والآن نقوم بدراسة مقبولة عمر بن حنظلة لنرى ما الذي تدل عليه.روي محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة قال: سألت ابا عبدالله (ع) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دَين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم اليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذه سحتاً وإن كان حقاً ثابتاً له، لأنه بحكم الطاغوت وما أمر الله أن يكفر به. قال الله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به}. قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم قد روى حديثاً، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا.. فليرضوا به حكماً. فاني قد جعلته عليكم حاكماً .كما يتحصل من صدر وذيل هذه الرواية، ومن استشهاد الامام (ع) بالآية الشريفة، فإن موضوع السؤال كان حكماً عاماً، كما أن الامام (ع) قد بين التكليف العام. وقد ذكرت الرجوع في الدعأوي الحقوقية والجزائية إلى القضاة، وإلى المسؤولين التنفيذيين والحكوميين بشكل عام. فالرجوع إلى القضاة يكون لأجل اثبات الحق، وفصل الخصومات، وتعيين العقوبة. والرجوع إلى السلطة لأجل إلزام الطرف الآخر في الدعوى بقبول النتيجة، أو لتنفيذ الحكم الحقوقي أو الجزائي. ففي هذه الرواية يُسأل الامام (ع) عن جواز الرجوع إلى سلاطين الجور وقضاتهم.
تحريم التحاكم إلى السلطات غير الشرعية
ويجيب الامام (ع) بالنهي عن الرجوع إلى دوائر الحكومات غير الشرعية، سواء التنفيذية أو القضائية. ويقول بأنه على الشعب المسلم ألا يرجع في أموره إلى سلاطين وحكام الجور والقضاة العاملين لديهم، حتى لو كان حق الشخص المراجع ثابتاً، ويريد الرجوع لاحقاقه وتحصيله. فإذا قتل ابن المسلم، أو نهب بيته، فلا حق له أيضاً في الرجوع إلى حكام الجور للتقاضي. كما أنه لو كان دائناً وعنده شاهد حي، فلا يستطيع الرجوع إلى القضاة التابعين للظلمة العاملين لديهم. ومن رجع إليهم في موارد كهذه فقد رجع إلى الطاغوت، أي السلطات غير الشرعية. وما يأخذه من حق بواسطتهم فإنما يأخذه سحتاً، وإن كان حقاً ثابتاً له، فهو حرام، ولا حق له في التصرف فيه. حتى أن بعض الفقهاء قال بذلك في الاعيان الشخصية أيضاً، كما لو سرقت عباءة شخص مثلاً. فإذا استردها بواسطة حكام الجور فلا حق له في التصرف فيها . ونحن