبة ارفع رقبتك ليس الخشوع في الرقاب. و رأى أبو أمامةرجلا في المسجد يبكي في سجوده فقال له أنت أنت لو كان هذا في بيتك.

[180]

و قال علي (ع) للمرائيأربع علامات يكسل إذا كان وحده و ينشط إذا كان في الناس و يزيد في العمل إذا أثنيعليه و ينقص منه إذا لم يثن عليه .

و قال رجل لعبادة بن الصامت أقاتل بسيفيفي سبيل الله أريد به وجهه و محمدة الناس قال لا شي ء لك فسأله ثلاث مرات كل ذلكيقول لا شي ء لك ثم قال في الثالثة يقول الله تعالى أنا أغنى الأغنياء عن الشركالحديث.

و ضرب عمر رجلا بالدرة ثم ظهر له أنه لم يأت جرما فقال له اقتص مني فقالبل أدعها لله و لك قال ما صنعت شيئا إما أن تدعها لي فأعرف ذلك لك أو تدعها للهوحده. و قال الحسن لقد صحبت أقواما إن كان أحدهم لتعرض له الكلمة لو نطق بهالنفعته و نفعت أصحابه ما يمنعه منها إلا مخافة الشهرة و إن كان أحدهم ليمر فيرىالأذى على الطريق فما يمنعه أن ينحيه إلا مخافة الشهرة.

و قال الفضيل كانوا يراءونبما يعملون و صاروا اليوم يراءون بما لا يعملون.

و قال عكرمة إن الله تعالى يعطيالعبد على نيته ما لا يعطيه على عمله لأن النية لا رياء فيها. و قال الحسن المرائييريد أن يغلب قدر الله تعالى هو رجل سوء يريد أن يقول الناس هذا صالح و كيف يقولونو قد حل من ربه محل الأردئاء فلا بد لقلوب المؤمنين أن تعرفه. و قال قتادة إذاراءى العبد قال الله تعالى لملائكته انظروا إلى عبدي يستهزئ بي. و قال الفضيل منأراد أن ينظر مرائيا فلينظر إلي

[181]

و قال محمد بنالمبارك الصوري أظهر السمت بالليل فإنه أشرف من سمتك بالنهار فإن سمت النهارللمخلوقين و سمت الليل لرب العالمين. و قال إبراهيم بن أدهم ما صدق الله من أحب أنيشتهر.

و من الكلام المعزوإلى عيسى ابن مريم (ع) إذا كان يوم صوم أحدكم فليدهن رأسه و لحيته و ليمسح شفتيهلئلا يعلم الناس أنه صائم و إذا أعطى بيمينه فليخف عن شماله و إذا صلى فليرخ ستربابه فإن الله يقسم الثناء كما يقسم الرزق

و من كلام بعض الصالحين آخر ما يخرج منرءوس الصديقين حب الرئاسة.

و روى أنس بن مالكعن رسول الله (ص) أنه قال يحسب المرء من الشر إلا من عصمه الله من السوء أن يشيرالناس إليه بالأصابع في دينه و دنياه إن الله لا ينظر إلى صوركم و لكن ينظر إلىقلوبكم و أعمالكم .

و قال علي (ع) تبذل لاتشتهر و لا ترفع شخصك لتذكر بعلم و اسكت و اصمت تسلم تسر الأبرار و تغيظ الفجار .

و كان خالد بن معدان إذا كثرت حلقته قاممخافة الشهرة. و رأى طلحة بن مصرف قوما يمشون معه نحو عشرة فقال فراش نار و ذبانطمع. و قال سليمان بن حنظلة بينا نحن حوالي أبي بن كعب نمشي إذ رآه عمر فعلاهبالدرة و قال له انظر من حولك إن الذي أنت فيه ذلة للتابع فتنة للمتبوع.

و خرج عبدالله بن مسعود من منزله فاتبعه قوم فالتفت إليهم و قال علام تتبعونني فو الله لوتعلمون مني ما أغلق عليه بابي لما تبعني منكم اثنان. و قال الحسن خفق النعال حولالرجال مما يثبت عليهم قلوب الحمقى.

