شرح نهج البلاغة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغة - جلد 2

ابن ابی الحدید المعتزلی؛ محقق: محمد ابوالفضل ابراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قاتلوا القوم يا خزاع ** و لا يدخلكم من قتالهم فشل

القوم أمثالكم لهم شعر ** في الرأس لا ينشرون إن قتلوا

و هذه الخطبة خطب بها أمير المؤمنين (ع) في غارة الضحاك بن قيس و نحن نقصها هنا :

غارة الضحاك بن قيس و نتف من أخباره :


روى إبراهيم بن محمد بن سعيد بن هلالالثقفي في كتاب الغارات قال كانت غارة الضحاك بن قيس بعد الحكمين و قبل قتالالنهروان و ذلك أن معاوية لما بلغه أن عليا (ع) بعد واقعة الحكمين تحمل إليه مقبلاهاله ذلك فخرج من دمشق معسكرا و بعث إلى كور الشام فصاح بها أن عليا قد سار إليكمو كتب إليهم نسخة واحدة فقرئت على الناس.

أما بعد فإنا كنا كتبنا كتابا بيننا وبين علي و شرطنا فيه شروطا و حكمنا رجلين يحكمان علينا و عليه بحكم الكتاب لايعدوانه و جعلنا عهد الله و ميثاقه على من نكث العهد و لم يمض الحكم و إن حكميالذي كنت حكمته أثبتني و إن حكمه خلعه و قد أقبل إليكم ظالما
فَمَنْ نَكَثَفَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ

تجهزوا للحرب بأحسن الجهاز و أعدوا آلة القتال وأقبلوا خفافا و ثقالا يسرنا الله و إياكم لصالح الأعمال .

[114]

فاجتمع إليه الناس من كل كورة و أرادوا المسير إلى صفين فاستشارهم و قال إنعليا قد خرج من الكوفة و عهد العاهد به أنه فارق النخيلة. فقال حبيب بن مسلمة فإنيأرى أن نخرج حتى ننزل منزلنا الذي كنا فيه فإنه منزل مبارك و قد متعنا الله به وأعطانا من عدونا فيه النصف.

و قال عمرو بن العاص إني أرى لك أن تسير بالجنود حتىتوغلها في سلطانهم من أرض الجزيرة فإن ذلك أقوى لجندك و أذل لأهل حربك فقال معاويةو الله إني لأعرف أن الذي تقول كما تقول و لكن الناس لا يطيقون ذلك قال عمرو إنهاأرض رفيقة فقال معاوية إن جهد الناس أن يبلغوا منزلهم الذي كانوا به يعني صفين.

فمكثوا يجيلون الرأي يومين أو ثلاثة حتى قدمت عليهم عيونهم أن عليا اختلف عليهأصحابه ففارقته منهم فرقة أنكرت أمر الحكومة و أنه قد رجع عنكم إليهم. فكبر الناسسرورا لانصرافه عنهم و ما ألقى الله عز و جل من الخلاف بينهم فلم يزل معاويةمعسكرا في مكانه منتظرا لما يكون من علي و أصحابه و هل يقبل بالناس أم لا فما برححتى جاء الخبر أن عليا قد قتل أولئك الخوارج و أنه أراد بعد قتلهم أن يقبل بالناسو أنهم استنظروه و دافعوه فسر بذلك هو و من قبله من الناس.

قال و روى ابن أبي سيفعن يزيد بن يزيد بن جابر عن عبد الرحمن بن مسعدة الفزاري قال جاءنا كتاب عمارة بنعقبة بن أبي معيط و كان بالكوفة مقيما و نحن معسكرون مع معاوية نتخوف أن يفرغ عليمن الخوارج ثم يقبل إلينا و نحن نقول إن أقبل إلينا كان أفضل المكان الذي نستقبلهبه المكان الذي لقيناه فيه العام الماضي فكان في كتاب عمارة بن عقبة أما بعد فإنعليا خرج عليه قراء

[115]

أصحابه و نساكهم فخرج إليهمفقتلهم و قد فسد عليه جنده و أهل مصره و وقعت بينهم العداوة و تفرقوا أشد الفرقة وأحببت إعلامك لتحمد الله و السلام.

