خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بالجُرف ـ موضع على مسافة من المدينة ـ فقال : يانبي الله ؛ زعم المنافقون أنّك إنما خلفتني أنّك استثقلتني وتخففت مني ! فقال صلى الله عليه وآله وسلم : كذبوا ، ولكني إنما خلفتك لما ورائي... أفلا ترضى أن تكون مني ـ يا عليّ ـ بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبيَّ بعدي ! فرجع عليٌّ إلى المدينة ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على سفره»(1)
وقد نقل البخاري (2) ومسلم (3) المنزلة هذا ، وفي الرواية عن سعد بن أبي وقاص : قال : «خلّف رسولُ الله عليّاً ـ في بعض مغازيه ـ في المدينة ، فقال عليٌّ : يا رسول الله قد خلفتني مع النساء والصبيان ؛ فسمعت رسول الله يقول : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبوةَ بعدي » (4) .
ومن الاَُمور الملفتة للنظر أن الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم كان يعبّرُ عن تلهفه وهواجسه عندما يغيب الاِمام عليّ عليه السلام عنه ، ويتطلع إلى رؤيته والاطمئنان عليه ، فعن أمّ عطية على ما أخرجه ابن كثير(5) وحسنه، قالت : بعثَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم جيشاً ، وفيهم عليٌّ . قالت: فسمعتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول : اللّهم لا تمتني حتى تريني عليّاً (6) .
(1) تاريخ الطبري 2 : 182 ـ 183 . والبداية والنهاية ، لابن كثير 7 : 340 وما بعدها .
(2) التاج الجامع للاُصول ، للشيخ منصور عليّ ناصف 3 : 332 . قال : رواه الشيخان والترمذي .
(3) صحيح مسلم 4 : 1873 .
(4) سنن الترمذي 5 : 596 .
(5) البداية والنهاية ، لابن كثير 7 : 357 .
(6) التاج الجامع للاُصول في أحاديث الرسول ، للشيخ منصور عليّ ناصف 3 : 334 .