المقصد الخامس: في الصد و الاحصار
و فيه مقدمة و مقامان:
المقدمة
اعلم ان المراد بالمحصور هنا: من منعه المرض خاصة عن اتمام افعال الحج بعد
التلبس به، و بالمصدود: من منعه العدو و ما في معناه خاصة، بلا خلاف عندنا في ذلك
كما قيل (1) ، و عن ظاهر المنتهى: انه اتفاقي بين الاصحاب (2) ، و في المسالك: انه
الذي استقر عليه راي اصحابنا و وردت به نصوصهم (3) ، بل قيل بتصريح جماعة بالاجماع
منا على ذلك مستفيضا (4) . و تدل عليه ايضا من الاخبار صحيحة ابن عمار: «المحصور غير المصدود، و المحصور:
المريض، و المصدود: الذي يرده المشركون كما ردوا رسول الله صلى الله عليه و آله و
الصحابة ليس من مرض، و المصدود تحل له النساء، و المحصور لا تحل له النساء» (5) . و صحيحته الاخرى المروية في الكافي، و فيها-بعد ذكر ان الحسين عليه السلام
مرض في الطريق-: قلت: فما بال رسول الله صلى الله عليه و آله حين رجع من الحديبيه
حلت له النساء و لم يطف بالبيت؟ قال: «ليسا سواء، كان النبي صلى الله عليه و آله
مصدودا و الحسين عليه السلام محصورا» (6) . و في صحيحة البزنطي: اخبرني عن المحصور و المصدود هما سواء؟ فقال: «لا» (7) ، و
يستفاد تغايرهما من اخبار اخر ايضا (8) . و قال في المسالك: انه مطابق للغة ايضا، و استشهد له بما نقله الجوهري عن ابن
السكيت انه قال: احصره المرض: اذا منعه من السفر او من حاجة يريدها (9) . و نقله عنه الفيومي ايضا و عن ثعلب، و عن الفراء: ان هذا هو كلام العرب، و عليه اهل
اللغة (10) . و قيل-بعد نقل ما مر عن المسالك-: و لكن المحكي عن اكثر اللغويين اتحاد الحصر و
الصد، و انهما بمعنى المنع من عدو كان او مرض (11) . اقول: في كلام المسالك و بعض آخر نوع خلط في النقل عن اهل اللغة، فان اكثر
اللغويين-كابن السكيت و ثعلب و الفراء و الاخفش و الشيباني و الفيومي و
الجوهري و الفيروز آبادي و ابن الاثير و صاحب المغرب (12) ، و غيرهم (13) -على ان
الاحصار هو: الحبس للمرض، و نقله في تفسير العالم عن اهل العراق، و عن كلام
العرب. و ان الحصر هو: الحبس للعدو، و صرح بهذه التفرقة ابو عبيدة و الكسائي و صاحبا
المجمع و الكشاف (14) . فالصد هو المرادف للحصر عند اكثر اللغويين دون الاحصار. و كيف كان، فلا فائدة في نقل كلام اهل اللغة، اذ لا ريب في المغايرة بين الصد و
بين الحصر، و ان المعنى ما ذكره اصحابنا، للنص الصحيح من اهل العصمة سلام الله
عليهم. و تظهر الفائدة فيما يترتب على اللفظين من الاحكام، فانهما و ان اشتركا في
ثبوت اصل التحلل بهما في الجملة، و لكنهما يفترقان في بعض الاحكام من عموم
التحلل و عدمه، و مكان ذبح هدي التحلل، و غير ذلك. و لو اجتمع الاحصار و الصد على المكلف-بان يمرض و يصده العدو- يتخير في اخذ حكم
ما شاء منهما، و اخذ الاخف (من احكامهم) (15) ، لصدق الوصفين الموجب للاخذ بالحكم،
سواء عرضا دفعة او متعاقبين، وفاقا لجماعة (16) ، و سياتي تحقيقه.
المقام الاول: في احكام المصدود
و فيه مسائل:
المسالة الاولى:
اذا تلبس المكلف باحرام الحج او العمرة وجب عليه الاكمال، اجماعا فتوى و
دليلا، كتابا و سنة، قال الله سبحانه: «و اتموا الحج و العمرة لله » (17) . و متى صد بعد احرامه-و لم يكن له طريق سوى ما صد عنه، او كان له طريق و لم يمكن له
المسير منه، اما لقصور نفقته عنه، او عدم الرفقة، او غير ذلك-فيحل حيث صد عن كل شي ء
حرم عليه بالاحرام، بلا خلاف يعرف، كما في الذخيرة (18) ، بل بالاجماع، كما عن
التذكرة (19) . و تدل عليه صحيحتا ابن عمار المتقدمتان (20) . و في ثالثة: «ان رسول الله صلى الله عليه و آله حين صده المشركون يوم الحديبية
نحر و احل و رجع الى المدينة » (21) . و موثقة زرارة: «المصدود يذبح حيث صد، و يرجع صاحبه و ياتي النساء» الحديث (22) . و رواية حمران: «ان رسول الله صلى الله عليه و آله حين صد بالحديبية قصر و احل و
نحر، ثم انصرف منها، و لم يجب عليه الحلق حتى يقضي النسك، فاما المحصور فانما
يكون عليه التقصير» (23) . و المرسلة، و فيها: «و المصدود بالعدو ينحر هديه الذي ساقه مكانه، و يقصر من شعر راسه
و يحل، و ليس عليه اجتناب النساء، سواء كانت حجته فريضة او سنة » (24) . و في الرضوي: «و ان صد رجل عن الحج و قد احرم فعليه الحج من قابل، و لا باس بمواقعة
النساء، لان هذا مصدود و ليس كالمحصور» (25) . و هل يتوقف التحلل على ذبح الهدي او نحره فلا يقع التحلل الا به، او يحصل التحلل
بدونه؟ الاول: مذهب الاكثر، كما في المدارك و الذخيرة (26) و غيرهما (27) . للآية الشريفة (28) . و لفعل النبي صلى الله عليه و آله يوم الحديبية. و لموثقة زرارة السابقة، و مرسلة الفقيه: «المحصور و المضطر ينحران بدنتهما في
