شرح نهج البلاغة جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغة - جلد 2

ابن ابی الحدید المعتزلی؛ محقق: محمد ابوالفضل ابراهیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


[231]

فقال علي (ع) إن القوم أتوني بعبد الله بن قيس مبرنسا فقالوا ابعث
هذارضينا به و الله بالغ أمره.

قال نصر و روى أن ابن الكواء قام إلى علي (ع) فقال هذاعبد الله بن قيس وافد
أهل اليمن إلى رسول الله (ص) و صاحب مقاسم أبي بكر و عامل عمرو قد رضي به القوم و
عرضنا عليهم ابن عباس فزعموا أنه قريب القرابة منك ظنون فيأمرك. فبلغ ذلك أهل الشام
فبعث أيمن بن خزيم الأسدي و كان معتزلا لمعاوية بهذهالأبيات و كان هواه أن يكون
الأمر لأهل العراق :

لو كان للقوم رأي يعصمون به ** من الضلالرموكم بابن عباس

لله در أبيه أيما رجل ** ما مثله لفصال الخطب في الناس

لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن** لا يهتدي ضرب أخماس لأسداس

إن يخل عمرو به يقذفه في لجج** يهوي به النجم تيسا بين أتياس

أبلغ لديك عليا غير عاتبه ** قول امرئ لا يرى بالحق من باس

ما الأشعري بمأمون أبا حسن ** فاعلم هديت و ليس العجز كالرأس

فاصدم بصاحبك الأدنى زعيمهم ** إن ابن عمك عباس هو الآسي

فلما بلغ الناس هذا الشعر طارت أهواءقوم من أولياء علي (ع) و شيعته إلى ابن
عباس و أبت القراء إلا أبا موسى.

[232]

قال نصر و كان أيمن بن خزيم رجلا عابدا مجتهدا و قدكان معاوية جعل له
فلسطين على أن يتابعه و يشايعه على قتال علي (ع) فقال أيمن و بعث بها إليه .

و لست مقاتلا رجلا يصلي ** على سلطان آخر من قريش

له سلطانه و علي إثمي ** معاذ الله من سفه و طيش

أ أقتل مسلما في غير جرم ** فليس بنافعي ما عشت عيشي

قال نصر فلما رضي أهل الشام بعمرو و أهلالعراق بأبي موسى أخذوا في سطر كتاب
الموادعة و كانت صورته هذا ما تقاضى عليه عليأمير المؤمنين و معاوية بن أبي سفيان
فقال معاوية بئس الرجل أنا إن أقررت أنه أميرالمؤمنين ثم قاتلته و قال عمرو بل نكتب
اسمه و اسم أبيه إنما هو أميركم فأماأميرنا فلا فلما أعيد إليه الكتاب أمر بمحوه
فقال الأحنف لا تمح اسم أمير المؤمنينعنك فإني أتخوف إن محوتها ألا ترجع إليك أبدا
فلا تمحها .

فقال علي (ع) إن هذااليوم كيوم الحديبية حين كتب الكتاب عن رسول الله (ص)
هذا ما صالح عليه محمد رسولالله سهيل بن عمرو فقال سهيل لو أعلم أنك رسول الله لم
أقاتلك و لم أخالفك إني إذالظالم لك إن منعتك أن تطوف ببيت الله الحرام و أنت رسوله
و لكن اكتب من محمد بنعبد الله فقال لي رسول الله (ص) يا علي إني لرسول الله و أنا
محمد بن عبد الله و لنيمحو عني الرسالة كتابي لهم من محمد بن عبد الله فاكتبها و
امح ما أراد محوه أماإن لك مثلها ستعطيها و أنت مضطهد .

