لنقطع علاقاتنا بالمؤسسات الحكومية ونمتنع عن التعأون معها، ونرفض القيام بكل ما من شأنه أن يُعَدَّ عوناً لهم، ونبني مؤسسات قضائية ومالية واقتصادية وثقافية وسياسية جديدة.إنّ إسقاط الطاغوت ـ أي السلطات غير الشرعية القائمة في مختلف أنحاء الوطن الإسلامي ـ هو مسؤوليتنا جميعاً. يجب أن نستبدل الأجهزة الحكومية الجائرة والمعادية للشعب بمؤسسات خدمات عامة تدار وفقاً للقانون الإسلامي، وشيئاً فشيئاً تستقر الحكومة الإسلامية. لقد نهى الله تعالى في القرآن الكريم عن إطاعة الطاغوت والسلطات غير المشروعة، وحث الناس على الثورة ضد السلاطين، وأمر موسى (ع) بذلك. توجد أحاديث كثيرة تحث على محاربة الظلمة، والذين يتصرفون بالدين. كان للأئمة (ع) ولأتباعهم ـ أي الشيعة ـ مواجهات مستمرة مع الحكومات الجائرة وسلطات الباطل، وهذا الأمر واضح في سيرتهم ونمط حياتهم. وقد ابتلوا بحكام الظلم والجور في كثير من الأحيان، وعاشوا في ظروف تقية وخوف شديدين. وبالطبع فإنّ خوفهم كان لأجل المذهب لا على أنفسهم، ونلاحظ هذا الأمر كلما راجعنا الروايات. كما كان حكّام الجور يشعرون بالخوف من الأئمة (ع) باستمرار، إذ كانوا يعلمون أنهم لو فسحوا المجال للأئمة (ع) لثاروا عليهم، وحرَّموا عليهم حياة اللهو والترف والمجون. فعندما نرى هارون الرشيد يحبس الإمام الكاظم (ع) عدة سنوات، أو نرى المأمون يأخذ الإمام الرضا (ع) إلى مرو ليكون تحت نظره، ومن ثم يقوم بسمِّه ، فليس ذلك لأن الأئمة (ع) سادة وأولاد النبي (ص) بينما الرشيد والمأمون معادون للنبي، إذ هارون والمأمون كانا شيعيين كلاهما ، وانما كان ذلك بسبب أن المُلك عقيم . لأنهم كانوا يعلمون أنّ أولاد علي (ع) يرون الخلافة لأنفسهم ومن مسؤولياتهم، ويصرّون على إقامة الحكومة الإسلامية. إذ عندما طُلب من الإمام (ع) أن يعيّن حدود فدك ليردُّها لهم قام الإمام (ع) ـ حسب الرواية ـ بذكر حدود البلاد الإسلامية (كحد لفدك). وهذا يعني أنه يرى حقه ما بين هذه الحدود، وأنه هو الذي يجب أن يكون حاكماً عليه، وأن الذين يحكمون حينها كانوا غاصبين، فرأى أنه إذا بقي الإمام موسى بن جعفر (ع) حراً فسوف يحرّم الحياة عليهم، ومن الممكن أن تتاح له الفرصة، فيقوم بالثورة عليهم وانتزاع السلطة منهم، ولذا لم يمهلوه. ولو أمهلوه لكان قام بثورته بلا شك. كونوا متيقنين أنه لو دامت الفرصة للإمام الكاظم (ع) لكان ثار، وقلب نظام حكم السلاطين الغاصبين.كذلك المأمون قام بوضع الإمام الرضا (ع)