1 ـ العدالة : إذ قالوا أوّلاً في بناء نظرية الخلافة : لاتنعقد إمامة الفاسق ؛ لاَنّ المراد من الاِمام مراعاة النظر للمسلمين ، والفاسق لم ينظر لنفسه في أمر دينه ، فكيف ينظر في مصلحة غيره (1)؟!
وقالوا : إنّ هذا الفسق يمنع من انعقاد الاِمامة ، ومن استدامتها ، فإذا طرأ على من انعقدت إمامته خرج منها (2).
2 ـ الاجتهاد : إذ عدّوا في شروط الاِمام : أن يكون من أفضلهم في العلم والدين ، والمراد بالعلم هو العلم المؤدّي إلى الاجتهاد في النوازل والاَحكام ، فلاتنعقد إمامة غير العالم بذلك ، لاَنّه محتاج لاَنْ يصرّف الاَُمور على النهج القويم ويُجريها على السراط المستقيم ، ولاَنْ يعلم الحدود ويستوفي الحقوق ويفصل الخصومات بين الناس ، وإذا لم يكن عالماً مجتهداً لم يقدر على ذلك (3).
لكن سرعان ما انهار هذان الشرطان حين تغلّب على الخلافة رجال لم يكن فيهم شيء منها ، لا العدالة ، ولا العلم المؤدّي إلى الاجتهاد..
قال الفرّاء : قد روي عن أحمد ألفاظ تقتضي إسقاط اعتبار العدالة والعلم والفضل ، فقال : (ومن غلبهم بالسيف حتّى صار خليفةً وسمّي أمير المؤمنين ، فلا يحلّ لاَحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً عليه ، برّاً كان أو فاجراً ، فهو أمير المؤمنين) (4)!
(1) مآثر الاِنافة 1 : 36 ، الاَحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : 6 ، الاَحكام السلطانية ـ للفرّاء ـ :20.
(2) الاَحكام السلطانية ـ للماوردي ـ : 17 .
(3) مآثر الاِنافة 1 : 37 ، الاَحكام السلطانية ـ للفرّاء ـ : 20 .