شرح نهج البلاغة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغة - جلد 2

ابن ابی الحدید المعتزلی؛ محقق: محمد ابوالفضل ابراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و إذا الميثاق في عنقي لغيري أي رسول الله (ص) أخذ علي الميثاق بتركالشقاق و المنازعة فلم يحل لي أن أتعدى أمره أو أخالف نهيه.

فإن قيل فهذا تصريحبمذهب الإمامية قيل ليس الأمر كذلك بل هذا تصريح بمذهب أصحابنا من البغداديينلأنهم يزعمون أنه الأفضل و الأحق بالإمامة و أنه لو لا ما يعلمه الله و رسوله منأن الأصلح للمكلفين من تقديم المفضول عليه لكان من تقدم عليه هالكا فرسول الله صأخبره أن الإمامة حقه و أنه أولى بها من الناس أجمعين و أعلمه أن في تقديم غيره وصبره على التأخر عنها مصلحة للدين راجعة إلى المكلفين و أنه يجب عليه أن يمسك عنطلبها و يغضي عنها لمن هو دون مرتبته فامتثل ما أمره به رسول الله (ص) و لم يخرجهتقدم من تقدم عليه من كونه الأفضل و الأولى و الأحق و قد صرح شيخنا أبو القاسمالبلخي رحمه الله تعالى بهذا و صرح به تلامذته و قالوا لو نازع عقيب وفاة رسولالله (ص) و سل سيفه لحكمنا بهلاك كل

[297]

من خالفه و تقدمعليه كما حكمنا بهلاك من نازعه حين أظهر نفسه و لكنه مالك الأمر و صاحب الخلافةإذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها و إذا أمسك عنها وجب علينا القولبعدالة من أغضى له عليها و حكمه في ذلك حكم رسول الله (ص) لأنه قد ثبت عنه في الأخبار الصحيحةأنه قال :

علي مع الحق و الحق مع علي يدور حيثما دار .

و قال له غير مرةحربك حربي و سلمك سلمي .

و هذا المذهب هو أعدل المذاهب عندي و به أقول .

[298]

38- و من خطبة له (ع) :


وَ إِنَّمَا سُمِّيَتِ الشُّبْهَةُشُبْهَةً لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْحَقَّ فَأَمَّا أَوْلِيَاءُ اللَّهِفَضِيَاؤُهُمْ فِيهَا الْيَقِينُ وَ دَلِيلُهُمْ سَمْتُ الْهُدَى وَ أَمَّاأَعْدَاءُ اللَّهِ فَدُعَاؤُهُمْ فِيهَا الضَّلَالُ وَ دَلِيلُهُمُ الْعَمَى فَمَايَنْجُو مِنَ الْمَوْتِ مَنْ خَافَهُ وَ لَا يُعْطَى الْبَقَاءَ مَنْ أَحَبَّهُ

هذان فصلان أحدهما غير ملتئم مع الآخربل مبتور عنه و إنما الرضي رحمه الله تعالى كان يلتقط الكلام التقاطا و مراده أنيأتي بفصيح كلامه (ع) و ما يجري مجرى الخطابة و الكتابة فلهذا يقع في الفصل الواحدالكلام الذي لا يناسب بعضه بعضا و قد قال الرضي ذلك في خطبة الكتاب.

أما الفصلالأول فهو الكلام في الشبهة و لما ذا سميت شبهة قال (ع) لأنها تشبه الحق و هذا هومحض ما يقوله المتكلمون و لهذا يسمون ما يحتج به أهل الحق دليلا و يسمون ما يحتجبه أهل الباطل شبهة.

قال فأما أولياء الله فضياؤهم في حل الشبهة اليقين و دليلهمسمت الهدى و هذا حق لأن من اعتبر مقدمات الشبهة و راعى الأمور اليقينية و طلبالمقدمات المعلومة قطعا انحلت الشبهة و ظهر له فسادها من أين هو ثم قال و أما أعداءالله فدعاؤهم

[299]

الضلال و دليلهم العمى و هذا حق لأنالمبطل ينظر في الشبهة لا نظر من راعى الأمور اليقينية و يحلل المقدمات إلىالقضايا المعلومة بل يغلب عليه حب المذهب و عصبية أسلافه و إيثار نصره من قد ألزمبنصرته فذاك هو العمى و الضلال اللذان أشار أمير المؤمنين إليهما فلا تنحل الشبهةله و تزداد عقيدته فسادا و قد ذكرنا في كتبنا الكلامية الكلام في توليد النظرللعلم و أنه لا يولد الجهل.