المكان الذي يضطران فيه » (29) . و لاستصحاب حكم الاحرام. و الثاني: مذهب الحلي (30) . لاصل البراءة، و ضعف ما مر من الادلة، لورود الآية في المحصور، و قد عرفت اطباق
اللغويين على اختصاص الاحصار بالحصر بالمرض. و قول جماعة من المفسرين بنزول الآية في حصر الحديبية (31) لا يثبت شمولها للصد ايضا،
و قوله سبحانه: «فاذا امنتم » في ذيل الآية لا يخصصها به ايضا، لتحقق الامن في
المريض ايضا، مع انها لو دلت على حكم المصدود ايضا عموما او خصوصا لم تفد، لعدم
صراحتها في الوجوب. و عدم دلالة فعل النبي صلى الله عليه و آله على الوجوب اولا، و عدم توقف التحليل
عليه ثانيا، سيما مع ذكر نحره بعد الحل في بعض الاخبار المتقدمة. و منهما يظهر ضعف دلالة الاخبار المذكورة ايضا. و معارضة الاستصحاب بمثله من استصحاب حال العقل، فيبقى الاصل بلا معارض، بل يؤيده
اطلاق صحيحة ابن عمار الاولى و الرضوي. و لذا تردد في المدارك و الذخيرة في المسالة (32) ، و هو في محله جدا. بل قول الحلي في غاية المتانة و الجودة. و لم يكتف جماعة من المشترطين للهدي به خاصة، فاشترطوا نية التحلل بالذبح او
النحر ايضا، لوجوه ضعيفة غايتها. فالحق: عدم الحاجة اليها و ان قلنا باشتراط الهدي. و جواز بقائه على احرامه-و ان ذبح اذا لم ينو التحلل-لا يفيد، لاشتراط نية التحلل
في الهدي، بل له ان ينويه قبله او بعده ايضا. ثم مما ذكرنا ظهر: انه كما لا يتوقف التحليل على الهدي لا دليل على وجوبه ايضا،
كما هو مذهب الحلي. نعم، يستحب، للاخبار المذكورة. خلافا للمشهور، بل عن الغنية و المنتهى: اجماعنا عليه (33) ، لما مر من ادلة اشتراطه
للتحلل بجوابها. و الاحتياط في الهدي و التحلل بعده. و عليه، فهل يتعين مكان الصد لذبحه، او يجوز له البعث كالمحصور؟ فيه قولان، للاول: الاخبار المذكورة. و للثاني: قصورها عن افادة الوجوب، سيما مع احتمال ورودها مورد توهم وجوب
البعث، و هو الاقوى. و هل يتوقف التحلل على التقصير، كما عن المقنعة و المراسم (34) ؟ او الحلق، كما عن الغنية و الكافي (35) ؟ او احدهما مخيرا بينهما، كما عن الشهيدين (36) ؟ او لا يتوقف على شي ء منهما، كما عن الشيخ (37) ، بل نسب الى الاكثر (38) ، و هو ظاهر
الشرائع و النافع (39) ؟ الحق هو: الاخير، للاصل، و اطلاق اكثر الاخبار المتقدمة. و للاول: رواية حمران و المرسلة المتقدمتين. و ثبوت التقصير اصالة. و لم يظهر ان الصد اسقطه، فالاحرام يستصحب اليه. و في الروايتين ما مر من عدم دلالتهما على الوجوب، ثم على التوقف. و في الاخير منع ثبوته اصالة، و انما هو في محل خاص قد فات بالصد جزما. و الاستصحاب معارض بما مر، مع انه انما يكون في مقام الشك، و لا شك هنا بعد اطلاق
الادلة من الكتاب و السنة بجواز الاحلال بالصد من غير اشتراط التقصير. و للثاني: رواية عامية متضمنة لحلق النبي صلى الله عليه و آله (40) . و موثقة الفضل الواردة في رجل اخذه سلطان، و فيها: «هذا مصدود من الحج، ان كان
دخل مكة متمتعا بالعمرة الى الحج فليطف بالبيت اسبوعا، و ليسع اسبوعا، و يحلق
راسه، و يذبح شاة » (41) . و فيه: منع الدلالة على الوجوب اولا، و المعارضة مع ما مر ثانيا. و للثالث: الجمع بين الاخبار.و جوابه ظاهر.
المسالة الثانية:
هل يجوز الاحلال بالصد مطلقا و لو مع رجاء زوال المانع بل ظنه، ام لا؟ قيل: ظاهر اطلاق النص و الفتوى: الاول (42) ، بل قيل: هو ظاهر الاصحاب، حيث صرحوا
بجوازه مع ظن انكشاف العدو قبل الفوات (43) . و نسبه في الذخيرة الى المعروف من مذهب الاصحاب (44) . و يظهر من الشهيد الثاني: الثاني، و ان التحلل انما يسوغ اذا لم يرج المصدود
زوال العذر قبل خروج الوقت (45) ، و تبعه بعض آخر، فقال: الظاهر اختصاص الجواز بصورة عدم الرجاء قطعا او ظنا (46) . حجة الاول: تحقق الصد في موضع البحث، فيلحقه حكمه، للاطلاقات. و دليل الثاني: الاقتصار فيما خالف الاصل على المتيقن من اطلاق النص و الفتوى،
و هو قوي جدا، لامكان منع صدق الصد مع ظن الزوال.
المسالة الثالثة:
ما مر من تحلل المصدود انما هو على الرخصة و الجواز دون الحتم و الوجوب،
فيجوز له-في احرام الحج و العمرة المتمتع بها-البقاء على احرامه الى ان
يتحقق الفوات، فيتحلل بالعمرة كما هو شان من فاته الحج، و يجب عليه اكمال
افعال العمرة ان امكن، و الا تحلل بهدي ان استمر المنع، و الا بقي على احرامها الى
ان ياتي بافعالها. و اما في احرام العمرة المفردة فلم يتحقق الفوات، بل يتحلل منها عند تعذر
الاكمال، و لو تاخر الاحلال كان جائزا، فان ايس من زوال العذر تحلل بالهدي
حينئذ.
