روى علي بن ابراهيم، عن ابيه، عن حماد بن عيسى، عن القداح (عبد الله بن ميمون) عن ابي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) : من سلك طريقاً يطلب فيه علما، سلك الله به طريقا إلى الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا به. وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض، حتى الحوت في البحر. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على ساير النجوم ليلة البدر. وإن العلماء ورثة الانبياء. إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورَّثوا العلم. فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر رجال الحديث كلهم ثقات، حتى أن والد علي بن ابراهيم (ابراهيم بن هاشم) من كبار الثقات (المعتمدين في نقل الحديث) فضلاً عن كونه ثقة. وهذه الرواية قد نقلت باختلاف يسير في المضمون بسند آخر ضعيف. أي أن السند إلى ابي البختري صحيح، لكن نفس ابي البختري ضعيف. والرواية هي:عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد، عن أبي البختري، عن ابي عبد الله (ع) قال: إن العلماء ورثة الانبياء. وذاك أن الانبياء لم يورِّثوا درهماً ولاديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم. فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظاً وافراً. فانظروا علمكم هذا عمَّن تأخذونه. فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجأهلين .
تحليل الرواية:
إن غايتنا من نقل هذه الرواية، والتي قد تمسك بها المرحوم النراقي أيضاً، هو توضيح معنى جملة العلماء ورثة الانبياء الواردة فيها. وهنا عدة ابحاث:1ـ من هم المقصودون من العلماء ؟ هل هم علماء الامة؟ أو الائمة (ع) ؟ إذ قد احتمل البعض أن المقصود هم الائمة (ع) ونفس الحديث يدل على انه ليس المراد منهم الائمة (ع). اذ أن نمط المناقب الواردة للائمة (ع) يختلف، فهذه العبارات من قبيل ان الانبياء انما أورثوا احاديث من أحاديثهم، فمن أخذ منه أخذ وافر لا تصح لتعريف الائمة (ع). فهذه الجمل شاهدة على أن المراد علماء الامة. وكذلك ورد في رواية ابي البختري بعد جملة العلماء ورثة الانبياء قوله: فانظروا علمكم هذا عمَّن تأخذونه . حيث يظهر منها أنه (ع) يريد أن يقول: العلماء ورثة الانبياء، فالقول بأن المراد هو أن الأئمة ورثة الانبياء، وأن الناس يجب أن يأخذوا علمهم عن الائمة خلاف للظاهر. وكل من لاحظ الروايات الواردة حول الائمة (ع) وعرف موقعهم عند رسول الله (ص) يلتفت إلى أنه ليس المراد من هذه الرواية الائمة (ع) وإنما المراد علماء الامة، كما أنه قد ورد الكثير من الروايات في أمثال هذه المناقب للعلماء مثل: علماء أمتي كسائر أنبياء قَبلي . وعلماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل . وعلى اية حال فكون المراد هو علماء الامة أمر ظاهر.2ـ يمكن ان يقال اننا لا نستطيع استفادة ولاية الفقيه من جملة العلماء ورثة الانبياء بمفردها. إذ أن الأنبياء فيهم جهة نبوة، وهي أنهم يتلقّون العلم من مبدأ أعلى بواسطة وحي أو الهام أو نحو آخر. لكن هذه الحيثية لا تقتضي الولاية على الناس والمؤمنين. وما لم يجعل الله تعالى لهم