الفصل الثاني قوله فما ينجو من الموت من خافه و لايعطى البقاء من أحبه هذا كلام أجنبي عما تقدم و هو مأخوذ من قوله تعالى
قُلْ لَوْكُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلىمَضاجِعِهِمْ و قوله أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ و قوله فَإِذاجاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ

[300]

39- و من خطبة له (ع) :


مُنِيتُ بِمَنْ لَا يُطِيعُ إِذَاأَمَرْتُ وَ لَا يُجِيبُ إِذَا دَعَوْتُ لَا أَبَا لَكُمْ مَا تَنْتَظِرُونَبِنَصْرِكُمْ رَبَّكُمْ أَ مَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ وَ لَا حَمِيَّةَ تُحْمِشُكُمْأَقُومُ فِيكُمْ مُسْتَصْرِخاً وَ أُنَادِيكُمْ مُتَغَوِّثاً فَلَا تَسْمَعُونَلِي قَوْلًا وَ لَا تُطِيعُونَ لِي أَمْراً حَتَّى تَكْشِفَ الْأُمُورُ عَنْعَوَاقِبِ الْمَسَاءَةِ فَمَا يُدْرَكُ بِكُمْ ثَأْرٌ وَ لَا يُبْلَغُ بِكُمْمَرَامٌ دَعَوْتُكُمْ إِلَى نَصْرِ إِخْوَانِكُمْ فَجَرْجَرْتُمْ جَرْجَرَةَالْجَمَلِ الْأَسَرِّ وَ تَثَاقَلْتُمْ تَثَاقُلَ النِّضْوِ الْأَدْبَرِ ثُمَّخَرَجَ إِلَيَّ مِنْكُمْ جُنَيْدٌ مُتَذَائِبٌ ضَعِيفٌ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَإِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ

قال الرضي رحمه اللهقوله (ع) متذائب أي مضطرب من قولهم تذاءبت الريح أي اضطرب هبوبها و منه سمي الذئبذئبا لاضطراب مشيته .

منيت أي بليت و تحمشكم تغضبكم أحمشه أيأغضبه و المستصرخ المستنصر و المتغوث القائل وا غوثاه.

[301]

و الجرجرة صوت يردده البعير في حنجرته و أكثر ما يكون ذلك عند الإعياء و التعبو الجمل الأسر الذي بكركرته دبرة و النضو البعير المهزول و الأدبر الذي به دبر وهو المعقور من القتب و غيره.

هذا الكلام خطب به أمير المؤمنين (ع) في غارة النعمانبن بشير الأنصاري على عين التمر .


أمر النعمان بن بشير مع علي و مالك بنكعب الأرحب:


ذكر صاحب الغارات أن النعمان بن بشيرقدم هو و أبو هريرة على علي (ع) من عند معاوية بعد أبي مسلم الخولاني يسألانه أنيدفع قتلة عثمان إلى معاوية ليقيدهم بعثمان لعل الحرب أن تطفأ و يصطلح الناس وإنما أراد معاوية أن يرجع مثل النعمان و أبي هريرة من عند علي (ع) إلى الناس و هملمعاوية عاذرون و لعلي لائمون و قد علم معاوية أن عليا لا يدفع قتلة عثمان إليهفأراد أن يكون هذان يشهدان له عند أهل الشام بذلك و أن يظهر عذره فقال لهما ائتياعليا فانشداه الله و سلاه بالله لما دفع إلينا قتلة عثمان فإنه قد آواهم و منعهمثم لا حرب بيننا و بينه فإن أبى فكونوا شهداء الله عليه.

و أقبلا على الناسفأعلماهم ذلك فأتيا إلى علي (ع) فدخلا عليه فقال له أبو هريرة يا أبا حسن إن الله قدجعل لك في الإسلام فضلا و شرفا أنت ابن عم محمد رسول الله (ص) و قد بعثنا إليك ابنعمك معاوية يسألك أمرا تسكن به هذه

[302]

الحرب و يصلحالله تعالى ذات البين أن تدفع إليه قتلة عثمان ابن عمه فيقتلهم به و يجمع اللهتعالى أمرك و أمره و يصلح بينكم و تسلم هذه الأمة من الفتنة و الفرقة ثم تكلمالنعمان بنحو من ذلك.

