الباب الثاني: في تفصيل افعال حج الافراد، و حج القرآن، و العمرة المفردة، و شرائطها، و احكامها، من حيث انها هي
و فيه فصلان:
الفصل الاول: في بيان ما يتعلق بقسمي الحج
و فيه مسائل:
المسالة الاولى:
حج الافراد و القران فرض اهل مكة و من في حكمهم -كما مر-بالاجماع، و الاخبار
المستفيضة جدا (1) ، المتقدم كثير منها.
المسالة الثانية:
لا يجوز لهم العدول الى التمتع في حجة الاسلام اختيارا على الحق المشهور،
للاصل، حيث لم يقع التوقيف به، و الاخبار المعينة لهم غير التمتع. و عن الشيخ قول بالجواز في المبسوط و الخلاف، و حكي عن الجامع ايضا (2) . لوجوه ضعيفة، اجودها صحيحة البجلي و عبد الرحمن: عن رجل من اهل مكة خرج الى بعض
الامصار، ثم رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى الله عليه و آله،
اله ان يتمتع؟ فقال: «ما ازعم ان ذلك ليس له، و الاهلال بالحج احب الي » (3) . و الروايات الواردة في ان للمفرد بعد دخول مكة و الطواف و السعي العدول الى
المتعة. و يردان اولا: بعدم نصوصيتهما في الفريضة، بل للتطوع محتملان، سيما الاولى، لبعد
بقاء المكي بلا حجة الاسلام-الى ان يخرج من مكة و يرجع اليها-عادة. و ليس في قوله: «و الاهلال بالحج احب » قرينة على ارادة الواجب بناء على افضلية
التمتع في التطوع مطلقا، اجماعا على ما قيل (4) - لاحتماله ارادة اظهار الحج تقية (5)
، كما في الصحيح: «ينوي العمرة و يهل بالحج » (6) . و ثانيا: باخصيتهما عن المدعى، لورود الاولى فيمن خرج الى بعض الامصار ثم
رجع فمر ببعض المواقيت، و قد افتى بمضمونها في موردها خاصة جماعة، كالشيخ في
التهذيب و الاستبصار و النهاية و المبسوط و المحقق في المعتبر و الفاضل في
التحرير و المنتهى و التذكرة (7) . و الثانية: فيمن احرم بالافراد و دخل مكة و طاف و سعى مفردا، و لذا جعلوا
موردها مسالة على حدة كما ياتي. و ثالثا: بمعارضتهما مع اخبار عدم شرعية التمتع للمكي، و اخصية الثانية،
لاختصاصها بالفرض و اعميتهما عنه، فيجب التخصيص.و لو لوحظ اختصاصهما
بالموردين لكان التعارض بالعموم من وجه، و الترجيح لاخبار المنع، لموافقة
الكتاب و الشهرة و الاكثرية عددا و الاصرحية دلالة. قيل: مع انه على تقدير التساوي يرجع الى الاصل، و مقتضاه وجوب تحصيل البراءة
اليقينية، و لا تحصل الا بغير المتعة (8) . و فيه: انه يصح على قول من يقول بالتساقط بعد التعارض، و على المختار-من الرجوع
الى التخيير فيما لم يدل دليل على انتفائه-فلا يصح ذلك، بل يرجع الى جواز العدول.
المسالة الثالثة:
هل يجوز العدول اضطرارا، كخوف الحيض المتاخر عن النفر مع عدم امكان تاخير
العمرة الى ان تطهر، و خوف عدو بعده، و فوت الصحبة كذلك؟ المعروف من مذهب الاصحاب-كما قيل (9) -: نعم، و في الذخيرة: لا اعلم فيه خلافا بين الاصحاب (10) .و في المدارك: انه مذهب الاصحاب (11) و هو مشعر
بالاتفاق، بل حكي عن بعضهم التصريح به (12) . قيل (13) : للعمومات، و فحوى ما دل على جواز العدول من التمتع -مع افضليته-اليهما
مع الضرورة (14) . و يرد الاول: بمنع عموم يدل عليه، و ان اريد ما اشير اليه من اخبار العدول بعد
دخول مكة-كما قيل (15) -ففيه: اولا: انها غير المورد كما مر. و ثانيا: انها تفرق بين المفرد و القارن، و الاصحاب لا يفرقون بينهما في
المضطر. و ثالثا: ان مع التسليم تعارض عمومات المنع بالعموم المطلق، فيجب التخصيص
بالمتطوع، فاذن المنع حينئذ ايضا اولى، كما حكي عن ظاهر التبيان و الاقتصاد و
الغنية و السرائر (16) . و على هذا، فوظيفة المضطر اما تقديم العمرة المفردة-كما احتمله بعضهم (17) ، او
تاخير الحج الى القابل.