قال نصر و قد روي أنعمرو بن العاص عاد بالكتاب إلى علي (ع) فطلب منه أن يمحو
اسمه من إمرة المؤمنين فقصعليه و على من حضر قصة صلح الحديبية

[233]

قال إن ذلك الكتابأنا كتبته بيننا و بين المشركين و اليوم أكتبه إلى
أبنائهم كما كان رسول الله صكتبه إلى آبائهم شبها و مثلا فقال عمرو سبحان الله أ
تشبهنا بالكفار و نحن مسلمونفقال علي (ع) يا ابن النابغة و متى لم تكن للكافرين
وليا و للمسلمين عدوا فقام عمروو قال و الله لا يجمع بيني و بينك مجلس بعد اليوم
فقال علي أما و الله إني لأرجوأن يظهر الله عليك و على أصحابك .

و جاءت عصابة قد وضعت سيوفها علىعواتقها فقالوا يا أمير المؤمنين مرنا بما
شئت فقال لهم سهل بن حنيف أيها الناساتهموا رأيكم فلقد شهدنا صلح رسول الله (ص) يوم
الحديبية و لو نرى قتالا لقاتلنا. وزاد إبراهيم بن ديزيل لقد رأيتني يوم أبي جندل
يعني الحديبية و لو أستطيع أن أردأمر رسول الله (ص) لرددته ثم لم نر في ذلك الصلح
إلا خيرا.

قال نصر و قد روى أبوإسحاق الشيباني قال قرأت كتاب الصلح عند سعيد بن أبي
بردة في صحيفة صفراء عليهاخاتمان خاتم من أسفلها و خاتم من أعلاها على خاتم علي (ع)
محمد رسول الله و على خاتممعاوية محمد رسول الله و قيل لعلي (ع) حين أراد أن يكتب
الكتاب بينه و بين معاوية وأهل الشام أ تقر أنهم مؤمنون مسلمون فقال علي (ع) ما أقر
لمعاوية و لا لأصحابه أنهممؤمنون و لا مسلمون و لكن يكتب معاوية ما شاء بما شاء و
يقر بما شاء لنفسه ولأصحابه و يسمي نفسه بما شاء و أصحابه فكتبوا هذا ما تقاضى عليه
علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان قاضى علي بن أبي طالب

[234]

على أهلالعراق و من كان معه من شيعته من المؤمنين و المسلمين و قاضى
معاوية بن أبي سفيانعلى أهل الشام و من كان معه من شيعته من المؤمنين و المسلمين
إننا ننزل عند حكمالله تعالى و كتابه و لا يجمع بيننا إلا إياه و إن كتاب الله
سبحانه و تعالى بيننامن فاتحته إلى خاتمته نحيي ما أحيا القرآن و نميت ما أمات
القرآن فإن وجد الحكمانذلك في كتاب الله اتبعاه و إن لم يجداه أخذا بالسنة العادلة
غير المفرقة و الحكمانعبد الله بن قيس و عمرو بن العاص و قد أخذ الحكمان من علي و
معاوية و من الجندينأنهما آمنان على أنفسهما و أموالهما و أهلهما و الأمة لهما
أنصار و على الذي يقضيانعليه و على المؤمنين و المسلمين من الطائفتين عهد الله أن
يعملوا بما يقضيان عليهمما وافق الكتاب و السنة و إن الأمن و الموادعة و وضع السلاح
متفق عليه بينالطائفتين إلى أن يقع الحكم و على كل واحد من الحكمين عهد الله ليحكمن
بين الأمةبالحق لا بالهوى و أجل الموادعة سنة كاملة فإن أحب الحكمان أن يعجلا الحكم
عجلاه وإن توفي أحدهما فلأمير شيعته أن يختار مكانه رجلا لا يألو الحق و العدل و إن
توفيأحد الأميرين كان نصب غيره إلى أصحابه ممن يرضون أمره و يحمدون طريقته اللهم
إنانستنصرك على من ترك ما في هذه الصحيفة و أراد فيها إلحادا و ظلما. قال نصر
هذهرواية محمد بن علي بن الحسين و الشعبي و روى جابر عن زيد بن الحسن بن الحسن
زياداتعلى هذه النسخة هذا ما تقاضى عليه ابن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان و
شيعتهمافيما تراضيا به من الحكم بكتاب الله و سنة رسوله قضية علي على أهل العراق و
من كانمن شيعته من شاهد أو غائب و قضية معاوية على أهل الشام و من كان من شيعته من
شاهدأو غائب إننا رضينا أن ننزل عند حكم القرآن فيما حكم و أن نقف عند أمره فيما
أمرفإنه لا يجمع بيننا إلا ذلك و إنا جعلنا كتاب الله سبحانه حكما بيننا فيما
اختلفنافيه من فاتحته إلى