فقال لهما دعا الكلام في هذا حدثني عنك يا نعمان أنت أهدى قومكسبيلا يعني الأنصار قال لا قال فكل قومك قد اتبعني إلا شذاذا منهم ثلاثة أو أربعةأ فتكون أنت من الشذاذ فقال النعمان أصلحك الله إنما جئت لأكون معك و ألزمك و قدكان معاوية سألني أن أؤدي هذا الكلام و رجوت أن يكون لي موقف اجتمع فيه معك و طمعتأن يجري الله تعالى بينكما صلحا فإذا كان غير ذلك رأيك فأنا ملازمك و كائن معك.

فأما أبو هريرة فلحق بالشام و أقام النعمان عند علي (ع) فأخبر أبو هريرة معاويةبالخبر فأمره أن يعلم الناس ففعل و أقام النعمان بعده شهرا ثم خرج فارا من علي (ع) حتى إذا مر بعين التمر أخذه مالك بن كعب الأرحبي و كان عامل علي (ع) عليها فأرادحبسه و قال له ما مر بك بيننا قال إنما أنا رسول بلغت رسالة صاحبي ثم انصرفت فحبسهو قال كما أنت حتى أكتب إلى علي فيك فناشده و عظم عليه أن يكتب إلى علي فيه فأرسلالنعمان إلى قرظة بن كعب الأنصاري و هو كاتب عين التمر يجبي خراجها لعلي (ع) فجاءهمسرعا فقال لمالك بن كعب خل سبيل ابن عمي يرحمك الله فقال يا قرظة اتق الله و لاتتكلم في هذا فإنه لو كان من عباد الأنصار و نساكهم لم يهرب من أمير المؤمنين إلىأمير المنافقين .

فلم يزل به يقسم عليه حتى خلى سبيله و قال له يا هذا لك الأماناليوم و الليلة

[303]

و غدا و الله إن أدركتك بعدها لأضربن عنقك فخرج مسرعا لا يلوي على شي ء وذهبت به راحلته فلم يدر أين يتسكع من الأرض ثلاثة أيام لا يعلم أين هو فكانالنعمان يحدث بعد ذلك يقول و الله ما علمت أين أنا حتى سمعت قول قائلة تقول و هيتطحن :

شربت مع الجوزاء كأسا روية ** و أخرى مع الشعرى إذا ما ستقلت

معتقة كانت قريش تصونها ** فلما استحلوا قتل عثمان حلت

فعلمت أني عند حي من أصحاب معاوية و إذاالماء لبني القين فعلمت أني قد انتهيت إلى الماء.

ثم قدم على معاوية فخبره بما لقيو لم يزل معه مصاحبا لم يجاهد عليا و يتتبع قتلة عثمان حتى غزا الضحاك بن قيس أرضالعراق ثم انصرف إلى معاوية و قد كان معاوية قال قبل ذلك بشهرين أو ثلاثة أ ما منرجل أبعث به بجريدة خيل حتى يغير على شاطئ الفرات فإن الله يرعب بها أهل العراقفقال له النعمان فابعثني فإن لي في قتالهم نية و هوى و كان النعمان عثمانيا قالفانتدب على اسم الله فانتدب و ندب معه ألفي رجل و أوصاه أن يتجنب المدن و الجماعاتو ألا يغير إلا على مصلحة و أن يعجل الرجوع.

فأقبل النعمان بن بشير حتى دنا من عينالتمر و بها مالك بن كعب الأرحبي الذي جرى له معه ما جرى و مع مالك ألف رجل و قدأذن لهم فرجعوا إلى الكوفة فلم يبق معه إلا مائة أو نحوها فكتب مالك إلى علي (ع) أمابعد فإن النعمان بن بشير قد نزل بي في جمع كثيف فرأيك سددك الله تعالى و ثبتك و السلام.