المسالة الرابعة:
تشترط فيهما النية-كما مر في المتعة-و وقوعهما في اشهر الحج، بالاجماعين (18) ، و
عمومات الكتاب (19) و السنة، و خصوص بعض الصحاح (20) ..و ان يعقد احرامهما من الميقات،
كما ياتي.
المسالة الخامسة:
القارن كالمفرد على الاصح الاشهر الا بسياق الهدي. للاخبار المستفيضة من
الصحاح و غيرها (21) . و قيل: انه كالمتمتع الا بسياق الهدي و عدم التحلل عن العمرة في الاثناء (22) ،
لاخبار غير واضحة الدلالة.
المسالة السادسة:
يستحب للقارن الاشعار و التقليد لما يسوقه من البدن، بلا خلاف فيه يوجد. له، و للاخبار المستفيضة الآمرة بهما (23) ، المحمولة على الاستحباب، للاصل، و
الاجماع، و الصحيح: في رجل ساق هديا و لم يقلده و لم يشعره، قال له: «اجزا عنه، ما اكثر
ما لا يقلد و لا يشعر و لا يحلل » (24) . قالوا: و يستحب ان يكون ذلك بعد التلبية. و لا نص عليه بخصوصه، كما صرح به جماعة (25) ، و لكن اطلاق الاوامر بهما و فتوى
الاصحاب كاف في ذلك، لما يتحمل من التسامح. و المراد من الاشعار-كما ذكره الاصحاب-: ان يشق سنام البعير من الجانب
الايمن، و يلطخ صفحته بدم اشعاره. و المذكور في الاخبار انما هو الشق بالطريق المذكور (26) ، و اما تلطخ الصفحة
فذكره الاصحاب، و لعله كاف في اثباته. هذا اذا كانت معه بدنة واحدة. و اما اذا كانت بدن كثيرة، فانه يدخل بينها و يشعرها يمينا و شمالا، اي هذه في
يمينها و هذه في شمالها، من غير ان يرتبها ترتيبا يوجب الاشعار في اليمين، و
المستند فيه صحيحة حريز (27) و غيرها (28) . و المراد من التقليد: ان يعلق في رقبة المسوق نعلا صلى فيه السائق نفسه، كما صرح
به في المستفيضة (29) . ثم استحباب الاشعار و التقليد انما هو للبدن، و اما البقر و الغنم فلا اشعار
فيهما، بل يختصان بالتقليد، كما صرح به في صحيحة زرارة (30) .