[235]

خاتمته نحيي ما أحيا القرآن و نميت ما أماته على ذلك تقاضينا و
بهتراضينا و إن عليا و شيعته رضوا أن يبعثوا عبد الله بن قيس ناظرا و محاكما و
رضيمعاوية و شيعته أن يبعثوا عمرو بن العاص ناظرا و محاكما على أنهم أخذوا عليهما
عهدالله و ميثاقه و أعظم ما أخذ الله على أحد من خلقه ليتخذان الكتاب إماما فيما
بعثاإليه لا يعدوانه إلى غيره ما وجداه فيه مسطورا و ما لم يجداه مسمى في الكتاب
رداهإلى سنة رسول الله (ص) الجامعة لا يتعمدان لها خلافا و لا يتبعان هوى و لا
يدخلان فيشبهة و قد أخذ عبد الله بن قيس و عمرو بن العاص على علي و معاوية عهد الله
وميثاقه بالرضا بما حكما به من كتاب الله و سنة نبيه و ليس لهما أن ينقضا ذلك و
لايخالفاه إلى غيره و أنهما آمنان في حكمهما على دمائهما و أموالهما و أهلهما ما
لميعدوا الحق رضي بذلك راض أو أنكره منكر و أن الأمة أنصار لهما على ما قضيا به
منالعدل فإن توفي أحد الحكمين قبل انقضاء الحكومة فأمير شيعته و أصحابه
يختارونمكانه رجلا لا يألون عن أهل المعدلة و الإقساط على ما كان عليه صاحبه من
العهد والميثاق و الحكم بكتاب الله و سنة رسوله و له مثل شرط صاحبه و إن مات أحد
الأميرينقبل القضاء فلشيعته أن يولوا مكانه رجلا يرضون عدله و قد وقعت هذه القضية و
معهاالأمن و التفاوض و وضع السلاح و السلام و الموادعة و على الحكمين عهد الله
وميثاقه ألا يألوا اجتهادا و لا يتعمدا جورا و لا يدخلا في شبهة و لا يعدوا حكم
الكتابفإن لم يقبلا برئت الأمة من حكمهما و لا عهد لهما و لا ذمة و قد وجبت القضية
علىما قد سمي في هذا الكتاب من مواقع الشروط على الحكمين و الأميرين و الفريقين
والله أقرب شهيدا و أدنى حفيظا و الناس آمنون على أنفسهم و أهلهم و أموالهم
إلىانقضاء مدة الأجل و السلاح موضوع و السبل مخلاة و الشاهد و الغائب من
الفريقينسواء في الأمن و للحكمين أن ينزلا منزلا عدلا بين أهل العراق و الشام لا
يحضرهمافيه إلا من أحبا عن ملإ منهما و تراض

[236]

و إن المسلمينقد أجلوا هذين القاضيين إلى انسلاخ شهر رمضان فإن رأيا
تعجيل الحكومة فيما وجها لهعجلاها و إن أرادا تأخيرها بعد شهر رمضان إلى انقضاء
الموسم فذلك إليهما و إن همالم يحكما بكتاب الله و سنة نبيه إلى انقضاء الموسم
فالمسلمون على أمرهم الأول فيالحرب و لا شرط بين الفريقين و على الأمة عهد الله و
ميثاقه على التمام و الوفاءبما في هذا الكتاب و هم يد على من أراد فيه إلحادا و
ظلما أو حاول له نقضا و شهدفيه من أصحاب علي عشرة و من أصحاب معاوية عشرة و تاريخ
كتابته لليلة بقيت من صفرسنة سبع و ثلاثين.

