الثاني
ما ذكره الأستاذ أبو إسحاق وعبر عنه بثلاث صيغأحدها أن قال القاصرة مستجمعة لكل الشرائط كالمتعدية ولم
تفارقه إلا في اعتضاده بالنص ولذلك نريده تأكيدا لا ضعفا
ثانيها أن من استنبط علة متعدية وحكم بصحته ثم ورد من الشارع
نص عمم جميع مجاري العلة يبعد الحكم ببطلانه بسبب شهادة
رسول الله صلى الله عليه وسلم على وفق علته
ثالثها أن كل خائض في الاستنباط من نص إذا استنبط فحقه أن
يعتقد عموم حكم النص وإن خص لفظه لأنه يظن أن العلة منصوب
الشارع في جميع الصور
وإذا لم يكن من ظن العموم بد فاستيقان فإن العموم كيف يبطل العلة
وقد تمسك النفاة بأمرين
أحدهما
أن الصحابة كانوا لا يستنبطون إلا العلل المتعديةوالثاني
أنها علة لا فائدة لها فان الحكم مستقل بالنص وفائدة العلة إثبات حكمبها وهذا لا يثبت قط
قلنا فيما ذكرنها جواب عن هذا فإنا لم نربط به فائدة والمعلل
لا يتبين القصور إلا بعد العثور
ثم قيل ما فائدته سد مسلك التخصيص والتعليل نص في التعميم
واللفظ معرض للخصوص وهذه فائدة ظاهرة وإذا استنبطنا التعدية في
الربا استفدنا به منع التخصيص بالكثير الموزون واللفظ معرض له
والفائدة الثانية نفي الحكم شرعا عند انتفائها تلقيا من العكس وقد
ذكرنا أن العكس واجب عندنا في العلة إذا اتحدت وإن عدمها ينفي كما ثبت
وجودها
فإن قيل يكفي في عدم الحكم عدم تناول النص له
قلنا ولكن ذلك ليس بحكم شرعي فهو كالتحريم المنفي لأجل أن
الشرع لم يرد به قبل ورود الشرع وإذا علل فهو منفي بعلة شرعية وهي
عكس العلة القاصرة
وفي هذا جواب عن تحكمهم على الصحابة بأنهم لم يستنبطوا عمر القاصرة وليس
الأمر كما قالوه وقد ظهرت فائدته
وقال قائلون لا فائدة له ولكنها صحيحة
وبنى عليها أنه لا يجب استنباطها
وإذا عثر الفقيه عليها تبين أنه لم يجب عليه استنباط ذلك
وقال آخرون يجب استنباطها لما فيه من الفائدة
والخلاف يعود إلى عبارة في الوجوب ونفيه