المسالة السابعة:
يجوز للمفرد و القارن تقديم طوافه و سعيه على الوقوفين، كما مر بيانه في بحث
مناسك مكة بعد الرجوع من منى، و اذا فعل احدهما ذلك يجدد التلبية عند كل طواف عقيب
صلاته، على الحق المشهور، لصحيحتي البجلي (31) و ابن عمار (32) . و هل يحلان بالطواف لو لا التلبية، فالتلبية للبقاء على الاحرام؟ فيه اوجه: الاول: حصول التحلل بالطواف للمفرد و القارن، حكي عن المبسوط و النهاية و
الخلاف، و هو مختار الشهيدين في اللمعتين و المسالك و المحقق الثاني (33) ، و نفى
عنه الباس في التنقيح (34) . للصحيحتين المتقدمتين، و موثقة زرارة (35) ، و المروي في العلل، و فيه: «المحرم اذا طاف بالبيت احل الا لعلة » (36) . الثاني: حصوله للمفرد خاصة دون القارن، حكي عن الشيخ في التهذيب (37) ، و استظهره في
الذخيرة (38) ، و قواه بعض مشايخنا المعاصرين (39) . للاخبار المصرحة بان السائق لا يحل ما لم يبلغ الهدي محله (40) ، و خصوص صحيحتي
زرارة (41) و ابن عمار (42) ، و مرسلة يونس بن يعقوب (43) ، و موثقة زرارة (44) . و الثالث: عكس الثاني، حكي في التنقيح عن المفيد و السيد (45) ، و لكن كلامهما لا يدل
عليه، و مستنده غير واضح كما صرح به غير واحد (46) . و الرابع: عدم حصول الاحلال مطلقا الا بالنية، و ان كان الاولى تجديد التلبية،
حكي عن الحلي و الفاضل و ولده (47) . للاصل.و هو مدفوع بما مر. و ما دل على عدم احلال القارن ما لم يبلغ الهدي محله.و هو اخص من المدعي. و لبعض الاجتهادات المردودة في مقابل النص. فضعف هذا القول ظاهر، و كذا سابقه، لما مر. و القول الاول و ان دلت عليه المستفيضة الا ان دلالة غير صحيحة ابن عمار منها
على القارن بالعموم، اللازم تخصيصه بما مر. و اما الصحيحة و ان تضمنت القارن خصوصا، الا انها ليست صريحة في القارن
بالمعنى المتنازع فيه، لاحتماله القارن بين الحج و العمرة في النية، كما عبر به
عنه في صحيحة زرارة المشار اليها، و لو سلم فلا يكافى ء ما تقدم دليلا للثاني،
لاكثريته و اصرحيته، و لو سلم التساوي فالمرجع استصحاب الاحرام. فالاظهر هو القول الثاني. و على هذا، فهل يلبي القارن ايضا تعبدا، ام لا؟ الظاهر: الاول، كما هو ظاهر كلام السيد و المفيد و الحلبي و القاضي في القارن (48) ،
حيث حكموا بتجديد التلبية على القارن دون المفرد من غير تصريح بالتحلل، و من
اجله نسب في التنقيح الى الاولين القول الثالث (49) . و هل هو واجب على المفرد، و القارن، كما هو ظاهر ارباب القول الاول؟ ام مستحب فيهما، كما هو صريح ارباب القول الرابع؟ او لازم في القارن دون المفرد، كما نقناه عن السيد و المفيد و الحلبي و القاضي؟ الاظهر: الاستحباب، لقصور ما دل عليه من اثبات الوجوب، اما لاجل تضمنه
عموما لا يمكن حمله على الوجوب في الجميع، او لمقام الجملة الخبرية. الا في المفرد، الذي يجب عليه الافراد و يتعين، فتلزم عليه التلبية، لئلا يبطل
حجه الافرادي.
المسالة الثامنة:
صرح الاصحاب بجواز عدول المفرد بعد الاحرام و دخول مكة الى المتعة، فيجعل
احرامه عمرة، بلا خلاف يوجد كما صرح به جماعة (50) ، بل بالاجماع كما عن الخلاف و
المعتبر و المنتهى (51) ، و ظاهر جمع آخر (52) . للمستفيضة المصرحة به (53) ، و فيها الصحاح و غيرها. و للاخبار المتظافرة بامر النبي صلى الله عليه و آله اصحابه بالعدول، و خصه
جماعة من متاخري المتاخرين بما اذا لم يكن الافراد عليه متعينا (54) . اما لعدم عموم في الاخبار المجوزة بحيث يشمل من تعين عليه. او لتعارضها مع اخبار الافراد على المكي بالعموم من وجه، فيرجع الى الاصل، و
هو استصحاب وجوب الافراد عليه. اقول: اما منع العموم فغير صحيح كما صرح به جماعة (55) ، و يظهر للمتامل في
الاخبار. و اما الرجوع الى الاصل بعد التعارض فمبني على قول من يقول بالتساقط عند
التعارض، و هو خلاف التحقيق، بل يرجع الى التخيير، و مقتضاه جواز العدول مطلقا،
الا ان موافقة الكتاب-التي هي من المرجحات المنصوصة-ترجح الاول، فالحق: عدم
الجواز في صورة التعين.
