ويصلُ الاَمر أحياناً إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما يُخصُّ بأكلةٍ لا يطيق أن يأكلها لوحده ، ثم هو لا يكتفي بأن يدعو الله إلى أن يشاركه الاِمام عليّ عليه السلام بتلك الاَكلة، بل يجعلها مناسبةً لبيان مقام الاِمام عليّ عليه السلام ومنزلته ، فعن أنس بن مالك قال : «كان عند النبي طيرٌ ـ وفي بعض الروايات طائر مشوي(1) ـ فقال صلى الله عليه وآله وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير ، فجاء عليٌّ فأكل معه..» (2) . ومن. الملفت للنظر أن بعض الروايات تنقل أن محاولةً جرت لصرف عليّ عند مجيئه إلى بيت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد دعوته تلك ، ولكنها فشلت بتدخل الرسول نفسه على ما نقله ابن كثير(3) .
ويستفاد من هذه الرواية ـ كما هو ظاهر ـ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يُرسّخ ويؤكد أنَّ الاِمام عليّاً عليه السلام هو أحب الخلق إلى الله تعالى أيضاً (4) .
كل ذلك يدلُ بما لا يدعُ مجالاً للشك على أنَّ التربية التي خصَّ بها نبينا محمّد صلى الله عليه وآله وسلم الاِمام عليّ عليه السلام ، كانت تهدف إلى إعداده وتهيئته لمسؤولية قيادة الاُمّة ، وليس لمجرد أن يكون أحد أركانها ورجالها البارزين . إذ وجدنا الرسول القائد صلى الله عليه وآله وسلم يتعهد جمعاً من صحابته بالتربية والتثقيف والرعاية، ولكن ليس بمستوى العناية والرعاية التي اتّبعت مع الاِمام عليٍّ عليه السلام ، مما يكشف أن المسؤولية المنوطة بالاِمام عليٍّ عليه السلام هي
(1) البداية والنهاية 7 : 351 .
(2) التاج الجامع للاُصول 3 : 336 .
(3) البداية والنهاية 7 : 351 ـ 352 .
(4) غاية المأمول شرح التاج الجامع للاُصول 3 : 336 ، الهامش (6) . قال عن الحديث «وفيه أنَّ علياً رضي الله عنه أحب الخلق إلى الله تعالى» .