الفصل الثاني: فيما يتعلق بالعمرة
و قد مر ما يتعلق باقسامها بحسب الوجوب و الندب في الباب الثالث من المقصد
الاول، و محل احرامها في المقصد الثاني. و المقصود هنا بيان ما يتعلق بافعالها و احكامها، و قد عرفت انها على قسمين:
المتمتع بها، و المفردة. و افعال الاولى خمسة: الاحرام، و الطواف، و ركعتاه، و السعي، و التقصير. و افعال الثانية سبعة، بزيادة طواف النساء، و ركعتيه، و يتخير فيها بين
التقصير و الحلق. و نحن نذكر ما يتعلق بها في هذا المقام في طي مسائل:
المسالة الاولى:
صورتها: ان يحرم من الميقات الذي يسوغ الاحرام منه-كما مر في بحثه-ثم يدخل
مكة فيطوف و يصلي ركعتيه، و يسعى بين الصفا و المروة، ثم يقصر ان كان متمتعا و
تمت، و يقصر او يحلق، و يطوف النساء و يصلي ركعتيه ان كان مفردا. و كيفية هذه الافعال من الاحرام و الطوافين و ركعتيهما و السعي و التقصير
و الحلق بعينها هي ما مر، فلا حاجة الى الاعادة.
المسالة الثانية:
عمرة التمتع فرض من ليس من حاضري المسجد الحرام، و لا تصح الا في اشهر الحج، و
تسقط المفردة معها، و يلزم فيها التقصير، و لا يجوز حلق الراس، و لا يجب فيها
طواف النساء كما مر، كل هذه الاحكام في مواضعها. و المفردة فرض حاضري المسجد الحرام و من بحكمه من الذين يعدلون الى الافراد،
بلا خلاف فيه بين الاصحاب، كما في المدارك (1) . و يمكن ان يستدل له بعموم صحيحة الحلبي: «دخلت العمرة في الحج الى يوم القيامة،
لان الله تعالى يقول: «فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي » (2) فليس
لاحد الا ان يتمتع » الحديث (3) ، خرج منه ما خرج فيبقى الباقي. و تظهر الثمرة في مثل الاجير للحج عن البلاد النائية-بناء على ما اخترناه من
عدم ارتباط العمرة المفردة بالحج-فلا تجب على ذلك الاجير العمرة المفردة
لنفسه و ان كان مستطيعا لها، و يجب فيها طواف النساء كما مر في بحثه.
المسالة الثالثة:
تصح العمرة المفردة في جميع ايام السنة، بلا خلاف فيه يعرف، كما عن المنتهى (4) ، و
تدل عليه المستفيضة من الاخبار: كصحيحة البجلي: «في كل شهر عمرة » (5) ، و نحوها موثقة يونس (6) . و في رواية علي بن ابي حمزة: «لكل شهر عمرة » ، قلت: يكون اقل؟ قال: «لكل عشرة ايام عمرة » (7) .
و موثقة اسحاق: «السنة اثنا عشر شهرا، يعتمر لكل شهر عمرة » (8) . الى غير ذلك (9) . و افضل ايام السنة لها شهر رجب، بلا خلاف فيه كما قيل (10) ، و تدل عليه المستفيضة
من الصحاح و غيرها: ففي صحيحة زرارة: «فافضل العمرة عمرة رجب » (11) . و في صحيحة ابن عمار: «و افضل العمرة عمرة رجب » (12) . و في اخرى: اي العمرة افضل: عمرة في رجب او عمرة في شهر رمضان؟ فقال: «لا، عمرة
في رجب افضل » (13) . و اما رواية علي بن حديد: الخروج في شهر رمضان افضل او اقيم حتى ينقضي الشهر و
اتم صومي؟ فكتب الي كتابا قراته بخطه: «سالت يرحمك الله عن اي العمرة افضل،
عمرة شهر رمضان افضل، يرحمك الله » (14) . فالمراد افضليتها عن الاقامة و الصوم كما يدل عليه صدرها. و تحقق العمرة فيه بالاحرام فيه و ان اكملها في غيره، و بالاكمال فيه و ان
اهلها في غيره. لصحيحة ابن سنان: «اذا احرمت و عليك من رجب يوم و ليلة فعمرتك رجبية » (15) . و رواية عيسى الفراء: «اذا اهل بالعمرة في رجب و احل في غيره كانت عمرته لرجب، و
اذا اهل في غير رجب و طاف في رجب فعمرته لرجب » (16) .