المسالة التاسعة:
قد مر في بحث المواقيت: ان المكي اذا بعد عن اهله و مر على بعض مواقيت الآفاق
يحرم منه. و هل يجوز له التمتع حينئذ، او يحرم للنوع الذي هو فرض المكي؟ فالاكثر الى الجواز، لصحيحة البجلي و عبد الرحمن بن اعين (56) ، و بعض اخبار
اخر. و يمكن حملها على المندوب، بل هو الظاهر من بعضها، و لولاه ايضا لتعارض في
الواجب مع الاخبار (57) المعينة لغير التمتع على المكي بالعموم و الخصوص من وجه،
و الترجيح لاخبار المنع عن التمتع، لموافقة الكتاب كما مر.
المسالة العاشرة:
المجاور بمكة لا يخرج بمجرد المجاورة عن فرضه المستقر عليه قبلها مطلقا قطعا،
ما لم يقم مدة توجب انتقال الفريضة الى غيرها، بل اذا اراد حجة الاسلام يحرم
للتمتع وجوبا اجماعا نصا و فتوى;للاستصحاب و الاخبار. و اختلفوا في ميقاته، فقال في المقنعة و الكافي و الخلاف و الجامع و المعتبر و
النافع و المنتهى و التحرير و التذكرة و موضع من النهاية: انه يحرم من ميقات
اهله (58) ، اي الميقات الذي كان يمر اليه اذا جاء من بلده. للاستصحاب. و العمومات الواردة في المواقيت (59) . و خبر سماعة: عن المجاور اله ان يتمتع بالعمرة الى الحج؟ قال: «نعم، يخرج الى مهل ارضه فيلبي ان شاء» (60) . و الاخبار الواردة في ناسي الاحرام او جاهله انه يرجع الى ميقات اهل ارضه (61) ،
فانه لا تعقل خصوصيته للناسي و الجاهل. و قال جماعة-منهم: المقنع و المبسوط و ظاهر الشرائع و الارشاد و القواعد و النهاية
و الدروس و المسالك و الروضة كما حكي-: بانه يحرم من اي ميقات كان (62) . لعدم تعيين الحج عليه من طريق، و جواز الاحرام من كل ميقات اذا مر عليه، و
لاطلاق مرسلة حريز: «من دخل مكة بحجة عن غيره ثم اقام سنة فهو مكي، فاذا اراد ان
يحج عن نفسه او اراد ان يعتمر بعد ما انصرف عن عرفة فليس له ان يحرم بمكة، و لكن
يخرج الى الوقت » (63) . و عن الحلبي: انه يحرم من ادنى الحل (64) ، و مال اليه في المدارك (65) . لصحيحة الحلبي، و فيها: «و حكم القاطنين بمكة اذا قاموا سنة او سنتين صنعوا كما
يصنع اهل مكة، فاذا قاموا شهرا فان لهم ان يتمتعوا» ، قلت: من اين؟ قال: «يخرجون
من الحرم » (66) . و قريبة منها صحيحة حماد (67) ، و بعض الاخبار (68) المتضمنة لاحرام المجاور من
الجعرانة (69) و الحديبية (70) و التنعيم (71) . و يرد على دليل الاول: ضعف الاستصحاب، لان المسلم وجوب احرامه هناك حين المرور
لا مطلقا. و منع شمول العمومات للمورد، لان المتبادر منها من يمر على الميقات، و لذا
يجوز لاهل كل ارض الاحرام عن ميقات آخر بالعدول عن الطريق. و ضعف الخبر عن الدلالة على الوجوب. و قيل: لمكان قوله: «ان شاء» ايضا (72) . و فيه: ان الظاهر ان متعلق المشية التمتع بالعمرة دون الخروج الى مهل ارضه. و كون التعدي من الناسي و الجاهل قياسا، و عدم تعقل الخصوصية غير مفيد، بل اللازم
تعقل عدم الخصوصية. و على دليل الثاني: ان جواز الاحرام بعد المرور غير المفروض، و لفظ: «الوقت » في
المرسل مجمل، لاحتمال عهدية اللام. و على دليل الثالث: انه شاذ، مع ان خارج الحرم فيه مطلق يحتمل التقييد باحد
الاولين. و اما اخبار الجعرانة و نحوها فمحمولة على العمرة المفردة، كما وردت به
المستفيضة. مع معارضتها مع الموثق في المجاور، و فيه: «فان هو احب ان يتمتع في اشهر
