وهكذا لم يلبث الدين أن اصْطَبَغَ بغير صبغته ، أو كما يقول الكاتب المصريّ الشافعيّ المعروف (عبدالفتاح عبدالمقصود) عن أحداث السقيفة المروّعة التي مني بها الاِسلام والمسلمون فيما بعد : «كفاها خطورة أنْ غيّرت اتّجاه تاريخ الاِسلام ، أو لوّنت صورته السياسية بغير ماكان ينبغي ، أو ـ بأرفق تعبير ـ بغير ما كان يُظن أن تكون الصورة ، وتكون الاَلوان» (1)
وكيف لا ، وقد اُخرج عن الدين ما كان من لبّه ، واُدخل فيه ما ليس هو منه ، وسار الخلف على ما رسم السلف إلى اليوم ، فترى ـ وتلك هي المأساة الكبرى ـ بعض الناس يدعو باسم الدين إلى هدفٍ ليس من أهدافه، وأدبٍ غير أدبه ، وحكمٍ غير حكمه ، حتى عاد المنكر معروفاً يُتعصب له ؛ لموافقته هواهم وشهوات أنفسهم ، والمعروف منكراً ليس له حامٍ يحميه ولا واقٍ يقيه ، وعاد الدين غريباً كما كان ؛ لِمَا نشاهده من مفترياتٍ عليه باسمه . وهكذا كان بفضل اجتهاد من اجتهد في إبعاد الحق عن أهله أن انهدمت ـ عبر اختلاف الرأي بتعاقب القرون ـ الوحدة الدينيّة، وبدت الفرقة ، ونفدت القوّة ، وذهبت الشوكة !
والاَنكى من كلِّ ذلك ، أنَّك إذا ما أوقفت طلاّب الحقّ والحقيقة على موطن الداء ، رجع بعضهم إلى مقولة السفهاء : (رافضي خبيث يسبّ الصحابة) وسرعان ما يبرر تلك الموبقات على أساس من الاجتهاد ، وأنّ لكلِّ مجتهدٍ أن يجتهد ولو في منع النبي الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم من كتابة الكتاب