المطلب الثاني
إعداد الاَُمّة وتهيئتها لتولي
الاِمام عليّ عليه السلام الخلافة وترسيخ النصّ عليه
لقد بدأت عملية إعداد الاَُمة وتربيتها لقبول واستقبال خلافة الاِمام
عليّ عليه السلام ، وقيادته للمسيرة الاِسلامية بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبالنصّ عليه منذ
وقتٍ مبكّر ، وآية الانذار خير دليل على ذلك . إذ من الثابت عند جميع
المفسرين ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أُمر في السنة الثالثة من البعثة المشرفة باظهار
دعوته جهرة لقوله تعالى : (
فاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِض عَنِ
المُشْرِكينَ
)(1) لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان ـ كما يقول ابن قتيبة الدينوري ـ متستراً
على دعوته متخفياً في أمره ، متوقياً بعض التوقي (2) . وقد بدأ بانذار
عشيرته الاَقربين لقوله تعالى : (
وَأنذِر عَشِيرَتَكَ الاَقرَبِينَ
)(3) وفي الخبر
الصحيح عن عبدالله بن عباس عن الاِمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، قال :
لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (
وَأَنذِر عَشِيرَتَكَ الاَقرَبِينَ
)
دعاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال لي يا عليّ إنَّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي
الاَقربين ، فضقتُ بذلك ذرعاً ، وعرفتُ أني متى أباديهم بهذا الاَمر أرى
منهم ما أكره ، فصمتُّ عليه حتى جاءني جبريل ، فقال يا محمّد إلاّ تفعل ما
(1) الحجر 15 : 94 .
(2) المسائل والاَجوبة في الحديث والتفسير ، لابن قتيبة : 222 .
(3) الشعراء 26 : 214 .