قال عبد الرحمن بن مسعدة فقرأه معاوية على وجهأخيه عتبة و على الوليد بن عقبة و على أبي الأعور السلمي ثم نظر إلى أخيه عتبة وإلى الوليد بن عقبة و قال للوليد لقد رضي أخوك أن يكون لنا عينا فضحك الوليد و قالإن في ذلك أيضا لنفعا. و روى أبو جعفر الطبري قال كان عمارة مقيما بالكوفة بعد قتلعثمان لم يهجه علي (ع) و لم يذعره و كان يكتب إلى معاوية بالأخبار سرا. و من شعرالوليد لأخيه عمارة يحرضه :

إن يك ظني في عمارة صادقا ** ينم ثم لا يطلب بذحل و لا وتر

يبيت و أوتار ابن عفان عنده ** مخيمة بين الخورنق فالقصر

تمشي رخي البال مستشزر القوى ** كأنك لم تسمع بقتل أبي عمرو

ألا إن خير الناس بعد ثلاثة ** قتيل التجيبي الذي جاء من مصر

قال فأجابه الفضل بن العباس بن عتبة :

أ تطلب ثأرا لست منه و لا له ** و ما لابن ذكوان الصفوري و الوتر

[116]

كما افتخرت بنت الحمار بأمها ** و تنسى أباها إذ تسامى أولو الفخر

ألا إن خير الناس بعد نبيهم ** وصي النبي المصطفى عند ذي الذكر

و أول من صلى و صنو نبيه ** و أول من أردى الغواة لدى بدر

أما معنى قوله و ما لابن ذكوان الصفوريفإن الوليد هو ابن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو و اسمه ذكوان بن أمية بن عبد شمسو قد ذكر جماعة من النسابين أن ذكوان كان مولى لأمية بن عبد شمس فتبناه و كناه أباعمرو فبنوه موال و ليسوا من بني أمية لصلبه و الصفوري منسوب إلى صفورية قرية منقرى الروم.

قال إبراهيم بن هلال الثقفي فعند ذلك دعا معاوية الضحاك بن قيس الفهريو قال له سر حتى تمر بناحية الكوفة و ترتفع عنها ما استطعت فمن وجدته من الأعرابفي طاعة علي فأغر عليه و إن وجدت له مسلحة أو خيلا فأغر عليها و إذا أصبحت في بلدةفأمس في أخرى و لا تقيمن لخيل بلغك أنها قد سرحت إليك لتلقاها فتقاتلها فسرحه فيمابين ثلاثة آلاف إلى أربعة آلاف.

فأقبل الضحاك فنهب الأموال و قتل من لقي منالأعراب حتى مر بالثعلبية

[117]

فأغار على الحاج فأخذأمتعتهم ثم أقبل فلقي عمرو بن عميس بن مسعود الهذلي و هو ابن أخي عبد الله بنمسعود صاحب رسول الله (ص) فقتله في طريق الحاج عند القطقطانة و قتل معه ناسا من أصحابه.

قال فروى إبراهيم بن مبارك البجلي عن أبيه عن بكر بن عيسى عن أبي روق قال حدثنيأبي قال سمعت عليا (ع) و قد خرج إلى الناس و هو يقول على المنبر يا أهل الكوفةاخرجوا إلى العبد الصالح عمرو بن عميس و إلى جيوش لكم قد أصيب منهم طرف اخرجوافقاتلوا عدوكم و امنعوا حريمكم إن كنتم فاعلين. فردوا عليه ردا ضعيفا و رأى منهمعجزا و فشلا فقال و الله لوددت أن لي بكل ثمانية منكم رجلا منهم ويحكم اخرجوا معيثم فروا عني ما بدا لكم فو الله ما أكره لقاء ربي على نيتي و بصيرتي و في ذلك روحلي عظيم و فرج من مناجاتكم و مقاساتكم ثم نزل. فخرج يمشي حتى بلغ الغريين ثم دعاحجر بن عدي الكندي فعقد له على أربعة آلاف.

