والعجب أنه لم يتنبه لهذا في القرآن ومبناه على الاستفاضة والتواتر
واعتبره في غير مظنته
إذ وقوع غفلة أو فترة لمعظم الحاضرين واختصاص البعض
بالاستماع لا يحيله العرف والعقل والناقل عدل والجمع بينه وبين المقتصرين
ممكن فلا يجعل للتهمة موضعا على ما قاله الشافعي
نعم لو كذبوه وقالوا لم يقله فعند ذلك تبطل الثقة فلا يقبل
فان قالوا ذلك مما يندر
قلنا لا يرد حديث الثقة لندوره
إذ قبل رواية من روى أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قائما مع ندوره بالنسبة إلى
حاله وقد كان بحيث غشي عليه حياء لو انحلت عقد ازاره وانكشفت
عورته
والدليل عليه ان رجلين لو انفرادا من بين سائر الشهود في واقعة
شهدوها وشهدوا على زيادة قبل ذلك منهم من غير التفات إلى
الندور
مسألة 8
قال أبو حنيفة رضي الله عنه إخبار الآحاد فيما تعم به البلوىمردودة
فنقول ان عنيت به ما يعظم موقعه في القلوب وتتوفر الدواعي على
نقله فمسلم
وان عنيت به ما يتكرر في اليوم والليلة كالصلاة والطهارة فليس
كذلك
إذ معظم الصور المتعلقة بالصلاة والسهو فيها انفرد به الآحاد
وقد ردوا مذهبنا في الجهر بالبسملة بهذا السبب
وقالوا لو كان لاستفاض فإن البسملة متكررة
وهذا يعارضه ان الاسرار لو وقع لاستفاض أيضا
ثم يقال لهم أتقطعون هذا بكذب ناقل الجهر أم لا
فإن قطعتم به فلا يدرك كذبه بضرورة العقل ولا نظره
وان جاز وقوعه فهو عدل فلا وجه لتكذيبه
والقول الوجيز ان ما يقتضي احلال الاستفاضة فيه إذا لم ينقل نفيه
واثباته متواترا فهو محمول على أحد أمرين
أما على قصور الدواعي وضعف الاعتناء بنقله
واما على اندراسه بعد التواتر
وهذا مما لا يعظم وقعه في القلب حتى يتواتر
والعجب انهم أثبتوا تثنية الإقامة بمثله وهو شعار الاسلام يتكرر في كل يوم
وليلة خمس مرات
مسألة 9
كل خبر مما يشير إلى اثبات صفة للباري تعالى يشعر ظاهره بمستحيلفي العقل نظر
ان تطرق إليه التأويل قبل وأول
وان لم يندرج فيه احتمال تبين على القطع كذب الناقل