وأما الإباحة فلا نتلقاه فإنه حكم يقتضي التخيير مع تساوي الطرفين
وهو يناقض الندب والفعل متردد بينه وبين رفع الحرج فأقل الدرجات
رفع الحرج
فإن تمسك أبو حنيفة رحمه الله بإجماع الأمة كون النبي عليه السلام
أسوة وقدوة ومطاعا وشرطه الاقتداء به في كل ما يأتي ويذر
قلنا معناه أن أمره ممتثل كما يقال الأمير مطاع في قومه لا يراد به
أنهم يتربعون إذا تربع أو ينامون إذا نام
فإن تمسك بقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه
فانتهوا وقوله فليحذر الذين يخالفون عن أمره وقوله
فاتبعوني يحببكم الله فكل ذلك محمول على الأمر وهو الذي أتانا به
دون الفعل
مسألة (1)
إذا نقل عن الرسول عليه السلام فعلان مختلفان في واقعة واحدةوعدل الرواة كما نقل في صلاة الخوف
قال الشافعي رضي الله عنه يتلقى منها جواز الفعلين
والمختار في ذلك أن نقول إن اتفق الفقهاء على صحة الفعلين واختلفوا في
الأفضل توقفنا في الأفضل
فإن ادعى كل فريق يتمسك برواية بطلان مذهب صاحبه فيتوقف
ولا يفهم الجواز فيهما فإنهما متعارضان ونعلم أن الواقع من رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحدهما ولا يترجح
وإن اتفقوا على صحة واحد فنحكم به ونتوقف في الآخر
والشافعي رضي الله عنه إنما قال ذلك في صلاة الخوف وقد رجح إحدى
الروايتين على الأخرى لقربه إلى أبهة الصلاة
مسألة (2)
إذا نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل حمل على الوجوب بقرينة أو علىغيره ثم نقل فعل يناقضه
قال القاضي لا يقطع بكونه نسخا لاحتمال أنه انتهى لمدة الفعل الأول
وإن كنا نعلم أن الفعل الأول لو بقي لاقتضى الحكم على التأبيد ولكنه لا صيغة
له
وهذا محتمل فيتوقف في كونه ناسخا ونعلم انتهاء ذلك الحكم قطعا فإن