فوصل الكتاب إلى علي (ع) فصعد المنبر فحمدالله و أثنى عليه ثم قال

[304]

اخرجوا هداكم الله إلى مالكبن كعب أخيكم فإن النعمان بن بشير قد نزل به في جمع من أهل الشام ليس بالكثيرفانهضوا إلى إخوانكم لعل الله يقطع بكم من الكافرين طرفا . ثم نزل. فلم يخرجوا فأرسل إلى وجوههم وكبرائهم فأمرهم أن ينهضوا و يحثوا الناس على المسير فلم يصنعوا شيئا و اجتمع منهمنفر يسير نحو ثلاثمائة فارس أو دونها فقام (ع) فقال ألا إني منيت بمن لا يطيع الفصلالذي شرحناه إلى آخره ثم نزل. فدخل منزله فقام عدي بن حاتم فقال هذا و اللهالخذلان على هذا بايعنا أمير المؤمنين ثم دخل إليه فقال يا أمير المؤمنين إن معيمن طيئ ألف رجل لا يعصونني فإن شئت أن أسير بهم سرت قال ما كنت لأعرض قبيلة واحدةمن قبائل العرب للناس و لكن اخرج إلى النخيلة فعسكر بهم و فرض علي (ع) لكل رجلسبعمائة فاجتمع إليه ألف فارس عدا طيئا أصحاب عدي بن حاتم.

و ورد على علي (ع) الخبربهزيمة النعمان بن بشير و نصرة مالك بن كعب فقرأ الكتاب على أهل الكوفة و حمد اللهو أثنى عليه ثم نظر إليهم و قال هذا بحمد الله و ذم أكثركم.

فأما خبر مالك بن كعبمع النعمان بن بشير قال عبد الله بن حوزة الأزدي قال كنت مع مالك بن كعب حين نزلبنا النعمان بن بشير و هو في ألفين و ما نحن إلا مائة فقال لنا قاتلوهم في القريةو اجعلوا الجدر في ظهوركم و لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة و اعلموا أن الله تعالىينصر العشرة على المائة و المائة على الألف و القليل على الكثير ثم قال إن أقرب منهاهنا إلينا من شيعة أمير المؤمنين و أنصاره و عماله قرظة بن كعب

[305]

و مخنف بن سليم فاركض إليهما فأعلمهما حالنا و قل لهما فلينصرانا مااستطاعا فأقبلت أركض و قد تركته و أصحابه يرمون أصحاب ابن بشير بالنبل فمررت بقرظةفاستصرخته فقال إنما أنا صاحب خراج و ليس عندي من أعينه به فمضيت إلى مخنف بن سليمفأخبرته الخبر فسرح معي عبد الرحمن بن مخنف في خمسين رجلا و قاتل مالك بن كعبالنعمان و أصحابه إلى العصر فأتيناه و قد كسر هو و أصحابه جفون سيوفهم و استقبلواالموت فلو أبطأنا عنهم هلكوا فما هو إلا أن رآنا أهل الشام و قد أقبلنا عليهمفأخذوا ينكصون عنهم و يرتفعون و رآنا مالك و أصحابه فشدوا عليهم حتى دفعوهم عنالقرية فاستعرضناهم فصرعنا منهم رجالا ثلاثة و ارتفع القوم عنا و ظنوا أن وراءنامددا و لو ظنوا أنه ليس غيرنا لأقبلوا علينا و لأهلكونا و حال الليل بيننا و بينهمفانصرفوا إلى أرضهم و كتب مالك بن كعب إلى علي (ع) أما بعد فإنه نزل بنا النعمان بنبشير في جمع من أهل الشام كالظاهر علينا و كان عظم أصحابي متفرقين و كنا للذي كانمنهم آمنين فخرجنا إليهم رجالا مصلتين فقاتلناهم حتى المساء و استصرخنا مخنف بنسليم فبعث إلينا رجالا من شيعة أمير المؤمنين و ولده فنعم الفتى و نعم الأنصاركانوا فحملنا على عدونا و شددنا عليهم فأنزل الله علينا نصره و هزم عدوه و أعزجنده و الحمد لله رب العالمين و السلام على أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته.

[306]

و روى محمد بن فراتالجرمي عن زيد بن علي (ع) قال قال علي (ع) في هذه الخطبة أيها الناس إني دعوتكم إلىالحق فتوليتم عني و ضربتكم بالدرة فأعييتموني أما إنه سيليكم بعدي ولاة لا يرضونعنكم بذلك حتى يعذبوكم بالسياط و بالحديد فأما أنا فلا أعذبكم بهما إنه من عذبالناس في الدنيا عذبه الله في الآخرة و آية ذلك أن يأتيكم صاحب اليمن حتى يحل بينأظهركم فيأخذ العمال و عمال العمال رجل يقال له يوسف بن عمرو و يقوم عند ذلك رجلمنا أهل البيت فانصروه فإنه داع إلى الحق .