و روى محمد بن يعقوب الكليني قالاستصرخ أمير المؤمنين (ع) الناس عقيب غارة الضحاك بن قيس الفهري على أطراف أعمالهفتقاعدوا عنه فخطبهم فقال :

ما عزت دعوة من دعاكم و لا استراح قلبمن قاساكم . الفصل إلى آخره.

قال إبراهيم الثقفيفخرج حجر بن عدي حتى مر بالسماوة و هي أرض كلب

[118]

فلقي بها إمرأ القيس بن عدي بن أوس بن جابر بن كعب بن عليم الكلبي و هم أصهار الحسين بنعلي بن أبي طالب (ع) فكانوا أدلاءه في الطريق و على المياه فلم يزل مغذا في أثرالضحاك حتى لقيه بناحية تدمر فواقعه فاقتتلوا ساعة فقتل من أصحاب الضحاك تسعة عشررجلا و قتل من أصحاب حجر رجلان و حجز الليل بينهم فمضى الضحاك فلما أصبحوا لميجدوا له و لأصحابه أثرا و كان الضحاك يقول بعد أنا ابن قيس أنا أبو أنيس أنا قاتلعمرو بن عميس.

قال و كتب في أثر هذه الوقعة عقيل بن أبي طالب إلى أخيه أميرالمؤمنين (ع) حين بلغه خذلان أهل الكوفة و تقاعدهم به. لعبد الله علي أمير المؤمنينع من عقيل بن أبي طالب سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعدفإن الله حارسك من كل سوء و عاصمك من كل مكروه و على كل حال إني قد خرجت إلى مكةمعتمرا فلقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاءفعرفت المنكر في وجوههم فقلت إلى أين يا أبناء الشانئين أ بمعاوية تلحقون عداوة والله منكم قديما غير مستنكرة تريدون بها إطفاء نور الله و تبديل أمره فأسمعنيالقوم و أسمعتهم فلما قدمت مكة سمعت أهلها يتحدثون أن الضحاك بن قيس أغار علىالحيرة فاحتمل من أموالها ما شاء ثم انكفأ راجعا سالما فأف لحياة في دهر جرأ عليكالضحاك و ما الضحاك فقع بقرقر و قد توهمت حيث بلغني ذلك أن شيعتك و أنصارك خذلوكفاكتب إلي يا ابن أمي برأيك فإن كنت الموت تريد تحملت إليك ببني أخيك

[119]

و ولد أبيك فعشنا معك ما عشت و متنا معك إذا مت فوالله ما أحب أن أبقى في الدنيا بعدك فواقا. و أقسم بالأعز الأجل أن عيشا نعيشهبعدك في الحياة لغير هني ء و لا مري ء و لا نجيع و السلام عليك و رحمة الله و بركاته .

فكتب إليه (ع) من عبدالله علي أمير المؤمنين إلى عقيل بن أبي طالب سلام الله عليك فإني أحمد إليك اللهالذي لا إله إلا هو أما بعد كلأنا الله و إياك كلاءة من يخشاه بالغيب إنه حميدمجيد قد وصل إلي كتابك مع عبد الرحمن بن عبيد الأزدي تذكر فيه أنك لقيت عبد اللهبن سعد بن أبي سرح مقبلا من قديد في نحو من أربعين فارسا من أبناء الطلقاء متوجهينإلى جهة الغرب و أن ابن أبي سرح طالما كاد الله و رسوله و كتابه و صد عن سبيله وبغاها عوجا فدع ابن أبي سرح و دع عنك قريشا و خلهم و تركاضهم في الضلال و تجوالهمفي الشقاق ألا و إن العرب قد أجمعت على حرب أخيك اليوم إجماعها على حرب رسول اللهص قبل اليوم فأصبحوا قد جهلوا حقه و جحدوا فضله و بادروه العداوة و نصبوا له الحربو جهدوا عليه كل الجهد و جروا إليه جيش الأحزاب اللهم فاجز قريشا عني الجوازي فقدقطعت رحمي و تظاهرت على و دفعتني عن حقي و سلبتني سلطان ابن أمي و سلمت ذلك إلى منليس مثلي في قرابتي من الرسول و سابقتي في الإسلام إلا أن يدعي مدع ما لا أعرفه ولا أظن الله يعرفه و الحمد لله على كل حال فأما ما ذكرته من غارة الضحاك على أهلالحيرة فهو أقل و أزل من أن يلم بها