المسالة الرابعة:
لا شك في تحقق الصد في الحج و العمرة بحصول المانع عن غير الاحرام من مناسكهما
طرا. و اما في الصد عن بعض المناسك فقد يقال بصدق المصدود فيه مطلقا، لصدق الصد، و عموم
المصدود. و فيه نظر، لان المصدود في الاخبار مقتض و يقتضي ذكر ما صد عنه، و هو كما يحتمل
العموم يحتمل ارادة جميع الافعال او عمدتها، فعلى هذا يكون مجملا كما حققنا في
موضعه، الا انه ورد في موثقة الفضل المتقدمة و الآتية: «هذا مصدود من الحج » ، و كذا في
الرضوي (47) . و منه يعلم ان المراد: المصدود من الحج، و لازمه صدق الصد متى بقي من الافعال ما
لم يتم الحج بدونه، فكل عمل يبطل الحج بتركه يكون الممنوع عنه مصدودا البتة و ان
اتى بغيره مما تقدم عليه او تاخر، فهذا هو الاصل في صدق المصدود. بل لنا ان نقول بصدقه على كل من لم يتم افعال الحج او العمرة، و اثبات عمومه من
قوله في صحيحة ابن عمار: «و المصدود هو الذي رده المشركون » (48) ، فان الرد يصدق ما لم
يتم المقصود، و هو تمام المناسك، فما لم يتم ما هو نهض بصدده يصدق عليه انه رد،
فيكون مصدودا. و على هذا، فلا ينبغي الريب في تحققه في الحج بالمنع عن الموقفين، و في الذخيرة: لا
اعرف فيه خلافا بين الاصحاب (49) . و تدل عليه موثقة الفضل الواردة في رجل اخذه السلطان يوم عرفة و لم يعرف، و
فيها: فان خلى عنه يوم الثاني-اي ثاني يوم النحر (50) -كيف يصنع؟ قال: «هذا مصدود
من الحج » الحديث (51) . و كذا عن احدهما اذا كان مما يفوت بفواته الحج، و الوجه ظاهر مما ذكرناه، و
الظاهر عدم الخلاف فيه ايضا، بل قيل فيه و في سابقه اتفاقا (52) . و لو صد-بعد ادراك الموقفين-من مناسك منى يوم النحر خاصة دون مكة، فان امكنت
الاستنابة لها استناب و قد تم نسكه بمنى، قيل: بلا خلاف (53) . و الوجه فيه: ان مع ثبوت الاستنابة فيها و امكانها لا يصدق عليه المصدود من
الحج و لا المردود عنه، و لكن يخدشه صدق الرد في الجملة و ان لم يكن مردودا عن الحج،
فتامل. و ان لم يمكن الاستنابة، ففي البقاء على احرامه و جواز التحلل وجهان، بل قولان: من
الاصل، و من افادة الصد التحلل عن الجميع، فعن بعضه بطريق اولى، و عموم نصوص
الصد. و يمكن الخدش في الاصل بالمعارضة كما مر. و في الاولوية بالمنع، لاحتمال خصوصية في الصد عن الجميع لا توجد في الصد عن
الابعاض. و في العموم بما ذكر، لانه ليس مصدودا عن الحج. نعم، استلزام البقاء على الاحرام الى القابل العسر و الحرج المنفيين في
الشريعة-سيما مع امكان عدم التمكن في القابل ايضا، و صدق مطلق الرد، المؤيدين
باصالة عدم الحرمة بعد سقوط الاستصحابين-يقوي القول الثاني هنا. و منه تظهر قوة القول بجواز التحلل لو كان المنع من مكة و منى جميعا، بل و كذا لو
منع من مكة خاصة، بل الامر فيهما اظهر، لاستلزامهما ترك الطواف و السعي، الموجب
لفوات الحج، بمقتضى اصل عدم الاجزاء مع عدم الاتيان بالمامور به على وجهه، و
ظهور صدق الرد. و لو كان المنع من العود الى منى لمناسكها بعد قضاء مناسك مكة فلا يتحقق الصد عندهم، بل
حكي نقل جماعة من الاصحاب الاجماع عليه، فيصح الحج، و يستنيب في الرمي ان امكن،
و الا قضاه حيث امكن (54) ، و هو كذلك. مع انه لا ثمرة يعتد بها تظهر حينئذ، لصحة الحج، و حصول التحلل، و عدم وجوب هدي آخر
قطعا. هذا في الحج. و اما العمرة، فيتحقق الصد بالمنع من دخول مكة قطعا، و كذا بالمنع من افعالها بعد
دخول مكة، و السعي خاصة ايضا، لصدق المصدود من الحج او العمرة، و عدم ثبوت جواز
الاستنابة في الافعال لمثله، و لا دليل على صحة عمرته او حجه.
المسالة الخامسة:
لا يسقط الحج المستقر في الذمة قبل عام الصد بالصد، و لا مع بقاء الاستطاعة الى
العام المقبل، و يسقط لو كان ذلك العام عام اول استطاعته و انتفت
الاستطاعة. و يسقط المندوب، اي لا يجب اتمامه-كما اوجبه ابو حنيفة و احمد في رواية (55) -للاصل،
و الاجماع، كما هو ظاهر التذكرة و المنتهى (56) ، و انما يقضيه ندبا.
المسالة السادسة:
لو كان هناك مسلك آخر غير ما فيه الصد فلا صد، و لو كان اطول و امكن الوصول منه. و لو خشي الفوات منه لبعده لم يتحلل، لعدم صدق الصد و الرد، بل يسلكه الى ان يتحقق
الفوات، ثم يتحلل بالعمرة المفردة كما هو شان من فاته الحج، او يعدل من العمرة
المتمتع بها الى الافراد.
المسالة السابعة:
المحبوس بدين يقدر على ادائه ليس مصدودا، و الوجه ظاهر. و بدين لا يقدر على ادائه مصدود على الاقوى، لصدق المصدود من الحج عليه، لانه بمعنى
الممنوع لغة كيف ما كان. نعم، مقتضى الروايات اختصاصه بما اذا كان المنع بغير المرض، و ذكر العدو في
بعض الاخبار انما وقع على سبيل التمثيل، و ذكر بعض الافراد لا لحصر الحكم فيه.
و المحبوس ظلما-لمطالبة مال غير قادر عليه او موجب صرفه لاتلافه-مصدود، و
لمطالبة ما يقدر عليه قليلا او كثيرا غير مصدود، و ان لم نقل بوجوب دفعه لاجل الضرر،
فان الصد امر، و عدم وجوب البذل لاجل نفي الضرر امر آخر، و الكلام هنا في
الاول. و لا شك ان مع خلو السرب ببذل مال مقدور عليه لا يكون السرب مصدودا، و لا اقل من
الشك في صدق الصد و ان قلنا بعدم وجوب بذله، غايته انه يكون باقيا على احرامه و لا
يكون بذلك آثما. و الحاصل: ان الصد مسالة، و وجوب بذل المال للخلاص و تخلية السرب مسالة اخرى، و
يمكن جمع عدم وجوب البذل مع عدم الصد، و الكلام هنا في الاولى، و اما الثانية فقد
مر تحقيقها في بحث الاستطاعة.
