فأما القياس فلم يجوز القاضي ترك المفهوم به مع تجويزه ترك العموم
به
ولعله قريب مما اخترناه في المفهوم فإنه تلقاه من الفحوى
الظاهر والعموم قد لا يترك بالقياس بل يجتهد الناظر في ترجيح أحد
الظنين فيهما على الآخر فكذا القول في القياس إذا عارض المفهوم
والله أعلم
القول في أفعال الرسول
صلى الله عليه وسلم
لا يتوصل إلى ذلك إلا بذكر مقدمة في عصمة الأنبياء عن المعاصيوهي منقسمة إلى الصغائر والكبائر
وقد تقرر بمسلك النقل كونهم معصومين عن الكبائر
وأما الصغائر ففيه تردد العلماء والغالب على الظن وقوعه وإليه
يشير بعض الآيات والحكايات
هذا كلام في وقوعه
أما جوازه فقد أطبقت المعتزلة على وجوب عصمة النبي عليه السلام عقلا
عن الكبائر تعويلا على أنه يورث التنفير وهو مناقض لغرض النبوة
وهذا يبطل بكون الحرب سجالا بينه وبين الكفار وبه اعتصم بعض
اليهود في تكذيبه
والمختار
ما ذكره القاضي وهو أنه لا يجب عقلا عصمتهم إذ لا يستبان استحالة
وقوعه بضرورة العقل ولا بنظر العقل
وليس هو مناقضا لمدلول المعجزة فإن مدلوله صدق اللهجة فيما يخبر
عن الله تعالى فلا جرم لا يجوز وقوع الكذب فيما يخبر به عن الرب تعالى
لا عمدا ولا سهوا
ومعنى التنفير باطل
فإنا نجوز أن ينبئ الله تعالى كافرا ويؤيده بالمعجزة
والمعتزلة يأبون ذلك أيضا
والذين أوجبوا عصمته عن الكبيرة اختلفوا
فمنهم من قال كل مخالفة كبيرة بالنسبة إلى عظمته فلا صغيرة
أصلا وكل مخالفة كبيرة