والاخرى انه لو قال افعلوا أبدا جوزنا نسخه لأنا لا نتلقاه من
اللفظ وهو كما لو قال افعلوا أبدا ان لم أنهكم عنه إذ شرط استمراره عدم
النهي
ونقول للذين حملوا النسخ على التخصيص ان عنيتم به ان الحكم في علم الله
تعالى كان متخصصا بهذا الوقت فهو مسلم
وان عنيتم ان اللفظ في وضعه تخصص به فليس كذلك فإنه لو قال
افعلوا أبدا فهو نص ويجوز نسخه
نعم لا يجوز الهجوم عليه بالقياس لأن التخصيص أيضا تلقيناه من
الصحابة لا من العقل ولم ينقل عنهم ذلك في النسخ
فإن قيل هذا نسخ لا يتضمن رفعا
قلنا يتضمن رفع اعتقادنا ووهمنا
فإنا كنا نظن استمرار الحكم ابدا وإلا فالثابت في علم الله تعالى لا ينقلب
فإذن تحصلنا على اثبات النسخ وراء التخصيص متضمنا لرفع الاعتقاد
دون الحكم في علم الله تعالى مفارقا للاستثناء إذ شرط النسخ
الاستئخار ولو قارن لناقض وشرط الاستثناء المقارنة ولو استأخر
لناقض
فبأن بما ذكرناه وجه الرد على اليهود فيما ذكروه من السؤال
الباب الثاني
الناسخ
هو الله تعالى وهو المثبت
وقولنا الخبر ناسخ أو الشئ ناسخ تجوزثم لا خلاف في جواز نسخ الكتاب بالكتاب
ونسخ الكتاب بالسنة جائز عند الأصوليين
خلافا لمالك والشافعي والأستاذ أبي إسحاق في زمرة الفقهاء
فنقول ليس في العقل ولا في الشرع ما يحيل قوله النبي عليه السلام
لأمته هذه الآية منسوخة من غير أن يتلو معها آية
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول ما يقوله إلا عن وحي
وكان لا ينطق عن الهوى
وإن كان يجتهد لم يكن مترددا في اجتهاده بل كان يقطع بما يقول