فيعلم على الضرورة أنهم تلقوا من نص عن الشارع مقطوع به
فهذا مسلك إثباته وهو قريب مما ذكرناه في أخبار التواتر
فإن قيل لو رأوا نصا لنقلوه
قلنا لا بعد في اندراسه على ممر الأيام استغناء عنه لاستفاضة
مقصوده وركونا إلى إطباق الناس على العمل به
فإنا نعلم أنهم لا يقطعون في غير مظنة القطع هزلاء له فكانت
الحجة مستند الإجماع إذن والإجماع وسيلة إلى الحجة
فإن سميناه حجة فيجوز كما يسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم آمرا وناهيا
والأمر والنهي إلى الله تعالى وهو مجاز
الصورة الثانية
أن يطبقوا في مسألة ظنية على حكم واحد من غير أن ينقل عنهم القطعبذلك
فطريق إثباته أنا نعلم أن التابعين لو رأوا من يبدي خلاف ذلك لشددوا
القول عليه بالتخطئة والتضليل قاطعين بأنه أساء وتعدى في مقالته
ولا يقطعون بذلك تحكما وهزلا فنعلم ان مستندهم حديث قاطع حملهم على
الإنكار على خارق الإجماع
فالتحقت هذه الصورة بالصورة الأولى إذ نهايته قطع لا في محل القطع
الصورة الثالثة
أن يشتوروا في مسألة ويستقر رأيهم على حكم ويجمعوا عليه وكانوابايحين ذلك بأنهم قالوه عن قياس وظن غالب راجح فيعلم ضرورة من التابعين
تشديدهم النكير على من يبدي خلافا
وهذا قطع منهم لا في محله فالتحقت بالصورة الأولى
ولا يبعد أن يكون قوله لا تجتمع أمتي على الخطأ مستندهم في
قطعهم بذلك أو حديث آخر أوضح منه
فإن قيل فهل يتصور انعقاد إجماع عن قياس
قلنا أنكره منكرون وتعلقوا بأن القياس مظنون وهو مختلف فيه
فكيف يتلقى منه قاعدة قطعية
والمختار تصور انعقاده منه كما ذكرناه لعلمنا بإبداء التابعين النكير على
المخالف بعد استمرار العصر الأول عليه
فإن اشتوروا وحكموا به قياسا فهذا قطع منهم لا في محله فيستدعي
مستندا قاطعا بحكم العرف كما ذكرناه
ويمكن أن يتمسك عليه بقوله لا تجتمع أمتي على الخطأ