قال و كان الناس يتحدثون أن ذلك الرجلهو زيد (ع) .

[307]

40- و من كلام له (ع) للخوارج لما سمع قولهم لا حكم إلا لله :


قَالَ كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَابَاطِلٌ نَعَمْ إِنَّهُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ وَ لَكِنَّ هَؤُلَاءِيَقُولُونَ لَا إِمْرَةَ وَ إِنَّهُ لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِيرٍ بَرٍّ أَوْفَاجِرٍ يَعْمَلُ فِي إِمْرَتِهِ الْمُؤْمِنُ وَ يَسْتَمْتِعُ فِيهَا الْكَافِرُوَ يُبَلِّغُ اللَّهُ فِيهَا الْأَجَلَ وَ يُجْمَعُ بِهِ الْفَيْ ءُ وَ يُقَاتَلُبِهِ الْعَدُوُّ وَ تَأْمَنُ بِهِ السُّبُلُ وَ يُؤْخَذُ بِهِ لِلضَّعِيفِ مِنَالْقَوِيِّ حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ وَ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ وَ فِي رِوَايَةٍأُخْرَى أَنَّهُ (ع) لَمَّا سَمِعَ تَحْكِيمَهُمْ قَالَ حُكْمَ اللَّهِ أَنْتَظِرُفِيكُمْ وَ قَالَ أَمَّا الْإِمْرَةُ الْبَرَّةُ فَيَعْمَلُ فِيهَا التَّقِيُّ وَأَمَّا الْإِمْرَةُ الْفَاجِرَةُ فَيَتَمَتَّعُ فِيهَا الشَّقِيُّ إِلَى أَنْتَنْقَطِعَ مُدَّتُهُ وَ تُدْرِكَهُ مَنِيَّتُهُ .

اختلاف الرأي في القول بوجوب الإمامة :


هذا نص صريح منه (ع) بأن الإمامة واجبة وقد اختلف الناس في هذه

[308]

المسألة فقال المتكلمون كافةالإمامة واجبة إلا ما يحكى عن أبي بكر الأصم من قدماء أصحابنا أنها غير واجبة إذاتناصفت الأمة و لم تتظالم.

و قال المتأخرون من أصحابنا إن هذا القول منه غير مخالفلما عليه الأمة لأنه إذا كان لا يجوز في العادة أن تستقيم أمور الناس من دون رئيسيحكم بينهم فقد قال بوجوب الرئاسة على كل حال اللهم إلا أن يقول إنه يجوز أنتستقيم أمور الناس من دون رئيس و هذا بعيد أن يقوله فأما طريق وجوب الإمامة ما هيفإن مشايخنا البصريين رحمهم الله يقولون طريق وجوبها الشرع و ليس في العقل ما يدلعلى وجوبها. و قال البغداديون و أبو عثمان الجاحظ من البصريين و شيخنا أبو الحسينرحمه الله تعالى إن العقل يدل على وجوب الرئاسة و هو قول الإمامية إلا أن الوجهالذي منه يوجب أصحابنا الرئاسة غير الوجه الذي توجب الإمامية منه الرئاسة و ذاك أنأصحابنا يوجبون الرئاسة على المكلفين من حيث كان في الرئاسة مصالح دنيوية و دفعمضار دنيوية و الإمامية يوجبون الرئاسة على الله تعالى من حيث كان في الرئاسة لطفو بعد للمكلفين عن مواقعة القبائح العقلية.

و الظاهر من كلام أمير المؤمنين (ع) يطابق ما يقوله أصحابنا أ لا تراه كيف علل قوله لا بد للناس من أمير فقال فيتعليله يجمع به الفي ء و يقاتل به العدو و تؤمن به السبل و يؤخذ للضعيف من القوي وهذه كلها من مصالح الدنيا. فإن قيل ذكرتم أن الناس كافة قالوا بوجوب الإمام فكيفيقول أمير المؤمنين (ع) عن الخوارج إنهم يقولون لا إمرة.

قيل إنهم كانوا في بدءأمرهم يقولون ذلك و يذهبون إلى أنه لا حاجة إلى الإمام ثم رجعوا عن ذلك القول لماأمروا عليهم عبد الله بن وهب الراسبي.