[120]

أو يدنو منها ولكنه قد كان أقبل في جريدة خيل فأخذ على السماوة حتى مر بواقصة و شراف و القطقطانةمما والى ذلك الصقع فوجهت إليه جندا كثيفا من المسلمين فلما بلغه ذلك فر هاربافاتبعوه فلحقوه ببعض الطريق و قد أمعن و كان ذلك حين طفلت الشمس للإياب فتناوشواالقتال قليلا كلا و لا فلم يصبر لوقع المشرفية و ولى هاربا و قتل من أصحابه بضعةعشر رجلا و نجا جريضا بعد ما أخذ منه بالمخنق فلأيا بلأي ما نجا فأما ما سألتني أنأكتب لك برأيي فيما أنا فيه فإن رأيي جهاد المحلين حتى ألقى الله لا يزيدني كثرةالناس معي عزة و لا تفرقهم عني وحشة لأنني محق و الله مع المحق و و الله ما أكرهالموت على الحق و ما الخير كله إلا بعد الموت لمن كان محقا و أما ما عرضت به منمسيرك إلي ببنيك و بني أبيك فلا حاجة لي في ذلك فأقم راشدا محمودا فو الله ما أحبأن تهلكوا معي إن هلكت و لا تحسبن ابن أمك و لو أسلمه الناس متخشعا و لا متضرعاإنه لكما قال أخو بني سليم :

فإن تسأليني كيف أنت فإنني ** صبور على ريب الزمان صليب

يعز علي أن ترى بي كآبة ** فيشمت عاد أو يساء حبيب

. قال إبراهيم بن هلال الثقفي و ذكر محمد بن مخنف أنه سمع الضحاكبن قيس بعد ذلك بزمان يخطب على منبر الكوفة و قد كان بلغه أن قوما من أهلها يشتمون عثمان

[121]

و يبرءون منه قال فسمعته يقول بلغني أن رجالامنكم ضلالا يشتمون أئمة الهدى و يعيبون أسلافنا الصالحين أما و الذي ليس له ند ولا شريك لئن لم تنتهوا عما يبلغني عنكم لأضعن فيكم سيف زياد ثم لا تجدونني ضعيفالسورة و لا كليل الشفرة أما إني لصاحبكم الذي أغرت على بلادكم فكنت أول من غزاهافي الإسلام و شرب من ماء الثعلبية و من شاطئ الفرات أعاقب من شئت و أعفو عمن شئتلقد ذعرت المخدرات في خدورهن و إن كانت المرأة ليبكي ابنها فلا ترهبه و لا تسكتهإلا بذكر اسمي فاتقوا الله يا أهل العراق أنا الضحاك بن قيس أنا أبو أنيس أنا قاتلعمرو بن عميس فقام إليه عبد الرحمن بن عبيد فقال صدق الأمير و أحسن القول ماأعرفنا و الله بما ذكرت و لقد لقيناك بغربي تدمر فوجدناك شجاعا مجربا صبورا ثم جلسو قال أ يفخر علينا بما صنع ببلادنا أول ما قدم و ايم الله لأذكرنه أبغض مواطنهإليه قال فسكت الضحاك قليلا و كأنه خزي و استحيا ثم قال نعم كان ذلك اليوم فأخذهبكلام ثقيل ثم نزل.