المسالة الثامنة:
لو صابر المصدود و لم يتحلل حتى فات الحج، قالوا: لم يجز له التحلل، بل يتحلل
بالعمرة.فان ثبت الاجماع عليه و الا فللبحث فيه مجال، لاستصحاب جواز التحلل،
و صدق المصدود من الحج.
المسالة التاسعة:
لو تحلل المصدود ثم اتفق رفع المانع مع بقاء الوقت، يستانف العمل، و لو ضاق الوقت
عن التمتع انتقل الى الافراد.
المسالة العاشرة:
من افسد حجه ثم صد، يجب عليه الاتيان بوظيفة المفسد، لادلته و استصحابه، و
ثبتت له وظيفة المصدود ايضا، لصدقه.
المسالة الحادية عشرة:
لو امكن رفع المانع ببذل مال غير متضرر به، وجب، لصدق الاستطاعة و وجوب مقدمة
الواجب، و لم يكن مصدودا. و ان كان مما يتضرر به، فالكلام في وجوب ادائه و عدمه
ما مر في بحث الاستطاعة، و لكنه ليس مصدودا مع امكان الاداء، كما مر بيانه في
المسالة السابعة. و لو امكن المحاربة و المقاتلة مع العدو، فمع عدم ظن الغلبة يكون مصدودا، و يثبت
له حكم الصد، و مع ظن الغلبة لا يصدق الصد، فلا تثبت احكامه. و اما وجوب القتال او جوازه او عدم جوازه حينئذ، فهو امر آخر غير مسالة الصد،
و لتحقيقه مقام آخر.
المقام الثاني: في المحصور
و قد عرفت انه من يمنعه المرض عن الوصول الى مكة او الموقفين او نحو ذلك، على
التفصيل المتقدم في الصد. و فيه ايضا مسائل:
المسالة الاولى:
لا خلاف هنا في جوب الهدي، و توقف التحلل على الهدي، و نقل الاجماع عليه مستفيض (57) . و تدل-مع الاجماع-على الاول مضمرة زرعة: عن رجل احصر في الحج، قال: «فليبعث بهديه
اذا كان مع اصحابه، و محله ان يبلغ الهدي محله، و محله منى يوم النحر اذا كان
في الحج، و ان كان في عمرة نحر بمكة، و انما عليه ان يعدهم لذلك يوما، فاذا كان
ذلك اليوم فقد و فى، و ان اختلفوا في الميعاد لم يضره ان شاء الله » (58) . و على الثاني مفهوم الشرط في موثقة زرارة، بل منطوق ذيلها: «و المحصور يبعث بهديه و يعدهم يوما، فاذا بلغ الهدي احل هذا في مكانه » ، قلت: ا
رايت ان ردوا عليه دراهمه و لم يذبحوا عنه و قد احل و اتى النساء؟ قال: «فليعد و ليس
عليه شي ء، و ليمسك الآن عن النساء اذا بعث » (59) . و مفهوم الشرط في صحيحة ابن عمار الآتية. و تؤيدهما الاخبار الاخر، الآتي بعض منها ايضا، المتضمنة للجمل الخبرية.
المسالة الثانية:
اختلفوا-بعد وفاقهم على اشتراط الهدي و توقف التحلل عليه-في وجوب بعثه، و جواز
ذبحه في موضع الحصر.. فذهب الاكثر-كما صرح به جماعة (60) -الى وجوب بعثه الى منى و ذبحه فيها ان كان
حاجا، و الى مكة ان كان معتمرا، و لا يحل حتى يبلغ الهدي محله، و عن ظاهر الغنية:
الاجماع عليه (61) . و استدل له بظاهر قوله سبحانه: «و لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله » (62) . و المضمرة و الموثقة المتقدمتين في المسالة السابقة. و صحيحة ابن عمار: عن رجل احصر فبعث بالهدي، قال: «يواعد اصحابه ميعادا، ان كان
في الحج فمحل الهدي يوم النحر، فاذا كان يوم النحر فليقصر من راسه، و لا يجب
عليه الحلق حتى يقضي المناسك، و ان كان في عمرة فلينظر مقدار دخول اصحابه مكة و
الساعة التي يعدهم فيها، فان كان تلك الساعة قصر و احل » الحديث (63) . المؤيدة جميعا باخبار اخر ايضا (64) . و عن المقنع: انه ذهب الى ذبحه في مكان الحصر (65) . و يدل عليه ذيل صحيحة ابن عمار السابقة، و فيها: «فان الحسين بن علي صلوات الله
عليهما خرج معتمرا، فمرض في الطريق، و بلغ عليا عليه السلام ذلك و هو في
المدينة، فخرج في طلبه فادركه في السقيا (66) و هو مريض بها، فقال: يا بني ما تشتكي؟
فقال: اشتكي راسي، فدعا علي عليه السلام ببدنة فنحرها و حلق راسه ورده الى المدينة،
فلما برى ء من وجعه اعتمر» ، قلت: ارايت حين برى ء من وجعه قبل ان يخرج الى العمرة حلت له النساء؟ قال: «لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت و بالصفا و المروة » ، قلت: فما بال رسول
الله صلى الله عليه و آله حين رجع من الحديبية حلت له النساء و لم يطف بالبيت،
قال: «ليسا سواء، كان النبي صلى الله عليه و آله مصدودا، و الحسين عليه السلام
محصورا» . و صحيحة رفاعة: «خرج الحسين عليه السلام معتمرا و قد ساق بدنة حتى انتهى الى
السقيا، فبرسم (67) فحلق شعر راسه و نحر مكانه، ثم اقبل »الحديث (68) . و مرسلة الفقيه: «المحصور و المضطر ينحران بدنتهما في المكان الذي يضطران فيه » (69) .
