أحدهما
ان الأفعال التي تتعدى إلى مفعولين تنقسم إلىما ينتظم من مفعولين مبتدأ وخبر كقولك ظننت زيدا عالما
فتقول زيد عالم فيفهم فهذا لا بد فيه من ذكر المفعولين
فأما ما لا يتأتى من مفعوليه كلام يفهم كقولك أعطيت زيدا
درهما فهذا فن يجوز الاقتصار فيه على أحد المفعولين إذ تقول إذا أردت
بيان المعطى أعطيت درهما ويبقى المعطى له مجملا وإذا قصدت
بيان المعطى له قلت أعطيت زيدا والقدر المعطى مجمل
والاطعام من جنس الاعطاء وقد ذكر الرب تعالى أحد مفعوليه وهم
المعطى لهم وجرد القصد إلى بيانه وترك مقدار الطعام وجنسه مجملا
فألغى أبو حنيفة رضي الله عنه ما صرح به وقدر في محل الاحتمال بيانا
من لفظ لا يدل عليه لا تصريحا ولا اضمارا
وهذا تناقض
المسلك الثاني
هو انا نقول نعلم أن أبا حنيفة رضي الله عنه لم يراغم الشرع وانما حملهعلى مخالفة النص تخيل سد الخلة فهلا جمع بينه وبين مقتضى النص
ويحتمل أن يكون احياء مهج أقوام معدودين مقصودا للشارع واللفظ دال
عليه واتباعه أولي وفيه تقرير للنص
مسألة (12)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعين شاة شاة فعين الشافعيرضي الله عنه الشاة ولم يقم بدلها مقامها
قال لأن الزكاة من جملة العبادات وهي من الأركان الخمسة
فتنزل منزلة الصلاة والصوم والعبادات يغلب الاتباع فيها ويجب ترك
القياس عندها ولو لاح معنى على بعد فلا تعويل عليه
وينضم إليه ان الزكاة عبادة محضة وهو خالص حق الله تعالى وقد تحكم
فيه وتحكم ذي الحق ينفذ على وجهه وقد خص الشاة فليتبع امره
فان قيل انما خصص الشاة لأنه كان يخاطب العرب وأصحاب
المواشي منهم كانوا يقطنون البوادي فلا يملكون النقود فذكر ذلك تسهيلا
عليهم
ولأن الزكاة تجب مواساة وهي تختلف باختلاف صفة الشاة في العبالة
والنحولة روى والقيمة مجهولة وكانت العرب أمة أمية فلم يورطهم ولم في جهالة
القيمة وجعل الشاة الواحدة مرد نظرهم ومدرأة بين للجهالة
فهذه فائدة التخصيص
ثم لاح لنا على القطع من وضع الزكاة سد الخلة والدراهم في معنى الشاة
وأقرب منه فإنها مهيأة للصرف إلى المآرب على قرب