قال محمد بن مخنف فقلت لعبد الرحمن بن عبيد أو قيل له لقداجترأت حين تذكره هذا اليوم و تخبره أنك كنت فيمن لقيه فقال لن يصيبنا إلا ما كتبالله لنا. قال و سأل الضحاك عبد الرحمن بن عبيد حين قدم الكوفة فقال لقد رأيت منكمبغربي تدمر رجلا ما كنت أرى أن في الناس مثله حمل علينا فما كذب حتى ضرب الكتيبةالتي أنا فيها فلما ذهب ليولي حملت عليه فطعنته فوقع ثم قام

[122]

فلم يضره شيئا ثم لم يلبث أن حمل علينا في الكتيبة التي أنا فيها فصرع رجلاثم ذهب لينصرف فحملت عليه فضربته على رأسه بالسيف فخيل إلي أن سيفي قد ثبت في عظمرأسه فضربني فو الله ما صنع سيفه شيئا ثم ذهب فظننت أنه لن يعود فو الله ما راعنيإلا و قد عصب رأسه بعمامة ثم أقبل نحونا فقلت ثكلتك أمك أ ما نهتك الأوليان عنالإقدام علينا قال إنهما لم تنهياني إنما أحتسب هذا في سبيل الله ثم حمل ليطعننيفطعنته و حمل أصحابه علينا فانفصلنا و حال الليل بيننا فقال له عبد الرحمن هذا يومشهده هذا يعني ربيعة بن ماجد و هو فارس الحي و ما أظنه يخفى أمر هذا الرجل فقال لهأ تعرفه قال نعم قال من هو قال أنا قال فأرني الضربة التي برأسك فأراه فإذا هيضربة قد برت العظم منكرة فقال له فما رأيك اليوم أ هو كرأيك يومئذ قال رأيي اليومرأي الجماعة قال فما عليكم من بأس أنتم آمنون ما لم تظهروا خلافا و لكن العجب كيفنجوت من زياد لم يقتلك فيمن قتل أو يسيرك فيمن سير فقال أما التسيير فقد سيرني وأما القتل فقد عافانا الله منه. قال إبراهيم الثقفي و أصاب الضحاك في هربه من حجرعطش شديد و ذلك لأن الجمل الذي كان عليه ماؤه ضل فعطش و خفق برأسه خفقتين لنعاسأصابه فترك الطريق و انتبه و ليس معه إلا نفر يسير من أصحابه و ليس منهم أحد معهماء فبعث رجالا منهم في جانب يلتمسون الماء و لا أنيس فكان الضحاك بعد ذلك يحكيقال فرأيت جادة فلزمتها فسمعت قائلا يقول :

دعاني الهوى فازددت شوقا و ربما** دعاني الهوى من ساعة فأجيب

و أرقني بعد المنام و ربما ** أرقت لساري الهم حين يئوب

[123]

فإن أك قد أحببتكم و رأيتكم ** فإني بداري عامر لغريب

قال و أشرف علي رجل فقلت يا عبد اللهاسقني ماء فقال لا و الله حتى تعطيني ثمنه قلت و ما ثمنه قال ديتك قلت أ ما ترىعليك من الحق أن تقري الضيف فتطعمه و تسقيه قال ربما فعلنا و ربما بخلنا قال فقلتو الله ما أراك فعلت خيرا قط اسقني قال ما أطيق قلت فإني أحسن إليك و أكسوك قال لاو الله لا أنقص شربة من مائة دينار فقلت له ويحك اسقني فقال ويحك أعطني قلت لا والله ما هي معي و لكنك تسقيني ثم تنطلق معي أعطيكها قال لا و الله قلت اسقني وأرهنك فرسي حتى أوفيكها قال نعم ثم خرج بين يدي و اتبعته فأشرفنا على أخبية و ناسعلى ماء فقال لي مكانك حتى آتيك فقلت بل أجي ء معك قال و ساءه حيث رأيت الناس و الماءفذهب يشتد حتى دخل بيتا ثم جاء بماء في إناء فقال اشرب فقلت لا حاجة لي فيه ثمدنوت من القوم فقلت اسقوني ماء فقال شيخ لابنته اسقيه فقامت ابنته فجاءت بماء ولبن فقال ذلك الرجل نجيتك من العطش و تذهب بحقي و الله لا أفارقك حتى أستوفي منكحقي فقلت اجلس حتى أوفيك فجلس فنزلت فأخذت الماء و اللبن من يد الفتاة فشربت واجتمع إلي أهل الماء فقلت لهم هذا ألأم الناس فعل بي كذا و كذا و هذا الشيخ خيرمنه و أسدى استسقيته فلم يكلمني و أمر ابنته فسقتني و هو الآن يلزمني بمائة دينارفشتمه أهل الحي و وقعوا به و لم يكن بأسرع من أن لحقني قوم من أصحابي فسلموا عليبالإمرة فارتاب الرجل و جزع و ذهب يريد أن يقوم فقلت و الله لا تبرح حتى أوفيكالمائة فجلس ما يدري ما الذي أريد به فلما كثر جندي عندي سرحت إلى ثقلي فأتيت بهثم أمرت بالرجل فجلد مائة جلدة و دعوت الشيخ و ابنته فأمرت لهما بمائة دينار و كسوتهما و كسوت أهل الماء