الحج بالعمرة الى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق (73) و يجاوز عسفان (74) ،
فيدخل متمتعا بالعمرة الى الحج، فان احب ان يفرد بالحج فليخرج الى الجعرانة
فيلبي منها» (75) . و اذا ظهر ضعف الكل نقول: قد ثبت من الجميع-بل الاجماع- وجوب الخروج من الحرم،
فهو لازم، و الاصل و ان كانت البراءة عن الزائد، الا ان شذوذ القول بادنى الحل
و اطلاق دليله بالنسبة الى ما تقدم يابى عن المصير الية بالجراة، فالاولى و
الاحوط الاحرام من احد المواقيت، و الاولى منه من ميقات ارضه، لحصول
البراءة به قطعا. هذا مع الامكان، و اما مع التعذر فيحرم من ادنى الحل على المشهور، بل المقطوع
به في كلام الاصحاب كما قيل (76) ، بل ادعى بعضهم الاتفاق عليه (77) ، و دليله واضح مما
مر، فانه لا شذوذ حينئذ حتى ترفع اليد عن دليله. و لو تعذر في ادنى الحل احرم من مكة بلا خلاف فيه، و يدل عليه ما دل على ثبوت
الحكم في غير ما نحن فيه.
المسالة الحادية عشرة:
المجاور بمكة اذا اقام بها ثلاث سنين ينتقل فرضه الى القران او الافراد
اجماعا. و هل يختص بذلك، كما عن الاسكافي و النهاية و المبسوط و الحلي (78) ؟ او لا، بل ينتقل باقامة سنتين كاملتين ايضا، كما عن الشيخ في كتابي الاخبار و
الفاضلين و الشهيدين (79) ، و غيرهما (80) ، بل في المسالك (81) و غيره (82) : انه المشهور بين
الاصحاب، و ربما نسب الى من عدا الشيخ من علمائنا؟ الحق: هو الثاني، لصحيحتي زرارة و عمر بن يزيد: الاولى: «من اقام بمكة سنتين فهو من اهل مكة لا متعة له » (83) . و الثانية: «المجاور بمكة يتمتع بالعمرة الى الحج الى سنتين، فاذا جاوز
سنتين كان قاطنا، و ليس له ان يتمتع » (84) . و بهما يندفع الاستصحاب، الذي هو دليل الاولين. و هل يختص بذلك، او ينتقل بالادون ايضا كالسنة، كما في صحيحة الحلبي المتقدمة في
المسالة السابقة، و صحيحة ابن سنان (85) ، و صحيحة محمد (86) ؟ او ستة اشهر، كصحيحة البختري (87) ؟ او خمسة اشهر، كمرسلة حسين (88) و غيره، و مال اليها بعض المتاخرين (89) ؟ و خير بعضهم بين الفرضين في الادون من السنة، و هو حسن، بل هو ليس من باب
الجمع او التاويل، بل التامل في الاخبار الاخيرة لا يثبت منها سوى الجواز،
الذي هو معنى التخيير، و لكن شذوذ تلك الاخبار يمنع من العمل بها، و مع ذلك
فالاحتياط في التمتع في الادون، لجوازه على القولين، و موافقته للاستصحاب. و مقتضى اطلاق النص و الفتوى عدم الفرق في الاقامة الموجبة لانتقال الفرض بين
كونها بنية الدوام او المفارقة، كما صرح به جماعة (90) . و قيده بعضهم بنية المفارقة، لصدق كونه من اهل مكة بمجرد الاقامة بنية الدوام (91) . و فيه: انه على هذا يحصل التعارض بين هذه الاخبار و اخبار فرض اهل مكة
بالعموم من وجه، و لا وجه لتقديم الاخير، بل يحصل الخدش حينئذ في السنتين (92) ايضا،
فينعكس الامر فيه لو لا نية الدوام، و تعارض اخبار السنتين مع اخبار فرض
النائي، كذا قيل (93) . الا ان الاصل في الادون من السنتين و الاجماع المركب في السنتين -حيث انه
لا قائل فيه بالفرق بين نية الدوام و عدمه-يرجحان مقتضى الاطلاق الذي ذكرناه،
فعليه الفتوى. و لو انعكس الفرض، فاقام المكي في الآفاق لم ينتقل فرضه مطلقا ما لم يخرج عن المكية
بنية الدوام، للاصل و حرمة القياس.