و صحيحة ابن عمار: في المحصور و لم يسق الهدي، قال: «ينسك و يرجع، فان لم يجد ثمن
هدي صام » (70) . و عن الاسكافي: التخيير بين البعث و الذبح حيث احصر، مع اولوية الاول (71) .و قواه
في المدارك (72) ، و استقربه في الذخيرة (73) ، جمعا بين الاخبار. و عن ظاهر المفيد و الديلمي: التفصيل، فيبعث في الحج الواجب، و يذبح في محل
الحصر في التطوع (74) ، و لعله لورود بعض اخبار الذبح في محل الحصر في المتطوع. و عن الجعفي: فيذبح مكانه مطلقا ما لم يكن ساق الهدي (75) ، و له صحيحة ابن عمار
الاخيرة. و ربما قيل باختصاص جواز الذبح مكانه اذا اضر به التاخير. و تدل عليه رواية زرارة: «اذا احصر الرجل فبعث بهديه فآذاه راسه قبل ان ينحر
هديه فانه يذبح شاة في المكان الذي احصر فيه، او يصوم، او يتصدق، و الصوم ثلاثة
ايام، و الصدقة على ستة مساكين، نصف صاع لكل مسكين » (76) . و قريبة منها رواية اخرى له (77) . اقول: دلالة ادلة القول الاول على مطلوبهم واضحة، و لا دلالة لاضافة الهدي الى
الضمير في الروايتين الاوليين على الهدي المساق اصلا، فلا تختصان بما اذا
ساق الهدي، كما هو المحكي عن الجعفي. و حمل الآية على ان المراد: حتى تنحروا هديكم، خلاف الظاهر، بل خلاف تصريح الاخبار
ببيان محل الهدي. و اما ادلة القول الثاني: فالروايتان الاوليان واردتان في التطوع، و عدم امكان البعث ايضا محتمل. و الثالثة لا تدل على التعيين، غايتها الجواز. و الرابعة مخصوصة بمن لم يسق الهدي، مضافا الى ان قوله: «ينسك » ليس صريحا في الذبح مكانه، لجواز ارادة البعث منه. فهذا القول ساقط جدا، و كذا الرابع و الخامس. اما الاول (78) ، فلعدم شاهد على ذلك الجمع، سوى خبري خروج الحسين عليه السلام،
و ليست فيهما دلالة على انه لكون الحج تطوعا، بل يمكن ان يكون لجواز الامرين
مطلقا، او التضرر بالتاخير-كما هو ظاهر شكايته من راسه المقدس-او عدم امكان
البعث. و اما الثاني (79) ، فلما مر من اجمال معنى قوله: «ينسك » ، مع ان عدم السياق ورد في
السؤال، فلعل الحكم لجواز الامرين. و اما السادس، فلا ينافي القول الاول، لجواز وجوب البعث، و جواز التعجيل في
الاحلال مع الذبح في المكان، او الصوم، او التصدق، زائدا على البعث. فلم يبق الا القول المشهور و مذهب الاسكافي. و بعد ما عرفت من اجمال فعل علي عليه السلام، و عدم معلومية انه هل هو للجواز او
التطوع او التضرر او عدم التمكن، لا يصلح دليلا لقول، كما ان اجمال قوله: «ينسك »
في صحيحة ابن عمار كذلك. فلم يبق للاسكافي الا مرسلة الفقيه، و هي-مع احتمالها لصورة الضرورة كما قيل (80)
-مخالفة لشهرة القدماء و عمل المعظم، و بها تخرج عن الحجية، فضلا عن مقاومة
الاخبار المعتبرة، و مع ذلك لارادة المحصور بغير المرض محتملة، كما هو مقتضى
اطباق اهل اللغة من تخصيصهم المحصر بالمريض و تعميمهم المحصور بغيره. و من ذلك ظهرت قوة القول الاول، و انه المنصور المعول.
المسالة الثالثة:
المحصور الباعث للهدي يواعد مع المبعوث معه يوما للنحر او الذبح، كما امر به في
موثقتي زرعة و زرارة، و صحيحة ابن عمار (81) ، فاذا بلغ ذلك الوقت قصر و احل من كل
شي ء احرم منه، الا النساء خاصة، فانه لا يحل منهن حتى يحج في القابل، الا اذا كان
الاحرام تطوعا، فانه يحل منهن اذا استناب احدا فطاف عنه طواف النساء. اما الحل من كل شي ء غير النساء و عدم الحل من النساء بذلك، فبالاجماع منا، له، و
للنصوص، كصحيحة ابن عمار المتقدمة، و موثقة زرارة (82) و الرضوي: «لا يقرب النساء حتى
يحج من قابل » (83) . و اما صحيحة البزنطي: عن محرم انكسرت ساقه، اي شي يكون حاله و اي شي ء عليه؟ قال: «هو
حلال من كل شي ء» ، فقلت: من النساء و الثياب و الطيب؟ فقال: «نعم، من جميع ما يحرم
على المحرم »الحديث (84) . فهي شاذة، و للاجماع مخالفة، و مع ذلك هو مذهب بعض العامة (85) ، فيحتمل التقية. و اما توقف حلهن له في الحج الواجب بالحج من قابل و حلهن به، فلصحيحة ابن
عمار المتقدمة، و الرضوي المنجبر بعمل الطائفة. و اما حلهن في المندوب بالطواف عنه طواف النساء استنابة، فاستدل له بالاجماع
المنقول في المنتهى (86) . و بان الحج المندوب لا يجب العود فيه لاستدراكه، و البقاء على تحريم النساء ضرر
عظيم منفي، فاكتفي في الحل بالاستنابة. و الاول: ليس بحجة. و الثاني: مردود بان عدم وجوب العود لا ينافي امكان العود، فيعود و يطوف، و ليس
العود ضررا، و الا فهو في الواجب ايضا حاصل. مع ان الاخبار للواجب و المندوب شاملة، بل صحيحة ابن عمار في المندوب ظاهرة، لان
الظاهر كون احرام الحسين عليه السلام تطوعا، و لذا استشكله بعض المتاخرين (87) ،
و هو في محله. بل ظاهر جمع اتحاد المندوب و الواجب في الحكم، و هو المحكي عن الخلاف و الغنية و
التحرير، حيث قالوا: لا يحللن للمحصور حتى يطوف لهن من قابل او يطاف عنه (88) ، من
غير تفصيل بين الواجب و غيره. كذا في الجامع، الا انه لم يقيد بالقابل، و قيد الطواف بالنساء (89) . و في السرائر، الا انه قال: لا يحللن حتى يحج عنه في القابل، او يامر من يطوف عنه
النساء (90) . و في الكافي، الا انه قال: لا يحللن له حتى يحج، او يحج عنه (91) . الا انه يمكن ان يستدل للمشهور من التفرقة بالمرسل المروي في المقنعة: «المحصور
بالمرض، ان كان ساق هديا اقام على احرامه حتى يبلغ الهدي محله، ثم يحل، و لا يقرب
