التفاوت لا ينكر وقوعه ههنا وهو في الرتبة دون فهم الفحوى كما
ذكرناه في تحريم التأفيف لأن ذلك يشترك في دركه العوام والخواص
وكون الأمة في معنى العبد لا يدركه إلا الفقيه المتثبت وذلك لا يخرجه عن
كونه معلوما كما أن التواتر المورث للعلم يعتبر في كل فن في حق أهل الخبرة
به في القراءة بالقراء وفي الحديث بالمحدثين وبالله التوفيق
الباب الثالث
فيما تثبت به علل الأصول
إذا حرر المعلل قياسا فرده إلى أصل فإذا طولب بإثبات علة الأصلفمحصول ما يستند إليه عند المطالبة ثلاثة أقسام
القسم الأول
أن يسلك مسلك الجدال فيقول السائل مطالب بالاعتراض عليه
وليس علي إثباته
وهذا مما صار بعض الناس إلى الاكتفاء به
وهو باطل
فإن ادعى علة الأصل مذهبا كأهل الفتوى فلا يخلى فيه والتحكم
ويبطل ذلك بمسلكين
أحدهما
أن يقول إن كنت طاردا فسنذكر وجه بطلان الطرد وإن لم تقنع
بالطرد فلم ادعيت كونه علة
والآخر
أن يقول تثبت تعليل الأصول بما ذكرته على التشهي أم لك فيه
مستند
فإن اشتغلت بإثباته تشهيا فالكفر خير من هذا المقام
وإن زعمت أنه منصوب للشارع فبم عرفت ذلك ولم تحكمت به ابتداء
من غير مستند
فإن أبان الإخالة دليلا عليه كفاه ذلك وعلى السائل الاعتراض بعده
وليس عليه أن يعد جميع الاعتراضات ويدفعها فإن المناظرة معاونة
على النظر وقد أسس كلاما عند إبداء الإخالة وقبله لا يطالب السائل
ببيان أنه ليس بمخيل لأن المسؤول بعد لم يدل ولم يؤسس حتى يستوجب
الاعتراض
فإن قال المسؤول دليلي على ثبوته عجزك عن الاعتراض عليه
معتصما بأن المعجزة صارت دليلا بالعجز عن المعارضة
قلنا غمرات المعجزات لا مطمع في الخوض فيها الآن فلا تثبت العلة
بأمثاله