[309]

فإن قيل فسروالنا ألفاظ أمير المؤمنين (ع) قيل إن الألفاظ كلها ترجع إلى إمرة الفاجر. قال يعملفيها المؤمن أي ليست بمانعة للمؤمن من العمل لأنه يمكنه أن يصلي و يصوم و يتصدق و إن كان الأمير فاجرا في نفسه .

ثم قال و يستمتع فيها الكافر أي يتمتعبمدته كما قال سبحانه للكافرين
قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَىالنَّارِ.

و يبلغ الله فيها الأجل لأن إمارة الفاجر كإمارة البر في أن المدةالمضروبة فيها تنتهي إلى الأجل المؤقت للإنسان.

ثم قال و يجمع به الفي ء و يقاتلبه العدو و تأمن به السبل و يؤخذ به للضعيف من القوي و هذا كله يمكن حصوله في إمارة الفاجر القوي في نفسه .

و قد قال رسول الله ص إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر .

و قد اتفقت المعتزلة على أن أمراء بنيأمية كانوا فجارا عدا عثمان و عمر بن عبد العزيز و يزيد بن الوليد و كان الفي ءيجمع بهم و البلاد تفتح في أيامهم و الثغور الإسلامية محصنة محوطة و السبل آمنة والضعيف منصور على القوي الظالم و ما ضر فجورهم شيئا في هذه الأمور ثم قال (ع) فتكونهذه الأمور حاصلة إلى أن يستريح بر بموته أو يستراح من فاجر بموته أو عزله. فأماالرواية الثانية فإنه قد جعل التقي يعمل فيها للإمرة البرة خاصة. و باقي الكلامغني عن الشرح

[310]

من أخبار الخوارج أيضا :


و روى إبراهيم بن الحسن بن ديزيل المحدثفي كتاب صفين عن عبد الرحمن بن زياد عن خالد بن حميد المصري عن عمر مولى غفرة قاللما رجع علي (ع) من صفين إلى الكوفة أقام الخوارج حتى جموا ثم خرجوا إلى صحراءبالكوفة تسمى حروراء فنادوا لا حكم إلا لله و لو كره المشركون ألا إن عليا ومعاوية أشركا في حكم الله .

فأرسل علي (ع) إليهم عبد الله بن عباسفنظر في أمرهم و كلمهم ثم رجع إلى علي (ع) فقال له ما رأيت فقال ابن عباس و الله ماأدري ما هم فقال له علي (ع) رأيتهم منافقين قال و الله ما سيماهم بسيما المنافقين إنبين أعينهم لأثر السجود و هم يتأولون القرآن فقال علي (ع) دعوهم ما لم يسفكوا دما أويغصبوا مالا و أرسل إليهم ما هذا الذي أحدثتم و ما تريدون قالوا نريد أن نخرج نحنو أنت و من كان معنا بصفين ثلاث ليال و نتوب إلى الله من أمر الحكمين ثم نسير إلىمعاوية فنقاتله حتى يحكم الله بيننا و بينه فقال علي (ع) فهلا قلتم هذا حين بعثناالحكمين و أخذنا منهم العهد و أعطيناهموه أ لا قلتم هذا حينئذ قالوا كنا قد طالتالحرب علينا و اشتد البأس و كثر الجراح و خلا الكراع و السلاح فقال لهم أ فحيناشتد البأس عليكم عاهدتم فلما وجدتم الجمام قلتم ننقض العهد إن رسول الله كان يفيللمشركين أ فتأمرونني بنقضه .

فمكثوا مكانهم لا يزال الواحد منهم يرجعإلى علي (ع) و لا يزال الآخر

[311]

يخرج من عند علي (ع) فدخلواحد منهم على علي (ع) بالمسجد و الناس حوله فصاح لا حكم إلا لله و لو كره المشركونفتلفت الناس فنادى لا حكم إلا لله و لو كره المتلفتون فرفع علي (ع) رأسه إليه فقاللا حكم إلا لله و لو كره أبو حسن .

فقال علي (ع) إن أباالحسن لا يكره أن يكون الحكم لله ثم قال حكم الله أنتظر فيكم فقال له الناس هلاملت يا أمير المؤمنين على هؤلاء فأفنيتهم فقال إنهم لا يفنون إنهم لفي أصلابالرجال و أرحام النساء إلى يوم القيامة .