النساء حتى يقضي المناسك من قابل، هذا اذا كان حجة الاسلام، فاما حج التطوع
فانه ينحر هديه و قد احل مما احرم عنه، فان شاء حج من قابل، و ان شاء لا يجب عليه
الحج » (92) . و لكن الفرق المذكور فيه غير التفرقة المشهورة، لحكمه بالحل من دون الاستنابة. و نقل عن المفيد و غيره (93) ، و لكن ضعف الخبر يمنع من العمل به. فاذن الاظهر: اتحاد الندب و الواجب في الحكم. ثم المخالف في المقام من خالف في عمرة التمتع، فحكم بحل النساء للمحصور
فيها من غير احتياج الى طواف، كما عن الدروس، مستدلا بانه لا طواف للنساء
فيها (94) ، و باطلاق صحيحة البزنطي المتقدمة، خرج منها الحج باقسامه و العمرة
المفردة بالاجماع و الاخبار، فيبقى الباقي. و فيه-مضافا الى كونه خروج الاكثر الذي لا يجوز في التخصيصات و
التقييدات-: ان هذا التقييد ان كان للجمع فهو-مع كونه جمعا بلا شاهد، و هو غير
جائز-لا ينحصر وجهه في ذلك، فيمكن الجمع بنحو آخر. و ان كان لوجود مقيد، فلم نعثر عليه، بل الاخبار متساوية بالنسبة اليها و الى
الحج و المفردة. و دعوى ظهور صحيحة ابن عمار في غير عمرة التمتع لا وجه لها، مع ان هذه الصحيحة
بالنسبة الى وقت الحل عامة، فيمكن تخصيصها بما بعد الحج من قابل، بل يمكن تخصيصها
بغير النساء ايضا، حيث ان الجواب عام و ان صرح بهن في السؤال. و اما التعليل الاول، ففيه: انه انما يتم لو علق حلهن على طواف النساء و هو غير
معلوم، اذ ليس في الروايات تعرض لذكر طواف النساء. و من خالف في وجوب الحج من قابل بنفسه، فاجاز الاستنابة فيه ايضا، و هو
الخلاف (95) و من بعده (96) .الا ان يحمل كلامهم على التسويغ دون التخيير، و الا فلا دليل
لهم يكافى ء ما مر من الاخبار.
فرع:
هل توقف حل النساء على حجه من قابل مطلق، حتى في صورة العجز عنه، و لا تكفي الاستنابة
عنه، كما هو محكي عن ظاهر النهاية و المبسوط و المهذب و الوسيلة و المراسم و
الاصباح و الفاضلين في جملة من كتبهما (97) ؟ ام يختص بصورة الامكان، و بدونه تحل بالاتيان نيابة عنه؟ كما عن القواعد (98) ؟ و ظاهر الخلاف و الغنية و التحرير و الكافي و الجامع و السرائر: الحل
بالاتيان نيابة عنه مطلقا، من غير تقييد بصورة العجز (99) . دليل الاول: الاصل، و الاخبار المتقدمة. و دليل الثاني: لزوم الحرج لولاه، بضميمة عدم قائل بالاحلال بدون الحج، او
الطواف بنفسه او نيابة في لزوم الاستنابة، مضافا الى الاقتصار على المتيقن
فيما يخالف الاصل. و لم اعثر للثالث على دليل، فهو ساقط. فبقي الترجيح بين الاولين، و لعله للثاني، لما ذكر، مضافا الى معارضة
الاصل-الذي هو دليل الاول-مع مثله، كما اشير اليه، و ضعف الرضوي (100) ، و ظهور
التمكن للحسين عليه السلام.
المسالة الرابعة:
اذا بعث هديه او ثمنه و احل ثم بان انه لم يذبح له هدي، لم يبطل تحلله، بل كان
باقيا على الحل، و لكن يبعث ليذبح له في القابل، بلا خلاف فيه و لا اشكال. لموثقتي زرعة و زرارة المتقدمتين (101) . و صحيحة ابن عمار: «فان ردوا الدراهم و لم يجدوا هديا ينحرونه، و قد احل، لم يكن
عليه شي ء، و لكن يبعث في القابل و يمسك ايضا» (102) . و هل يجب عليه الامساك ثانيا الى يوم الوعد الثاني كما هو المشهور، كما في
المسالك و الروضة (103) و غيرهما (104) ؟ او لا، كما هو المحكي عن السرائر و ظاهر الشرائع و النافع و المختلف و الفاضل
المقداد (105) ، و غيرهم من المتاخرين (106) ؟ الاقوى هو: الاول، للامر بالامساك في موثقة زرارة، و هو للوجوب. استدل للثاني بالاصل، لانه ليس بمحرم و لا في الحرم، و الامر في الموثق محمول
على الاستحباب. و فيه: انه حمل بلا حامل، و الاصل بما مر مدفوع. بل قد يقال: ان الاصل بالعكس، لان مقتضى الآية اشتراط التحلل ببلوغ الهدي محله في نفس
الامر، فلو تحلل و لم يبلغ كان باطلا. و لا يستفاد من الاخبار سوى انه لو تحلل يوم الوعد و لم يبلغ لم يكن عليه
ضرر-اي اثم او كفارة-و هو لا يستلزم حصول التحلل في اصل الشرع و لو مع الانكشاف. و على هذا، فيكون محرما في الواقع و ان اعتقد-لجهله-كونه محلا، فقوله-: لانه ليس
بمحرم-ممنوع، اذ لا دليل عليه من نص او اجماع. و فيه اولا: ان مقتضى الآية النهي عن الحلق حتى يبلغ الهدي، و لا بد ان يراد من
البلوغ وعده، للاجماع و النص على انتفاء النهي يوم الوعد بلغ او لم يبلغ، و لو
اريد نفس الامر لزم كون النهي باقيا مع عدم البلوغ فياثم، و هو عين الضرر و
خلاف الاجماع. و الحاصل: انه انما يتم لو كان المعنى في الآية هو الحكم الوضعي، و لكنه حكم تكليفي
منتف في يوم الوعد قطعا، ذبح ام لم يذبح. و ثانيا: ان المصرح به في اخبار كثيرة: انه حل حيث حبسه، كما في رواية حمران:
عن الذي يقول: حلني حيث حبستني، فقال: «هو حل حيث حبسه، قال او لم يقل » (107) . و في صحيحة زرارة: «هو حل اذا حبس، اشتراط او لم يشترط » (108) . خرج ما قبل البعث و الميعاد بالدليل، فيبقى الباقي، و مقتضاه حصول الحل النفس
الامري، لكون الالفاظ موضوعة للمعاني النفس الامرية. و ثالثا: انه لو تم ما ذكره لزم وجوب الامساك بعد الانكشاف بلا فصل، مع ان
مقتضى موثقة زرارة كون وقت الامساك حين البعث الثاني، كما هو مذهب الاصحاب
ايضا. و من ذلك ظهر ان مبدا ذلك الامساك هو حين البعث الثاني، و منتهاه حين الوعد
الثاني. و لو ظهر عدم الذبح ثانيا ايضا فهل يبعث ثالثا، ام لا؟ فيه و جهان.