قال نصر و حدثنا عمرو بن سعيد قال حدثني أبو جناب عن ربيعةالجرمي قال لما
كتبت الصحيفة دعي لها الأشتر ليشهد مع الشهود عليه فقال لا صحبتنييميني و لا نفعني
بعدها الشمال إن كتب لي في هذه الصحيفة اسم على صلح أو موادعة أو لست على بينة من
أمري و يقين من ضلالة عدوي أ و لستم قد رأيتم الظفر إن لمتجمعوا على الخور فقال له
رجل من الناس و الله ما رأيت ظفرا و لا خورا هلم فأشهدعلى نفسك و أقرر بما كتب في
هذه الصحيفة فإنه لا رغبة لك عن الناس فقال بلى و اللهإن لي لرغبة عنك في الدنيا
للدنيا و في الآخرة للآخرة و لقد سفك الله بسيفي هذادماء رجال ما أنت عندي بخير
منهم و لا أحرم دما.

قال نصر بن مزاحم الرجل هو الأشعثبن قيس قال فكأنما قصع على أنه الحميم ثم
قال و لكني قد رضيت بما يرضى به أميرالمؤمنين و دخلت فيما دخل فيه و خرجت مما خرج
منه فإنه لا يدخل إلا في الهدى والصواب.

[237]

قال نصر فحدثنا عمر بن سعد عن أبي جناب الكلبي عن إسماعيل بن شفيع
عنسفيان بن سلمة قال فلما تم الكتاب و شهدت فيه الشهود و تراضى الناس خرج الأشعث
ومعه ناس بنسخة الكتاب يقرؤها على الناس و يعرضها عليهم فمر به على صفوف من
أهلالشام و هم على راياتهم فأسمعهم إياه فرضوا به ثم مر به على صفوف من أهل العراق
وهم على راياتهم فأسمعهم إياه فرضوا به حتى مر برايات عنزة و كان مع علي (ع) من
عنزةبصفين أربعة آلاف مجفف فلما مر بهم الأشعث يقرؤه عليهم قال فتيان منهم لا حكم
إلالله ثم حملا على أهل الشام بسيوفهما فقاتلا حتى قتلا على باب رواق معاوية فهما
أولمن حكم و اسماهما جعد و معدان ثم مر بهما على مراد فقال صالح بن شقيق و كان
منرءوسهم :

ما لعلي في الدماء قد حكم ** لو قاتل الأحزاب يوما ما ظلم

لا حكم إلا لله و لو كره المشركون . ثم مرعلى رايات بني راسب فقرأها عليهم
فقال رجل منهم لا حكم إلا لله لا نرضى و لا نحكمالرجال في دين الله . ثم مر على
رايات تميم فقرأها عليهم فقال رجل منهم لا حكم إلالله يقضي بالحق و هو خير الفاصلين
فقال رجل منهم لآخر أما هذا فقد طعن طعنة نافذةو خرج عروة بن أدية أخو مرداس بن
أدية التميمي فقال أ تحكمون الرجال في أمر اللهلا حكم إلا لله فأين قتلانا يا أشعث
ثم شد بسيفه ليضرب به الأشعث فأخطأه و ضرب عجزدابته ضربة خفيفة فصاح به الناس أن
أملك يدك فكف و رجع الأشعث إلى قومه فمشىالأحنف إليه و معقل بن قيس و مسعر بن فدكي
و رجال من بني تميم فتنصلوا و اعتذروافقبل منهم ذلك و انطلق إلى علي (ع) فقال يا
أمير المؤمنين إني

[238]

عرضت الحكومة على صفوف أهل الشام و أهل العراق فقالوا جميعا رضينا
حتى مررتبرايات بني راسب و نبذ من الناس سواهم فقالوا لا نرضى لا حكم إلا لله فمل
بأهلالعراق و أهل الشام عليهم حتى نقتلهم فقال علي (ع) هل هي غير راية أو رايتين و
نبذمن الناس قال لا قال فدعهم.