[182]

و روي أن رجلاصحب الحسن في طريق فلما فارقه قال أوصني رحمك الله قال إن استطعت أن تعرف و لاتعرف و تمشي و لا يمشى إليك و تسأل و لا تسأل فافعل. و خرج أيوب السختياني في سفرفشيعه قوم فقال لو لا أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت منالله. و عوتب أيوب على تطويل قميصه فقال إن الشهرة كانت فيما مضى في طوله و هياليوم في قصره. و قال بعضهم كنت مع أبي قلابة إذ دخل رجل عليه كساء فقال إياكم وهذا الحمار الناهق يشير به إلى طالب شهرة. و قال رجل لبشر بن الحارث أوصني فقالأخمل ذكرك و طيب مطعمك. و كان حوشب يبكي و يقول بلغ اسمي المسجد الجامع. و قال بشرما أعرف رجلا أحب أن يعرف إلا ذهب دينه و افتضح. و قال أيضا لا يجد حلاوة الآخرةرجل يحب أن يعرفه الناس. فهذه الآثار قليل مما ورد عن الصالحين رحمهم الله في ذمالرياء و كون الشهرة طريقا إلى الفتنة .

فصل في مدح الخمول و الجنوح إلى العزلة :


و قد صرح أمير المؤمنين (ع) في مدحالأبرار و هم القسم الخامس بمدح الخمول فقال قد أخملتهم التقية يعني الخوف. و قدورد في الأخبار و الآثار شي ء كثير في مدح الخمول.

قال رسول الله (ص) ربأشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له

[183]

لو أقسم على الله لأبر قسمه .

و في رواية ابنمسعود رب ذي طمرين لا يؤبه له و لو سأل الجنة لأعطيها .

و في الحديث أيضاعنه (ص) أ لا أدلكم على أهل الجنة كل ضعيف مستضعف لو أقسم على الله لأبره أ لا أدلكمعلى أهل النار كل متكبر جواظ .

و عنه (ص) أن أهلالجنة الشعث الغبر الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم و إذا خطبوا لمينكحوا و إذا قالوا لم ينصت لهم حوائج أحدهم تتلجلج في صدره لو قسم نورهم يوم القيامة على الناس لوسعهم .

و روي أن عمر دخلالمسجد فإذا بمعاذ بن جبل يبكي عند قبر رسول الله (ص) فقال ما يبكيك قال سمعت رسولالله (ص) يقول إن اليسير من الرياء لشرك و إن الله يحب الأتقياء الأخفياء الذين إذاغابوا لم يفتقدوا و إذا حضروا لم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى ينجون من كل غبراء مظلمة .

و قال ابن مسعود كونواينابيع العلم مصابيح الهدى أحلاس البيوت سرج الليل جدد القلوب خلقان الثياب تعرفونعند أهل السماء و تخفون عند أهل الأرض .

و في حديث أبي أمامةيرفعه قال الله تعالى إن أغبط أوليائي لعبد مؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من صلاة و قدأحسن عبادة ربه و أطاعه في السر و كان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع .

و في الحديث السعيدمن خمل صيته و قل تراثه و سهلت منيته و قلت بواكيه .

[184]

و قال الفضيل روي لي أن الله تعالى يقول في بعض ما يمن به على عبده أ لمأنعم عليك أ لم أسترك أ لم أخمل ذكرك .

و كان الخليل بن أحمد يقول في دعائهاللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك و اجعلني عند نفسي من أوضع خلقك و اجعلني عندالناس من أوسط خلقك و قال إبراهيم بن أدهم ما قرت عيني ليلة قط في الدنيا إلا مرةبت ليلة في بعض مساجد قرى الشام و كان بي علة البطن فجرني المؤذن برجلي حتى أخرجنيمن المسجد.

و قال الفضيل إن قدرت على ألا تعرف فافعل و ما عليك ألا تعرف و ما عليك ألا يثنى عليك و ما عليك أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله تعالى.

فإن قيل فما قولك في شهرة الأنبياء و الأئمة (ع) و أكابر الفقهاء المجتهدين قيل إنالمذموم طلب الشهرة فأما وجودها من الله تعالى من غير تكلف من العبد و لا طلب فليسبمذموم بل لا بد من وجود إنسان يشتهر أمره فإن بطريقه ينصلح العالم و مثال ذلكالغرقى الذين بينهم غريق ضعيف الأولى به ألا يعرفه أحد منهم لئلا يتعلق به فيهلك ويهلكوا معه فإن كان بينهم سابح قوي مشهور بالقوة فالأولى ألا يكون مجهولا بل ينبغيأن يعرف ليتعلقوا به فينجو هو و يتخلصوا من الغرق بطريقه .