[124]

ثوبا ثوبا و حرمته فقال أهل الماء كان أيها الأمير أهلا لذلك و كنت لماأتيت من خير أهلا.

فلما رجعت إلى معاوية و حدثته عجب و قال لقد رأيت في سفرك هذاعجبا. و يذكر أهل النسب أن قيسا أبا الضحاك بن قيس كان يبيع عسب الفحول في الجاهلية .

و رووا أن عقيلارحمه الله تعالى قدم على أمير المؤمنين فوجده جالسا في صحن المسجد بالكوفة فقالالسلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته و كان عقيل قد كف بصره فقال وعليك السلام يا أبا يزيد ثم التفت إلى ابنه الحسن (ع) فقال قم فأنزل عمك فقام فأنزلهثم عاد فقال اذهب فاشتر لعمك قميصا جديدا و رداء جديدا و إزارا جديدا و نعلا جديدافذهب فاشترى له فغدا عقيل على علي (ع) في الثياب فقال السلام عليك يا أمير المؤمنينقال و عليك السلام يا أبا يزيد قال يا أمير المؤمنين ما أراك أصبت من الدنيا شيئاو إني لا ترضى نفسي من خلافتك بما رضيت به لنفسك فقال يا أبا يزيد يخرج عطائي فأدفعه إليك .

فلما ارتحل عن أمير المؤمنين (ع) أتىمعاوية فنصبت له كراسيه و أجلس جلساءه حوله فلما ورد عليه أمر له بمائة ألف فقبضهاثم غدا عليه يوما بعد ذلك و بعد وفاة أمير المؤمنين (ع) و بيعة الحسن لمعاوية وجلساء معاوية حوله فقال يا أبا يزيد أخبرني عن عسكري و عسكر أخيك فقد وردت عليهما قال أخبرك مررت و الله

[125]

بعسكر أخي فإذا ليل كليل رسولالله (ص) و نهار كنهار رسول الله (ص) إلا أن رسول الله (ص) ليس في القوم ما رأيت إلامصليا و لا سمعت إلا قارئا و مررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممن نفربرسول الله ليلة العقبة ثم قال من هذا عن يمينك يا معاوية قال هذا عمرو بن العاصقال هذا الذي اختصم فيه ستة نفر فغلب عليه جزار قريش فمن الآخر قال الضحاك بن قيسالفهري قال أما و الله لقد كان أبوه جيد الأخذ لعسب التيوس فمن هذا الآخر قال أبوموسى الأشعري قال هذا ابن السراقة فلما رأى معاوية أنه قد أغضب جلساءه علم أنه إناستخبره عن نفسه قال فيه سوءا فأحب أن يسأله ليقول فيه ما يعلمه من السوء فيذهببذلك غضب جلسائه قال يا أبا يزيد فما تقول في قال دعني من هذا قال لتقولن قال أتعرف حمامة قال و من حمامة يا أبا يزيد قال قد أخبرتك ثم قام فمضى فأرسل معاويةإلى النسابة فدعاه فقال من حمامة قال و لي الأمان قال نعم قال حمامة جدتك أم أبيسفيان كانت بغيا في الجاهلية صاحبة راية فقال معاوية لجلسائه قد ساويتكم و زدت عليكم فلا تغضبوا .