روى أنس بن عياضالمدني قال حدثني جعفر بن محمد الصادق (ع) عن أبيه عن جده أن عليا (ع) كان يوما يؤمالناس و هو يجهر بالقراءة فجهر ابن الكواء من خلفه
وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ

فلما جهر ابن الكواء و هو خلفه بها سكت علي فلماأنهاها ابن الكواء عاد علي (ع) فأتم قراءته فلما شرع علي (ع) في القراءة أعاد ابنالكواء الجهر بتلك الآية فسكت علي فلم يزالا كذلك يسكت هذا و يقرأ ذاك مرارا حتىقرأ علي (ع)
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَلا يُوقِنُونَ
فسكت ابن الكواء و عاد (ع) إلى قراءته .

[312]

41- و من خطبة له (ع) :


إِنَّ الْوَفَاءَ تَوْأَمُ الصِّدْقِ وَلَا أَعْلَمُ جُنَّةً أَوْقَى مِنْهُ وَ مَا يَغْدِرُ مَنْ عَلِمَ كَيْفَالْمَرْجِعُ وَ لَقَدْ أَصْبَحْنَا فِي زَمَانٍ قَدِ اتَّخَذَ أَكْثَرُ أَهْلِهِالْغَدْرَ كَيْساً وَ نَسَبَهُمْ أَهْلُ الْجَهْلِ فِيهِ إِلَى حُسْنِ الْحِيلَةِمَا لَهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ قَدْ يَرَى الْحُوَّلُ الْقُلَّبُ وَجْهَالْحِيلَةِ وَ دُونَهَا مَانِعٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَ نَهْيِهِ فَيَدَعُهَارَأْيَ عَيْنٍ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا وَ يَنْتَهِزُ فُرْصَتَهَا مَنْ لَاحَرِيجَةَ لَهُ فِي الدِّينِ .

يقال هذا توأم هذا و هذه توأمته و هماتوأمان و إنما جعل الوفاء توأم الصدق لأن الوفاء صدق في الحقيقة أ لا ترى أنه قدعاهد على أمر و صدق فيه و لم يخلف و كأنهما أعم و أخص و كل وفاء صدق و ليس كل صدقوفاء فإن امتنع من حيث الاصطلاح تسمية الوفاء صدقا فلأمر آخر و هو أن الوفاء قديكون بالفعل دون القول و لا يكون الصدق إلا في القول لأنه نوع من أنواع الخبر والخبر قول.

[313]

ثم قال و لا أعلم جنة أي درعا أوقى منهأي أشد وقاية و حفظا لأن الوفي محفوظ من الله مشكور بين الناس.

ثم قال و ما يغدرمن علم كيف المرجع أي من علم الآخرة و طوى عليها عقيدته منعه ذلك أن يغدر لأنالغدر يحبط الإيمان.

ثم ذكر أن الناس في هذا الزمان ينسبون أصحاب الغدر إلى الكيسو هو الفطنة و الذكاء فيقولون لمن يخدع و يغدر و لأرباب الجريرة و المكر هؤلاءأذكياء أكياس كما كانوا يقولون في عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و ينسبون أربابذلك إلى حسن الحيلة و صحة التدبير. ثم قال ما لهم قاتلهم الله دعاء عليهم. ثم قالقد يرى الحول القلب وجه الحيلة و يمنعه عنها نهي الله تعالى عنها و تحريمه بعد أنقدر عليها و أمكنه و الحول القلب الذي قد تحول و تقلب في الأمور و جرب و حنكتهالخطوب و الحوادث. ثم قال و ينتهز فرصتها أي يبادر إلى افتراصها و يغتنمها من لاحريجة له في الدين أي ليس بذي حرج و التحرج التأثم و الحريجة التقوى و هذه كانت سجيتهع و شيمته ملك أهل الشام الماء عليه و الشريعة بصفين و أرادوا قتله و قتل أهلالعراق عطشا فضاربهم على الشريعة حتى ملكها عليهم و طردهم عنها فقال له أهل العراقاقتلهم بسيوف العطش و امنعهم الماء و خذهم قبضا بالأيدي فقال إن في حد السيف لغنىعن ذلك و إني لا أستحل منعهم الماء فأفرج لهم عن الماء فوردوه ثم قاسمهم الشريعةشطرين بينهم و بينه .

/ 22