وأصوات مقطعة وزعموا أن الرب تعالى متكلم بمعنى انه فاعل الكلام
والدليل على إثباته ثلاثة مسالك
أحدهما يختص بالكلام الباري سبحانه وقد نطقت الأمة بقولهم قال
الله تعالى ونطق به القران العزيز كما نطقت بقولهم علم الله
فليدل على معنى هو قائل به
ويستحيل أن يكون قائلا بفعله إذ لا حكم للفاعل في أخص أوصاف
الفعل ولو جاز ان يقال هو قائل بكلام يخلقه في غيره لجاز ان يقال
هو متحرك بحركة يخلقها في غيره
المسالك الثاني
انهم ردوا الكلام إلى الفعل ونحن نعلم قطعا جواز الإحاطة بكون الشخص
متكلما قبل التنبه للفعل وكونه فاعلا
المسلك الثالث
وهو الأقوى في اثبات الغرض ان من قال لعبده افعل صادف عند
الامر طلبا جازما قائما بذاته فأبداه بقوله افعل وهو معبره فيه ومدلوله
فهو الكلام الذي ينبغي اثباته وهو معلوم على الضرورة
وليس ذلك إرادة لمعنيين
أحدهما
إن الإرادة تنقسم إلى تمن لا ينفك عن تردد ولا تردد في هذا الطلب
وإلى قصد جازم ويستحيل تعلقه بفعل الغير فإنه غير مقدور للمريد
ولأن السيد المعاتب من جهة السلطان بسبب ضربه عبده إذا اعتذر
باستعصائه صلى فكذبه فأراد تحقيقه عيانا فيأمر عبده وهو يبغي عصيانه
لتمهيد عذره وليس مريدا له ولا وجه لإنكار كونه أمرا فإن العبد فهم
منه الأمر وميز بينه وبين الهاذي وقال
ولو أحاط أيضا بقرائن الأحوال بمعنى غرض السيد يفهم الأمر
ولكن يعلم منه إرادة العصيان فلا وجه لحمل ذلك الطلب على إرادة إيقاع
الصيغة أمرا تمييزا له عن الحكاية والهذيان لأن العبد يفهم طلبا وراءه ولأن
الصيغة بعد أن صارت أمرا فله معبر ومدلول وهو الطلب الذي ذكرناه
الفصل الثاني
في
حد الكلام
وقد قيل إنه حديث النفس أو نطق النفس أو مدلول أماراتوضعت للتفاهم وهو الأصح
ولعلنا نقول لا حد له كما ذكرنا في حد العلم إذ العبارات المنقولة
قاصرة على المعاني المعقولة