[185]


33- و من خطبة له (ع) عندخروجه لقتال أهل البصرة :


قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِدَخَلْتُ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ بِذِي قَارٍ وَ هُوَ يَخْصِفُ نَعْلَهُفَقَالَ لِي مَا قِيمَةُ هَذَا النَّعْلِ فَقُلْتُ لَا قِيمَةَ لَهَا فَقَالَ وَاللَّهِ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِمْرَتِكُمْ إِلَّا أَنْ أُقِيمَ حَقّاًأَوْ أَدْفَعَ بَاطِلًا ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَسُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً (ص) وَ لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبِ يَقْرَأُكِتَاباً وَ لَا يَدَّعِي نُبُوَّةً فَسَاقَ النَّاسَ حَتَّى بَوَّأَهُمْمَحَلَّتَهُمْ وَ بَلَّغَهُمْ مَنْجَاتَهُمْ فَاسْتَقَامَتْ قَنَاتُهُمْ وَاطْمَأَنَّتْ صَفَاتُهُمْ أَمَا وَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَفِي سَاقَتِهَا حَتَّىوَلَّتْ بِحَذَافِيرِهَا مَا ضَعُفْتُ وَ لَا جَبُنْتُ وَ إِنَّ مَسِيرِي هَذَالِمِثْلِهَا فَلَأَنْقُبَنَّ الْبَاطِلَ حَتَّى يَخْرُجَ الْحَقُّ مِنْ جَنْبِهِمَا لِي وَ لِقُرَيْشٍ وَ اللَّهِ لَقَدْ قَاتَلْتُهُمْ كَافِرِينَ وَلَأُقَاتِلَنَّهُمْ مَفْتُونِينَ وَ إِنِّي لَصَاحِبُهُمْ بِالْأَمْسِ كَمَا أَنَاصَاحِبُهُمُ الْيَوْمَ وَ اللَّهِ مَا تَنْقِمُ مِنَّا قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّاللَّهَ اخْتَارَنَا عَلَيْهِمْ فَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي حَيِّزِنَا فَكَانُوا كَمَاقَالَ الْأَوَّلُ

أَدَمْتَ لَعَمْرِي شُرْبَكَ الْمَحْضَ صَابِحاً ** وَ أَكْلَكَ بِالزُّبْدِ الْمُقَشَّرَةَ الْبُجْرَاوَ

نَحْنُ وَهَبْنَاكَ الْعَلَاءَ وَ لَمْ تَكُنْ عَلِيّاً ** وَ حُطْنَا حَوْلَكَ الْجُرْدَ وَ السُّمْرَا .

[186]

ذو قار موضع قريب من البصرة و هو المكان الذي كانت فيه الحرب بين العرب والفرس و نصرت العرب على الفرس قبل الإسلام. و يخصف نعله أي يخرزها. و بوأهم محلتهمأسكنهم منزلهم أي ضرب الناس بسيفه على الإسلام حتى أوصلهم إليه و مثله و بلغهممنجاتهم إلا أن في هذه الفاصلة ذكر النجاة مصرحا به. فاستقامت قناتهم استقاموا علىالإسلام أي كانت قناتهم معوجة فاستقامت. و اطمأنت صفاتهم كانت متقلقلة متزلزلةفاطمأنت و استقرت. و هذه كلها استعارات. ثم أقسم أنه كان في ساقتها حتى تولتبحذافيرها الأصل في ساقتها أن يكون جمع سائق كحائض و حاضة و حائك و حاكة ثماستعملت لفظة الساقة للأخير لأن السائق إنما يكون في آخر الركب أو الجيش. و شبه (ع) أمر الجاهلية إما بعجاجة ثائرة أو بكتيبة مقبلة للحرب فقال إني طردتها فولت بينيدي و لم أزل في ساقتها أنا أطردها و هي تنطرد أمامي حتى تولت بأسرها و لم يبق منهاشي ء ما عجزت عنها و لا جبنت منها. ثم قال و إن مسيري هذا لمثلها فلأنقبن الباطلكأنه جعل الباطل كشي ء قد اشتمل على الحق و احتوى عليه و صار الحق في طيه كالشي ءالكامن المستتر فيه فأقسم لينقبن ذلك الباطل إلى أن يخرج الحق من جنبه و هذا منباب الاستعارة أيضا.