المسالة الرابعة:
يتخير في العمرة المفردة بين الحلق و التقصير، بلا خلاف كما قيل (17) ، و الحلق افضل.
و تدل على التخيير صحيحة ابن سنان: في الرجل يجي ء معتمرا عمرة مبتولة، قال: «يجزئه
اذا طاف بالبيت و سعي بين الصفا و المروة و حلق ان يطوف طوافا واحدا
بالبيت، و من شاء ان يقصر قصر» (18) . و صحيحة ابن عمار: «المعتمر عمرة مفردة اذا فرغ من طواف الفريضة و صلاة
الركعتين خلف المقام و السعي بين الصفا و المروة حلق او قصر» (19) . و على افضلية الحلق ما في هذه الصحيحة ايضا: «ان رسول الله صلى الله عليه و آله
قال في العمرة المبتولة: اللهم اغفر للمحلقين، فقيل: يا رسول الله و للمقصرين، فقال:
اللهم اغفر للمحلقين، فقيل: يا رسول الله و للمقصرين، فقال: و للمقصرين » . و حسنة سالم بن الفضيل (20) : دخلنا بعمرة فنقصر او نحلق؟ فقال: «احلق، فان رسول الله صلى الله عليه و آله ترحم على المحلقين ثلاث مرات، و على
المقصرين مرة » (21) .
المسالة الخامسة:
من احرم بالعمرة المفردة في اشهر الحج و دخل مكة جاز ان ينوي بها عمرة التمتع و
يحج بعدها، و يلزمه دم الهدي حينئذ، لصحيحة عمر بن يزيد (22) ، بل مقتضى الصحيحة جواز
ايقاع حج التمتع بعدها و ان لم ينو بها التمتع. و على هذا، فلا حاجة الى تقييد العمرة المفردة بما اذا لم تكن متعينة بنذر و شبهه،
كما فعله بعضهم. تعليقات: 1) المدارك 8: 462. 2) البقرة: 196. 3) التهذيب 5: 25-75، الاستبصار 2: 150-493، و في العلل: 411-1بتفاوت يسير،
الوسائل 11: 240 ابواب اقسام الحج ب 3 ح 2. 4) المنتهى 2: 877. 5) الكافي 4: 534-2، الوسائل 14: 307 ابواب العمرة ب 6 ح 1. 6) الكافي 4: 534-1، التهذيب 5: 434-1507، الوسائل 14: 307 ابواب العمرة ب 6 ح 2. 7) الفقيه 2: 278-1363، الوسائل 14: 309 ابواب العمرة ب 6 ح 9، بتفاوت يسير. 8) الفقيه 2: 278-1362، الوسائل 14: 309 ابواب العمرة ب 6 ح 8. 9) الوسائل 14: 307 ابواب العمرة ب 6. 10) المنتهى 2: 877. 11) التهذيب 5: 433-1502، الوسائل 14: 301 ابواب العمرة ب 3 ح 2. 12) الكافي 4: 536-6، الوسائل 14: 303 ابواب العمرة ب 3 ح 13. 13) الفقيه 2: 276-1347، الوسائل 14: 301 ابواب العمرة ب 3 ح 3. 14) الكافي 4: 536-2، الوسائل 14: 304 ابواب العمرة ب 4 ح 2. 15) الفقيه 2: 276-1349، الوسائل 14: 301 ابواب العمرة ب 3 ح 4. 16) الكافي 4: 536-3، الوسائل 14: 302 ابواب العمرة ب 3 ح 11. 17) في القواعد 1: 92، التحرير 1: 129. 18) الكافي 4: 538-6، الوسائل 14: 316 ابواب العمرة ب 9 ح 1. 19) التهذيب 5: 438-1523، الوسائل 13: 511 ابواب التقصير ب 5 ح 1. 20) في النسخ: سالم بن الفضل، و في الوسائل: سالم ابو الفضل، و الظاهر ما
اثبتناه. 21) الفقيه 2: 276-1346، الوسائل 14: 225 ابواب الحلق و التقصير ب 7 ح 13. 22) التهذيب 5: 435-1513، الوسائل 14: 312 ابواب العمرة ب 7 ح 5.