إنّ نشر الإسلام وبيان مفاهيمه وتوضيح معالمه يحتاج إلى اصلاح الحوزات العلمية. وذلك بتكامل برامج الدراسة، واُسلوب التبليغ والتعليم، وتبديل التراخي والاعمال واليأس وعدم الثقة بالنفس، بالجد والسعي والأمل والثقة بالنفس، وإزالة الآثار التي حصلت في روحية البعض بسبب دعايات الاجانب وتلقيناتهم، وإصلاح أفكار جماعة المتظاهرين بالقداسة، الذين يعيقون عملية الاصلاح في الحوزات والمجتمع، ونزع عمائم معممي البلاط ـ الذين يبيعون الدين بالدنيا ـ وطردهم من الحوزات.
إزالة الآثار الفكرية والأخلاقية للاستعمار
لقد عمل عملاء الاستعمار والأجهزة التربوية والاعلامية والسياسية للحكومات العميلة لمدة قرون على بث السموم، وإفساد أفكار وأخلاق الناس، والأشخاص الذين كانوا يأتون إلى الحوزة هم من بين أفراد الشعب، ويحملون معهم التأثيرات الفكرية والأخلاقية السيئة ولا شكّ. إذ الحوزات العلمية جزء من الشعب والمجتمع. لذا علينا أن نسعى لإصلاح عناصر الحوزات فكرياً وأخلاقياً، وأن نواجه ونزيل الآثار الفكرية والروحية الناتجة عن دعايات وتلقينات الأجانب وسياسة الدول الخائنة والفاسدة.إنّ هذه الآثار ملحوظة بشكل واضح، إذ نجد أنّ البعض منا في الحوزات يتهامسون بأننا عاجزون عن القيام بمثل هذه الأمور، ما لنا ولهذه الأمور؟ نحن علينا أن ندعو، ونجيب على الاستفتاءات فقط. هذه الأفكار من آثار تلقينات الأجانب، وهي من نتائج دعايات السوء التي كان يبثها المستعمرون خلال هذه القرون المتأخرة، تغلغلت في أعماق القلوب في النجف وقم ومشهد وسائر الحوزات، وسببت الضعف والوهن، وهي لا تسمح لحامليها بالرشد والنمو الفكري.إنّهم يتعللون باستمرار بأننا لا نقدر على هذه الأمور. هذه افكار خاطئة فهؤلاء الذين يحكمون البلاد الإسلامية هذه الأيام ماذا يمتلكون لكي يتمكّنوا من القيام بذلك من دوننا؟ من منهم يمتلك الكفاءة أكثر من الأشخاص العاديين؟ والكثير منهم لم ينل أي تعليم أصلاً. فأين درس حاكم الحجاز وماذا درس؟ ورضا خان كان أمياً، لم يكن أكثر من جندي أميّ. وهكذا كان الوضع في التاريخ أيضاً، فالكثير من الحكام المتفرعنين والمتسلطين لم يكونوا يتمتعون بكفاءة إدارة المجتمع وتدبير الاُمة، أو شيء من علم أو فضيلة. كهارون الرشيد أو غيره ممن حكموا البلاد الكبيرة. ما هو حظ أولئك من العلم؟ العلم والتخصص إنّما يحتاج إليهما في التخطيط والأمور التنفيذية والادارية، ونحن أيضاً سوف نستفيد من وجود أشخاص كهؤلاء. أمّا ما له علاقة بالإشراف والإدارة العليا للبلاد، وبسط العدالة بين الناس هو ما درسه الفقيه وحصَّله، وما هو ضروري لحفظ الحرية الوطنية والاستقلال هو ما يمتلكه الفقيه، فالفقيه هو الذي لا يخضع لنفوذ الأجانب، ولا يركع للآخرين، ويدافع إلى آخر نفس عن حقوق الشعب، وعن الحرية والاستقلال، وأراضي الوطن الإسلامي. والفقيه هو الذي لا ينحرف يميناً وشمالاً.