[187]

ثم قال لقد قاتلت قريشا كافرينو لأقاتلنهم مفتونين لأن الباغي على الإمام مفتون فاسق. و هذا الكلام يؤكد قولأصحابنا إن أصحاب صفين و الجمل ليسوا بكفار خلافا للإمامية فإنهم يزعمون أنهم كفار

خبر يوم ذي قار :


روى أبو مخنف عنالكلبي عن أبي صالح عن زيد بن علي عن ابن عباس قال لما نزلنا مع علي (ع) ذا قار قلتيا أمير المؤمنين ما أقل من يأتيك من أهل الكوفة فيما أظن فقال و الله ليأتينيمنهم ستة آلاف و خمسمائة و ستون رجلا لا يزيدون و لا ينقصون .

قال ابن عباس فدخلني و الله من ذلك شكشديد في قوله و قلت في نفسي و الله إن قدموا لأعدنهم.

قال أبو مخنف فحدث ابن إسحاقعن عمه عبد الرحمن بن يسار قال نفر إلى علي (ع) إلى ذي قار من الكوفة في البحر والبر ستة آلاف و خمسمائة و ستون رجلا أقام علي بذي قار خمسة عشر يوما حتى سمع صهيلالخيل و شحيح البغال حوله قال فلما سار بهم منقلة قال ابن عباس و الله لأعدنهم فإنكانوا كما قال و إلا أتممتهم من غيرهم فإن الناس قد كانوا سمعوا قوله قال فعرضتهمفو الله ما وجدتهم يزيدون رجلا و لا ينقصون رجلا فقلت الله أكبر صدق الله و رسولهثم سرنا.

قال أبو مخنف و لما بلغ حذيفة بن اليمان أن عليا قد قدم ذا قار و استنفرالناس دعا

[188]

أصحابه فوعظهم و ذكرهم الله و زهدهم فيالدنيا و رغبهم في الآخرة و قال لهم الحقوا بأمير المؤمنين و وصي سيد المرسلين فإنمن الحق أن تنصروه و هذا الحسن ابنه و عمار قد قدما الكوفة يستنفران الناسفانفروا. قال فنفر أصحاب حذيفة إلى أمير المؤمنين و مكث حذيفة بعد ذلك خمس عشرةليلة و توفي رحمه الله تعالى .

قال أبو مخنف و قال هاشم بن عتبة المرقال يذكر نفورهمإلى علي (ع) :

و سرنا إلى خير البرية كلها ** على علمنا أنا إلى الله نرجع

نوقره في فضله و نجله ** و في الله ما نرجو و ما نتوقع

و نخصف أخفاف المطي على الوجا ** و في الله ما نزجي و في الله نوضع

دلفنا بجمع آثروا الحق و الهدى** إلى ذي تقى في نصره نتسرع

نكافح عنه و السيوف شهيرة ** تصافح أعناق الرجال فتقطع

قال أبو مخنف فلما قدم أهل الكوفة علىعلي (ع) سلموا عليه و قالوا الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي اختصنا بموازرتك وأكرمنا بنصرتك قد أجبناك طائعين غير مكرهين فمرنا بأمرك.

قال فقام فحمد اللهو أثنى عليه و صلى على رسوله و قال مرحبا بأهل الكوفة بيوتات العرب و وجوهها و أهلالفضل و فرسانها و أشد العرب مودة لرسول الله (ص) و لأهل بيته و لذلك بعثت إليكم واستصرختكم عند نقض طلحة و الزبير بيعتي عن غير جور مني و لا حدث و لعمري لو لمتنصروني بأهل الكوفة لرجوت أن يكفيني الله غوغاء الناس و طغام أهل البصرة مع أنعامة من بها و وجوهها و أهل الفضل و الدين قد اعتزلوها و رغبوا عنها .

فقام رءوس القبائل فخطبوا و بذلوا لهالنصر فأمرهم بالرحيل إلى البصرة .

