وقد التقى في رحلته هذه بعدد من العلماء والفقهاء والشعراء والاَمراء والحكام، وحجّ بيت اللّه أربع مرات، واتصل أثناء إقامته بالقاهرة ـ التي دامت نحو ثلاث سنوات ـ بالمستنصر الفاطمي، واجتمع مع علماء المذهب الاِسماعيلي فتأثر بهم، واعتنق مذهبهم، وتقدّم فيه حتى صار من كبار قادته.
ولما عاد إلى بلخ أخذ يدعو علناً للمذهب، ويناقش العلماء والفقهاء المخالفين له، مما أثار معارضتهم، الاَمر الذي حدا بسلاطين السلاجقة لملاحقته،فهرب من بلخ قبيل سنة (453 هـ)، وتنقل سراً بين المدن حتى بلغ (غاريمكان)(1) سنة (654 هـ)، فأقام فيه مختفياً، مكبّاً على التأليف والتصنيف ونظم الشعر، إلى أن توفي سنة (481 هـ) .
وكان المترجم فقيهاً، شاعراً، عارفاً بالعلوم العقلية والنقلية والحكمة الاِلهية والمنطق، وغير ذلك.
صنّف كتباً كثيرة ـ وقد كتبها كلها إلاّ ماندر باللغة الفارسية ـ منها: زاد المسافرين، دليل المتحيرين في المذهب الاِسماعيلي، رسالة المستوفي في الفقه، وجه دين بالفارسية وهو كتاب فقهي على المذهب الاِسماعيلي، رسالة كنز الحقائق، الاِكسير الاَعظم في الحكمة، تفسير القرآن، وديوان شعره.
(1) يقع هذا الغار قرب مدينة (بدخشان) وهي اليوم من مدن افغانستان، وقد دُفن فيه المترجم، ومزاره الآن معروف هناك يُزار ولا سيما من قبل الاِسماعيليين. أعيان الشيعة.