ولمّا لم يكن هذا النوع من المحاربة كافياً في تحقيق أهداف الملوك سلكوا سبيل
حرب العقائد، وكان المنهج في هذه الحرب أن يقذف أتباع أهل البيت عليهم السلام بجريمةمة
الابتداع في الدين والانحراف عن سنن سيّد المرسلين .
ومازال هذا المنهج قائماً حتى اليوم.. فقد رأينا ـ وللاَسف الشديد ـ كثيراً من
الدراسات والكتب لا تؤلَّف إلاّ لغرض نشر الافتراءات وبثّ الاَكاذيب، ورأينا كثيراً من
الكتّاب الذين يتناولون دراسة الفرق والمذاهب وخاصة مذهب أهل البيت عليهم السلام م
ينطلقون من منطلقٍ غير علمي ومن دوافع غير نزيهة، تحكمها عقد الماضي وأحابيل
السياسة المناهضة لآل الرسول تأريخياً، وتتحكم في توجهاتها ومسارها وكتاباتها
مقولات لا تقوم على أساس سليم وبالاَخص آراء الوهابية المخالفة لاِجماع المسلمين .
وقد وصل الاَمر إلى أن تتصدى بعض الدراسات الجامعية لاِظهار ما عليه مذهب
أهل البيت عليهم السلام من آراء ومعتقدات بصورة مشوّهة ومزيّفة، تدعمها الوهابيّة المناهضةضة
لجميع الفرق الاِسلامية، مع أنَّ تلك الآراء والمعتقدات في أكثرها مشتركة بين عموم
المسلمين، كمسألة الشفاعة، وزيارة قبور النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاَئمة عليهم السلام والصالحين... ونحوحوحو
ذلك من العقائد الحقّة، فالمقصود مما تنشره الوهابيّة ـ وإن كان في الظاهر بعناوين تتعلّق
بالشيعة والتشيّع ـ إنّما هو عقائد الاِسلام ومتبنياته ومقدساته ورموزه..
وبعد، فإنّ ما تقول به الشيعة الاِمامية الاثنا عشرية ثابت في كتب الفريقين، عدا
مسألة النصّ على الخليفة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فإنّهم يتّجهون إلى الايمان به، ويسوقونون
مئات الروايات على ثبوته وإثباته، مستندين إلى ما ورد في صحاح العامّة ومسانيدهم
ومجاميعهم الحديثية، وبالطرق المعتبرة لديهم، فضلاً عن أدلة العقول .
وهذا الكتاب ـ الذي بين يديك ـ يتكفّل بتوضيح واقع الاَمر في أهم ما يثيره
أُولئك المنحرفون عن وجه الاِسلام الاَصيل من شبهات وأكاذيب، ويتابعهم في
اُمّهات المصادر وأعماق التاريخ، حتى لا يترك لهم منفذاً إلاّ أوصده، ولا أملاً إلاّ
بتره، محققاً أهداف (مركز الرسالة) في حماية الرسالة الاِسلامية والذبّ عنها، والله
من وراء القصد وهو المسدّد إلى سواء السبيل .