[189]

34- و من خطبة له (ع) في استنفار الناس إلى أهل الشام :


أُفٍّ لَكُمْ لَقَدْ سَئِمْتُعِتَابَكُمْ أَ رَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآْخِرَةِ عِوَضاً وَبِالذُّلِّ مِنَ الْعِزِّ خَلَفاً إِذَا دَعَوْتُكُمْ إِلَى جِهَادِ عَدُوِّكُمْدَارَتْ أَعْيُنُكُمْ كَأَنَّكُمْ مِنَ الْمَوْتِ فِي غَمْرَةٍ وَ مِنَ الذُّهُولِفِي سَكْرَةٍ يُرْتَجُ عَلَيْكُمْ حِوَارِي فَتَعْمَهُونَ فَكَأَنَّ قُلُوبَكُمْمَأْلُوسَةٌ فَأَنْتُمْ لَا تَعْقِلُونَ مَا أَنْتُمْ لِي بِثِقَةٍ سَجِيسَاللَّيَالِي وَ مَا أَنْتُمْ بِرُكْنٍ يُمَالُ بِكُمْ وَ لَا زَوَافِرَ عِزٍّيُفْتَقَرُ إِلَيْكُمْ مَا أَنْتُمْ إِلَّا كَإِبِلٍ ضَلَّ رُعَاتُهَا فَكُلَّمَاجُمِعَتْ مِنْ جَانِبٍ انْتَشَرَتْ مِنْ آخَرَ لَبِئْسَ لَعَمْرُ اللَّهِ سُعْرُنَارِ الْحَرْبِ أَنْتُمْ تُكَادُونَ وَ لَا تَكِيدُونَ وَ تُنْتَقَصُأَطْرَافُكُمْ فَلَا تَمْتَعِضُونَ لَا يُنَامُ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍسَاهُونَ غُلِبَ وَ اللَّهِ الْمُتَخَاذِلُونَ وَ ايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَظُنُّبِكُمْ أَنْ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى وَ اسْتَحَرَّ الْمَوْتُ قَدِ انْفَرَجْتُمْعَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الرَّأْسِ وَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأًيُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ وَ يَهْشِمُ عَظْمَهُ وَيَفْرِي جِلْدَهُ لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُصَدْرِهِ أَنْتَ فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ فَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ دُونَ أَنْأُعْطِيَ ذَلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ وَتَطِيحُ السَّوَاعِدُ وَ الْأَقْدَامُ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَايَشَاءُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ حَقّاً وَ لَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّفَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَيَّ فَالنَّصِيحَةُ

[190]

لَكُمْ وَ تَوْفِيرُ فَيْئِكُمْ عَلَيْكُمْ وَ تَعْلِيمُكُمْ كَيْلَا تَجْهَلُوا وَتَأْدِيبُكُمْ كَيْمَا تَعْلَمُوا وَ أَمَّا حَقِّي عَلَيْكُمْ فَالْوَفَاءُبِالْبَيْعَةِ وَ النَّصِيحَةُ فِي الْمَشْهَدِ وَ الْمَغِيبِ وَ الْإِجَابَةُحِينَ أَدْعُوكُمْ وَ الطَّاعَةُ حِينَ آمُرُكُمْ .

أف لكم كلمة استقذار و مهانة و فيهالغات و يرتج يغلق و الحوار المحاورة و المخاطبة و تعمهون من العمه و هو التحير والتردد الماضي عمه بالكسر. و قوله دارت أعينكم من قوله تعالى
يَنْظُرُونَ إِلَيْكَنَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ
و من قوله تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ.
و قلوبكم مألوسة من الألس بسكون اللام و هو الجنون و اختلاط العقل. قوله ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي كلمة تقال للأبدتقول لا أفعله سجيس الليالي و سجيس عجيس و سجيس الأوجس معنى ذلك كله الدهر والزمان و أبدا. قوله ما أنتم بركن يمال بكم أي لستم بركن يستند إليكم و يمال علىالعدو بعزكم و قوتكم. قوله و لا زوافر عز جمع زافرة و زافرة الرجل أنصاره و عشيرتهو يجوز أن يكون زوافر عز أي حوامل عز زفرت الجمل أزفره زفرا أي حملته. قوله سعرنار الحرب جمع ساعر كقولك قوم كظم للغيظ جمع كاظم

[191]

و تمتعضون تأنفون و تغضبون و حمس الوغى اشتد و أصل الوغى الصوت و الجلبة ثم سميتالحرب نفسها وغى لما فيها من الأصوات و الجلبة و استحر الموت أي اشتد. و قولهانفرجتم انفراج الرأس أي كما ينفلق الرأس فيذهب نصفه يمنة و نصفه شامة و المشرفيةالسيوف المنسوبة إلى مشارف و هي قرى من أرض العرب تدنو من الريف و لا يقال مشارفيكما لا يقال جعافري لمن ينسب إلى جعافر. و فراش الهام العظام الخفيفة تلي القحف.

