الباب الثاني
في العدد
وقد أجمع أصحابنا على اعتبار أصل العدد وإن اختلفوا في أقلهوقد أحالوا تلقي العلم الضروري من شخص واحد خلافا للنظام
وتمسكوا بأن قول الواحد وإن انضمت إليه القرائن فاعتماده الكذب في
العرف ممكن لا استحالة فيه بخلاف اعتماد الجمع العظيم بالتواطئ فإن ذلك
يحيله العقل في اطراد العرف وعلمنا به كعلمنا باستحالة إجماع أهل الدنيا في
وقت واحد على أكل الزبيب وهذا لا يطرد في الواحد
وحققوا ذلك بأن الشرع تعبد القضاة ببناء الحكم على قول الشهود وهم
على طوال دهورهم لم يبنوا قط قضاياهم على علم ضروري مستفاد من قول
الشهود ولو تصور لوقع لا محالة
تمسك النظام بأن قال إذ فرضنا رجلا من أهل المروءة والسيرة المرضية
استمرت عادته على أن لا يخرج من داره إلا راكبا محفوفا بحشده تعالى وخدمه
لا يلتفت إلى أحد ولا يتكلم فرأيناه خرج من داره وقد مزق ثوبه حاسر
الرأس حافي الرجل يضرب صدره وينتف شعره رافعا عقيرته بالويل
مخبرا عن موت ابنه يعلم على الضرورة صدقه ولا نتمارى فيه
فناكره فإن أصحابنا
وقالوا لعله أخبره كاذب أو اعتور ابنه سكتة فظنه ميتا
وهذا مزيف
والمختار أن العلم قد يستفاد من القرائن المنضمة إلى قول واحد
كما فرضناه
نعم زل النظام حيث قال يتلقى العلم من قوله
وما ذكروه من السكتة وتوهمه يرتفع بإخباره عن الدفن وذلك ممكن
تقديره
وما ذكروه من عدم قطع القضاة بقول شاهد قط تحكم على الغيب