( يَمحُو اللهُ مَا يشاءُ ويُثبِتُ وَعِندَهُ اُمُّ الكِتَابِ )»(1). ونظير هذا تماماً ما قاله محمّد عبد الكريم عتوم ، حتى لكأنكَ تشعر بنقله عن الدكتور حامد حفني داود مع تغيير طفيف (2). أقول : هذا باطل ، لم يقل به أحد من الشيعة الاِمامية قط ، نعم قالوا عن البَدَاء ما قالوا كما عرفت ولكنهم لم يقولوا أنّ التغيير والتبديل يكون في علم الله المحفوظ ، فذلك العلم عندهم لا يجوز عليه التبديل ولا التغيير مطلقاً ، وهم متفقون على ذلك خلفاً عن سلف اقتداءاً بأئمتهم عليهم السلام . بل ذهبوا إلى أنّ ما يحصل فيه التغيير إنّما هو لوح المحو والاِثبات الذي يمثل مظهراً من مظاهر علمه تعالى ، وقد أطلق عليه بعضهم اسم العلم الفعلي ، قال الشيخ السبحاني : «وأمّا علمه الفعلي ، فهو عبارة عن لوح المحو والاِثبات ، فهو مظهر لعلم الله تعالى في مقام الفعل ، فإذا قيل: بَدا لله في علمه : فمرادهم البَداء في هذا المظهر» (3). وقد ناقشهم السبحاني مناقشات مطولة في ثلاثة من كتبه (4). وقد توسع فيها لاسيّما في كتابه (البَدَاء في ضوء الكتاب والسُنّة) لاِثبات أن التغيير والتبديل في بعض مراتب القضاء لا يستلزم منه تغيير العلم ، وقد سبقه إلى ذلك أكثر من أشرنا إلى مصادرهم ومراجعهم من علماء الشيعة .
(1) نظرات في الكتب الخالدة : 19 . والآية من سورة الرعد 13 : 39 . (2) النظرية السياسية المعاصرة للشيعة الاِمامية الاثني عشرية ، لمحمّد عبدالكريم عتوم : 40 ـ 41. (3) الالهيات ، للسبحاني : 582 . (4) الالهيات : 566 . ومفاهيم القرآن 6 : 295 و 330 و 332 . والبداء في ضوء الكتاب والسُنّة.