قال نصر فظن علي (ع) أنهم قليلون لا يعبأ بهم فما راعهإلا نداء الناس من كل
جهة و من كل ناحية لا حكم إلا لله الحكم لله يا علي لا لك لانرضى بأن يحكم الرجال
في دين الله إن الله قد أمضى حكمه في معاوية و أصحابه أنيقتلوا أو يدخلوا تحت حكمنا
عليهم و قد كنا زللنا و أخطأنا حين رضينا بالحكمين وقد بان لنا زللنا و خطؤنا
فرجعنا إلى الله و تبنا فارجع أنت يا علي كما رجعنا و تبإلى الله كما تبنا و إلا
برئنا منك فقال علي (ع) ويحكم أ بعد الرضا و الميثاق والعهد نرجع أ ليس الله تعالى
قد قال أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و قال وَ
أَوْفُوابِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ
بَعْدَتَوْكِيدِها وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا
فأبى علي
أن يرجع وأبت الخوارج إلا تضليل التحكيم و الطعن فيه فبرئت من علي (ع) و برئ علي
(ع) منهم.

قال نصر و قام إلىعلي (ع) محمد بن جريش فقال يا أمير المؤمنين أ ما إلى
الرجوع عن هذا الكتاب سبيل فوالله إني لأخاف أن يورث ذلا فقال علي (ع)

[239]

أ بعد أن كتبناه ننقضه إن هذا لا يحل .

قال نصر و حدثني عمربن نمير بن وعلة عن أبي الوداك قال لما تداعى الناس إلى
المصاحف و كتبت صحيفةالصلح و التحكيم قال علي (ع) إنما فعلت ما فعلت لما بدا فيكم
من الخور و الفشل عنالحرب فجاءت إليه همدان كأنها ركن حصير فيهم سعيد بن قيس و ابنه
عبد الرحمن غلامله ذؤابة فقال سعيد ها أنا ذا و قومي لا نرد أمرك فقل ما شئت نعمله
فقال أما لوكان هذا قبل سطر الصحيفة لأزلتهم عن عسكرهم أو تنفرد سالفتي قبل ذلك و
لكن انصرفواراشدين فلعمري ما كنت لأعرض قبيلة واحدة للناس .

قال نصر و روىالشعبي أن عليا (ع) قال يوم صفين حين أقر الناس بالصلح إن
هؤلاء القوم لم يكونوالينيبوا إلى الحق و لا ليجيبوا إلى كلمة سواء حتى يرموا
بالمناسر تتبعها العساكر وحتى يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب

[240]

و حتى يجرببلادهم الخميس يتلوه الخميس و حتى يدعوا الخيول في نواحي
أرضهم و بأحناء مساربهمو مسارحهم و حتى تشن عليهم الغارات من كل فج و حتى يلقاهم
قوم صدق صبر لا يزيدهمهلاك من هلك من قتلاهم و موتاهم في سبيل الله إلا جدا في طاعة
الله و حرصا علىلقاء الله و لقد كنا مع رسول الله (ص) نقتل آباءنا و أبناءنا و
إخواننا و أخوالنا وأعمامنا لا يزيدنا ذلك إلا إيمانا و تسليما و مضيا على أمض
الألم و جدا على جهادالعدو و الاستقلال بمبارزة الأقران و لقد كان الرجل منا و
الآخر من عدونا يتصاولانتصاول الفحلين يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس
المنون فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا فلما رآنا الله صدقا صبرا أنزل بعدونا
الكبت و أنزل علينا النصر ولعمري لو كنا نأتي مثل الذي أتيتم ما قام الدين و لا عز
الإسلام و ايم اللهلتحلبنها دما فاحفظوا ما أقول لكم .