المسالة الخامسة:
لو احصر او صد فبعث بهديه ثم زال العارض من المرض او العدو، التحق باصحابه ان
لم يفت وقته، بان يدرك احد الموقفين على وجه يصح حجه، بلا خلاف، لزوال العذر.. و لصحيحة زرارة: «اذا احصر بعث بهديه، فاذا افاق و وجد في نفسه خفة فليمض ان ظن
انه يدرك الناس، فان قدم مكة قبل ان ينحر الهدي فليقم على احرامه حتى يفرغ من جميع
المناسك، و ينحر هديه و لا شي ء عليه، و ان قدم مكة و قد نحر هديه فان عليه الحج من قابل
او العمرة » ، قلت: فان مات و هو محرم قبل ان ينتهي الى مكة؟ قال: «يحج عنه اذا
انت حجة الاسلام، و يعتمر، انما هو شي ء عليه » (109) . قيل: و مثل ذلك اخرى واردة في المصدود (110) . و ان فاته الحج تحلل بعمرة مفردة، و يقضي الحج ان كان واجبا و الا ندبا، بلا
خلاف ان تبين عدم وقوع الذبح عنه، و على الاشهر ان تبين وقوعه، لعموم ادلة وجوب
التحلل بالعمرة على من فاته الحج. و احتمل الشهيدان (111) و بعض آخر (112) عدم الاحتياج الى عمرة التحلل حينئذ لحصوله
بالذبح، لادلة حصوله ببلوغ الهدي محله (113) . و الخدش فيها-بعدم ظهور شمولها للمفروض، لانصراف اطلاقها بحكم التبادر الى
غيره-مردود بالمنع اولا، و جريان مثله في ادلة وجوب التحلل بالعمرة ثانيا. كما ان الاستدلال لوجوب العمرة بالصحيحة المتقدمة-على بعض نسخها العاطف للعمرة
على الحج بلفظة: واو-مردود بعدم دلالته على ان المراد تلك العمرة، مع ان بعد اختلاف
النسخ و اكثرية العطف ب: او، لا تصلح للاستدلال، و الله العالم. تعليقات: 1) الرياض 1: 438. 2) المنتهى 2: 846. 3) المسالك 1: 128. 4) انظر الرياض 1: 438. 5) الكافي 4: 369-3، الفقيه 2: 304-1512، التهذيب 5: 423-1467، المقنع: 77، معاني
الاخبار: 222-1، الوسائل 13: 177 ابواب الاحصار و الصد ب 1 ح 1، بتفاوت. 6) الكافي 4: 369-3، الوسائل 13: 178 ابواب الاحصار و الصد ب 1 ح 3، و فيه: ...حين
رجع الى المدينة...ليس هذا مثل هذا... 7) الكافي 4: 369-2، التهذيب 5: 464-1622، الوسائل 13: 179 ابواب الاحصار و الصد
ب 1 ح 4. 8) الوسائل 13: 177 ابواب الاحصار و الصد ب 1. 9) المسالك 1: 128، و هو في الصحاح 2: 632. 10) المصباح المنير: 138. 11) انظر الرياض 1: 438. 12) حكاه ابن السكيت و الاخفش في الصحاح 2: 632، و عن ثعلب و الفراء و الشيباني
في المصباح المنير: 138، الفيومي في المصباح المنير: 138، الجوهري في الصحاح 2:
632، الفيروز آبادي في القاموس المحيط 2: 10، ابن الاثير في النهاية 1: 395. 13) كابن منظور في لسان العرب 4: 195. 14) حكاه عن ابي عبيدة في لسان العرب 4: 195، مجمع البيان 1: 289، الكشاف 1: 240. 15) بدل ما بين القوسين في «س » : منهما. 16) كالشهيد في الدروس 1: 483، الشهيد الثاني في الروضة 2: 367. 17) البقرة: 196. 18) الذخيرة: 700. 19) التذكرة 1: 395. 20) في ص: 127. 21) الفقيه 2: 306-1517، و في التهذيب 5: 424-1472، و الوسائل 13: 191ابواب
الاحصار و الصد ب 9 ح 5: نحر بدنة و رجع الى المدينة. 22) الكافي 4: 371-9، الوسائل 13: 180 ابواب الاحصار و الصد ب 1 ح 5. 23) الكافي 4: 368-1، الوسائل 13: 186 ابواب الاحصار و الصد ب 6 ح 1. 24) المقنعة: 446، الوسائل 13: 180 ابواب الاحصار و الصد ب 1 ح 6. 25) فقه الرضا عليه السلام: 229، مستدرك الوسائل 9: 309 ابواب الاحصار و الصد ب
1ح 3. 26) المدارك 8: 289، الذخيرة: 700. 27) انظر المفاتيح 1: 286، الرياض 1: 438. 28) البقرة: 196. 29) الفقيه 2: 305-1513، الوسائل 13: 187 ابواب الاحصار و الصد ب 6 ح 3. 30) السرائر 1: 641. 31) منهم النيشابوري في حواشي تفسير الطبري 2: 242، الفخر الرازي في تفسيره
الكبير 5: 161، ابو السعود في تفسيره 1: 207. 32) المدارك 8: 289، الذخيرة: 700. 33) الغنية (الجوامع الفقهية) : 583، المنتهى 2: 486. 34) المقنعة: 446، المراسم: 118. 35) الغنية (الجوامع الفقهية) : 583، الكافي: 218. 36) الدروس 1: 479، الروضة 2: 368، المسالك 1: 129. 37) في النهاية: 282. 38) الرياض 1: 439. 39) الشرائع 1: 280، و النافع: 100. 40) انظر المغني لابن قدامة 3: 380. 41) الكافي 4: 371-8، التهذيب 5: 465-1623، الوسائل 13: 183 ابواب الاحصار و
الصد ب 3 ح 2، بتفاوت. 42) الرياض 1: 439. 43) الحدائق 16: 15. 44) الذخيرة: 701. 45) الروضة 2: 370. 46) انظر الرياض 1: 439. 47) راجع ص: 131. 48) الكافي 4: 369-3، الفقيه 2: 304-1512، التهذيب 5: 423-1467، المقنع: 77، معاني