و قال الراوندي في تفسير قوله انفراج الرأس أراد به انفرجتم عني رأسا أي قطعا و عرفهبالألف و اللام و هذا غير صحيح لأن رأسا لا يعرف قال و له تفسير آخر أن يكون المعنىانفراج رأس من أدنى رأسه إلى غيره ثم حرف رأسه عنه. و هذا أيضا غير صحيح لأنه لاخصوصية للرأس في ذلك فإن اليد و الرجل إذا أدنيتهما من شخص ثم حرفتهما عنه فقدانفرج ما بين ذلك العضو و بينه فأي معنى لتخصيص الرأس بالذكر. فأما قوله أنت فكنذاك فإنه إنما خاطب من يمكن عدوه من نفسه كائنا من كان غير معين و لا مخصص و لكنالرواية وردت بأنه خاطب بذلك الأشعث بن قيس فإنه روي أنه قال له (ع) و هو يخطب ويلوم الناس على تثبيطهم و تقاعدهم هلا فعلت فعل ابن عفان فقال له إن فعل ابن عفانلمخزاة على من لا دين له و لا وثيقة معه إن امرأ أمكن عدوه من نفسه يهشم عظمه ويفري جلده لضعيف رأيه مأفون عقله أنت فكن ذاك إن أحببت فأما أنا فدون أن أعطي ذاكضرب بالمشرفية الفصل.

[192]

و يمكن أن تكون الرواية صحيحة و الخطاب عام لكل من أمكن من نفسه فلامنافاة بينهما. و قد نظمت أنا هذه الألفاظ في أبيات كتبتها إلى صاحب لي في ضمنمكتوب اقتضاها و هي :

إن امرأ أمكن من نفسه ** عدوه يجدع آرابه

لا يدفع الضيم و لا ينكر ** الذل و لا يحصن جلبابه

لفائل الرأي ضعيف القوى ** قد صرم الخذلان أسبابه

أنت فكن ذاك فإني امرؤ ** لا يرهب الخطب إذا نابه

إن قال دهر لم يطع أو شحا ** له فم أدرد أنيابه

أو سامه الخسف أبى و انتضى ** دون مرام الخسف قرضابه

أخزر غضبان شديد السطا ** يقدر أن يترك ما رابه

خطب أمير المؤمنين (ع) بهذه الخطبة بعدفراغه من أمر الخوارج و قد كان قام بالنهروان فحمد الله و أثنى عليه و قال أما بعدفإن الله قد أحسن نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام. فقاموا إليهفقالوا يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا و كلت سيوفنا و انصلتت أسنة رماحنا و عادأكثرها قصدا ارجع بنا إلى مصرنا نستعد بأحسن عدتنا و لعل أمير المؤمنين يزيد فيعددنا مثل من هلك منا فإنه أقوى لنا على عدونا.

[193]

فكان جوابه (ع) يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم و لا ترتدوا على أدباركمفتنقلبوا خاسرين. فتلكئوا عليه و قالوا إن البرد شديد. فقال إنهم يجدون البرد كماتجدون فتلكئوا و أبوا فقال أف لكم إنها سنة جرت ثم تلا قوله تعالى
قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوامِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ.

فقام منهم ناس فقالوا ياأمير المؤمنين الجراح فاشية في الناس و كان أهل النهروان قد أكثروا الجراح في عسكرأمير المؤمنين (ع) فارجع إلى الكوفة فأقم بها أياما ثم اخرج خار الله لك فرجع إلىالكوفة عن غير رضا .

أمر الناس بعد وقعة النهروان :


و روى نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عننمير بن وعلة عن أبي وداك قال لما كره القوم المسير إلى الشام عقيب واقعة النهروانأقبل بهم أمير المؤمنين فأنزلهم النخيلة و أمر الناس أن يلزموا معسكرهم و يوطنواعلى الجهاد أنفسهم و أن يقلوا زيارة النساء و أبنائهم حتى يسير بهم إلى عدوهم وكان ذلك هو الرأي لو فعلوه لكنهم لم يفعلوا و أقبلوا يتسللون و يدخلون الكوفةفتركوه (ع) و ما معه من الناس إلا رجال من وجوههم قليل و بقي المعسكر خاليا فلا مندخل الكوفة خرج إليه و لا من أقام معه صبر فلما رأى ذلك دخل الكوفة.

