ثم هو خطاب مع المنتشي الذي لم يزل عقله بدليل أنه نزل في شارب
خمر أم قوما فقرأ الفاتحة فتخبطت عليه سورة قل يا أيها
الكافرون وكان معه من العقل ما يفهم به
وقوله سبحانه وتعالى حتى تعلموا ما تقولون معناه
لتكونوا على تثبت تام
وربما يتمسكون بوجوب القضاء في الصلوات ونفوذ الطلاق وجملة
الأحكام
قلنا جريان الأحكام عليه تغليظ لان السكر متشوف النفوس
وقد تعدى بالتسبب إليه فلا يتوجه إليه الخطاب في حالة السكر
أصلا
والاحكام جارية والصلاة تقضي بأمر جديد ولو أمر به المجنون
بعد الإفاقة أو الحائض بعد الطهر بفعل الصوم لم يبعد وسببه تعديه
بالتسبب إليه مع كونه مجنونا حتى لو ردى نفسه من شاهق فانخلعت
قدماه لا يجب القضاء لأن النفس لا تتشوف إليه
والخلاف آيل إلى عبارة إن سلموا لنا استحالة تكليف ما لا يطاق
لأنا نسلم الأحكام وجريانها وذلك لا يدل على التكليف والسكران لا يفهم
ولا يقال له افهم وهو شرط كل خطاب
وكذا الناسي الذاهل حكمه حكم السكران في التكليف
مسألة 3
الكفار مخاطبون بفروع الشريعة عند الشافعي خلافا لأبي حنيفةوالدليل على جواز تكليفهم الفروع أن العقل لا يحيله إذ التوصل إليه
بتقديم الإيمان ممكن كما خوطب المحدث بالصلاة بشرط تقديم الطهارة وكما
سلموا لنا في المعطل أنه مخاطب بتصديق الرسول عليه السلام بشطر
تقديم المعرفة بالرسل
وهذا دليل الجواز
فأما وقوعه فهو مقطوع به عندنا وتردد القاضي في أنه مقطوع
أو مظنون
ونحن نعلم قطعا إن الرسول عليه السلام كان مبعوثا إلى طبقات
الخلائق وقد كلفوا قبول شريعته نفسا بعد نفس تأصيلا وتفصيلا وإن كان
الوصول إليه يترتب على الإيمان كالصلاة في حق المحدث والمعطل
وسر المسألة إن الكافر لا يخاطب بنفس الصلاة مع الكفر ولكنه مأمور
بها على وجه التوصل وكذا نقول في حق المحدث
وحكي عن أبي هاشم إن المحدث لا يخاطب بالصلاة ونسب إلى خرق
الإجماع