[126]

30- و من خطبة له (ع) في معنى قتل عثمان :


لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلًاأَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِراً غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لَايَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَ مَنْ خَذَلَهُ لَايَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي وَ أَنَا جَامِعٌلَكُمْ أَمْرَهُ اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الْأَثَرَةَ وَ جَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُالْجَزَعَ وَ لِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ وَ الْجَازِعِ .

هذا الكلام بظاهره يقتضي أنه ما أمربقتله و لا نهى عنه فيكون دمه عنده في حكم الأمور المباحة التي لا يؤمر بها و لاينهى عنها غير أنه لا يجوز أن يحمل الكلام على ظاهره لما ثبت من عصمة دم عثمان وأيضا فقد ثبت في السير و الأخبار أنه كان (ع) ينهى الناس عن قتله فإذن يجب أن يحمللفظ النهي على المنع كما يقال الأمير ينهى عن نهب أموال الرعية أي يمنع و حينئذيستقيم الكلام لأنه (ع) ما أمر بقتله و لا منع عن قتله و إنما كان ينهى عنه باللسانو لا يمنع عنه باليد. فإن قيل فالنهي عن المنكر واجب فهلا منع من قتله باليد.

قيل إنما يجب المنع باليد عن المنكر إذا كان حسنا و إنما يكون الإنكار حسنا

[127]

إذا لم يغلب على ظن الناهي عن المنكر أن نهيه لايؤثر فإن غلب على ظنه أن نهيه لا يؤثر قبح إنكار المنكر لأنه إن كان الغرض تعريففاعل القبيح قبح ما أقدم عليه فذلك حاصل من دون الإنكار و إن كان الغرض ألا يقعالمنكر فذلك غير حاصل لأنه قد غلب على ظنه أن نهيه و إنكاره لا يؤثر و لذلك لايحسن من الإنسان الإنكار على أصحاب المآصر ما هم عليه من أخذ المكوس لما غلب علىالظن أن الإنكار لا يؤثر و هذا يقتضي أن يكون أمير المؤمنين (ع) قد غلب على ظنه أنإنكاره لا يؤثر فلذلك لم ينكر. و لأجل اشتباه هذا الكلام على السامعين قال كعب بنجعيل شاعر أهل الشام الأبيات التي منها :

أرى الشام تكره أهل العراق ** و أهل العراق لهم كارهونا

و كل لصاحبه مبغض ** يرى كل ما كان من ذاك دينا

إذا ما رمونا رميناهم ** و دناهم مثل ما يقرضونا

و قالوا علي إمام لنا ** فقلنا رضينا ابن هند رضينا

و قالوا نرى أن تدينوا لنا ** فقلنا ألا لا نرى أن ندينا

و من دون ذلك خرط القتاد ** و طعن و ضرب يقر العيونا

[128]

و كل يسر بما عنده ** يرى غث ما في يديه سمينا

و ما في علي لمستعتب ** مقال سوى ضمه المحدثينا

و إيثاره اليوم أهل الذنوب ** و رفع القصاص عن القاتلينا

إذا سيل عنه حذا شبهة ** و عمى الجواب على السائلينا

فليس براض و لا ساخط ** و لا في النهاة و لا الآمرينا

و لا هو ساء و لا سره **و لا بد من بعض ذا أن يكونا

و هذا شعر خبيث منكر و مقصد عميق و ماقال هذا الشعر إلا بعد أن نقل إلى أهل الشام كلام كثير لأمير المؤمنين (ع) في عثمانيجري هذا المجرى نحو قوله ما سرني و لا ساءني و قيل له أ رضيت بقتله فقال لم أرضفقيل له أ سخطت قتله فقال لم أسخط و قوله تارة الله قتله و أنا معه و قوله تارةأخرى ما قتلت عثمان و لا مالأت في قتله و قوله تارة أخرى كنت رجلا من المسلمينأوردت إذ أوردوا و أصدرت إذ أصدروا. و لكل شي ء من كلامه إذا صح عنه تأويل يعرفهأولو الألباب. فأما قوله غير أن من نصره فكلام معناه أن خاذليه كانوا خيرا منناصريه لأن الذين نصروه كان أكثرهم فساقا كمروان بن الحكم و أضرابه و خذلهالمهاجرون و الأنصار. فأما قوله و أنا جامع لكم أمره إلى آخر الفصل فمعناه أنه فعلما لا يجوز و فعلتم ما لا يجوز أما هو فاستأثر فأساء الأثرة أي استبد بالأمورفأساء في الاستبداد و أما أنتم فجزعتم مما فعل أي حزنتم فأسأتم الجزع لأنكمقتلتموه و قد كان الواجب عليه أن