المسالة الثانية عشرة:
ذو المنزلين يعتبر في تعيين الفرض اغلبهما اقامة، فيتعين عليه فرضه، بلا خلاف
يوجد، لصحيحة زرارة (94) . و لو تساويا يتخير بين الفرضين، بلا خلاف كذلك ايضا، لعدم سقوط الحج عنه، و لا
وجوب المتعدد اجماعا، و بطلان الترجيح بلا مرجح. و ذكر جماعة فيه: انه يجب تقييده بما لم يقم بمكة سنتين متواليتين، فانه ينتقل
حينئذ فرضه الى فرض اهل مكة و ان كانت اقامته في غيرها اكثر، لما مر من ان اقامة
السنتين في غيرها لا توجب الانتقال، و اقامة السنتين توجب الانتقال (95) . و ذلك من باب الاطلاق، فان الصحيحتين المتضمنتين لمجاوزة السنتين تعم
القسمين، و لا تختص بمجاوزة النائي حتى يحتاج الى التمسك بالاولوية، كما
فعله بعض مشايخنا المعاصرين، فيرد عليه: منع الاولوية، كما نقله عن بعض معاصريه، و
قال: لا اعرف له وجها (96) .فان اثبات الاولوية يحتاج الى وجه. ثم اقول: هذا حسن في صورة التساوي، فلو كان له منزلان متساويان في الاقامة و
اقام بمكة سنتين ينتقل فرضه، لما مر من غير معارض. و اما في صورة غلبة الاقامة بغير مكة فلا، لتعارض صحيحة زرارة -المتضمنة لحكم
الغالب-معه، بل الظاهر منها رجوع الضمير المجرور فيها الى من اقام بمكة
سنتين، و على هذا فيكون ما يبين حكم الغالب اخص و يجب تقديمه. تعليقات: 1) الوسائل 11: 258 ابواب اقسام الحج ب 6. 2) المبسوط 1 ب: 306، الخلاف 2: 261، الجامع للشرائع: 179. 3) التهذيب 5: 33-100، الاستبصار 2: 158-518، الوسائل 11: 262 ابواب اقسام
الحج ب 7 ح 1. 4) كما في الرياض 1: 353. 5) في «ح » : لاحتمال ارادة الحج تقية... 6) التهذيب 5: 80-264 و فيه: «ينوي المتعة و يحرم بالحج » .و في الاستبصار 2:
168-554، و الوسائل 13: 351 ابواب الاحرام ب 22 ح 1: «ينوي العمرة و يحرم بالحج »
. 7) التهذيب 5: 33، الاستبصار 2: 158، النهاية: 206، المبسوط 1: 313، المعتبر 2:
798، التحرير 1: 93، المنتهى 2: 664، التذكرة 1: 319.ا 8) انظر الرياض 1: 353. 9) انظر الرياض 1: 353. 10) الذخيرة: 551. 11) المدارك 7: 189. 12) كما في الرياض 1: 353. 13) المدارك 7: 189. 14) بمعنى: ان العدول من التمتع الى الافراد و القران اذا كان جائزا مع
الضرورة فبالاولى ان يكون العدول منهما اليه جائزا، لافضليته.ا 15) الرياض 1: 353. 16) التبيان 2: 159، الاقتصاد: 298، الغنية (الجوامع الفقهية) : 573، السرائر 1:
520. 17) كما في كشف اللثام 1: 278، الرياض 1: 353. 18) كما في المعتبر 2: 786، و حكاه في المدارك 7: 191، الرياض 1: 353. 19) البقرة: 97. 20) التهذيب 5: 445-1550، الوسائل 11: 271 ابواب اقسام الحج ب 11 ح 1. 21) الوسائل 11: 212 ابواب اقسام الحج ب 2. 22) حكاه في التذكرة 1: 318، الحدائق 14: 372. 23) الوسائل 11: 275 ابواب اقسام الحج ب 12. 24) الفقيه 2: 209-953، الوسائل 11: 277 ابواب اقسام الحج ب 12 ح 10. 25) انظر كشف اللثام 1: 281، المدارك 7: 195، الرياض 1: 354. 26) الوسائل 11: 275 ابواب اقسام الحج ب 12. 27) التهذيب 5: 43-128، الوسائل 11: 279 ابواب اقسام الحج ب 12 ح 19. 28) انظر الوسائل 11: 275 ابواب اقسام الحج ب 12. 29) انظر الوسائل 11: 275 ابواب اقسام الحج ب 12. 30) الفقيه 2: 209-952، الوسائل 11: 277 ابواب اقسام الحج ب 12 ح 9. 31) الكافي 4: 300-5، التهذيب 5: 45-137، الوسائل 11: 285 ابواب اقسام الحج ب
16 ح 1. 32) الكافي 4: 298-1، التهذيب 5: 44-131، الوسائل 11: 286 ابواب اقسام الحج ب
16 ح 2. 33) المبسوط 1: 309، النهاية: 208، و حكاه عن الخلاف في الايضاح 1: 262، الروضة 2:
214، المسالك 1: 124، المحقق الثاني في جامع المقاصد 3: 115. 34) التنقيح 1: 441. 35) الكافي 4: 299-2، التهذيب 5: 44-132، الوسائل 11: 255 ابواب اقسام الحج ب 5
ح 5. 36) العلل: 274-9، الوسائل 11: 232 ابواب اقسام الحج ب 2 ح 27. 37) التهذيب 5: 27. 38) الذخيرة: 550. 39) الرياض 1: 355. 40) الوسائل 11: 254 ابواب اقسام الحج ب 5. 41) الفقيه 2: 203-928، الوسائل 11: 256 ابواب اقسام الحج ب 5 ح 7. 42) الكافي 4: 298-1، الوسائل 11: 255 ابواب اقسام الحج ب 5 ح 4. 43) الكافي 4: 399-3، التهذيب 5: 44-133، الوسائل 11: 256 ابواب اقسام الحج ب 5
ح 6. 44) الفقيه 2: 203-927، الوسائل 11: 255 ابواب اقسام الحج ب 5 ح 5. 45) التنقيح 1: 441. 46) انظر الحدائق 14: 384، الرياض 1: 355. 47) الحلي في السرائر 1: 524، الفاضل في المختلف: 262، و ولده في الايضاح 1: 262. 48) السيد في جمل العلم و العمل (رسائل الشريف المرتضى 3) : 64، المفيد في المقنعة:
391، الحلبي في الكافي في الفقه: 208، القاضي في المهذب 1: 210. 49) التنقيح الرائع 1: 441. 50) كصاحب الحدائق 14: 399، صاحب الرياض 1: 355. 51) الخلاف 2: 261، المنتهى 2: 662، المعتبر 2: 797. 52) التنقيح الرائع 1: 442، المدارك 7: 203، كشف اللثام 1: 283. 53) الوسائل 11: 212 ابواب اقسام الحج ب 2. 54) كما في كشف اللثام 1: 283، الحدائق 14: 404، المفاتيح 1: 309، الرياض 1: 356. 55) منهم الشهيد الثاني في المسالك 1: 102، السيوري في التنقيح 1: 443. 56) التهذيب 5: 33-100، الاستبصار 2: 158-518، الوسائل 11: 262 ابواب اقسام
الحج ب 7 ح 1. 57) الوسائل 11: 262 ابواب اقسام الحج ب 7. 58) المقنعة: 396، الكافي: 202، الخلاف 2: 285، الجامع: 179، المعتبر 2: 341، النافع:
81، المنتهى 2: 671، التحرير 1: 93، التذكرة 1: 321، النهاية: 211. 59) الوسائل 11: 337 ابواب المواقيت ب 19. 60) الكافي 4: 302-7، التهذيب 5: 59-188، الوسائل 11: 337 ابواب المواقيت ب 19 ح