الاخبار: 222-1، الوسائل 13: 177 ابواب الاحصار و الصد ب 1 ح 1. 49) الذخيرة: 700. 50) جملة: اي ثاني يوم النحر، من كلام المصنف رحمه الله. 51) التهذيب 5: 465-1623، و في الكافي 4: 371-8، و الوسائل 13: 183ابواب الاحصار
و الصد ب 3 ح 2: فان خلى عنه يوم النفر... 52) كما في الرياض 1: 439. 53) كما في الرياض 1: 439. 54) الرياض 1: 439. 55) انظر المغني لابن قدامة 3: 375، و الشرح الكبير 3: 536، و بداية المجتهد 1: 355. 56) التذكرة 1: 396، المنتهى 2: 847. 57) انظر المنتهى 2: 850، المدارك 8: 301، المفاتيح 1: 386. 58) التهذيب 5: 423-1470، الوسائل 13: 182 ابواب الاحصار و الصد ب 2 ح 2. 59) الكافي 4: 371-9، الوسائل 13: 180 ابواب الاحصار و الصد ب 1 ح 5. 60) منهم الاردبيلي في مجمع الفائدة: 7: 412، صاحب المدارك 8: 301، السبزواري في
الكفاية: 73، الكاشاني في المفاتيح 1: 386. 61) الغنية (الجوامع الفقهية) : 583. 62) البقرة: 196. 63) الكافي 4: 369-3، التهذيب 5: 421-1465، الوسائل 13: 181 ابواب الاحصار و
الصد ب 2 ح 1، بتفاوت يسير. 64) الوسائل 13: 181 ابواب الاحصار و الصد ب 2.و 65) المقنع: 76. 66) السقيا: موضع يقرب من المدينة، و قيل: هي على يومين منها-مجمع البحرين 1: 221.و
في معجم البلدان 3: 228: السقيا من اسافل اودية تهامة، لما رجع تبع من قتال اهل
المدينة يريد مكة فنزل السقيا و قد عطش فاصابه بها مطر فسماها السقيا. 67) البرسام: داء معروف، و في بعض كتب الطب: انه ورم حار يعرض للحجاب الذي
بين الكبد و المعى ثم يتصل بالدماغ-المصباح المنير: 41-42. 68) الفقيه 2: 305-1515، الوسائل 13: 186 ابواب الاحصار و الصد ب 6 ح 2. 69) الفقيه 2: 305-1513، الوسائل 13: 187 ابواب الاحصار و الصد ب 6 ح 3. 70) الكافي 4: 370-5، الوسائل 13: 187 ابواب الاحصار و الصد ب 7 ح 2. 71) نقله عنه في المختلف: 317. 72) المدارك 8: 304. 73) الذخيرة: 702. 74) المفيد في المقنعة: 446، الديلمي في المراسم: 118. 75) حكاه عنه في الدروس 1: 477. 76) الكافي 4: 370-6، التهذيب 5: 334-1149، الاستبصار 2: 196-658، الوسائل 13: 185
ابواب الاحصار و الصد ب 5 ح 2، بتفاوت. 77) التهذيب 5: 423-1469، الوسائل 13: 185 ابواب الاحصار و الصد ب 5 ح 1. 78) اي الرابع. 79) اي الخامس.و 80) انظر الرياض 1: 438. 81) المتقدمة جميعا في ص 142 و 143.ز 82) المتقدمة في ص 142. 83) فقه الرضا عليه السلام: 229، مستدرك الوسائل 9: 309 ابواب الاحصار و الصد ب
1ح 3. 84) الكافي 4: 369-2، التهذيب 5: 464-1622، الوسائل 13: 188 ابواب الاحصار و
الصد ب 8 ح 1. 85) انظر المبسوط لشمس الدين السرخسي 4: 107، المغني لابن قدامة 3: 372. 86) المنتهى 2: 850. 87) كما في المدارك 8: 305، كفاية الاحكام: 73. 88) الخلاف 2: 428، الغنية (الجوامع الفقهية) : 583، نقله عن التحرير في كشف
اللثام 1: 390. 89) الجامع للشرائع: 223. 90) السرائر 1: 638. 91) الكافي في الفقه: 218. 92) المقنعة: 446 و فيه: «و ان لم يشا لم يجب عليه الحج » ، الوسائل 13: 180ابواب
الاحصار و الصد ب 1 ح 6. 93) نقله عن المفيد و الديلمي في كشف اللثام 1: 390، و هو في المقنعة: 446، و المراسم:
118. 94) الدروس 1: 476. 95) الخلاف 2: 428. 96) الغنية (الجوامع الفقهية) : 583. 97) النهاية: 281، المبسوط 1: 335، المهذب 1: 270، الوسيلة: 193، المراسم: 118،
المحقق في الشرائع 1: 382، النافع: 100، العلامة في التذكرة 1: 397، الارشاد 1: 339،
التبصرة: 78. 98) القواعد 1: 93. 99) الخلاف 2: 428، الغنية (الجوامع الفقهية) : 583، التحرير 1: 123، الكافي: 218،
الجامع: 223، السرائر 1: 638. 100) راجع ص: 148. 101) في ص: 142. 102) التهذيب 5: 421-1465، الوسائل 13: 181 ابواب الاحصار و الصد ب 2 ح 1. 103) المسالك 1: 131، الروضة 2: 370. 104) كما في الدروس 1: 478، الحدائق 16: 50، الرياض 1: 442. 105) السرائر 1: 639، الشرائع 1: 282، النافع: 100، المختلف: 317، الفاضل المقداد في
التنقيح الرائع 1: 529. 106) كالشهيد في اللمعة (الروضة 2) : 369. 107) الفقيه 2: 306-1516، الوسائل 13: 189 ابواب الاحصار و الصد ب 8 ح 3. 108) الكافي 4: 333-7، التهذيب 5: 80-267، الوسائل 12: 357 ابواب الاحرام ب 25
ح 1، بتفاوت يسير. 109) الكافي 4: 370-4، و في التهذيب 5: 422-1466، الوسائل 13: 183ابواب الاحصار
و الصد ب 3 ح 1: فان عليه الحج من قابل و العمرة. 110) الرياض 1: 443.ن 111) الشهيد الاول في الدروس 1: 479 الشهيد الثاني في المسالك 1: 132. 112) كصاحب المدارك 8: 307. 113) البقرة: 196، و انظر الوسائل 13: 181 ابواب الاحصار و الصد ب 2.