[129]

يرجع عن استئثاره وكان الواجب عليكم ألا تجعلوا جزاءه عما أذنب القتل بل الخلع و الحبس و ترتيب غيرهفي الإمامة. ثم قال و لله حكم سيحكم به فيه و فيكم .

اضطراب الأمر على عثمان ثم أخبار مقتله :


و يجب أن نذكر في هذا الموضع ابتداءاضطراب الأمر على عثمان إلى أن قتل.

و أصح ما ذكر في ذلك ما أورده أبو جعفر محمدبن جرير الطبري في التاريخ.

و خلاصة ذلك أن عثمان أحدث أحداثا مشهورة نقمها الناسعليه من تأمير بني أمية و لا سيما الفساق منهم و أرباب السفه و قلة الدين و إخراجمال الفي ء إليهم و ما جرى في أمر عمار و أبي ذر و عبد الله بن مسعود و غير ذلك منالأمور التي جرت في أواخر خلافته ثم اتفق أن الوليد بن عقبة لما كان عامله علىالكوفة و شهد عليه بشرب الخمر صرفه و ولى سعيد بن العاص مكانه فقدم سعيد الكوفة واستخلص من أهلها قوما يسمرون عنده فقال سعيد يوما إن السواد بستان للقريش و بنيأمية فقال الأشتر النخعي و تزعم أن السواد الذي أفاءه الله على المسلمين بأسيافنابستان لك و لقومك فقال صاحب شرطته أ ترد على الأمير مقالته و أغلظ له فقال الأشترلمن كان حوله من النخع و غيرهم من أشراف الكوفة أ لا تسمعون فوثبوا عليه بحضرةسعيد فوطئوه وطأ عنيفا و جروا برجله فغلظ ذلك على سعيد و أبعد سماره فلم يأذن بعدلهم فجعلوا يشتمون سعيدا في مجالسهم ثم تعدوا ذلك إلى شتم عثمان و اجتمع إليهم ناسكثير حتى غلظ أمرهم فكتب سعيد إلى عثمان في أمرهم فكتب إليه أن يسيرهم إلى الشاملئلا يفسدوا أهل الكوفة و كتب إلى معاوية و هو والي الشام أن نفرا من أهل الكوفة

[130]

قد هموا بإثارة الفتنة و قد سيرتهم إليك فانههم فإنآنست منهم رشدا فأحسن إليهم و ارددهم إلى بلادهم فلما قدموا على معاوية و كانواالأشتر و مالك بن كعب الأرحبي و الأسود بن يزيد النخعي و علقمة بن قيس النخعي وصعصعة بن صوحان العبدي و غيرهم جمعهم يوما و قال لهم إنكم قوم من العرب ذوو أسنانو ألسنة و قد أدركتم بالإسلام شرفا و غلبتم الأمم و حويتم مواريثهم و قد بلغنيأنكم ذممتم قريشا و نقمتم على الولاة فيها و لو لا قريش لكنتم أذلة إن أئمتكم لكمجنة فلا تفرقوا عن جنتكم إن أئمتكم ليصبرون لكم على الجور و يحتملون منكم العتاب والله لتنتهن أو ليبتلينكم الله بمن يسومكم الخسف و لا يحمدكم على الصبر ثم تكونونشركاءهم فيما جررتم على الرعية في حياتكم و بعد وفاتكم. فقال له صعصعة بن صوحانأما قريش فإنها لم تكن أكثر العرب و لا أمنعها في الجاهلية و إن غيرها من العربلأكثر منها كان و أمنع.

/ 22