و روى نصر عن عمروبن شمر عن فضيل بن خديج قال قيل لعلي (ع) لما كتبت الصحيفة
أن الأشتر لم يرض بما فيالصحيفة و لا يرى إلا قتال القوم فقال علي (ع) بلى إن
الأشتر ليرضى إذا رضيت و قدرضيت و رضيتم و لا يصلح الرجوع بعد الرضا و لا التبديل
بعد الإقرار إلا أن يعصىالله أو يتعدى ما في كتابه و أما الذي ذكرتم من تركه أمري و
ما أنا عليه فليس منأولئك و لا أعرفه على ذلك و ليت فيكم مثله اثنين بل ليت فيكم
مثله واحدا يرى فيعدوي مثل رأيه إذا لخفت مئونتكم علي و رجوت أن يستقيم لي بعض
أودكم.

[241]

قال نصر و روى أبو عبد الله زيد الأودي أن رجلا منهم يقال له عمرو بن
أوسقاتل مع علي (ع) يوم صفين فأسره معاوية في أسرى كثيرة فقال له عمرو بن العاص
اقتلهمفقال له عمرو بن أوس لا تقتلني يا معاوية فإنك خالي فقامت إليه بنو أود
فاستوهبوهفقال دعوه فلعمري إن كان صادقا فيما ادعاه من خئولتي إياه ليستغنين عن
شفاعتكم وإلا فشفاعتكم من ورائه ثم استدناه فقال من أين أنا خالك فو الله ما بين
بني عبدشمس و بين أود من مصاهرة قال فإن أخبرتك فعرفت فهو أمان عندك قال نعم قال أ
ليستأم حبيبة أختك أم المؤمنين فأنا ابنها و أنت أخوها فأنت إذا خالي فقال معاوية
للهأبوه أ ما كان في هؤلاء الأسرى من يفطن إلى هذا غيره ثم خلى سبيله. و روى
إبراهيمبن الحسين بن علي الكسائي المعروف بابن ديزيل الهمداني في كتاب صفين قال
حدثنا عبدالله بن عمر قال حدثنا عمرو بن محمد قال دعا معاوية بن أبي سفيان عمرو بن
العاصليبعثه حكما فجاء و هو متحزم عليه ثيابه و سيفه و حوله أخوه و ناس من قريش
فقال لهمعاوية يا عمرو إن أهل الكوفة أكرهوا عليا على أبي موسى و هو لا يريده و نحن
بكراضون و قد ضم إليك رجل طويل اللسان كليل المدية و له بعد حظ من دين فإذا قال
فدعهيقل ثم قل فأوجز و اقطع المفصل و لا تلقه بكل رأيك و اعلم أن خب ء الرأي زيادة
فيالعقل فإن خوفك بأهل العراق فخوفه بأهل الشام و إن خوفك بعلي فخوفه بمعاوية و إن

[242]

خوفك بمصر فخوفه باليمن و إن أتاك بالتفصيل فأتهبالجمل فقال له عمرو
يا معاوية أنت و علي رجلا قريش و لم تنل في حربك ما رجوت و لمتأمن ما خفت ذكرت أن
لعبد الله دينا و صاحب الدين منصور و ايم الله لأفنين عليهعلله و لأستخرجن خبأه و
لكن إذا جاءني بالإيمان و الهجرة و مناقب علي ما عسيت أنأقول قال قل ما ترى فقال
عمرو و هل تدعني و ما أرى و خرج مغضبا كأنه كره أن يوصىثقة بنفسه و قال لأصحابه حين
خرج إنما أراد معاوية أن يصغر أمر أبي موسى لأنه علمأني خادعه غدا فأحب أن يقول إن
عمرا لم يخدع أريبا فقد كدته بالخلاف عليه و قال فيذلك :