1. 61) انظر الوسائل 11: 328 ابواب المواقيت ب 14. 62) المقنع: 69، المبسوط 1: 313، الشرائع 1: 241، الارشاد 1: 309، القواعد 1: 79،
النهاية: 211، الدروس 1: 342، المسالك 1: 104، الروضة 2: 226. 63) الكافي 4: 302-8، التهذيب 5: 60-189، الوسائل 11: 269 ابواب اقسام الحج ب 9
ح 9. 64) الكافي في الفقه: 202. 65) المدارك 7: 207. 66) التهذيب 5: 35-103، الوسائل 11: 266 ابواب اقسام الحج ب 9 ح 3، بتفاوت. 67) الكافي 4: 300-4، الوسائل 11: 268 ابواب اقسام الحج ب 9 ح 7. 68) الوسائل 11: 265 ابواب اقسام الحج ب 9. 69) الجعرانة: موضع بين مكة و الطائف على سبعة اميال من مكة...-مجمع البحرين 3:
247. 70) الحديبية: و هي بئر بقرب مكة على طريق جدة دون مرحلة، ثم اطلق على الموضع- مجمع
البحرين 2: 36. 71) التنعيم: موضع قريب من مكة، و هو اقرب الى اطراف الحل الى مكة، و يقال بينه و
بين مكة اربعة اميال، و يعرف بمسجد عائشة-مجمع البحرين 6: 179. 72) الرياض 1: 356. 73) ذات عرق: مهل اهل العراق، و هو الحد بين نجد و تهامة-معجم البلدان 4: 107. 74) عسفان: موضع بين مكة و المدينة...بينه و بين مكة مرحلتان-مجمع البحرين 5: 100. 75) الفقيه 2: 274-1335، الوسائل 11: 270 ابواب اقسام الحج ب 10 ح 2، و فيهما:
او يجاوز عسفان. 76) المدارك 7: 206. 77) و هو في الرياض 1: 361. 78) حكاه عن الاسكافي في المختلف: 261، النهاية: 206، المبسوط 1: 308، الحلي في
السرائر 1: 522. 79) الشيخ في التهذيب 5: 34، و الاستبصار 2: 159، المحقق في الشرائع 1: 240، العلامة
في القواعد 1: 73، الشهيد في الدروس 1: 331، الشهيد الثاني في الروضة 2: 217. 80) كما في الرياض 1: 357. 81) المسالك 1: 102. 82) كالمختلف: 261. 83) التهذيب 5: 34-101، الاستبصار 2: 159-519، الوسائل 11: 265 ابواب اقسام
الحج ب 9 ح 1. 84) التهذيب 5: 34-102، الوسائل 11: 266 ابواب اقسام الحج ب 9 ح 2. 85) الكافي 4: 301-6، الوسائل 11: 269 ابواب اقسام الحج ب 9 ح 8. 86) التهذيب 5: 476-1680، الوسائل 11: 265 ابواب اقسام الحج ب 8 ح 4. 87) التهذيب 5: 476-1679، الوسائل 11: 264 ابواب اقسام الحج ب 8 ح 3. 88) التهذيب 5: 476-1682، الوسائل 11: 265 ابواب اقسام الحج ب 8 ح 5. 89) كالعلامة في المنتهى 2: 644، و المختلف: 261. 90) كالشهيد في المسالك 1: 103، صاحب الرياض 1: 357. 91) انظر الرياض 1: 357. 92) في «ق » فيما بعد السنتين... 93) انظر الرياض 1: 357.م 94) التهذيب 5: 34-101، الاستبصار 2: 159-519، الوسائل 11: 265 ابواب اقسام
الحج ب 9 ح 1. 95) منهم صاحب المدارك 7: 211، السبزواري في الذخيرة: 555، صاحب كشف اللثام 1:
284، صاحب الرياض 1: 357. 96) انظر الرياض 1: 357.