[194]

قال نصر بن مزاحمفخطب الناس بالكوفة و هي أول خطبة خطبها بعد قدومه من حرب الخوارج فقال أيها الناساستعدوا لقتال عدو في جهادهم القربة إلى الله عز و جل و درك الوسيلة عنده قومحيارى عن الحق لا يبصرونه موزعين بالجور و الظلم لا يعدلون به جفاة عن الكتاب نكبعن الدين يعمهون في الطغيان و يتسكعون في غمرة الضلال ف
أَعِدُّوا لَهُمْ مَااسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ
و توكلوا على الله و كفى بالله وكيلا .

قال فلم ينفروا و لم ينشروا فتركهمأياما ثم خطبهم فقال أف لكم لقد سئمت عتابكم أ رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرةعوضا الفصل الذي شرحناه آنفا إلى آخره و زاد فيه أنتم أسود الشرى في الدعة و ثعالبرواغة حين البأس إن أخا الحرب اليقظان ألا إن المغلوب مقهور و مسلوب.

و روى الأعمش عنالحكم بن عتيبة عن قيس بن أبي حازم قال سمعت عليا (ع) على منبر الكوفة و هو يقول ياأبناء المهاجرين انفروا إلى أئمة الكفر و بقية الأحزاب و أولياء الشيطان انفرواإلى من يقاتل على دم حمال الخطايا فو الله الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه ليحملخطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئا .

قلت هذا قيس بن أبي حازم و هو الذي روىحديث إنكم لترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر لا نضامون في رؤيته وقد طعن مشايخنا المتكلمون فيه و قالوا إنه فاسق و لا تقبل روايته لأنه قال إنيسمعت عليا يخطب على منبر الكوفة

[195]

و يقول انفروا إلىبقية الأحزاب فأبغضته و دخل بغضه في قلبي و من يبغض عليا (ع) لا تقبل روايته. فإنقيل فما يقول مشايخكم في قوله (ع) انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا أ ليسهذا طعنا منه (ع) في عثمان قيل الأشهر الأكثر في الرواية صدر الحديث و أما عجزالحديث فليس بمشهور تلك الشهرة و إن صح حملناه على أنه أراد به معاوية و سمىناصريه مقاتلين على دمه لأنهم يحامون عن دمه و من حامى عن دم إنسان فقد قاتل عليه.و روى أبو نعيم الحافظ قال حدثنا أبو عاصم الثقفي قال جاءت امرأة من بني عبس إلىعلي (ع) و هو يخطب بهذه الخطبة على منبر الكوفة فقالت يا أمير المؤمنين ثلاث بلبلنالقلوب عليك قال و ما هن ويحك قالت رضاك بالقضية و أخذك بالدنية و جزعك عند البليةفقال إنما أنت امرأة فاذهبي فاجلسي على ذيلك فقالت لا و الله ما من جلوس إلا تحتظلال السيوف.

و روى عمرو بن شمرالجعفي عن جابر عن رفيع بن فرقد البجلي قال سمعت عليا (ع) يقول يا أهل الكوفة لقدضربتكم بالدرة التي أعظ بها السفهاء فما أراكم تنتهون و لقد ضربتكم بالسياط التيأقيم بها الحدود فما أراكم ترعوون فلم يبق إلا أن أضربكم بسيفي و إني لأعلم مايقومكم و لكني لا أحب أن ألي ذلك منكم وا عجبا لكم و لأهل الشام أميرهم يعصي اللهو هم يطيعونه و أميركم يطيع الله و أنتم تعصونه و الله لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفيهذا على أن يبغضني ما أبغضني و لو سقت الدنيا بحذافيرها إلى الكافر لما أحبني وذلك أنه قضى ما قضى على لسان النبي الأمي أنه لا يبغضني

[196]

مؤمن و لا يحبني كافر و قد خاب من حمل ظلما و الله لتصبرن يا أهل الكوفة علىقتال عدوكم أو ليسلطن الله عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم فليعذبنكم أ فمن قتلةبالسيف تحيدون إلى موتة على الفراش و الله لموتة على الفراش أشد من ضربة ألف سيف .

/ 22