يشجعني معاوية بن حرب ** كأني للحوادث مستكين

و إني عن معاوية غني ** بحمد الله و الله المعين

و هون أمر عبد الله عمدا** و قال له على ما كان دين

فقلت له و لم أردد عليه ** مقالته و للشاكي أنين

ترى أهل العراق يذب عنهم ** و عن جيرانهم رجل مهين

فلو جهلوه لم يجهل علي ** و غث القول يحمله السمين

و لكن خطبه فيهم عظيم ** و فضل المرء فيهم مستبين

فإن أظفر فلم أظفر بوغد ** و إن يظفر فقد قطع الوتين

فلما بلغ معاوية شعره غضب من ذلك و قاللو لا مسيره لكان لي فيه رأي فقال له
عبد الرحمن ابن أم الحكم أما و الله إنأمثاله في قريش لكثير و لكنك ألزمت نفسك
الحاجة إليه فألزمها الغناء عنه فقال لهمعاوية فأجبه عن شعره فقال عبد الرحمن يعيره
بفراره من علي يوم صفين :

[243]

ألا يا عمرو عمرو قبيل سهم ** أ من طب أصابك ذا الجنون

دع البغي الذي أصبحت فيه ** فإن البغي صاحبه لعين

أ لم تهرب بنفسك من علي ** بصفين و أنت بها ضنين

حذارا أن تلاقيك المنايا ** و كل فتى سيدركه المنون

و لسنا عائبين عليك إلا ** لقولك إنني لا أستكين

قال نصر ثم إن الناس أقبلوا على قتلاهمفدفنوهم قال و قد كان عمر بن الخطاب
دعا في خلافته حابس بن سعد الطائي فقال له إنيأريد أن أوليك قضاء حمص فكيف أنت صانع
قال أجتهد رأيي و أستشير جلسائي قال فانطلقإليها فلم يمش إلا يسيرا حتى رجع فقال يا
أمير المؤمنين إني رأيت رؤيا أحببت أنأقصها عليك قال هاتها قال رأيت كأن الشمس
أقبلت من المشرق و معها جمع عظيم و كأنالقمر قد أقبل من المغرب و معه جمع عظيم فقال
له عمر مع أيهما كنت قال كنت معالقمر قال كنت مع الآية الممحوة اذهب فلا و الله لا
تلي لي عملا و رده فشهد معمعاوية صفين و كانت راية طي ء معه فقتل يومئذ فمر به عدي
بن حاتم و معه ابنه زيدفرآه قتيلا فقال له يا أبت هذا و الله خالي قال نعم لعن الله
خالك فبئس و اللهالمصرع مصرعه فوقف زيد و قال من قتل هذا الرجل مرارا فخرج إليه رجل
من بكر بن وائلطوال يخضب فقال أنا قتلته فقال له كيف صنعت به فجعل يخبره فطعنه زيد
بالرمح فقتلهو ذلك بعد أن وضعت الحرب أوزارها فحمل عليه عدي أبوه يسبه و يشتم أمه و
يقول ياابن المائقة لست على دين محمد إن لم أدفعك إليهم فضرب

[244]

زيد فرسه فلحق بمعاوية فأكرمه و حمله و أدنى مجلسه فرفع عدي يديه
فدعا عليه وقال اللهم إن زيدا قد فارق المسلمين و لحق بالملحدين اللهم فارمه بسهم
من سهامك لايشوي أو قال لا يخطئ فإن رميتك لا تنمي و الله لا أكلمه من رأسي كلمة
أبدا و لايظلني و إياه سقف أبدا و قال زيد في قتل البكري :

من مبلغ أبناء طي بأنني ** ثأرت بخالي ثم لم أتأثم

تركت أخا بكر ينوء بصدره ** بصفين مخضوب الجبين من الدم

و ذكرني ثأري غداة رأيته ** فأوجرته رمحي فخر على الفم

لقد غادرت أرماح بكر بن وائل** قتيلا عن الأهوال ليس بمحجم

قتيلا يظل الحي يثنون بعده ** عليه بأيد من نداه و أنعم

لقد فجعت طي بحلم و نائل ** و صاحب غارات و نهب مقسم

لقد كان خالي ليس خال كمثله ** دفاعا لضيم و احتمالا لمغرم

قال نصر و روى الشعبي عن زياد بن النضرأن عليا (ع) بعث أربعمائة عليهم شريح
بن هانئ الحارثي و معه عبد الله بن عباس يصليبهم و يلي أمورهم و معهم أبو موسى
الأشعري و بعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائةثم إنهم

[245]

خلوا بين الحكمين فكان رأي عبد الله بن قيسأبو موسى في عبد الله بن
عمرو بن الخطاب و كان يقول و الله إن استطعت لأحيين سنةعمر. قال نصر و في حديث محمد
بن عبيد الله عن الجرجاني قال لما أراد أبو موسىالمسير قام إليه شريح بن هانئ فأخذ
بيده و قال يا أبا موسى إنك قد نصبت لأمر عظيملا يجبر صدعه و لا تستقال فتنته و
مهما تقل من شي ء عليك أو لك يثبت حقه و تر صحتهو إن كان باطلا و إنه لا بقاء لأهل
العراق إن ملكهم معاوية و لا بأس على أهل الشامإن ملكهم علي و قد كانت منك تثبيطة
أيام الكوفة و الجمل فإن تشفعها بمثلها يكنالظن بك يقينا و الرجاء منك يأسا ثم قال
له شريح في ذلك :

أبا موسى رميت بشر خصم ** فلا تضع العراق فدتك نفسي

و أعط الحق شامهم و خذه ** فإن اليوم في مهل كأمس

و إن غدا يجي ء بما عليه ** كذاك الدهر من سعد و نحس

و لا يخدعك عمرو إن عمرا ** عدو الله مطلع كل شمس

له خدع يحار العقل منها ** مموهة مزخرفة بلبس

فلا تجعل معاوية بن حرب ** كشيخ في الحوادث غير نكس

هداه الله للإسلام فردا ** سوى عرس النبي و أي عرس

فقال أبو موسى ما ينبغي لقوم اتهموني أنيرسلوني لأدفع عنهم باطلا أو أجر
إليهم حقا .

[246]

و روى المدائني في كتاب صفين قال لما أجمع أهل العراق على طلب أبي
موسى و أحضروه للتحكيمعلى كره من علي (ع) أتاه عبد الله بن العباس و عنده وجوه
الناس و أشرافهم فقال له ياأبا موسى إن الناس لم يرضوا بك و لم يجتمعوا عليك لفضل
لا تشارك فيه و ما أكثرأشباهك من المهاجرين و الأنصار و المتقدمين قبلك و لكن أهل
العراق أبوا إلا أنيكون الحكم يمانيا و رأوا أن معظم أهل الشام يمان و ايم الله إني
لأظن ذلك شرا لكو لنا فإنه قد ضم إليك داهية العرب و ليس في معاوية خلة يستحق بها
الخلافة فإنتقذف بحقك على باطله تدرك حاجتك منه و إن يطمع باطله في حقك يدرك حاجته
منك و اعلميا أبا موسى أن معاوية طليق الإسلام و أن أباه رأس الأحزاب و أنه يدعي
الخلافة منغير مشورة و لا بيعة فإن زعم لك أن عمر و عثمان استعملاه فلقد صدق
استعمله عمر وهو الوالي عليه بمنزلة الطبيب يحميه ما يشتهي و يؤجره ما يكره ثم
استعمله عثمانبرأي عمر و ما أكثر من استعملا ممن لم يدع الخلافة و اعلم أن لعمرو مع
كل شي ءيسرك خبيئا يسوءك و مهما نسيت فلا تنس أن عليا بايعه القوم الذين بايعوا أبا
بكر وعمر و عثمان و أنها بيعة هدى و أنه لم يقاتل إلا العاصين و الناكثين فقال أبو
موسىرحمك الله و الله ما لي إمام غير علي و إني لواقف عند ما رأى و إن حق الله أحب
إليمن رضا معاوية و أهل الشام و ما أنت و أنا إلا بالله.

/ 22